ليلة “يلدا؛ ميلاد الشمس

 

ساعاتٌ وينقضي الخريفُ ليحلَّ الشتاء
ليت كورونا تنقضي مع حلول “يلدا” الشتاء

الدكتور عباس خامه يار

يحتفلُ الإيرانيون في ليلة 21 من شهر ديسمبر من كل عام ومنذ آلاف السنين، بانتهاء فصل الخريف وبداية فصل الشتاء. هذه الليلة هي أطولُ ليلةٍ في السنة، وتحكي الأسطورة عن الديانة الميترائية بأنّ إله النور تفوّق في هذه الليلة على إله الشر والظلام “أهريمن”.


تطول سهرةُ العائلة في هذه الليلة فلا ينامون بل يحاولون أن يبقوا مستيقظين تعبيراً منهم ورجاءً بأن تشرق الشمسُ سريعاً بعد طول انتظار؛ الشمس التي بلغت في هذه الليلة كهولتَها، ومن هنا كان وجود الكبار ركناً أساسياً من عادات ليلة يلدا. فكبار السنّ يقصّون على أبنائهم وأحفادهم الحكايات والأساطير ويقرأون الشعر الفارسي لاسيما شعر حافظ الشيرازي ويتفألون بديوانه.
أما المأكولات التي اتسمت بها هذه الليلة من الشتاء، فهي الفاكهة الحمراء مثل الرمان والبطيخ والتي تلعب دوراً أساسياً في إبقاء الإنسان يقظاً فلا يشعر بالنعاس، إضافةً إلى دلالة الرمان كونه رمز الخصوبة والولادة والفرح، والبطيخ رمزاً للحرارة التي تحمي من برد الشتاء. وهي فاكهةٌ يعتقد الإيرانيون بأن من يتناولها في هذه الليلة تحديداً، فإنه يبقى بمأمنٍ عن الأسقام والأمراض طوال العام. إلى جانب ذلك، تتكون سفرة يلدا من المكسرات والحلويات والشاي والفاكهة.
وقد أطلق أبو الريحان البيروني فيلسوف والعالِم الفلكي في القرن الرابع الهجري الشمسي على ليلة يلدا اسم “الميلاد الأكبر” ويقصد به الثورة الشتوية، واللافت أنها تتزامن مع أيام ميلاد السيد المسيح عليه السلام، حتى ان الأسطورة الرومانية تقول إن جماعةً من كبار السن والأولياء الصالحين يتوجهون إلى هضبةٍ بملابس جديدة ومراسم وطقوس خاصة يرفعون أيديهم إلى السماء داعين بأن تنزلَ عليهم ذلك القائد الكبير لإصلاح بني آدم، وكانوا يؤمنون بأنّ من دلالات ميلاده، نجمةٌ فوق قمة جبلٍ يسمى “الجبل الفيروزي” فيه شجرةٌ جميلةٌ جداً وكبيرة (سرو أو صنوبر).
ليلةُ يلدا والأسطورة وتقليد صلة الرحم ولمّ الشمل، ليس يُعنى بها الشعب الإيراني فقط، وإنما هي احتفاءٌ تاريخيٌّ بالإنسان، بالطبيعة، بالشمس التي ترمز إلى رحمة الله، وبكل المعاني التي جعلت من هذه الليلة ليلةً خاصةً من السنة، تحملُ أجملَ الدلالات والإشارات.

شاهد أيضاً

وليد جنبلاط واستقبال كبير في عاصمة الأم الحنون للموارنة

بقلم ناجي أمهز المقدمة وأتحدث هنا عن زعيمي هما الشهيد رشيد كرامي ووليد جنبلاط رشيد …