ادباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

 

ديانا ياغي مولودة عام ١٩٦٥ تمهًّلتُ على الشعر حتى عام ٢٠١٤ لأخطَّ أول ديوان” تراتيل ديانا ”
ظلَّ الشعر يؤرقُني،أهرب منه فيلاحقني، فتكدسّت القراطيس، جمعت بعضها، وفي عام ٢٠١٦ كان ديواني الثاني، “تراتيل على بتلات الأمنيات” ضمَّ خواطر وتأملات…
ديواني الثالث عام ٢٠١٨ “همسٌ في الغابة” ضمَّ خواطر، ومضات ،وقصائد نثرية .
ديواني الرابع سوف يبصر النور قريبًا .

مقطوعاتي قديمة الجذور، تبرعمت في عهد الصَّبا، صبية حملت أعباء المدرسة والفروض وأعباء البيت، حيث كانت والدتي مريضة .
واستمرّت ثنائية الأعباء بعد الزواج وأخذت مكاني كربَّة بيت أعطف على زوج وأولاد وأحفاد .

أتاني الشعر، طرق بابي، صدَّيته، إذ لم أكن قد لبست لامة المعركة مع مجتمع وقوفيّ لا يقرأ الأدب ولا يقرَب الثقافة ، “مجتمع دجاج مناقيرها من حديد”..
خفتُ من إعراض الناس عما أكتب في الأربعين من العمر، خشيت التفسيرات الخاطئة ممن يقرأ.
رحتُ أغرد كعصفورة سجينة تفلّتت من قفصها لتُحلَّق في فضاء النور والريح ، وبدأ المشوار .

 

الشاعرة ديانا ياغي:

لن تفِّك عقدة العقل العربي في تقبُّل الآخر طالما هناك أنظمة طائفية، وسياسية، ودكتاتورية، ومذهبية

 

 

*من هي الشاعرة ديانا ياغي نصرالله في سطرين؟

انا امرأة أغواها القلم ….
أتاها كالطيف محمولاً على نغم…
عانق روحها في شوق وفي ألم…
نادم عمرها فوُلِدَت قصائد متشدِّقة بالشجن.

*تمهّلتِ على الشعر لتصدري أول ديوان، لكنّه لم يتمهّل عليكِ .
خذينا معك إلى جمال البداية .

في البداية كان الشعور بالاختناق يحاصرني، والسبب موت أمي،شعرتُ حينها أنه لم يعُد لِذاتي أي وجود. بدأت عملية التيه وأخذت الخواطر والأفكار تفتحُ طرقاً سرديّة للتعبير عن الذات الموجوعة وفق رؤية متمرّدة على الواقع المُعاش، انبثقت من حيث لا أدري قصائد امتزجت بالحزن والقلق، كانت الحاجة إلى الإنفلات من صخب الحياة، كان يقودني إحساس غامض لم أفلح يوماً بتفسيره، وكأنني أرتمي في أحضان لحظة متفلِّتة من سياق الزمن الرتيب، لِتحيي في الذات نشوة الإنجراف نحو تجربة جديدة ألا وهي الكتابة.

*تقولين أنك أصدرت ديوانك الأول في الأربعين .
كيف تشجع شاعرتنا من يدفنون طموحهم خشية مجتمع ناقص عقل وحكمة ؟

نحن نتظاهر بالعلم ونناقض أنفسنا ونظلمها في حين ينظر بعض الجهلة إلى المرأة وكأنها كائن محدود الفكر دون احساس وروح وقلب .
وكأن إبداء العواطف وخلق خيال جامح للبوح عن مشاعرنا مخالفة لتقاليد بالية اعتادوا على غلقِ معابرِها عبر الدهور طوعًا أو كرهًا. لكن الدين والإيمان والعلم لا يسقطون الشعر إلى الحضيض، وأنصح كل من لديها موهبة إلى كسر تلك الحواجز التي تحدُّ من فكرة انتاجها وتخليص روحها من الأعباء الروحية والسمو بها وأن تجاهد في نشر فهمها ومعرفتها بثقة ودقَّة لأنها تُشكِّل نصف المجتمع…

*هل سبق لك وأن قمتِ بتشذيب قصيدة لك مرضاةً للقارئ ؟ خاصة وأننا في مجتمع يجهز الأحكام ويطلقها قبل أن تصله الفكرة ?

في الحقيقة كتبت يوماً قصيدة بعنوان” الأناني”
تليْتُها أمام أحد المقربين، لأُفاجأ بِرأي قاسٍ بعض الشيء وسُئلت لمن كتبتها؟!
في الحقيقة لا يدرك البعض أن الشعر عاطفة وخيال، أحياناً لا نكتب مشاعرنا بل تأتي صورة شعرية كالبرق وتشُّقُ عباب الخيال فنكتب عن تجربة الغير في سياق أدب وجيز أو قصيدة تفعيلة، أو قصيدة عامودية، أو قصيدة نثرية.

*هل يدفع الشاعر أو الكاتب الذي يغمس قلمه بحبر الحريّة ثمنًا لهذا الخيار؟ ومتى برأيك ستُفكّ عقدة العقل العربي في تقبل الرأي الآخر؟

لا حرية من دون مسؤولية، ومسؤولية الكاتب أو الشاعر هي بعث الجمال والبحث عن الحقيقة، وهذا هو التجلّي بحد ذاته حيث ترتدي الحقيقة شتّى ألوان الربيع، نضيف إليها شيئاً من أحاسيسنا ،ونضيء شموع عمرنا على ضفافها لِنُعزِّز مكانتَها، لكن يحصل أن عشّاق العبودية كُثُر إذ يرمونها بوابل من التُهم.
فكم من شاعر أُريقَ حبرُ قصائده على مذبح الإتهام ثمنًا لفكره النيِّر او لتعبيره عمٍّا يجول في خاطره بوضوح وصدق .
برأيي لن تفِّك عقدة العقل العربي في تقبُّل الآخر طالما هناك أنظمة طائفية، وسياسية، ودكتاتورية، ومذهبية.

 

*تحضرين لإطلاق ديوانك الرابع قريبًا.
ما هي الرسالة التي تطلقينها مع هذا المولود الذي ننتظره معك بشغف وحب?

أتحضّر لإطلاق ديواني الرابع الذي يضم ومضات وهي عصارة روحي تعبِّر تارة عن الوجع وطورًا عن الحب وقد تشير الدلالات إلى ما تصبو إليه الذات الإنسانية.
والغاية منها الرؤية الثاقبة لكل ما يعتري الوجدان ،
وكتبت أيضا بعض الخواطر وأشرتُ إلى هذا الكم الهائل من الأوجاع التي تتغلغل في الذاكرة لعل نبضي يستريح من عناء وتعب هذه الأيام العجاف.
وكتبت القصائد النثرية التي فاضت بالأحاسيس والرومنسية، فأمطرت قلبي الصغير بالطّل الشفيف.

 

*المرأة الشاعرة ، برأيكِ تزدادُ رومنسيّةً أو واقعيّةً؟

المرأة الشاعرة تحتاج للواقعية والرومانسية في آن معا فكيف لها أن تحِّن على الورق إن كان حبر القلب لاينبض بالحب؟؟؟
او كيف للمعنى أن يشهق من دون إضافة إحساسها العذب على القصيدة، أو كيف للقوافي أن لا ترقص في حضرة خيالِها الجامح !
أما بالنسبة للواقعية في الشعر فقد تحتاجها المرأة في بعض الأحيان حيث تضطر لِنقل صورة عن الواقع المُعاش إضافة للإستعارات والإيحاءات والترميز لكن الحاجة أكبر للرومنسية حتى لا يصبح الشعر كالإنشاء لا روح تتبختر فيه .

 

*يقول أحمد شوقي : “تهرم القلوب كما تهرم الأبدان، إلا قلوب الشعراء والشجعان ”
ما سرّ الكلمة؟ وما قدسيّة المواقف?

لا تهرم قلوب الشعراء طالما تفيض الذاكرة بكل ألوان الكلام كما يجب أن تصقلها بمخزون من القراءات التي تتيح لنا الفُرَص لابتكار معانٍ تتجدد ولا تتبدد .
لا تهرم قلوب الشعراء طالما الأحلام شاهقة، والأرواح لا تشيخ, والكلمة لا يجِّف عبيرها، والربيع يباغتها بالسناء
والزهور تجثو لروعة قوافيها .
السر في الكلمة أن القصائد تبقى على جدار الخلود لا تفنى في حين أن الأجساد تعانق الثرى .
حتى الشجعان يحملون مدى الدهر في جعبتهم أسماءهم الخالدة، فالبقاء للشجعان والموت للضعفاء.
والمواقف المُشَرِّفة لها قدسيتها إذ إن الأثر الطيب الذي يتركه الإنسان في أي مكان وزمان يُخَلَّد عبر الدهور .

*اذا طلبتُ منكِ أن تخاطبي لبنان، وطننا الغريب بين أبناءٍ عاقين يمعنون فيه تدميرًا وخرابًا، ماذا تقولين؟

لبنان لا تقف عاجزاً أمام غدرهم…
عرفناكَ مخضوضرا بالأماني…
شامخاً، عاليا، كطود اشَّم لا ينحني…
لو رَموكَ بسهام الغدر…
لا تجذع، انهض من رُكام العبودية،
وأشعل فتيل الحرية على جنبات أراضيكَ…

*أترك لك الختام مع قصيدة تهدينها لقراء كواليس .

حيَّرتَ الهوى….
سلبتني الراحة وهنيهات المنى….
أراك تبكي على الأطلال…
ثم ترمي باقات الوِّد على شرفات الضحى…

حيَّرت الهوى ….
تارة يختلجُ قلبكَ ببريق الحنين…
تارة صمتك الدفين يبعثرُ أطياف الشوق ،
فيدثِّرني شالٌ من الأنين….

حيَّرت الهوى…
تدنو مني وتحتويني…
تحررني من خوفي …
فيشرق يقيني…
ثم تلجم مشاعري ببرودة وقسوة….
فيعشِّش الوهم في جوفي شراييني…

حيَّرت الهوى…
من سيضمد جرحك الدامي يوم تحيد عن دربي الرحيب؟؟؟؟
إحترتُ فيك…
لا ضير….
فلا خير في عتب…
إن كنت لا تصون الود وتتنكَّر لكل جميل.

 

🌿تحية كواليس🌿

ما بشد في حواراتك الشاعرة رانية مرعي انك تغوصين تلتقطين ذبذبات ضيفك وتصيغين الأسئلة التي تنبش مكنوناته من دون استفزاز او عرض عضلات فيحلق على وترك مظهراً اجمل ما عنده فيحلو اللقاء وتتجدد اللغة بجمالية الوانها لتنافس بعضها كما انتما

هذه الليلة ممتعة مع ضيفة لا تتعب في اختيار كلماتها التي تنساب بتلقائية ومرونة في رسم قصائدها بريشة العفوية وعمق المعنى الذي يتكيء على مخزون من المشاعر التي لربما ولدت معها واختمرت حتى حان وقت قطافها بنضوج ولا الد.

متناغمتان بجمالية وإبداع كنتما

شكراً لكما 🌹🙏

شاهد أيضاً

طرابلس عاصمة للثقافة العربية

المرتضى بحث مع وفد المنظمة العربية للأسرة تحضيرات اللقاء الثقافي الأسري ضمن فعالية طرابلس التقى …