قصة خارقة لغُراب بشري طائر من إقليم بولمان، المغرب…

*حفيظ تيلولوت.

طالب جامعي متفوق من مدينة بولمان، درس الجغرافيا في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، حقق شغف التحليق مع الغربان في قصة أقرب للخيال.

كان زهير العز شغوفا مصمما على تحقيق حلمه، ورغم تفوقه وولوجه لسلك الماستر تخصص المناخ بذات الجامعة، إلا أنه فضل استغلال تواجده بالحي الجامعي بمدينة فاس لجمع قماش المضلات الشتوية والذهاب بها نحو مدينته لإعادة تجميعها من جديد ليصنع المظلة التي سيطير بها محلقا ومحققا حلمه الذي راوده لسنوات.

تعلم ذاتي في اليوتيوب والمنصات التعليمية قاده إلى فهم أساسيات صناعة المظلات الطائرة، تجارب علمية وحسابات دقيقة تُوِّجت في 2018 بأول تحليق بمظلة ذاتية الصنع في مشهد ألهم فيما بعد هواة ومحترفو الطيران الشراعي الحر بفرنسا.

قصة زهير مع صناعة المظلة وتربية الغراب الذي بدا في الفيديوهات محلقا مع مسار الطيار، ألهمت الفرنسيين الذين صوروا فيلما حول قصته المُلهمة وحازت على جائزة أحسن فيلم وثائقي في مهرجان فرنسي، ليتقاطر عليه دعم الرياضيين الفرنسيين أبطال وهواة رياضة الطيران الشراعي الحر. دعم معنوي ومادي تجلى في تزويده بالمظلات والمعدات اللازمة للطيران ثم مساعدته في تطوير مستواه وتتويج هذا المسار بحصوله على شواهد دولية من أشهر الأندية الفرنسية المتخصصة في المجال.

في كل مرة يحقق فيها زهير إنجازا جديدا، يواصل العمل وكأنها البداية، حيث عمل ونجح في التعريف بالمواقع ومنصات الإقلاع التي يزخر بها إقليم بولمان بل استطاع توثيقها في مديرية الطيران كمواقع مرخصة لممارسة رياضة الطيران الشراعي الحر، وهي المواقع التي استقطب إليها أبطال وهواة مغاربة وأجانب يقولون بأنها مواقع ذات تيارات هوائية فريدة تساعد على تحقيق ارتفاعات كبيرة للطيارين.
لم يكن لهذه المواقع أن تُكتشف في إقليم بولمان لولا خبرة شاب شغوف عشق موهبته حتى الثمالة، بعدما تفنن زهير لعز في دراسة علم الأرصاد الجوية والتيارات الهوائية بتعلم ذاتي فريد، هذا العلم الذي تعتمد عليه هذه الرياضة لممارستها بدون هامش خطأ.

تألق زهير لعز المستمر، وحلمه الدائم بتطوير الطيران الشراعي الحر في المغرب وجعل إقليم بولمان قبلة وطنية وعالمية لممارسة هذه الرياضة، دفعاه إلى تأسيس نادي جرف الأطلس للطيران الشراعي والذي اعتمد فيه على تكوين شباب من ذات الإقليم ومن تم مضاعفة عدد الممارسين بمنطقته من جهة، والعمل تحت إطار منظم يساعده على لمضي قُدما نحو تحقيق الحلم الأسمى كما يقول ” بطولة عالمية للطيران الشراعي الحر داخل إقليم بولمان” من جهة أخرى. وأيضا لاستقطاب مجموعات رياضية للمنطقة تحت إطار قانوني في احترام تام لكل المساطر، هذه المجموعات التي تقاطرت في السنتين الأخيرتين على الاقليم من داخل وخارج المغرب، في مشهد لا يمكن إلا أن يطير له المرء فرحا، كيف لا وإقليم بولمان جُفت حناجر ساكنته بمطالب العيش الكريم والتنمية بجميع شعاراتها.

لكن…لم يكن يعلم الغراب البشري الطائر، الطامع بغد أفضل لمنطقته وإقليم بولمان أن نجاحه المتواصل سيزعج أولئك النائمون على الامتيازات، المستفيدين في صمت، كيف لا، والشاب عازم على كسر قاعدة الاحتكار، ولفت الانتباه لإقليم لا يسمع عنه إلا نادرا في النشرات الجوية.

فاز فريق الغربان بقيادة الغراب الطائر زهير لعز بلقب كأس العرش 2023 ليخلق المفاجئة ويصدح اسمه عاليا بمهارات فريقه العالية وقدرتهم على تحقيق دقة متناهية في اللعبة وأثناء الهبوط. ليبدء مسلسل التضييق على موهبة صنعت نفسها بنفسها في قصة أغرب من الخيال.

بدى الأمر وكأنه تطبيق صارم لقانون اللعبة، بعدما قررت الجهة المنظمة سحب اللقب من فريق زهير العز وفرض عقوبات تأديبية على ناديه بحرمانهم من التكوينات وممارسة الرياضة لستة أشهر، ثم تطورت اجتهادات بعض الجهات “المحلية” إلى منع الشاب وفريقه من ممارسة رياضته المفضلة حتى قبل سريان مفعول القرارات التأديبية بل تعدى ذلك إلى حجز معداتهم ومحاولة طردهم بالقوة من الموقع في مشهد تجسدت فيه كل مقومات “الشطط والعجرفة”

القرارات التأديبية للجهة المنظمة عللتها بمشاركة رياضي لا تتوفر فيه إحدى الشروط المطلوبة للمشاركة، الشرط الذي لم يُذكر ولم تتم الإشارة إليه في جميع سطور وبنود قانون اللعبة، في فراغ تنظيمي تريد الجهة المنظمة أن يدفع ثمنه شاب طموح لا يؤمن بالمستحيل.

المستحيل الذي تحقق بعزيمة شاب حوَّل قماش مظلات شتوية إلى مظلة عملاقة حلق بها عاليا فوق سماء إقليم بولمان وانتزع بها أول لقب رمزي من نوعه لصالح الإقليم، مستحيل أثبت بأنه ممكن جدا في قاموس قائد فريق الغربان، ممكن ومستمر إلى أن تشهد منصات إقليم بولمان منافسة عالمية لرياضة الطيران الشراعي الحر.

من صفحة بولمان بريس

شاهد أيضاً

من “اجتثاث حماس” الى “الهزيمة النكراء” .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

بقلم : حمدي فراج كان لا بد من نص واضح و صريح لوقف اطلاق نار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *