يوسف طراد
كتبت رانيا مرعي من أمكنة، لا تنتمي إلى هذه الأزمنة، وكأنّها تكتب من خارج فضاء هذا العصر الرّاكض إلى هلاك الثقافة، فكان كتابها “ذكرياتي مع #فيروز” الصادر ضمن منشورات “دار نلسن” صفحة مشرقة في سماء الوطن.
ذاك الفنّ، المرسوم على صفحة الخيال بأوتار الصوت الماسيّ، ترك مع نصوص الكتاب في مخيلة القارئ والسّامع مساحات شاسعة، لتلوينها بألوان الريف اللّبناني. فظهرت رمزيّة السيدة فيروز في الخيال الوطنيّ، والوجدان العائليّ، ورسمت لنا الكاتبة صوراً رافقت كلمات أغاني سفيرتنا إلى النجوم. صورٌ كناية عن حالة عطرٍ فكريّة، أعادتنا إلى مصدر هذا العطر المميّز في زمن الرحابنة الّذي وُلدت فيه الأمنيات الحالمة.
قدّمت فيروز لأولاد الوطن العربيّ، فردوساً من أوطانٍ فوق الغيوم. وكان صوتها التَّلاوة المقدّسة للأغاني الوطنيّة الجميلة، بصوتٍ ملائكيٍّ اصطحبنا إلى الجنان: “الأولاد يطلبون الهدايا، وأنا أغرف من حصّالة أمنياتي: أطلب عودةَ صديقتي كارمن من أستراليا، وجدّي من البرازيل، وأختٍ لطالما لمتُ أمّي على أنّها تأخّرت في ولادتها.
(إذا كلُّن نِسيوني وحدك ما بتنساني
ناديتك من حزني
عرفت إنّك معي
وسْعي يا مطارح ويا أرض اركعي…).” صفحة 40.
كتبت رانيا وجدانيات، جعلتنا نقرأها سمعاً بصوت ملاك. فدعانا صوت فيروز إلى وطن المجد، حين صدح فرحاً مع نصوص الكتاب، كركض الأطفال إلى حدود القمر. وسيطر السحر على الروح مع الترنيم، كغزل النساء حكايات من أشعة شمس الصباح.