الخاسرون … !!!

علي رفعت مهدي

بلى ، يا معالي الوزير …
نحن الخاسرون و [ ” الخسرانين ” ] .
وهل بقيَ معنا ؛ وعندنا شيءٌ لنخسره ؟؟
في هذا البلد العجائبي ، الغرائبي ؟
نحن الخاسرون … بل ، في قمة الخسارة …
لقدخسِرنا الكرامة ، والوجود ، والحياة ، والعزة ، والأنفة ، والكبرياء ، ومنظومة القيم ، وكلّ ما كانت كلمة المعلم والمربّي من الأساتذة تجسِّدُه …
خسِرنا الحسّ الإنساني ، والشعور الوجداني والرؤى العلمية ، والعُقول المفكرة المدبِّرة الإبداعية …
خسرنا المصانع المؤسسات التي كنا نصنع فيها الإنسان المواطن : إنسان الله ، والقيمة والأخلاق والتربية والثقافة والمعرفة …
أليست أعظم الصّناعات في الحياة هي صناعة الإنسان …
نحن الخاسرون …!!!
حتى لأنفاس الهواء الذي حَبَسَتهُ عنّا كلّ هذه الطُّغمَة الفاسِدة التي دمَّرت حياتنا ، وهتكت كراماتنا ، وهجَّرت أبناءنا ، وقتلت أحلامنا ، وسملت عيون آمالنا وأمنياتنا..!!
نحن الخاسرون …!!!
حتى للمفهوم الإنساني ، والمصداق البشَري الذي نتشارك فيه مع مَنْ خلق الله من العالمِين …
خاسرون لنِعمَة الوجود في هذا العالم ، وفي هذا البلد الذي لا يبحث زعماؤه عن أسمائنا إلا في لوائِح الشَّطب وسجلّات الإنتخاب … !!!
نحن الخاسرون …!!!
لأننا خضنا كلّ معارك حياتنا من أجل جلّادينا _ ولا نزالُ نخسر _ لم ندرك كلام إمام المتّقين عليّ (ع) : شرّ الناس من باع دينه بدنياه .. وشرٌّ منه من باع دينه بدنيا غيره … !”
ونحنُ الذين خسرنا دنيانا وآخرتنا ، من أجل دنيا زعمائنا وآلهة طوائفِنا وبقاء مذهبياتنا … وخسرنا دنيا وآخرة أولادِنا فلذات أكبادنا كرمى لعيون ذراري وأولاد وأحفاد إله الطائفة ؛ وزعيم الطائفة ؛ وحاشية الطائفة ؛ ومصالح الطائفة …
نحن الخاسرون … !
لكلّ معاني وجودنا وحياتنا ، وليس لحفنة من المغريات المادية المعيشية ممّا وهبه الله لنا وللأنعام على هذه الأرض كي تستمر سلالة الحياة والجنس البشري الحي ّ ، ونحنُ الذين نعيش في هذا البلد على قاعدة الّا نكون كالبهائم المربوطة همّها علفها … فيما يحاول هذا النظام العفِن أن يربط وجودنا وكرامتنا وأنفسنا (بالخبز) فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، يا اصحاب الفخامة والمعالي والسعادة والسيادة والقيادة والريادة إلى آخر القائمة من الألقاب الهمايونية والسّفسطائية اللبنانية …
نحن الخاسرون …
مع يقيننا انّنا تعلمنا في نهج البلاغة ومدرسة امام العدل ، ومدينة العلم الرسالي الإمام علي (ع) الحاكم العادل الانسان القائل : ” [ هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة . ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع ، أو أبيت مبطانًا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل –
وحسبك داء أن تبيت ببطنةٍ
وحولك أكباد تحن إلى القد ِّ
أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو أكون أسوةً لهم في جشوبة العيش . فما خُلِقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها ، أو المرسلة شغلها تقمُّمها ، تكترش من أعلافها وتلهو عما يُراد بها . أو أُترك سدى أو أُهمل عابثا، أو أجرّ حبل الضلالة ، أو أعتسف طريق المتاهة …. ] نحن الخاسرون …!!!
لأننا وعلى مدى عقود حياتنا كلّها _ التي شارفت على الستين _ لم نتعلّم أو نفقه ، أو نفهم ، أونعي ، أو ندرك ، أو نتثقف بالحقيقة الربانية الإلهية ، والحكمة القرآنية البليغة : ” [ ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ ] …

بلى يا ايها المسؤولون لقد نبّأنا الله تعالى قبلكم ؛ أننا الأخسرون أعمالًا ؛ والأخسرون صنيعا … لأنّ كلّ سعينا وجهادنا وتضحياتنا وعملنا قد ضلّ في الحياة الدنيا ، ونحن نظنُّ أننا نحسن صنعاً في بذل الجهود والتضحية بكل ما نستطيعه ، في عدم القضاء على مستقبل أولادِنا ، وفي عدم المشاركة في نحر المؤسسات ودولة القانون ، والتربية والتعليم والتثقيف والجهاد والكفاح والعطاء …
فإذا بنا وقد انتهى المطافُ بهلاكنا في قعر سقر ، والعالم يقف في الألفية الثالثة غازياً للفضاء ، مقدّراً للعلم والمعلمين والتربويين والعُلماء .. !!!
بينما نحن نمعنُ خسرانًا في وطن الجهالة الجهلاء ، والضلالة العمياء …!!
أصدُقك القولَ ، يا معالي الوزير ، لقد أصبت منّا مقتلاً في توصيفنا [ بالخسرانين ]…
فنحن قد دخلنا دوامة الخسارة ونفقَها المظلمَ في هذا العالم منذ ولدَتنا أمّهاتنا في هذا الوطن اللعنة … لبنان .
علي رفعت مهدي
علي النهري الأربعاء ٢٠٢١/١٢/١٥

شاهد أيضاً

​​مهلبية الحليب..💛🥛

  #المكونات 4 كوب حليب 1/2 كوب نشا 1/2 ملعقة كبيرة سكر 1 ملعقة صغيرة …