أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

 

خضر إبراهيم حيدر
*إعلامي وباحث في الإعلام المعاصر وشاعر، مواليد طيردبا – صور 7/5/1964 .
*حائز على إجازة بالصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية عام 1990.
*مدير تحرير مجلة ” الأمن ” اللبنانية منذ عام 1997 .
*مدير تحرير مجلة”الدراسات الأمنية” اللبنانية عام 2020.
*مدير الصفحة الثقافية في جريدة “الشرق” اللبنانية بين عامي 1990 و 2001 .
*عضو نقابة المحررين اللبنانيين منذ عام 2000 .
*حائز على ميدالية العطاء الثقافي من وزارة الثقافة اللبنانية عام 2000 .
*لي كتاب بعنوان” الميديا… مفهومها المعاصر وعلاقتها بالإعلام الكلاسيكي”، صدرعن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية – بيروت عام 2018.
*لي ديوان شعر قيد التحضير للطبع الأول بالفصحى والثاني بالمحكية.
*نشرتُ مقالات وتحقيقات في عدد من المجلات اللبنانية بين عامي 1987 و1992 .
*كتبتُ في عدد من الصحف والمجلات العربية بين عامي 1992 و1997 .
*أنشرُ مقالات ودراسات فكرية في مجلة ” الاستغراب ” الفصلية.
*أشرفُ على مراجعة كتب فكرية وثقافية  ودراسات وأطروحات جامعية.

 

الإعلامي الشاعر خضر حيدر لـ”كواليس”:

-الشعر رحلة الخيال في البحث عن الحقيقة

-الإعلام في هذا الزمن لعبة كل من حمل جهازاً أو هاتفاً

-أرفض الرقابة المفروضة وأؤيِّد الرقابة الذاتيَّة 

 

 

 

*من هو الإعلامي الشاعر خضر حيدر، كيف تُعرِّفه ببضع كلمات؟

-هو إنسان، فالإنسانيَّة هي الأصل، والكلمة هي البدء، وإقرأ هو الفعل الآمر الأول. من هنا كان الإعلام، وكان الشعر، وكانت الحياة.

 

*وكيف تسنَّى لإنسانك أن يدخل عالم الإعلام والكلمة؟

-بدأت بذور اللغة تنمو في داخلي منذ الصفوف الأولى بمدرسة القرية، حيث كانت الطبيعة الريفيَّة هي المُلهِمة، وكانت تتراءى إليَّ من النافذة فتأخذني في غفلة من الأساتذة والرفاق، من دون أن تُخلَّ بتفوُّقي الدراسي. وكنت أشارك في كتابة مواضيع الإنشاء وأنال التقدير والثناء، كما أشارك في احتفالات الأعياد، كعيد الأم وعيد المعلم وعيد الاستقلال، بكلمات لفتت أساتذة اللُّغة العربيَّة فشجَّعوني كثيراً.
أما دخولي عالم الإعلام والكلمة فجاء متأثِّراً بالبيئة البيتيَّة، حيث سبقني إليه شقيقاي المفكِّر الدكتور محمود حيدر، والصحافي إسماعيل حيدر في جريدة “البيان” الإماراتيَّة بدبي، وسرتُ على تلك الخطى قبل دخولي كليَّة الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانيَّة ونيلي إجازة في الصحافة، مع الإشارة إلى أنَّ شقيقي الأكبر سعيد حيدر هو أيضاً شاعر بالمحكيَّة، ولديه ثلاثة دواوين.
وقد عملت في صحف ومجلات لبنانيَّة وعربيَّة، وتولَّيت مهامَّ عديدة منها مسؤول الصفحة الثقافيَّة في جريدة “الشرق”، وسكرتير التحرير في مجلة “نادين”، على مدى سنوات، وخلال تلك الفترة، وتحديداً في العام 1997، تعاقدت مع قوى الأمن الداخلي للعمل كمدير تحرير مجلة “الأمن”، ولا أزال حتى اليوم.

 

*لو تحدَّثنا عن مجلة “الأمن”، لمن تتوجَّه مواضيعها، وهل هي مخصَّصة لرجال الأمن؟

– المجلة تصدر عن المديريَّة العامَّة لقوى الأمن الداخلي، بالتعاون مع المديريَّات العامَّة لأمن الدولة والجمارك والدفاع المدني، وهي، بطبيعة الحال، تنشر نشاطات هذه المديريَّات، لكنها فضلاً عن ذلك تنشر مواضيع وقضايا وتحقيقات متنوِّعة، تهمُّ مختلف شرائح المجتمع، وتشمل السياسة المحليَّة والدوليَّة والاقتصاد والبيئة والعلوم والطب والتاريخ والثقافة والفن والرياضة، وحتى التسلية. وتصدر عن المجلة أيضاً مجلتان أُخريان هما “فتى الأمن” التي تُعنى بالجيل الصاعد، و”الدراسات الأمنيَّة” التي تنشر أبحاثاً ودراسات أمنيَّة وعلميَّة واستراتيجيَّة.

 

*أصدرت كتاباً عن الإعلام بعنوان “الميديا”، من هنا أسألك: كيف تقيِّم دور الميديا في التأثير على الدول والشعوب، وخصوصاً في السنوات الأخيرة؟

-هو في الواقع دور ملتبس، تتشابك فيه المعلومة بالشائعة بالخبر الكاذب، ما يجعل الحقيقة في أحيان كثيرة في مهب الريح. فالإعلام هو اللُّعبة المفضَّلة للدول، وأيضاً منصَّة للأحزاب والمنظمات المختلفة التوجُّهات، والأخطر هو تمكُّن التنظيمات الإرهابيَّة من استغلاله في عمليَّاتها الإجراميَّة، وفي الترويج لأفكارها المدمِّرة.
في الواقع، كان لوسائل التواصل الاجتماعيِّ دور انقلابيُّ في مفهوم الإعلام المعاصر، بحيث صار كلُّ من يحمل جهازاً أو هاتفاً، مهما كان مستواه العلميُّ والثقافيُّ، قادراً على بثِّ الخبر أو الصورة أو الفيديو الذي يشاء، متى شاء، ومن دون حسيب أو رقيب، بغضِّ النظر عمَّا إذا كان ما ينشره صحيحاً أم كاذباً، وبغضِّ النظر عن النتائج السلبيَّة، لا بل الكارثيَّة، التي تنجم عنه في غالب الأحيان. لذا، يمكن القول، بأسف، أنَّ الإعلام دخل مرحلة الفوضى والتردِّي، الأمر الذي يوجب على المعنيين به وضع معايير أو بروتوكولات ضابطة أو منظِّمة لممارسته، بدل ترك الحبل على غاربه.

 

*والشِّعر، متى أتاك وحيُه، من أين، وكيف؟

-الشِّعر أمر مختلف، فليس بمقدور الفرد أن يقرِّر اتِّخاذه وجهة حياة، ولا أن يصنِّف نفسه من أبناء هذا العالم الواسع الغارق في الخيال بحثاً عن الحقيقة، حقيقة أن ينوجد ويحسَّ ويكتب وتصل كلمته إلى العيون والآذان القلوب. لذا، أرفض أن أصف نفسي سوى بأنني إعلاميٌّ كوني اتَّخذت الإعلام منذ البدء هواية، فدراسة، فمهنة أعتاش منها. أمَّا الشعر فأترك تصنيفي به لمن يقرأ ما أكتبه وأنشره، وأنا راض بالحكم الذي يصدر من المتلقِّين.
أمَّا سؤالك عن وحي الشِّعر فهو يأتي من كلِّ ما حولي، من الخَلق الجميل المتمثِّل بالأم والمرأة والحب والطبيعة والجمال، ومن المواقف التي تستثير الحبر في تفاصيل الحياة اليوميَّة، وفي معاناة الإنسان والوطن، وفي كلِّ خيال يعنُّ على باله أن يغزوني في غفلة من الواقع.

 

*وهل تذكر أول قصيدة أو خاطرة، متى ولمن كانت؟

-الذاكرة ملأى بصور ومشاهد ووجوه وحروف، ولا تسعفني الذاكرة في استرجاعها، لكن أغلب الظنِّ أنني كتبتها على هيئة خربشات لرفيقة الصف.

 

*علمنا أن لديك مجموعتين شعريَّتين قيد التحضير للطبع، الأولى بالفصحى والثانية بالمحكيَّة، أين ثار قلمك أكثر؟ وماذا تخبرنا عنهما؟

– صحيح؛ المجموعتان جاهزتان منذ ما قبل سنتين، لكن الأزمات المتلاحقة، من جائحة “كورونا”، إلى اندلاع الحراك في 17 تشرين وما تبعه من تداعيات على الوضع الاقتصاديِّ والمعيشيِّ، وصولاً إلى ما نحن فيه اليوم من تدهور كارثيٍّ بفعل المنازعات السياسيَّة والانهيارات الماليَّة، كل ذلك للأسف حال دون إرسال المجموعتين، أو إحداهما على الأقل، إلى الطبع، على أمل حدوث انفراج قريب يسهم في إعادة دورة الحياة إلى طبيعتها، وأقوم بهذه الخطوة، علماً أنني أنشر قصائدَ وومضاتٍ بشكل شبه يوميٍّ في صفحتي على “فايسبوك”.
أمَّا عن سؤالك: أين ثار قلمي أكثر؟ فأجيب بأنَّ الفصحى هي الأصل في كتابتي، لا بل إن الكتابة بالمحكيَّة راودتني لاحقاً. وأرى أنَّ التعبير بكلتيهما قائم على روح واحدة، أي الإحساس بالحرف والمعنى والصورة قبل الرسم بالحبر.

 

*يقول الكاتب إحسان عبد القدوس” الثقافة هي نوع من الإرادة.. إرادة التمرُّد”، هل نستنتج من ذلك أنَّ مجتمعاتنا خاضعة لأنَّها لا تعطي الثقافة بُعدها الواسع؟

-حقَّاً، الثقافة تمرُّد لأنَّ المعرفة نقيض الجهل، وبالتالي هي كوَّة الضوء التي يمكننا بواسطتها اختراق الظلام. وأرى أنَّ خضوع الكثير من مجتمعاتنا عائد إلى استسلامها لنمط الحياة الاستهلاكيَّة واعتبار الثقافة ترفاً، حتى أنَّ الكثيرين يعتمدونها للبرستيج ليس إلَّا. لذا، علينا أن نثقِّف أنفسنا لنعرف كيف نتمرَّد، وبالتالي نصل إلى الهدف المرتجى.

 

*هل ترى أنَّ المثقَّف اللبناني والعربي يقوم بواجبه في ظلِّ الظروف الراهنة؟

-المثقَّف فرد من هذا المجتمع، يصيبه ما يصيب الفلاَّح والعامل والمعلِّم والصناعيَّ، وبالتالي من الطبيعيِّ أن تنعكس عليه الأزمات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والماليَّة والسياسيَّة، وتحدَّ من مساره وحركته التغييريَّة. من هنا أرى أنَّ مثقَّفينا يحلِّلون القضايا على طريقة “بالتي هي أحسن”.

 

*هل شعرت يوماً بوضع خطوط حُمر أمام قلمك؟ وما رأيك بالرقابة على الكتابة؟

-أنا مفطور على الحريَّة. منذ اليفاعة لم أُوقِع نفسي في سلاسل الانتماءات الجِهويَّة أو الفئويَّة، وعليه لم أشعر يوماً أنَّ خطاً أحمرَ قد وقف لي بالمرصاد، ليس لأنَّني مستند إلى قوَّة دعم ما، بل لأنني أعتمد الحريَّة الحمراء المتَّزنة، أي غير المتهوِّرة ولا المسيَّرة من أحد ضدَّ آخر. حريَّتي ملكي لكنها تعرف حدودها الأخلاقيَّة ولا تتعدَّاها إلى ما يضرُّ بالآخرين.
أمَّا الرقابة فأرفض أن تُفرَض من قبل أيِّ سلطة أو جهة على كاتب أو صحافي أو شاعر، وإن كنت أؤيِّد مبدأ الرقابة الذاتيَّة، وأعتبره واجباً أخلاقيَّاً، بمعنى أن يراقب الإنسان نفسه قبل الإقدام على فعل ما، أو كتابة مقال، أو نشر تقرير أو فيديو أو صورة قد يكون لنشرها آثار خطرة.

 

*أترك الختام لك بقصيدة تُهديها إلى قراء “كواليس”.

-الاختيار محيِّر فعلاً، لكن لأنَّ زمننا هذا هو زمن التقلُّبات في المواقف والوجوه والسياسات، حيث  تكثر مظاهر الإدعاء والتلوُّن، أختار قصيدة عنوانها “لا يشبهك”:

لا يُشبِهُك
______
لا يعرُفك
لكنه- مُتلبِّساً ثوبَ الوداعةِ-
يحتويكَ هاتفاً:
إنِّي مثالُك في الهُويَّة والهوايةِ والهوى
كم أُشبهُك…

لا، ليس يملكُ ذرَّةً من ملحكَ
الذي ألقتهُ في يدكَ الحياةُ وباركتكَ بسرِّه
لكنَّه خبَز التلوُّنَ في أتون دهائه
ومضى يلقِّمكَ السرابَ
وظنُّه أنَّ الضباب يتوِّهُك…

هو يزرعُ الدرب الذي تمشيه
بالإثم المزيَّن ليس إلَّا
هو يحجبُ الشمس التي تُؤويك
كي يُبقيكَ ظلاَّ
هو من عُتاةِ المارقين
فلو صدقتَ يحوِّر القول الذي قد قُلتَهُ
شكَّاً بآيات اليقين
ولو كفرتَ يؤلِّهُك…

ذاك الذي لبس القناع
ثم أهداك المرايا قائلاً:
هذي  التي تراها أوجُهُك
لا يَعرفُك
…لا يُشبهُك!

 

🌿تحية كواليس🌿

الجدية المسؤولة التي يتحدث بها الإعلامي الباحث الشاعر خضر إبراهيم حيدر تعكس إلتزامه الكامل بمهنته التي بدأت تعبث بها حروف العابثين المتهورين واصفاً المرحلة ببدء الفوضى في عالم الإعلام الذي يعتبر السلطة الرابعة لما لدوره من أهمية في تشكيل المجتمع بحيث وكما ذكر بأنه منصة وبوق ورسالة وتلميع وتشهير وأبواق ناعقة صارحة كاذبة وأخرى هادية هادئة هادفة وكل المتاح من أوصاف تتراوح بين الإيجابية والسلبية وهذا ما يعانيه الذين أتخدوا من مهنة المتاعب طريقاً قد يعرف بعضهم إلى أين يريد الوصول والبعض الأخر يتوه في مجطات قد تأخذه للبعيد البعيد ولا يعرف العودة إلى نفسه وقيمه.

اللقاء رغم هدوئه يجمل بين طياته تجربة غنية صادقة راغبة في التعيير كما يشكل إختلافاً عما سبقه من حيث إعتبار الإعلام أدب المخاطبة والرسالة ونقل الخبر بموضوعية وعدم التحيز ليكون شفافاً يترك للقاريء نقاء الرأي. والخميلة الظليلة الوارفة في جدية الإعلامي حيدر رهافة شعره المجنحة في سماوات الفكر الهارب بحرية من قيد الخبر وثقل الرسالة.

وتبقى التحية الأكبر للشاعرة رانية مرعي التي تجيد الجوار بكثافة المعرقة وكل الإحترام.

فاطمة فقيه

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …