وما عرفنا إلّا قليلا

 

عاش البشر الأوّلون على الأرض مئات آلاف السنين ولم يكتشفوا قانوناً علمياً واحداً حتى من بين ابسط قوانين الطبيعة وأكثرها وضوحاً .ومع ذلك فقد عاشوا حياتهم غير مبالين بما لا يعلمون . وكانت تصرفات الطبيعة في نظرهم واقعاً تصالحوا معه وعاشوا في محيطاتهم الضيقة يكتفون بأنهم على قيد الحياة .
أما اليوم فنتائج الأبحاث غير السرّية متاحة لمن يفهمها في المواقع العلمية والمجلات التي تنشر النتائج .
وأخبار الفنانين والفنانات تملأ الشاشات والصفحات والمواقع وبالإمكان معرفة كل شيء عن كل فنان وفنانة ، كم مرة تزوّج وكم مرة تزوجت والى اين سافر او سافرت وفي اي فندق نزل او نزلت … والى آخر ادق التفاصيل التي توفّرت .

أما فيما يخصُّ السياسة فكل المعلومات محفوظة في الدوائر المغلقة . ولا يخرج منها الا الرماد الذي يتعمد المخططون ذرّهُ في عيون “المواطنين الكرام ” . ولأن المواطنين الكرام يختلفون من نظام الى نظام ومن دولة الى دولة فإن الرماد الذي توزعه الشاشات يختلف من لغة الى لغة ومن دولة الى دولة ومن عقيدة الى عقيدة .

ونحن الآدميين متصالحون اليوم مع هذا الواقع كما كان اجدادنا الاولون متصالحين مع العيش في طبيعة لا يعرفون شيئاً عن قوانينها . نسمع ما يريدون إعلامنا به فننقسم الى مؤيدين لهذه الجملة ومعارضين لذلك الحرف والى ما ابتدعنا من علامات فارقة وما ابتدعوا لنا من علامات مُفرِّقة .

السياسات تُطبخُ في مطابخ محكمة الإغلاق ومصنّفة درجاتٍ درجات . أما الذين اعطاهم الله عقولاً ومنع عنهم السلطة فلهم ان يصمتوا .واما الذين اعطاهم الله المال فاكتفى بعضهم به دون سائر المواهب واستثمره بعضٌ آخر في السياسة وصرفه بعض ثالث في التنعم بطيّبات الحياة .
أما الذين لم يعطهم الله سوى الوجود فهم “أسعد” المخلوقات ، يحتفلون بأعياد ميلادهم واحياناً بأعياد ميلاد كلابهم وقد يحلو للبعض منهم في بعض الاحيان انتحال شخصية احد الحيوانات فيشغلوا انفسهم بالتدرب على تقليد صوته وحركاته وتصرفاته .
أما الذين يودون الانتقال من فئة الى فئة فمَثَلُهم مَثَلُ الذين يودّون تغيير فئة الدم في أجسامهم وأولئك يجب ان يخضعوا لإجراء عملياتٍ جراحية قد تطول وقد لا تنجح .
أما الصابرون فلهم ما كان لكلّ الصابرين على امتداد الزمن ، الذين اذا ضُربوا على خدهم الأيمن اداروا للضارب خدهم الأيسر واذا ضُربوا على رأسهم لا يتبقى لهم ما يديرون .
واذا كانت قواميسنا قد علّمتنا ان نصنّف البشر في خانات المُستغِلِّن والمستغَلّين والحارمين والمحرومين والمستضعِفين والمُستَضْعفين والمَحظيين وغير المحظيين فاسمحوا لي في هذه العُجالة ان اضيف بعض التصنيفات المستعجلة والمُلِحّة .
في العلم تعالوا ننقسم الى من يعلمون ومن لا يعلمون ،
وفي المعرفة إلى من يهتمون ومن لا يهتمون . في السياسة الى من يدرون ومن لا يدرون بل يتعايشون ثم الى مضلِّلين ومضلَّلين … ومن المُضلَّلين من يُصدِّقون ومن لا يُصَدِّقون .

كان بودّي ان اتابع التصنيفات لكن اعذروني فقد تعبتْ يدي من الكتابة على شاشة التلفون . لكن ما رأيكم في ان نعتبر انفسنا كلنا شهداء الواقع الذي لا يحيا فيه حتى الذين يحيون فالذين يُقتلون هم الشهداء الذين يرتقون اما الذين يبقون على قيد الحياة فهم الشهداء الباقون

شاهد أيضاً

وحدة التدخلات الطارئة تدشن مساهمتها لمشاريع المبادرات المجتمعية بمحافظة إب اليمنية من مادتي الاسمنت والديزل ..

تقرير /حميد الطاهري دشنت اليوم وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة بوزارة المالية بالتنسيق مع السلطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *