الصيدلي د. مروان المهتار


كوفيد 19 الفيروس القاتل والأعنف..

حوار: رانية الاحمدية


أزمات تلو الأخرى تعصف بنا، لا أعلم على من سأضع الحق فيها ولمن سأعطي الحق؟!..
لبنان يغرق، حكام فاسدين، تجار بلا ضمائر، شعبا مخدّرا يموت من الفقر والعوز والجوع والألم ولا أحدا يبالي به..
لم يخطر لي يوما بأنني سأكتب هكذا مقدمات في لقاءاتي التي أجريها، لكن لا بدّ من كلمة حق بأن تقال وأعلم جيدا بأن هناك الكثير من الزملاء والزميلات ممّن يتحدثون عما نعانيه.. لكن هل من سمّيع مجيب؟! لا أعلم؟!..ولكني أؤمن بأن الكلمة إذا لم تغير عالماً لا بد لها من أن تحفر مكانها..
الأزمات في لبنان لا تنتهي ولن تنتهي في القريب العاجل ولا يوجد حلاً لها، إذ أن كل المؤشرات تدل على ذلك، ومن هذه الأزمات، أزمة الأدوية التي بات الكثير منها مفقوداً وآخر تم تهريبه، ولأن هذا الموضوع خط أحمر ومن الممكن أن يودي بحياة الكثيرين إذا ما فقد الدواء نهائياً أو لم تعد الناس قادرة على شراءه بسبب الغلاء الفاحش بعد رفع الدعم، كان لا بد ّ لنا من البحث خلفه، حيث توجهنا إلى أحد الصيادلة في لبنان لنقف معه عند الحالات المرضية التي ستعاني جرّاء فقدان بعض الأدوية وزيادة تسعيرة الباقي إذا ما تمّ رفع الدعم، « فيا ويل لأمة ترضى بالذل ولا تحرك ساكناً»..
أتابع مقدمتي التي اعتدت كتابتها في وصف الشخصيات الذين ألقاهم، وهذا حقهم عليّ، خصوصاً إذا كانوا من الذين يخافون على لبنان وشعبه، فكيف إذا ما كان أحدهم يمتهن الإنسانية بكل جوانبها؟!..
هو إنساني بإمتياز، يقف إلى جانب المرضى ليخفف آلامهم ويبلسم أوجاعهم بما ملكت يديه، يشعر مع المحتاج مهما كان نوع هذه الحاجة، مؤمناً بالوطن والأرض وإستمرارية الحياة، متزن في أقواله وأفعاله، شق طريقه بثبات وعزم أكيدين..


إنه الصيدلي د. مروان المهتار المبتسم دائماً ليعطي الراحة والطمأنينة لزبائنه المرضى، يؤمن بالهدف الموّحد بين الطبيب والصيدلي وهو الحفاظ على صحة المريض..
ولأن موضوع الدواء مهم جداً كما كل المستلزمات التي يحتاجها المواطن، «كواليس» التقت د. مروان بحديث شامل وهذا أبرز ما جاء فى الحوار..


*بداية كيف نتعرف على د. مروان، ولماذا إخترت مهنة الصيدلة؟


مروان عصام المهتار، بكالوريوس في العلوم الصيدلانية، خريج جامعة بيروت العربية عام 1993، متأهل ولي ولدان سيزار وندين، وصاحب صيدلية «المحبة» منذ 26 عاماً، أمّا مهنة الصيدلة إخترتها لأنها إنسانية بإمتياز وأحببتها بشغف، ولأنها تجعلك قريبة من المريض أكثر من أي شخص آخر، تساعدينه تبلسمين مرضه إذ يمكن للمريض الإتصال بالصيدلي دائماً دون تكلّف أو تردد ولثقته بمعلوماته القيمة المجانية وإرشاداته الدائمة له دون منّة أو تململ، ليصبح بعدها الصيدلي فرداً معنوياً من أفراد عائلة المريض، هذه هي مهنة الصيدلة، وهكذا أنا.

التعاون وثيق بين الطبيب والصيدلي..


*الصيدلة لا تختلف عن الطب، فكلتاهما مهنة إنسانية، لكن لا بدّ من أن هناك فوارق بين المهنتين، كيف تصف لنا هذه الفوارق؟


الصيدلي هو الخبير الأول والأخير والأهم في تركيب الأدوية ومحتوياتها وموادها الفعالة وتأثيراتها الجانبية وتأثيرها على السلامة العامة، أمّا الطبيب هو الخبير بتشخيص الأمراض وكيفية علاجاتها، ممّا يعني بأن التعاون وثيق بين الطبيب والصيدلي، وممّا لا شك بأن مهمتهما مجتمعة وهدفهما موّحد للحفاظ على صحة المريض وسبل علاجه.


أصف الدواء اللازم إذا لم تكن حالة المريض خطيرة وتستدعي تشخيصا طبيا..


*باستطاعة الصيدلي وصف دواء على مسؤوليته للمريض كما ذكرت أنت، لكن إلى أي مدى تقع خطورة ذلك على المريض وعلى الصيدلي بنفس الوقت دون الرجوع إلى الطبيب المختص، وهل وقعت عليك مسؤولية مريض عانى من ردة فعل سلبية جرّاء دواء وصفته له؟


مع سوء الأحوال المادية للمواطن، خصوصاً في هذه الأيام أصبح المريض يستسهل دخول الصيدلية وعرض مشكلته الصحية على الصيدلي، ممّا يجعلنا حائرين بين مشكلتين، الأولى هي بأن الصيدلي يريد مساعدة المريض نظراً لحالته المادية التي لا تسمح له بدخول عيادة الطبيب، حيث أن الإستشارات والنصيحة الطبية تأتي مجانية من الصيدلي، خصوصاً إذا كانت حالة المريض بسيطة ولا تستدعي الدخول لعيادة الطبيب أو المستشفى، عندها لا يتكلف سوى دفع ثمن الدواء المناسب له، بالإضافة إلى أن القانون اللبناني يجيز للصيدلي وصف بعض الأدوية لمريض دون إستشارة طبية.
أمّا المشكلة الثانية التي يعاني منها الصيدلي هي محاولة إقناع المريض بأن حالته الصحية بحاجة إلى الطبيب وإلى الفحوصات اللازمة لتشخيص مرضه بشكل دقيق، وفيما يخصني الحمدالله لم تقع عليي مسؤولية أي مريض عانى من ردة فعل سلبية جرّاء دواء وصفته له، لأنني وبكل بساطة لم أصف غير الدواء اللازم لمرضى لم تكن حالتهم خطيرة ولا تحتاج إلى تشخيص طبي.


*خطرت لي أغنية الفنان عازار حبيب صيدلي يا صيدلي، هل تحبها؟


طبعا أحبها جداً، فهي أغنية لبنانية رائعة ومن التراث القديم الغني والقيم.


*قرار ترشيد الدعم أصبح قيد الدرس، وهذا يعني بأن هناك الكثير من الأدوية التي سيرفع عنها الدعم، إلى أي مدى سيؤثر ذلك على أدوية الأمراض المزمنة، وهل برأيك المواطن اللبناني الذي يقع اليوم تحت خط الفقر والعوز والبطالة قادراً على تحمل شراء الأدوية الباهظة الثمن، خصوصا وأن نصف الشعب اللبناني إذا لم يكن أكثره يعاني أمراضا مزمنة؟


للأسف نحن اليوم نعاني فقدان ما نسبته 40% تقريباً من الأدوية المهمة في البلد وصولاً إلى حليب الأطفال وغيرها من المواد الطبية المهمة، الكارثة المدمّرة ستقع عند رفع الدعم عن الأدوية، لأن الدواء في لبنان يسعّر من قبل وزارة الصحة على سعر صرف الدولار 1500ل.ل، فما بالك إذا رفع الدعم عن الأدوية حتى نسبة 50%، أي أن سعر الأدوية سيرتفع أضعاف سعره الحالي، هذا إذا ما كان ترشيد الدعم عند حدود ال 50% فقط، ممّا سيستدعي فقدان جزء كبير من الأدوية بالنسبة للمريض لعدم قدرته على شرائها، عندها سيضطر إلى اللجوء للبدائل ذات السعر الأقل ونأمل بأن تبقى مؤمنة، والكارثة الكبرى برفع الدعم لن تطال الأدوية فقط، بل المحروقات والمواد الغذائية وغيرها الكثير، وهنا نسأل هذا المواطن الذي لا يزال يقبض الحد الأدنى وبالليرة اللبنانية، ماذا عساه أن يفعل؟؟!.

*للأسف بعض الأدوية في لبنان أصبح الحصول عليها كهدية ثمينة، وأنا لي تجربة كما غيري مع ذلك، برأيك لماذا وصلنا إلى هذه الحال ومن المسؤول عن التلاعب في حياة المواطن وصحته وحرمانه من أبسط حقوقه في العلاج اللازم له، وبماذا تتوجه للمسؤولين عن التلاعب في حياة الناس؟


بالنسبة للقسم الأول من السؤال «لا تعليق»، فعليكي يا سيدتي بتوجيه سؤالك للدولة، أمّا بالنسبة لنهاية السؤال أجيبك بالقول: للأسف المتلاعبين بصحة المواطن يقدمون له أسوأ المواد الغذائية واللحوم والأسماك الفاسدة والمنتجات المنتهية الصلاحية بدون حسيب ولا رقيب، لقد اختاروا هؤلاء الفاسدون جيوبهم بدل ضمائرهم لقناعتهم بأن لا الشعب المخدّر المنهك سيحاسبهم ولا دولة صارمة تضرب بيد من حديد، لكن أؤكد لك بأن الحال لن يبقى على ما هو عليه ولا بدّ لهذا الشعب من أن يستفيق من غيبوبته ولا بدّ لبعض القضاة الشرفاء بأن يتحركوا لما فيه خير الناس، فالقضاء العادل والثقافة الصحية والوعي المجتمعي هم المدماك الأول لتقدم المجتمعات ونحن نأمل خيرا بإذن الله..


*ماهي رؤيتك للأدوية المفقودة والتي تهرب عبر المعابر الشرعية والغير شرعية؟


سيدتي.. ليس كل دواء مفقود يهرّب، فمصرف لبنان لم يعد يقوم بالتغطية المطلوبة للإعتمادات المصرفية لشراء نفس كمية الدواء من الخارج بالدولار الأميركي لعدم توفره، لذا يأتي الوكيل بكميات قليلة جداً لا تكفي السوق المحلي وبعد تأخر أسابيع وأشهر من تقديم الطلب.


*لا يخفى على أحد ما يعانيه لبنان والعالم جرّاء covid19، هل صحيح بأن هذه الجائحة ليس لها دواء فعلاً، أم هي مجرد لعبة، أم أنه بالفعل هو فيروس خطير، ومن هم الأكثر تأثرا به، وما هي مضاعفاته؟


طبعا هو فيروس خطير وقاتل وموجود والعالم أجمع يحارب هذه الجائحة والدليل على وجوده بسيط جداً، إذ يمكنك سؤال كل من أصابه الفيروس هذا الشتاء إذا كانت أعراض «الرشح» أو «الكريب» الذي تعرض لهما مماثلة لما تعرض له في السنوات السابقة أم لا، لذا جوابي حتما هو الفيروس الأعنف في حياتي المهنية، فمن واجبنا إذا التنبه له وإستمرار الحماية منه والتقيد بإرشادات وزارة الصحة، فهو فيروس الموت في العالم أجمع، أمّا الأكثر تأثرا به من هم في أعمار متقدمة السن، والذين يعانون من أمراض القلب الضغط والسكري والشرايين والأشخاص الغير مبالين بالنظافة العامة وإحتياطات السلامة العامة والتباعد الإجتماعي..


*سؤال لم يخطر لنا على بال تود التحدث به؟

أعتقد بأننا تحدثنا في الكثير من الأمور الهامة، وفي النهاية شكرا لك ولمجلة كواليس لإضائتكم الدائمة على مشاكل المجتمع وهمومه في وطنا لا تنتهي فيه المشاكل والهموم، ودمتم نجمة مشعة في عالم الصحافة والإعلام.

رانية الأحمدية

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …