أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

كريم رياض تقي الدين
كاتب وشاعر لبناني، ولد في مدينة بعقلين الشوف عام 1967. حائز بكالوريوس في الرياضيات وماجستير في العلوم المالية والمصرفية من الجامعة الأميركية في بيروت ودكتوراه في ادارة الاعمال من جامعة ليون الفرنسية.

مصرفي منذ العام 1993 تبوأ عدة مناصب إدارية عليا في مجال الإئتمان وهو يعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام  2002

أصدر سنة 2016 كتاباً بعنوان “خواطر مغترب” وهو مجموعة خواطر بالشعر العامي اللبناني (الزجل) تتناول الحياة، الوجود، المرأة، الشوق ،الجراح، الحلم، الغربة والحنين.

اصدر كتاب “غريب وكلمة” (دار الفارابي 2019 ) وهو مجموعة تأملات فكرية بالاشتراك مع وكالة مواهب ادبية للاديب دريد عودة.

له حالياً ديوان زجل قيد الطباعة.
كذلك له أربعة مؤلفات صدرت بالإنكليزية تعالج مواضيعاً مختلفة في الإئتمان المصرفي.
 
كريم تقي الدين يحملك إلى عوالم يرسمها بريشة فنان أتقن مغازلة الكلمة فصارت بين يديه حكاية إبداع.

الكاتب كريم تقي الدين:

بيت الشعر هو بيت من بيوت ثلاثة لي أعيش فيه دفء المشاعر والأحاسيس

*سليل عائلة تقي الدين، متى اكتشفت جذوة الشعر لديك؟

  • بدأتُ نظم شعر الزجل وأنا في الخامسة عشر من عمري في جو عائلي يحب الشعر ويرى في موهبة نظمه مصدر اعتزاز وتباه. فجدي لأمي هو الشاعر الكبير مالك تقي الدين الذي لُقِّب بأمير العتابا ولديه ديوان رحلة العمر. كذلك والدي اللواء رياض يقرض الشعر الفصيح وشعر الزجل وقد تأثرتُ بجدي ووالدي كثيراً. شهدت مسيرتي الشعرية انقطاعاً طويلاً بين البدايات في عمر المراهقة وحتى نهاية العام 2012 حين قرأتُ القصيدة الوجدانية الرائعة لوالدي في ديوانه الشعري “تبقوا اذكروني” وهي تحمل نفس عنوان الديوان. عندها فاضت قريحتي بقصيدة رداً عليها اسميتها “رح نذكرك” وقد كانت هذه القصيدة شرارة الإنطلاق من جديد في دنيا الزجل حيث اصدرتُ ديوانين حتى اليوم هما “خواطر مغترب” في العام 2016 و “بوح الجنائن” في العام 2020.

*ما سرّ علاقتك بالزّجل ؟ وهل مشاعر المغترب المتأججة شوقًا تقرّبه أكثر من تراثه؟

  • – لقد ذكرتُ في نص “بيوتي الثلاثة” الوارد في كتابي “غريب وكلمة” الصادر العام الماضي ان بيت الشعر هو واحد من بيوت ثلاثة لي. اما البيتان الٱخران فهما منزلي وبيت اهلي في بعقلين. إذاً بيت الشعر بيتي الذي يحتضنني واعيش فيه دفء المشاعر وروعة الاحاسيس. الشعر ملجئي والزجل متنفسي في خضم هذا العصر العاتي الذي لا يرحم.

من هنا انه لمن نافل القول التأكيد على ان الإغتراب عن الوطن يزيدنا تعلقاً به ويؤجج مشاعر الحنين إليه فيأتي البوح شعراً مليئاً بالحنين إلى مراتع الطفولة وارض الوطن الغالي. في الواقع ان مشاعر المغترب تجاه وطنه هي بمثابة العروة الوثقى التي تحصن ارتباطه بتراثه وتزيده صلابة.

*في ظلّ الثقافة الالكترونية، هل تعتبر أن إصدار الكتب في هذا الزمن بات مخاطرة ؟ أو أن لرائحة الورق سحر لا ينافسه أيّ تجديد؟

  • – لا شك ان عملية اصدار الكتب في شكلها الورقي التقليدي تواجه منافسة شرسة في الوقت الحاضر من قبل الوسائل الإلكترونية البديلة وهذا يضفي على هذه العملية بعضاً من المخاطر لناحية التسويق والبيع. إلا انني شخصياً من عشاق النسخة الورقية للكتاب ولا أرى بديلاً عنها. لكن لا بد من الإقرار بأن الكتاب في خطر بسبب اضمحلال عدد القراء واللجوء الى وسائل بديلة للتثقيف والتسلية مثل اليوتيوب. هذا مع العلم انني متعصب للكتاب ولا ارى عنه بديلا لناحية التسلية والترفيه والتثقيف. انه الرفيق الأمثل والأصدق للإنسان.
  • *في كتابك الأخير، ماذا باحت لك الجنائن؟
  • – يتألف كتاب “بوح الجنائن” من عدة فصول تبدأ بالحديث عن بعض تجاربي في الحياة انتقالاً إلى فصل عن الوجدانيات يليه فصل بعنوان “ناس وناس”، يتحدث عن المفارقات في طباع الناس وادبياتهم. يلي ذلك فصلان عن علم الحياة والغزل. من ثم ينتهي الكتاب بفصل عن الاوضاع اللبنانية العامة وفصل عن العائلة. ان كل فصل من الكتاب بمثابة حديقة او “جنينة” بوحها مزيج من المشاعر والمشاهدات والتجارب الشخصية عن أمور الحياة كافة. ان بوح هذه الجنائن هو ادب الحياة بجميع اشكالها ومظاهرها ومعانيها الإنسانية. ان كتاباتي الشعرية ترجمة لمشاهداتي واختباراتي في الحياة وهي مرٱة لتجارب كل إنسان بشكل او بٱخر.

*لطالما كان المغترب اللبناني رئة الوطن الاقتصاديّة.
هل بات اليوم في ظلّ الأوضاع الراهنة الرئة الثقافية التي يتوخّى منها لبنان البقاء؟


الجسد اللبناني بحاجة إلى رئتيه كي يتنفس وهاتان الرئتان هما الجزء المقيم والجزء المغترب اللذان يشكلان بإتحادهما الهوية الوطنية. لكل رئة معاناتها وجراحها والوجع واحد في النهاية وهو الخوف على فقدان الوطن. لذا ان اتحاد المقيم والمغترب يشكل الرئة الاقتصادية والثقافية للبنان ومن الأفضل عدم التمييز بينهما.

  • *المبدع مثال للحرية والتمرّد ولا يخضع إلا لقناعاته الراسخة في وجدانه .
    كيف استطاع قلمك أن يكون ثائرًا لنصرة المجتمع والناس المضلّلين؟

  • _ لقد نشأتُ في كنف والدين يقدِّسان الحرية وقد زرعا فيَّ الحاجة الدائمة الى إعمال العقل في اختياراتي بالإستناد إلى القيم السامية. لذلك انا حر بطبيعتي واعتبر الحرية اسمى ما يمكن للإنسان الحصول عليه. أنا مؤمن بشدة ان ايمان الانسان بالحرية ولجوءه الى العقل واتباعه منظومة القيم الفاضلة يجعلون منه ثائراً في وجه كل مستبد. إني احاول إيصال هذه القناعات عبر كتاباتي وهي الكفيلة في زرع بذور الحرية لدى القارئ. الحرية فعل إيمان وممارسة فمن طلبها وجدها بانتظاره، اما من يستمرئ العيش في اغلال التبعية فهذا شأنه ويا لسوء خياره. أخيرا أنا مقتنع بأن الثورة حصيلة ثقافة متراكمة من الوعي وتقدير الحرية الشخصية كقيمة إنسانية مثلى وهذا يثبت ان شعبنا بعيد عن الثورة لفقدانه الإيمان بالحرية وثقافة الاستقلالية.
  • *هل الإعلام العربي عامة واللبناني خاصة ينصف الأدباء والشعراء في
  • مواكبة إصداراتهم وتعريف الناس على جديدهم؟

  • اقول بحرقة إن الإعلام العربي عامة واللبناني خاصة بعيد عن انصاف الأدباء والشعراء ومواكبة اصداراتهم والتعريف بهم. الإعلام اللبناني منغمس في السياسة والترفيه بعيدًاعن الثقافة. لا برامج تذكر لإلقاء الضوء على الانتاج الأدبي والفكري الحديث. وإن كان هناك من برنامج ثقافي نرى ان ساعة البعض قد توقفت عند جبران ونعيمة وسعيد عقل. يا للغرابة كيف يتعمد هذا الإعلام طمس اجيال من الكتاب والشعراء اتوا بعد هؤلاء الكبار وقدموا الكثير لرفعة الكلمة. لنأخذ مثلاً الزجل اللبناني وهو من صميم ثقافتنا وشعراؤه مبدعون، أين الإضاءة على ابداعاتهم؟ لا أجد الا النزر اليسير بين الفينة والأخرى. الإعلام الثقافي اللبناني لم يولد بعد.

*في كتبك الثلاثة الصادرة بالعربية، ما هي المواضيع التي تناولتها؟ وما هي الرسالة التي ضمّنتها حروفك؟


تنتمي كتاباتي إلى أدب الحياة. فأنا ارتشف افكاري من معين الحياة، من تجاربي فيها ومن مشاهداتي. همي الأول والاخير هو الانسان وكيف يمكنه فهم عناصر الحياة والوجود والكون في تناغمها وحركتها المتناسقة. تنوعت المواضيع التي عالجتها في كتاباتي من وجدانية وايمانية واجتماعية بالاضافة الى الغزل في اشعاري الزجلية.

أما الرسالة التي أسعى إلى إيصالها الى القارئ عبر مقالاتي وأبياتي الشعرية فهي أنّ التجربة الإنسانية لكل فرد مصدر غناه مقارنة مع غيره وهي المسؤولة عن تكوين هويته الشخصية الفريدة عن غيرها ومن حقه ان يعتز بذلك. أنا حائز على بكالوريوس في علم الرياضيات وماجستير في العلوم المالية والمصرفية ودكتوراه في ادارة الأعمال واعشق الأدب والشعر، لذا فكتاباتي مزيج من الأحساس والعاطفة والعقل وفيها الكثير من التحليل والتدرج المنطقي في الاستنتاج. أعتقد أن في ذلك بعض الفرادة بالإضافة إلى إيصال رسالة للقراء بأن الأدب ابن الحياة التي نعيشها قبل أي شيء .

*أترك لك الختام في قصيدة تهديها لقرّاء كواليس..

قصيدة بعنوان “صرخة وجع” من ديوان ‘خواطر مغترب’

بْيِنسوك لمَّن تِهجُر بلادَك
بِتصير ذكرى في الفكر والبال
بْتِفني حياتك تِخدم ولادَك
أهلَك بتِخسر والبُعُد قتَّال
يمكِن شي مرَّة بْعيد ميلادك
يتذكَّروك ويسألوا عنَّك
الغربة بتِطفي شمعة عْيادك
بتخطُف البسمِة حولَك ومِنَّك
ولمَّن بتِكبَر بيتركوا وْلادَك
بتِسرقَك من نفسَك الوِحدِة
بِتعيش معها الكون جلَّادك
حزنك صليبك والأسى مخدِّة

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …