(قهوة مرة)

بقلم: رسيل الجزائري

عندما بت أنام دون أن ترافق قبلات أبي جبهتي أصبحت قهوتي مرة .
وحين خلت مائدة طعامي من يد فيها حناء تقطع خبز العشاء صارت عن عنقهوتي مرة .
حينما أحسست بخفة أكتافي ولم تعد يد الصاحب الثقيلة تزعجني عرفت أن قهوتي أصبحت مرة.
صارت قهوتي مرة يوم مررت بارض كلها هدوء يرقد تحتها أناس كانو أحياءا ذات يوم .
وحين غابت ليالي كنا فيها نسهر أمام باب المنزل على طاولة دومينو وفنجان شاي عرفت أن القهوة أصبحت مرة .
غاب سكر الأيام التي كنا فيها نلعب غميضة أنا وأولاد الحي الشارع الذي أرضعتنا حيطانه وألبستنا أراضيه الكبر والرجولة .
قهوتي غدت مرة يوم تذكرت كيف كان أبي يطلب مني شراء أغراض من الدكان لأشتري معها حبة حلوى أكلها خلصة .
أضحت القهوة مرة حين أصبحنا نرقد بلا حكايا الجدة ولا بحكم الجد العجوز الكبير .
وحين أصبحت ملابس العيد الجديدة لا أهمية لها ولا في لهفة إنتظار صباحه .
تغير طعم القهوة حين غابت ظلالنا من زوايا غرف البيت تحت أنوار غروب الشمس .
ويوم غابت من شوارعنا أصوات بيع الخضروات والغرابيل ودق الأبواب
وحين إستبدلنا زربية الخيط وفراش الوبر بكرسي فرق بين إخوة العائلة أضحت القهوة مرة
تلك الرائحة التي كانت في فناء المنازل تحت هلال رمضان ذهبت وغاب معها طعم القهوة الحلو وغادت مرة
لم نعد نتقاسم مع الجار الفقير لاطبق الغذاء ولا العشاء
وأدركنا أنها أصبحت مرة حين تحولت الحياة من لمة على صحن واحد إلى بيوت أكلها لحم وسمك وفمها يلفه طعم الحزن والوحدة.