الشاعرة فاطمة يونس
لمّا كانت الحياة دولابًا يدور، والأيّام قطرات مطر مقدّسة تغزل للنّاس أثوابًا من قيم أخلاقيّة ، ووشاحات من عادات وتقاليد ، يدثّرون بها أنفاس حياتهم .
ولمّا كانت أرواح البشر تتنوّع بين من يقيم وزنًا للقيم وقد سكن الربّ قلبه ، وبين من تأـخذه الحياة ببهرجها، فتغيب عن باله أنوار الرحمن في تقلّبات عباءة الزمن ، كان لا بدّ لي من أن ألملم من ذاكرة الدهر بعض لوحات حياتيّة ، تجلّت في قصص من الواقع ، منها ما عايشته ، ومنها ما شهدته ، وبعضها سمعته من أفواه ثقة ، وقد نقلتها بطريقة محافظة فيها على القيمة. بعض الأسماء في بعض القصص كان لا بدّ لي من استبداله بأسماء وهميّة ، والبعض الآخر بقي كما هو دون أيّ تغيير…
هي قصص ترسم لوحات مختلفة من صور الحياة . أتى بعضها لطيفًا مؤنسًا، تجلّى فيه سموّ النفس البشريّة المضحّية ، تظهر كيف تكون مواجهتنا للظروف متسلّحين بالإرادة الصلبة ، محافظين على إنسانيّة الإنسان وروحانيّته وسموّ دوره الإلهي ، وبعضها الآخر أتى قاسيًا يحمل بين طيّاته صورة عن طبيعة بعض البشر الذين غفلوا عن الحقيقة لجوهر الإنسان، وقادتهم أهواؤهم إلى الانجرار خلف الدنيا متناسين الآخرة ، قدّسوا زخارف الحياة وبهرجها ، مالوا نحو المظاهر الخدّاعة، حكمتهم المصالح ، فتجلّت قسوة تدمي قلب كلّ من أيقن أنّ إنسانيّة الإنسان لا تكون في معزل عن الحبّ تغرسه لينبت، ويعرّش الخير والجمال في مختلف جنبات أرواحنا…