العبثية تحوّلت الى أزمة خسائر على لبنان.. بالأرقام

 

الحكومة محمية أميركياً والسعودي يُصارع المستنقع اليمني والتجربة الأفغانية أقرب

قطر توفد وزير خارجيتها لبيروت لحل الأزمة اللبنانية ـ السعودية الخليجية

تحقيق ـ أحمد موسى

حاراً جداً يبدو مناخ غلاسكو على السعودي، فقمة المناخ التي تبحث الاحتباس الحراري والتلوث البيئي في اسكتلندا البريطانية لم تغب عنها الانبعاثات السعودية الملوثة للاعراف والعلاقات الدبلوماسية، لا سيما بين الرياض وبيروت، فـ”إمعان السعودية خنق اللبنانيين اقتصادياً ليس بجديد”، فعمره منذ تاريخ /28/04/2021 تحت ذرائع وحجج واهية، ومنذ ذلك، السعودية “تمنع المنتجات الزراعية والصناعية ليس دخولها بل وحتى عبورها ـ ترانزيت ـ في أراضيها إلى الدول المجاورة”، وفق رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم الترشيشي لـ”كواليس”، إلا أن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي كان “الشعلة” التي كانت “الذريعة” للإنقظاظ على لبنان والسيطرة والهيمنة عليه، ومن دواعي تلك الأزمة استجدت بقاعاً، مع حصاد وتخزين مواسم القمح، والخضراوات والفاكهة وغيرها فضلاً عن الانتاج الصناعي، وقد علت صرخة غضب المزارعين لإيجاد حل سريع او سيكون مصير محاصيلهم الكساد وخسارة تقدر بملايين الدولارات.

معالجة الأزمة مع السعودية والخليج مستمرة

*عبثية النظام .. إجرامية القرار*
وبين خيارين كلاهما مر يتخبط النظام السعودي في “فرض قراره” الذي اتخذ كعادته من حربه العسكرية العبثية على اليمن إن لم تكن “الإجرامية” ليستتبعها بحربه العبثية الإقتصادية على لبنان هاربا الى الامام من حربه العبثية على اليمن، وما كان يمني النفس به عبر صراخ وتهويل سياسي يرهب به اللبنانيين، تلاشى سريعا وتفاجأ أن في هذا البلد غير مرتزقته الجاهزين لتنفيذ رغباته قبل اوامره، فصعب عليه الامر بين ان يكمل في حربه العبثية الجديدة ضد اللبنانيين، والتي لا أفق لها، وان يبحث عن مخارج للعودة الى ما قبل فعلته بل انفعاله، ضنّاً منه تحقيق أهدافه وحفاظاً على ماء الوجه مسرعاً الخطة قبل أن يتركه ـ سيّده ـ الأميركي ـ وحيداً في مستنقع الهزائم والعبثية والإجرام، والتجربة الأفغانية ليست بعيدة.
وكلُّ انبعاثاتِ غلاسكو مطابقةٌ لمناخِ الحكومةِ اللبنانية، فهل ما قدّرتهُ الارصادُ السياسيةُ حولَ المنخفضِ السعوديِ المسيطرِ على لبنانَ لا يعدو كونَه عاصفةً رعديةً عابرة؟، فما عبَّرَ عنه وزيرُ الخارجيةِ الاميركيةِ انطوني بلنكن لرئيسِ وزراءِ لبنانَ نجيب ميقاتي “أوحى كأنَ بلادَه لم تَسمع بالغضبِ السعودي الساطع”، او لم تُقدِّرْهُ على نحوِ ما يَقيسُهُ بعضُ المرتجفينَ في لبنان، او انها ارادت ان تبعثَ برسالةٍ للاميرِ المشاكسِ بأنَ واشنطن “تدعمُ استمرارَ جهودِ الحكومةِ اللبنانيةِ في اعادةِ الاستقرارِ وتحقيقِ التعافي الاقتصادي والمفاوضاتِ الجاريةِ معَ صندوقِ النقدِ الدولي وصولاً الى تنظيمِ الانتخاباتِ النيابيةِ بحسَبِ بلنكن”.

 

*ميقاتي يسبق القطري إلى بعبدا وعين التينة*
عبثبة الأزمة الدبلوماسية منذ اربعة وخمسين عاما، فرضت أوزارها على دول خليجية ضد لبنان على قائمة العقوبات السياسية الاقتصادية، ترازحت بين طرد للسفراء، وسحب للدبلوماسيين، وإقفال المعابر البرية والبحرية أمام المصدرين والمستوردين، وصولاً إلى إقفال الأجواء لتنفذ إطباقاً كاملاً على لبنان الذي أطبق على المحتل الإسرائيلي والتكفير فسحقهم.
إن ما فعله الوزير جورج قرداحي ليس السبب الحقيقي لما يجري مع لبنان اذا – قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بل “المشكلة استمرار هيمنة حزب الله على النظام السياسي” مسقطاً بذلك كل “الادعاءات الواهية ومنابر اتباعه البالية”، وحول المعركة الى مكان آخر، يعرف انه قد خاضها بألف حيلة وحيلة وخاب، والمشكلة انه يعود ليخوض التجربة ذاتها وبالادوات نفسها، ويتوقع نتيجة مغايرة؟.

 

 

في السياسة لم يتغير شيء، فاستقالة الوزير جورج قرداحي “غير واردة” حفظاً لسيادة لبنان، والحكومة “محمية بقرار اميركي فرنسي”، و”فتح قنوات ديبلوماسية مع دول الخليج” وفق نيد برايس، وأهل السيادة الحقيقيين في لبنان “لن يغيروا ولن يتغيروا”.
ومع انتهاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، سيضع اليوم رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري “نتائج حراكه الدولي”، تتبعه وساطة قطرية من خلال الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية القطري الى بيروت موفدا من الشيخ تميم بن حمد لبحث “الازمة اللبنانية ـ السعودية”.
سباق قطري مدعوم أميركي ـ فرنسي ـ غربي، على وقع رياض العزة اليمنية اخبار تسابق الايام عن انجازات الجيش اليمني واللجان مع وصولهم الى ابواب مدينة مأرب لتحريرها من مرتزقة العدوان، وتوجيه اقسى صفعة لقتلة الشعب اليمني .

*أزمة الخسائر*
وعلى وقع الأزمة المفتوحة مع الدول الخليجية التي تعتبر السوق الأساسية لمعظم صادراته، سبقها تراجع الميزان التجاري اللبناني كثيراً ليصل إلى حوالي 7.5 مليارات دولار عام 2020 نتيجة تراجع الاستيراد وتدهور سعر صرف الليرة، إذ يقول نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش “إنّ الصادرات إلى المملكة العربية السعودية وصلت في عام 2020 إلى 240 مليون دولار معظمها من المواد الغذائية، في وقت توقع الصناعيون أن يرتفع حجم الصادرات إلى 500 مليون دولار عام 2022 مع انخاف قيمة العملة الوطنية ودخول خطوط إنتاج جديدة على الصناعة اللبنانية من معقّمات ومواد تنظيف وأدوات ومستلزمات طبية.”
أما رئيس هيئة تنمية العلاقات اللبنانية – الخليجية إيلي رزق، يوضح أنّ الخسائر التي ستلحق بالاقتصاد اللبناني لا تقتصر فقط على قطاع التجارة، فحجم الصادرات إلى دول الخليج قاربت 1.2 مليار دولار من أصل 3.7 مليارات دولار هو الحجم الاجمالي للصادرات في 2020.

 

 

*أرقام*
وارتفعت الصادرات اللبنانية، وفق بيانات “مركز التجارة الدولية”، إلى المملكة، من حوالي 286 مليون دولار إلى حوالي 289 مليون دولار بين 2018 و2019، لتصل إلى 247 مليون دولار في 2020. وتصدرت الفواكه والخضار لائحة الصادرات في العام 2020 بحوالي 36 مليون دولار، فيما كان مجموع الصادرات الإجمالية في العام الماضي 3.8 مليارات دولار وفق المصدر ذاته، أما واردات لبنان من السعودية، فقد تراجعت دراماتيكياً خلال 2018 و2019 و2020، من 506 ملايين دولار إلى 344 مليوناً وصولاً إلى 183 مليوناً على التوالي، وكانت البلاستيكات على رأس لائحة الواردات بقيمة 62 مليون دولار.
حظر زراعي سابق
ويشرح المرصد الدولي للعلاقات الاقتصادية أن صادرات المملكة العربية السعودية إلى لبنان خلال الـ24 عامًا الماضية زادت بمعدل سنوي قدره 5.99%، انطلاقاً من 65 مليون دولار في عام 1995، فيما زادت صادرات لبنان إلى المملكة العربية السعودية بمعدل سنوي 4.92%، من 89 مليون دولار في 1995.
إلا أن الإجراء السعودي لم يكن استثنائياً، إذ أعلنت المملكة في إبريل/ نيسان الماضي حظراً على استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، بسبب “تهريب المخدرات”، ما أدى إلى إغلاق سوق كبيرة للمزارعين اللبنانيين.
وتشير دراسة لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، وفق ما رصدته مجلة “كواليس”، إلى أن حجم الصادرات اللبنانية إلى مجلس التعاون وصل إلى 891 مليون دولار في العام 2012، وشهد تقلبات بسيطة خلال السنوات اللاحقة ليصل في العام 2020 إلى 931 مليون دولار، فيما سجل منذ مطلع العام 2021 حتى فبراير/ شباط الماضي 140 مليون دولار، بالتوازي، سجلت واردات لبنان من دول مجلس التعاون 1.5 مليار دولار في العام 2012، لتصل العام الماضي إلى مليار دولار، فيما سجلت منذ مطلع 2021 حتى فبراير الماضي 211 مليون دولار.
أمر يُبيّن إن “تداعيات القرار السعودي ستلقي بثقلها على الصناعة اللبنانية والمنتجات الغذائية والزراعية”، وإن الكلفة الاقتصادية والمالية على لبنان “ستكون باهظة الثمن”، وتُشكل “ضربة اقتصادية قاسية للقطاعات الإنتاجية في البلاد، لا سيما الزراعية والصناعية”.

 


*400 ألف عامل لبناني في دول الخليج*
الآثار الاقتصادية لا تتوقف عند التجارة والاستثمار، إذ يوجد ما يقدر بنحو 15 مليون لبناني يقيمون في الخارج، وتمثل التحويلات ما يقرب من 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان، مع ما يقدر بنحو 400 ألف عامل، تعد دول مجلس التعاون الخليجي مصدراً رئيسياً للتحويلات اللبنانية، وأن ما يقرب من ثلثي هذا الدخل يأتي من دول مجلس التعاون، ومعظمها من السعودية.

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …