التربية ودورها في ارساء دعائم السلام والطمأنينه بين البشر

مريم صالح

    المعلمة و المعلم هما أساس المجتمع والكثيرون لا يفهمون معنى هذا الكلام ذلك أن البعض في بلدي لا يقدرون هذه النعمة كما يجب. يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في وصفه للمعلم “قُمْ للمعلّمِ وَفّهِ التبجيلا… كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولا، أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي… يبني وينشىء أنفساً وعقولا”. لو فهموا معنى هذا الكلام لعرفوا بأن في بلدي لا يعطون المعلم أو المعلمة حقوقهم كما يجب، ورغم ذلك فهم أكثر الأشخاص الذين يعانون في بلدي، كما يقال إن كنت تريد أن تعلم أهمية أي وطن إن كان سيقدرك أو لا  فيجب أن تعرف إذا كان المعلم في وطنه ينال ما يستحق من راتب واحترام وتقدير لعمله ومهنته وعطائه.

    ليس التعليم عبارة عن دروس في الكتب فقط، إنما هو طريقة المعلم مع تلميذه في كلامه، وتصرفاته، وتأثيره الكبير على تلاميذه، بأي قول أو فعل، ولنأخذ مثلاً على ذلك عندما يبدأ الأطفال على تقليد معلمتهم في طريقة لعبهم في المنزل مع أصدقائهم وإخواتهم إذ يمثلون بأنهم في المدرسة وتكون واحدة من بينهم تمثل دور المعلمة والباقون التلاميذ وتكون هذه الطفلة متأثرة جداً بمعلمتها من طريقة كتابتها على اللوح وحركات يديها عندما تؤشر على طالب معين في الصف وحتى نبرة صوتها عندما تخاطب أحد تلاميذها،وزيادة على ذلك العبارة التي تكون مردَّدة عند المعلمة والتي تكون محفورة في ذهن الطفلة بحيث تعتبرها أهم عبارة في رأسها إذا كانت تحب معلمتها كثيراً. ومن هنا نعلم مدى تأثير المعلمة على تلاميذها بشكل كبير، وإذا كان العكس وكانت المعلمة أو حتى المعلم يعاملون الأطفال بطريقة غير جيدة فستبقى هذه الأمور في عقولهم وستأثر عليهم كثيراً في المستقبل.

    وهنا سنتكلم عن المعنى الذي قيل قبل بوضوح أكثر، بحيث تفهم طريقة التأثير على الطفل من بداية دراسته حتى نهايتها، فإننا نجد بعض الأشخاص المتعلمين لديهم مشاكل مع أمور معينة، في طريقة كلامهم وتصرفاتهم مما يجعلهم أشخاصاً سيئون للغاية، ويبدأ المجتمع بانتقاداته عليهم وهم لا يعرفون السبب وراء ذلك ويقال عنهم “طلاب جامعات وما بيعرفوا يحكوا كلمتين بالمجتمع أو ما بيعرفوا يحكوا بتهذيب” ولكن ما لا يعرفه المجتمع بأن هؤلاء الطلاب هم نتيجة طفولة لم يعيشوها كما يجب بحيث إذا كان الطفل قليل الإستيعاب أو عنده صعوبات تعلمية فلا يعطون الموضوع أهمية ويخاطبونه بالفاشل منذ الصغر وما لا يعرفونه أنه حتى لو كبر وفعل ما يجب عمله ليصل الى أعلى شهادات له ستبقى هذه الكلمات في ذهنه ترافقه دائماً، وهنا نحن لا نتكلم فقط عن دور المعلم أو المعلمة فقط بل وعن الأهل، لكن حتى الأهل لا يؤثرون على أولادهم أكثر من معلميهم لأن دور المعلم أو المعلمة هنا هو ما يحقق النتيجة الأكبر لأن الكلام الذي يوجهه المعلم الى تلميذه بوجود رفاقه هو ما يؤثر عليه أكثر من كلام والديه له، هنا يبدأ الطفل في بناء أحلامه وطموحاته على أساس الكلام الذي يبقى في ذهنه فإن كان الكلام جميل فيطمح لأمور جميلة في المستقبل وان كان الكلام سيئاً هنا سيخطط للأشياء السيئه التي باعتقاده هكذا سيأخذ حقه من هذا الكلام الذي جرح مشاعره وبالرغم من ذلك، يوجد اطفال لا يستسلموا ليكونوا أحسن من رفاقهم ولفت انتباه المعلمين لهم بأي طريقة.

    ورغم ذلك لا ننسى معاناة المعلم أو المعلمة يومياً لكي يوصلوا لطلابهم الأفكار المهمة ان كانت في الحياة أو  في الكتاب، وهم مضغوطون دائماً من حيث حياتهم وحياة طلابهم، وعدم تقديم لهم رواتب ومساعدات كما يستحقون، فتحية لكل معلم ومعلمة يقدمون كل شيء لتلاميذهم من قلوبهم الطاهرة، ومهما كُتبَ عنكم فلن نصل لتضحياتكم وانجازاتكم مع من يستحق.

فلم أنسى كلمة قيلت لي :

“بأنه لا يوجد طالب فاشل طالما أنه ما زال يحاول “

    والمحاولات هذه يجب أن تكون في سبيل ارساء المحبة والتعاون مع الجميع للعيش بسلام وطمأنينه.

    ولكن قد يتساءل البعض اليوم: هل من المعقول أن تتكيف عقول الملايين من البشر في قالب جامد اساسه الوهم والتصور والتخمين في أمور غيبية يمكن تصورها في اشكال مختلفه، ولذلك كل فئة من البشر تتصورها بصورة محدوده قد لا تتلاقى مع تصورات أخرى لفئات أخرى، وهنا تبدأ المشاكل والمتاعب إذ كل فئة تعتبر نفسها هي الأصح وعلى الجميع أن يلحقوا بها، لإقامت الحروب والدمار والقتل الذي لا يؤدي إلا إلى دمار الجميع.

    وهل من المعقول أن يتقاتل بني الانسان ويفنوا بعضهم بعضاً بسبب مفاهيم وقناعات اكتسبوها في صغرهم على أيادي أهلهم أو على أيادي مربيهم في المدرسة.

    ولو تعمقنا في مسيرة الانسان عبر العصور لتأكد لنا هذا يحدث فعلاً. ولو نظرنا إلى واقعنا الحالي لزدنا يقينا بهذه الحالة المذرية التي يعيشها الانسان “سيد المخلوقات” الذى خصه الله سبحانه وتعالى بخصائص لم يحظى بها أي من مخلوقاته الأخرى.

    والعلاج الواقي لهذه الأمور المدمرة يتوقف على كيفية تربية الاجيال الناشئه وهم في أول مراحل حياتهم. إذ أن ما يرسم للانسان في صغره يبقى في ذهنه مدى العمر. ومن هنا قيل:”العلم في الصغر كالنقش في الحجر”.

وقيل كذلك:”من شبَّ على شيء شاب عليه”.

    ومن هنا نجد أهمية التربيه سواء في البيت أو في المدرسة. وهذا كذلك يرينا اهمية المعلم والمعلمة اللذين يمكن اعتبارهما مفتاح سعادة ونجاح الحياة.

وقد صدق من قال:”من علمني حرفاً كنت له عبداً“. وعن مربية المنزل الأم، قيل:”الأم مدرسة اذا اعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق”.

    والآن، وبهذه المناسبة يجب ألا ننسى دور الاعلام في التأثير على التربيه والمفاهيم عامة وخاصة عند الاجيال الناشئه. وهنا نأمل من المشرفين على الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، أن يحرصوا على متابعه ما ينشر، ودراسه ما يمكن تأثيره على طبقات المجتمع كافة.

والله نسأل الهدايه للجميع.

6

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …