“عاصمة عبد الحميد الثاني” …الدراما التاريخية التركية ورسائل سياسة أردوغانية متعمدة!

 

بقلم//جهاد أيوب

لا تزال الدراما التركية تحصد نجاحاً واسعاً في البلاد العربية، هي تعرف تسويقها كإدارة انتاجية، وأيضاً مشروع حكومة الرئيس اردوغان تتعمد إنتاج الأعمال التاريخية دون تردد، وتنفق عليها بسخاء كرسالة لمشروع ثقافي سياسي، وقد نجحت في المساهمة بتقديم مجموعة أعمال غاية بالتشويق الفني، وبالاحداث التاريخية الكثيفة التي تفرض على المشاهد المتابعة دون ملل، وبتقديم وجبات تاريخية تركية تصفع الحاضر!
الدراما التاريخية التركية هي مشروع سياسي ذكي، تتضمن رسائل واضحة، والأهم أن الأتراك لا يخجلون من سرد تاريخهم حتى لو تضمن المزيد من الخيانات الداخلية والعائلية، والدماء والجرائم المتكررة وأبناء الخطيئة والسفح… يتعاملون مع الدراما كدروس للحاضر، وكنافذة للمستقبل من أجل إثبات خطواتهم الثقافية في مشاريع سياسية مقبلة…!
وقد نجح الرئيس أردوغان بأن يقدم الامبراطورة العثمانية في الدراما على عكس ما هي عليه في الكتب، وهذا يعني إدراكه لأهمية الشاشة الفضية، وما تتركه من أثر في عقل وفكر المشاهد خارج خارطة حدود الدولة التركية، هو يدرك أن للفن هجماته الحربية الناعمة، ويؤسس لمشاريع ستفرض بسهولة الوجوه الفنية!

 

ولو أخذنا المسلسل التاريخي التركي الضخم “عاصمة عبد الحميد الثاني” – يتحدث عن عهد السلطان عبد الحميد الثاني آخر السلاطين والخلفاء الفعليين في الدولة العثمانية، ومساعيه في سبيل نصرة الأمة الإسلامية ومواجهة دسائس الغرب واليهود لإسقاط الخلافة الإسلامية – نجده يقدم وجبات سياسية واجتماعية غاية بالخطورة، ويبرز واقعاً اجتماعياً حساساً دون خجل، ودون فبركات تلمع الزعيم والحاكم، وخارج تشويه الحقيقة!
هو من الاعمال المهمة تنفيذاً وفكراً وطرحاً، ويقدم حكاية عشق عبد الحميد للقدس وللإسلام والنبي محمد بشفافية جاذبة، ويعالج قضية إدارة الدولة برؤية واقعية، ويطرح مؤامرات الغرب واليهود بكل جرأة ووضوح وعلانية داخل اللعبة الدرامية، ويتطرق إلى الخيانات الداخلية ودور الخارج دون تحفظ وخارج المجاملة التي اعتدناها في دراما العرب!
والأهم معالجة اقتحام الماسونية الإرهابية للدولة وللمجتمع وللقيادات الحاكمة والشباب الذي سيتولى الحكم في المستقبل، وكيف يتم تشويه صورة المسلمين في الغرب لغايات سياسية وتحديداً في بريطانيا، وكيف اغتالت الماسونية الرئيس الأميركي ماكينلي من ماسوني روسي واتهام الإسلام إعلامياً كما حالنا اليوم، وتحديداً اتهام عبد الحميد بقتله من خلال تنفيذ المسلم محمد ميب!
فنياً العمل غاية بالموضوعية حتى لو اختلفت مع بعض الطروحات السياسية والتاريخية!
العمل في هذا الوقت متعة وفيه الكثير من الدروس الاجتماعية والسياسية…والغريب أن الأتراك بنوا مجدهم من خلال خياناتهم لبعضهم كما تصور أعمالهم الدرامية التاريخية، وهذا يقدم نتاجهم الدرامي بمصداقية عالية حتى لو صدمتنا!
الدراما التاريخية التركية وجب الوقوف عندها مطولاً ليس فقط لجودة أداء الممثلين، والصورة، بل من خلال ما يقدمونه من مضامين واضحة في تركيب العمل، وفي الطرح السياسي عبر التاريخ الذي حكم وقد يحكم!

شاهد أيضاً

*تيار الفكر الشعبي* في لبنان يشارك في لقاء حواري.

احيا “الائتلاف اللبناني الفلسطيني لحملة حق العمل للاجئين الفلسطينيين في البقاع ” مناسبة عيد العمال …