أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

راوية عبدو المصري كاتبة سويدية من أصول لبنانية ولدت في جونية في بداية الحرب الاهلية من أب وأم بعلبكيين… مع خمسة إخوة ، شابين وثلاث بنات..
هاجرت العائلة بسبب الحرب الأهلية بعد إقامة ثلاثين عاما في جونية
عشتُ طفولتي في قريتي حورتعلا وبعدها انتقلت العائلة إلى العيش في بيروت وبعد عدة اعوام استقرت في بعلبك.
عملت في مجال التمريض وتركيب الأدوية في مستوصف في بعلبك إلى أن تزوجت وسافرت مع زوجي الى السويد ستوكهولم.. هناك أكملت دراستي في علم الاجتماع . عملتُ في الترجمة والتعليم، ومارست نشاطي الاجتماعي في مجال حقوق الإنسان.
كتبت العديد من المقالات الاجتماعية والسياسية والتوعوية. على سبيل المثال (نقطة حقيرة) ( الانسان الوحش) وغيرها الكثير .
شاركت في كتب جماعية واصدرت روايتي “راتب والراوية ” .
اعتنقت مبدأ الإنسانية وساهمتُ في مشروع الإلغاء الطائفي والعنصري في العالم…. من خلال نشر البحوث والدراسات التي تستند إلى المبدأ الطائفي والعنصري من خلال كتابة وقراءة التاريخ.
لذلك أطلقت صرختي من السويد وأسميتها “انا مثلك إنسان”
حصلت على العديد من شهادات التقدير والدكتوراه الفخرية وعينت عميد أكاديمية سفراء السلام الدولية..

 

 

الكاتبةً راوية المصري:

أنا إنسانة اقل من جميع الناس

 

*أودُّ أن أبدأ الحوار معك بالحديث عن ولادتك الأدبية.
حدثينا عن البدايات وما استقرّ منها في الذاكرة
.

كتاباتي في البداية كانت عبارة عن خربشات أحتفظ بها لنفسي عندما أحزن أو أفرح. كنت أشعر أنني مهما أفصحت يجب أن أكتب لأعبر عن حقيقة ما في داخلي ولكي لا أنسى حتى حرفًا واحدًا وكنت ألجأ إلى أوراقي المبعثرة وألملم الكلمات وأجمعها وأشعر أنني لستُ من كتب هذه الحروف. أحيانا كنت أضحك وأحيانا أخرى أتألم حسب الوضع الذي كنت فيه عندما كتبت..
عندما سافرت إلى السويد توسعت مملكة القراءة عندي أصبحت على اطلاع أكثر على كتب متنوعة وبلغات عدة وعلى مواضيع اجتماعية وتوسعت مساحة البحث والمقارنة بين بلداننا العربية وبلدان الغرب .
قال جبران خليل جبران : “كلّما مررت ببلاد ورأيتها جميله تنهدت وقلت آه يا ليتها كانت بلادي .. ” الفرق بين البلد الأم والمهجر دفعني للبحث اكثر..
لذلك أصبحت مقالتي غنية نوعاً ما بمفردات جديدة أغنت أفكاري وزادت فضولي للبحث المكثف عند الكتابة وخاصة المقالات التي يوجد فيها تواريخ ، فأحياناً كنت أضطر للبحث أسبوعًا كاملًا لأنجز المقال لأكون قد حصلت على مصادر مشهود بصدقيتها ..وفي السويد تفرغت لنفسي اكثر ولأملأ فراغًا أعيشه، حتى أصبحت الكتابة جزءًا مني وخاصة عندما أقوم بمقارنة بين بلدي والسويد ..

*ما هو الدور الذي تقومين به في السويد بين أبناء الجالية العربية عامةً واللبنانية خاصةً لنشر رسالتك التوعويّة والإنسانيّة ؟

التوعية أهم من الخبز.. عبارة أكررها دائماً، وأن تتعلم الاصطياد أفضل من أن تاتي بسمكة كل يوم. فالتوعية تغذّي فكر الانسان وتطوره واليوم أصبح  إعلامنا في بيوتنا وفرصة التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية أتت إلى المجتمعات المغلقة يجب أن نستغلها ونتعلم كل شيء مفيد من خلال نشر بحوث ومواضيع تمس كل انسان …
أما في السويد تختلف طريقة النشاطات أو الندوات فهنا نعمل على دمج المجتمعات وانخراط المهاجرين في المجتمع السويدي وحثه على تعلّم اللغة…

*نشرتِ العديد من الدراسات والبحوث الهادفة إلى إلغاء الطائفية والعنصرية .

هل هذا النداء يلقى آذانًا صاغية في ظلّ الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في العالمين العربي والغربي على حد سواء .

بداية كانت هذه المواضيع غير محببة عند الأغلبية وكثيرون وصفوها بتضييع للوقت مع شعوب طائفية وعنصرية ولا يمكن إصلاحها. ولكن إصراري على كتابة هكذا مواضيع جعل الناس يتجاوبون مع كل مقال وبدأوا بمتابعة منشوراتي بشكل عام ومقالاتي بشكل خاص وخف الهجوم نوعاً ما حتى اصبحت مقالاتي تنشر في سبع صحف أحياناً وطبعاً باللغة السويدية الانكليزية والعربية وقريباً إصدار كتاب يجمع هذه المقالات.

 

*تقول الأم تيريزا: “إذا حكمت على الناس لن يكون لديك الوقت لتُحبهم ”
هل المحبة مهمة صعبة لدرجة أننا نحتاج أن نذكر بها دائمًا؟

أنا أحكم على الناس من خلال علاقتي بهم ، عند عدم اختلاطي بالناس لا أستطيع الحكم عليهم أو أخذ القرار إن كنت احبهم او لا . لكن الكره لا مكان له عندي ممكن أن أقطع الوصال بيننا اذا كان الأمر يتطلب القطيعة ولكن لا أستطيع أن أكره انسانًا مهما فعل.. أما التذكير أننا نحب فتحصل كثيرًا .يجب على الانسان أن يذكر أخاه الإنسان أنه يحبه ويحترمه من خلال تصرفاته ومساندته والوقوف الى جانبه وقت الشدة … طبعا الناس بحاجة أن ترى الحب في أفعالنا ،والحب موجود في حياتنا من أجل الاستمرارية حتى بين القلم والورق يجب أن يكون الحب..

 

* “راتب والراوية” عنوان روايتك
حدثينا باختصار عن مضمونها والرسالة التي تحملها..

“راتب والراوية” اختصار لشاب عانى الفقر والجوع والمرض في قرية منسية في جبال لبنان ومعاناة الغربة كان لها النصيب الأكبر في روايتي..

 

*في ظلّ ما يمرّ به لبنان من أزمات معيشية وأخلاقية وصحية.. كيف يتفاعل المغترب مع هكذا أوضاع مصيريّة ؟

أغلب أفراد الجاليات العربية في أوروبا يؤيدون على الأقل حق الشعوب في التظاهر والضغط على الحكومات لتحقيق مطالبهم بالعدالة بمكافحة الفساد ومنح المزيد من الحريات ولكن التنفيذ يكون مشروطًا، بمعنى عندما نصل لشعار “كلن يعني كلن ” يقع الخلاف أو التمرد.
المظاهرات التي حصلت في السويد للأسف ليست كسابقاتها كما كانت في السابق ودول الإغتراب بشكل عام . في السابق كان معظم المهاجرين يتجاوبون مع أية تظاهرة تدعم أي وطن عربي، ولكن ما نراه اليوم مختلف تمامًا واللبنانيون لم يعد لديهم الحس الوطني كالسابق ، وأغلبيتهم أصبحت إنتماءاتهم للزعيم وأية دعوة لمظاهرة فورًا يسألون من وراء هذا التحرك ومن يدعم ولصالح من كي يقرروا المشاركة أو عدم المشاركة، وهذا يرتبط بمصلحة زعيم الطائفة التي ينتمون إليها، والبعض الآخر يقول لست مضطراً أن أسود وجهي مع زعيم معين “والفخار يكسر بعضه ” والبعض الآخر لا يريد أن يغضبَ رفيقه العوني أو جاره الإشتراكي أو من قدم له منحة في يوم من الأيام والآخرون بكل صراحة يقولون رأيي او مشاركتي لا تقدم ولا تأخر ولا يعنيهم لبنان أصلًا .
وعندما يرون حماسنا الزائد يضحكون ويقولون هدؤوا من روعكم نحن كنا هكذا من أربعين سنة وما حصدنا إلا الخيبة عيشوا حياتكم ولبنان لن يتغير.
يبدو تأثير الاستعمار الفرنسي كان فعالًا جدًا عندما فرض النظام الطائفي منذ سبعين عامًا، وما زالت الطبقة الحاكمة متمسكة بهذه الصيغة لأنها على قياسها. و لعنة الطائفية والمذهبية تطارد اللبناني مثل خياله أينما كان وباختصار لعنة الزعيم مرض عضال لا شفاء منه.

 

*ما هي برأيك أخطر ثلاث آفات قد تدمّر المجتمع وتجعل الإنسانيّة برمّتها في خطر وجوديّ؟

التعصب الاعمى دون تفكير والاستماع الى طرف واحد وعدم معرفة الشعوب الاخرى إلى أين وصلت …
عبادة الاصنام آفة قد تدمر أرقى مجتمع في العالم كيف اذا كان لديه كل المؤهلات من حقن طائفي وعنصري والله لم يخلق مثله ظنًّا منه أنه أفضل من غيره ! فوقية ، تبعية ، جهل وكره الاخر دون أن تعرفه..

 

*نشاطك الاجتماعي والإنساني لا يتوقف .
ما هو المشروع القادم الذي تحضرين له؟

“أنا مثلك انسان” جمعية إنسانية إجتماعية توعوية أدبية أطلقت من السويد إلى العالم كله وليس فقط لبنان. مستمرون بنشر التوعية والتقارب والاندماج بالمجتمعات الاخرى… وقريباً افتتاح فرع في لبنان للعمل بالشأن الصحي من خلال جمع مستلزمات طبية ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتامين حاجياتهم قدر المستطاع .

 

*أترك لك الختام مع فقرة تهدينها لقرّاء كواليس .

كنت أشتم رائحته،أشعر بوجوده دون أن أراه, هناك   التقينا حيث كنا غبارًا متطايرًا نسبح في فلك واسع حيث كنا وكانوا .. جميعنا بنفس الحجم لا لون لنا ولا شكل لا طائفة ولا مذهب,  نميل حيث الهواء يقذفنا تارة يمينا وتارة يسارًا نتأرجح ونتصادم نعلو وننخفض لا نفكر لا نقرر ولا نرى بالعين المجردة مجرد أرواح تائهة في مهب الريح ..
لا ننتظر شيئًا ولا نعلم أين نحن مجهولي الهوية لا نكتسي لحمًا ولا عظمًا ولا حتى دماء
طوابير من اللا شيء ننتظر
لملمت أشلاءنا المتطايرة وأرواحنا المشتتة لتوزعنا في صلب آبائنا ويأتي الحظ ليلعب الدور الاهم بطريقة الفرز. منهم من يستقرون في قصور تتمتع بكل وسائل الراحة ويأتي الجنين ويصطحب معه ملعقة الذهب ومنهم يأتون الى هذه الدنيا للشقاء والعذاب , ونبدأ السباق إلى أرحام أمهاتنا دون أن نعلم ماذا ينتظرنا هناك والفائز الاول يستقر داخل كرة صغيرة .
نتكون داخل بركان صغير ونحشر في أحشاء نتغذى وننمو ونتقاسم كل مقومات الحياة مع هذا الجسم الذي ينهك بسببنا، متمسكين بحبل نجاة ونمتثل لأوامره ونخضع لنزواته إلى أن يحين موعد الظهور وتدور المعارك الضارية بين الرفض والقبول لتأتي ساعة الحسم والأمر بالخروج الى الحياة بعدما مكثنا تسعة أشهر وتآلفنا مع كل جزء فيه نسمع تنهيداته ونحن في جوار القلب يفرح ويتألم ونمزق أحشاءه عند الخروج للحياة دون أي شعور بالشفقة ولا نقول شكرًا على حسن الضيافة أو إطالة الإقامة.
نولد من أرحام أمهاتنا اللواتي انتظرننا في عالم آخر بفارغ الصبر. يطلقن علينا الأسماء ويروّضننا لنكون جزءًا منهنّ نحمل صفاتهنّ ونتكلم بلسانهنّ ونقوم باطاعتهنّ يحزننا ما يحزنهنّ ويفرحنا ما يفرحهنّ . يعملنَ على ترتيبنا وتلقيننا بانتظام ليكمل كل منا المهمة التي أُرسل من أجلها..
من غبار متطاير الى نطفة ثم علقة، جنين مولود طفل مراهق شاب عجوز,, وكل هذه المراحل التي نمر بها وما زلت أبحث عن نفس الرائحة التي كنت أشعر حيالها بالدفء بعيدًا عن الفوضى التي أتعبت كياننا ودمرت نفوسنا هناك حيث كنا وكانوا نبحث عن المفقود بحسرة وننتظر هذه الذرة الصغيرة بلهفة… كي ترحل بنا إلى عالم العدل والإنصاف وتعفينا من مسؤوليتنا وتعيدنا حيث كنا.
عن السلام الداخلي أتكلم..

 

تحية كواليس:

ننضم معك للحديث عن السلام الداخلي يا راوية وانت تروين رواية التكوين بشفافية صرخة مكبوتة في قلب شارك مع قلوب جمة في عزف لحن  صفاء وروحانية الحضور المتشابه لنتشتت في عالم مادي يتقاتل لاتفه الاسباب ويصدق صكو التفرقة ويوقع على تشريع ىاكل اخيه باسماء متعددة ومختلفة وكلها من نسج شيطان رجيم

ارض خصبة انت يا راوية وكان من اختار اسمك كان عالماً بانك ستروين للتاريخ قصة هابيل وقابيلً وبدء اللعبة المشؤومة والغراب يساعدنا للبحث عن كيفية ستر فضيحتنا ولكننا اليوم ندوس عليها، ندوس على ضميرنا على قيمنا وطهرنا

ضيفتك اليوم يا السبدة الشاعرة رانية مرعي مسكونة بالقلق على غالٍ يحن إليه فؤادها وفؤادنا، مسكونة بوطن تتنازعه الطوائف فحولته إلى اشلاء وكان صدى صوتها يزورني باحثاً عن “ام الصبي”

فاطمة فقيه

 

شاهد أيضاً

الدولة والعقائد ..

  ___كتب /سعيد فارس السعيد الانظمة والقوانين المستمدة من العقائد السماوية في دولة القانون والمؤسسات …