أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانيا مرعي

شاعر وناقد ، نشر مقالات أدبية،نقدية وشعرية في الصحف والمجلات اللبنانية.
أستاذ الأدب العربي في الثانويات الرسمية والخاصة وأستاذ جامعي محاضر في العلوم اللسانية والتأويلية .
عضو مؤسس في المجلس الثقافي البتروني وأمين سره ، ورئيس قسم شؤون ديبلوم الدراسات العليا في كلية التربية مركز العمادة في الجامعة اللبنانية ما بين ١٩٩٩ و ٢٠٠٣ .


وضع عدة دراسات وأبحاث نقدية ولديه مجموعة شعرية تحت الطبع .
شارك في عدة مؤتمرات حول العلوم اللسانية .
صدر له :
-محمود درويش عصيّ على النسيان
_ زهرة مروة
في مجموعتيها الشعريتين
مقاربة نقدية
_ الشاعرة نسرين الأشقر برباري
في دائرة السؤال
-ريمون شبلي
شاعرًا بين الاشارة والعلامة والعبارة

شاعر مميّز قلمه ينحت الكلمة لتخرج بأبهى المعاني
إنّه الشاعر الرائع ميشال سعادة

في البداية نتساءل عن تجربتك الشعري وكيف ساعدت دراستك في العلوم‏ اللسانية والتأويلية على صقل هذه التحربة ؟

بَدءًا إن عبارة ” تجربة شعرية ” تحتملُ كثيرَ الكلام والتأويل ، لكني ، في هذه العُجالة ، سوف أتوقف عند لفظة ” تجربة “لغويًّا ، فهي مصدر “جرَّبَ ” وتعني الاختبار من “اختبر الشيءَ ” عَلِمَهُ ، امتحنه وجرَّبهُ .
أما لفظة ” الشعرية ” فهي تعود الى ” شِعْر “،
مصدر ” شَعَرَ وشَعُرَ ” ، أي أحسَّ بالشيء أو
عَلِمَ بهِ ، وشَعَرَ للأمر فَطُنَ له . وبما أن الشعرية تجرِبةٌ في الأساس ، فهي لن تتوقف عند حَدٍّ ، ما يعني أن هناك ‏ أيضًا ، بدايةً ولكن دون نهاية . لذا ، أعتبرُ أن تجربتي الشعرية قد بدأت باكرًا ، وما زلتُ أعشقُ اللغةَ ، أحبها
تقبلُ بي تارةً ، وطورًا تعاندني وترفضني .
هذا القبولُ وهذا الرفضُ أعتبرهما يشكلان أساس علاقتي بالشعر . ولا أخفي أن علاقتي بالتجربة الشعرية هي علاقةُ حُبٍّ حقيقية عشتها منذ طفولتي في بيتٍ متواضعٍ ، في قرية صغيرة من أعمال وسط البترون .
وكان ليَ الحظ أن أتعرَّف الى قاموس الارض ومعجم الحقل ، باعتبار أن جَدي لوالدي كان فلاحًا ، جمهوريته الأرض ، وكان مثالي الأعلى ، ولا زال في البال . أما عن مدرستي الأولى في القرية فقد كنا نتعلم العربية والسريانية والفرنسية والحساب . ثم انتقلت الى المدينة في سنٍّ مبكرة ، بعيدا عن الأهل للتحصيل العلمي في معهد يعتمد ” النظام الداخلي ” ، تابعت دروسي ما قبل الجامعية واللافت في الأمر أن لغاتٍ ليست بقليلة كانت مفروضة علينا ، منها العربية والفرنسية ، الإنكليزية والسريانية واللاتينية القديمة .
هذا كله جعلني ذاك العاشقَ للغة التي ، في أساسها ، كانت لغوًا ، ثم ضبطها العربي ” بالتاء المربوطة ” . المهم في الأمر أني كتبت أولى كتاباتي باللهجة المحكية متأثرا بالشعراء يونس الابن ، ميشال طراد ، سعيد عقل إيليا ابو شديد وغيرهم . ثم ، ولا أخفي ، كتبت محاولاتي في الشعر الموزون ، ولكن ، مع الأسف ، هو لم يُرضِ ذائقتي الشعرية ، فانتقلت الى ” فن الكتابة ” ، متأثرا
بأساتذتي في كلية التربية / الجامعة اللبنانية الذين كان لهم الفضل الاكبر في تكوين شخصيتي الأدبية ، منهم انطون غطاس كرم ، خليل حاوي وأدونيس ، على سبيل المثال لا الحصر . ثم كان لدراساتي في العلوم اللسانية
بالغ الأثر ، فاتجهت وجهة ” علم النص ” ، متعمقا في مفهوم الشعرية والدراسات التأويلية . ومن حسن حظي اني انتقلت الى التعليم الجامعي وحاضرت في العلوم اللسانية . وها انا الآن أعتبر ذاتي محصَّلةَ هذي التجارب وهذي الاختبارات . واني لا زلت عاشقًا للغات واللغة العربية تحديدًا ، أكتبها وتكتبني ، تقبل بي وترفضني ، تجاريني وتعاندني ، لكن ، في النهاية ، يغلبنا الحُبُّ ويطغى علينا الوئامُ

من يخرج أولا الى الحياة ، الشاعر أو
قصيدته ؟ أو هما توأمان لا ينفصلان ؟


أرى الى التجربة الشعرية هي الأساس .
وأرى الى الانسان ، منذ كان في هذا العالم ،
‏كان هذا الشاعرَ المبدعَ الخلاق ، بعينه هذه العدسة اللاقطة ، وبحواسه مجتمعةً ، حاول احتواء هذا الوجود ، ناقلًا دهشته وانفعالاته، ومحاولًا ، في الوقتِ عينِه ، ان يكون امتدادًا
‏لهذي الطبيعة التي هو جزء منها لا يتجزأ ، ما يسمح ليَ القول إن العين هي أُسُّ تجربته الشعرية والفنية ، وإن الانسان ، بتجربته ، ان ينعتق من أسر الطبيعة ، فقصد بالقصيدة ، التي صُنعُ لغته ، ان يعبر الى عالم خاص ، جامعا بين العالم الخارجي وعالمه الداخلي .
ارى الى القصيدة بنت اللغة تشكل ” مثواه وبيته “. وبها كان له ان يتعرف ذاته ومحيطه . هكذا ارى الى شجرة اللغة تنمو
‏قصيدةً أودعها الانسان جوهره الانساني . فالانسان الشاعر ليس سوى لغته / قصيدته . باللغة ، ومن خلالها استطاع ان يمسك بوجود الاشياء في العالم ، وان يكون ذاته وهذي الاشياء . وان يكون الانسان الشاعر المبدع والخلاق ، كأنه بقصيدته كان لكي يكون . وعليه ، إني لا ارى ايّ انفصالٍ بين الشاعر وقصيدته . إنه قصيدته ، وقصيدته هو ذاته ، وإن سيكون للقصيدة ، فيما بعد ، ان تشكل حضورًا خاصًّا ومستقلًّا عن مبدعها

الكاتب الناجح هو الذي يختبئ في أعماقه ناقد . كيف يؤثر هذا الموضوع في نظرتك الى نتاجك ونتاج الآخرين ؟

سؤالك ، صديقتي الشاعرة رانيا ، ينطوي على كبير اهمية ، لان مصطلح الكاتب الناجح ، يفترض به ان يكون ذا بعد ثقافي

وحضاري ، وان يكون مُلمًّا بقضاياه الانسانية ،
كونه ذاك المبدع الخلاق ، وانه من الصعوبة بمكان ان نطلق مصطلح كاتب على كل من كتب . للكتابة قواعد وأصول . لذا ارى لزامًا على الكاتب الشاعر ان يكون ناقد ذاته قبل الآخرين ، كونه المنتج والمبدع والعليم بما أبدعه . أسارع الى القول إن العمل النقدي عملٌ إبداعي وحضاري لا يقل اهمية عن عملية إبداع النص الادبي ، باعتبار ان الناقد يحاول القبض على التجربة الانسانية بعيدا عن الثرثرة النقدية . لذا ، بات على الناقد الحديث ان يصطاد المعاني بعيدا عن نماذج معدة سلفًا ، وهذا انطلاقًا مما اكده رولان بات
معتبرا ان النص النقدي هو نص ابداعي اولا ، وهو ثانيا ، نظام رمزي وظيفته وصف الدلالة،
بمعنى انه من غير الجائز ان نتحدث عن قضايا النص دون قضايا النقد . وعليه ، اراني ارى الى ان النص الادبي يجب ان يكون غاية النقد وجوهره ، وان العلاقة بينهما هي علاقة احتواء وتجاوز ، والا بات النقد نقدا ناقصا وعقيما . ولا ننسَ ان النقد هو وعي الوعي عن طريق فك الرموز اللغوية . وعليه ، إنني ، ومن خلال تجربتي الشعرية ، كنت الشاعر والناقد في آنٍ معًا . وكان لزاما علي ان اكون الشاعر ، وان اكون قارئي الاول ، جامعًا بين لذة الكتابة ولذة القراءة . لذا كنت شاعرا / ناقدا وناقدا / شاعرا . انطلاقا من ان مهمة الشاعر تكمل مهمة الناقد ، والعكس صحيح .
ما يعني ان الابداع ، بالنسبة لي ، هو الجامع المشترك بين المبدع والناقد ، وان موضوع الابداع وموضوع النقد هما ،في النهاية ، هذا الانسان داخل العالم

قلت في كتاباتك ان ” اللغة والرجل تآمرا على المرأة ” ولكننا نراها اليوم تحلق في فضاء الكتابة . هل اوجدت المرأة لغتها الخاصة .

‏للإجابة عن هذا السؤال حديثٌ يطول ،
لذا أحاول الإجابة باختصار ، معتبرا ان المشكلة تكمن في الرجل ، وتحديدا الرجل الشرقي ، الذي ما يومًا نظر الى المرأة باعتباره كائنًا انسانيا وشريكا . رأى اليها ملحقة ، فاكتسح ساحتها وهمَّش فاعليتها تاريخيا . وقد تماشت حركية اللغة مع اهداف الرجل المنتظمة . وعليه ، انني ارى الى المرأة اليوم تستعيد بالكتابة/ اللغة حقها المكبوت والمسلوب . على ان معركتها معركتان : معركة مع اللغة ، واخرى مع الرجل . وها هي
‏تستعيد مواقعها بالقلم والمحبرة والورق . انها تستعيد خطابها الدال على الحياة ، وتعمل على محو ادانة الرجل ، تكوينا ونهجا وسلوكا . وهي تعاود ، بكتابتها المرأوية ، تأكيد جوهر وجودها ، وذلك بعيدًا عن مواجهة الرجل بالتسلط بل بالحبِّ والاحتواء ، لانها لا تؤمن بمفهوم السلطة . لذا نراها تعمل على بناء عالمها اللغوي الخاص مُساهمةً مع عالم الرجل الخاص . وهي تعتبر ان الرجل والمرأة يكمل الواحد الآخر ، ومعا ، وباللغة ، يتناغمان ويجسدان ايقاع الحياة باعتباره حقيقة انطولوجية وكيانا انسانيا .
ان المرأة ، في الشرق العربي والمغرب العربي ، خرجت من متعة الحكي الى مرحلة الكتابة المرأوية ، وها هي تظهر للعالم معتبرة مع فرجينيا وولف ” ان الحضارة التي تقمع المرأة ليست بحضارة .” وارى اليه أيضًا ، لا تؤمن بكتابةٍ ذكورية أو مرآوية بل بكتابة بعيدة من التوصيف . وعليه ، فان ايمانها عميق ويكمن في ان تصبح هي والرجل سَيِّدَي الكتابة .

انت تكتب جميع الالوان والأنماط الكتابية من شعر ونثر ، اي الالوان الكتابية المحبذة الى قلبك وتجد فيها نفسك اكتر ؟

انا مجرد انسان يكتب ويكتب ، بعيدا عن الحاق كتاباتي باي توصيف خاص او محتمل . اكتب كاني لا اكتب ، يأخذني القلم والورقة الى حيث تشاء الكتابة . والكتابة عندي تأخذ طابعا شعريا ، واعتبر ان القصيدة من القصد ، وهي تكتب ذاتها وتكتبني كأني لستُ سوى متلَقٍّ مطيع وراضٍ . ما يوما رأيت الى كتاباتي تندرج في إطار معين . كتاباتي حرة ومتحررة وتعلمني الحرية وترى الى الانسان هو المحور كأنَّ كل شيء كان له كي يكون . في كتاباتي اسكن راغبا بالسكينة، وإن يلمس قارئي بعض الوان الحزن فان حزني هو هذا الحزن السعيد ، وإن لمس بعض ملامح الكآبة ، فاني اعتبرها أُسَّ الكتابة الحقيقية . كتاباتي هي انا فيما انا على الكتابة ، وهي ليست انا عند اكتمال الفعل الإبداعي . كتاباتي كتابات انسان يطمح الى تأسيس عالم انساني بعيدا من الفوضى والحروب المدمرة . وارى في النهاية اننا نتساوى بالموت فلمَ لا نتساوى بالحياة ؟

بالرغم من سياسة تهميش الادب والثقافة ، الا اننا نرى نتاجا وفيرا في المجالات شتى .
لماذا يُعتبر المثقف خطرا على بيئته ويتمّ ابعاده ونفيه كما جرى مع كثيرين ؟

باختصار شديد مهما حاول المغرضون تهميش الادب والثقافة ، فلن يستطيعوا الى هذا سبيلا ، والدليل كما قلتِ وفرة الانتاج في المجالات شتى . وإن من يدعون السياسة أخطأوا ويخطئون دائما في توصيف مفهومها الحقيقي . السياسة في نظري لا تقوم على السلطة والتسلط بل على محبة الناس ، وعلى ارساء قواعد العدالة الحقَّة حيث كلنا سواسية امام القانون . ولما نرى اهل السلطة يتسلطون نرى الكتُّاب الأحرار يقفون لهم بالمرصاد ، فيكون من الطبيعي ان يلجأ اهل السلطة الى القمع وممارسة كل اشكال الاضطهاد ، ويكون للكتَّاب والمثقفين تاليا ان يلجأوا الى النفي الطوعي او النفي بالقوة ،ولكن يجب ان يدرك جميعنا ان للكلمة قوةً
ليست للسيف ، وان لها ان ترفع راية الخير والحق والسلام .

ما رأيك في المقارنات التي ما ينفك البعض يجريها بين الشعراء والكتاب الجدد وبين من سبقهم ؟
وهل يجب ان يكون الجميع ” جبران ” أو ” المتنبي ” حتى ينالوا حظهم في هذا المجال ؟

بدايةً لا تعنيني المقارنات ولا الادب المقارن ، لا من قريب او بعيد ، وقد يتعجب البعض لرأيي هذا ، رافضين ومشمئزين وساخرين ، لكن لديَّ قناعة مطلقة ان الفنون والشعر بخاصة ، هي مجرد تحول واستمرارية دائمة ، واننا في مماسة العمل الفني والشعري تحديدا ، نتكامل ونتجاوز ‏ونكتشف ونستكشف ، واذا كنا نتقارب ونلتقي فيكون هذا من قبيل ما يُعرف ب ” علم التناص ” L’intertextualitè ِ ولا ارى في هذا اي عيب .
وعليه ، فقد قلت لذاتي واقول لقرائي ليس على من يمارس الكتابة ان يكون آخَرَ بل ان يكون ذاته وذا حضورٍ فاعل يخدم الانسان والبيئة .

نترك لك الختام في قصيدة تختارها للقرّاء .
أهديكم قصيدة جديدة تنشر للمرة الأولى في مجلتكم

كِتَابُ الضَّوءِ
لَهَا …

أُكتُبْ ثُمَّ أُكتُبْ ‏وإِنْ رأيتَ الى الأبجَدِيَّةِ تُعَانِدُكَ ‏وَتَرفُضُكَ .. ‏تَقُولُ _ ‏لا تَنتَظِرِ الرِّيحَ تَحمِلُ لكَ سِلالَ المَعَانِي ‏ولا الرِّبيعَ يُهَلِّلُ لكَ ‏ولا الفصول ‏مُذ كُنتَ كان الرَّفضُ مَرسُومًا ‏على إشَارَاتِ طَرِيقِكَ ‏حَتَّى القَصِيدَةُ وقَفَتْ بِالمِرصَادِ ‏لا تَرجُوكَ إقَامةً ‏ما لم تَقُمْ بِجِهَادٍ ‏يَكفيكَِ أنَّ لكَ المَاءَ وَحدَهُ يَحتَضِنُكَ ‏وأنَّ وَردَةً في الرُّكنِ ‏بِعِطرِها لا زَالتْ تَجُودُ ‏قَلِّبْ صَفَحَاتِ الأيَّامِ ‏صَفحَةً صَفحَةً ‏لا تُعِرِ اهتِمَامًا إلَّا لِكتَابِ الحَقلِ ‏وحدَهُ رَفِيقٌ يُسَامِرُكَ ‏وإن فيهِ بَعضُ أحزَانٍ وأفرَاحٍ ‏أنتَ نَاقِلُهَا ‏لا تَنسَ _ ‏أنتَ حَرَثتَ هَذِي الأرضَ ‏فَنَمَا اخضِرَارٌ ‏وبَانَتْ ثِمَارٌ تُلَوِّحُ لكَ ‏أكَلتَ .. أطعَمتَ الجِيَاعَ ‏رَأيتَ إلى شَجَرَةٍ تَرنُو إليكَ ‏إلى ظِلِّهَا يَدعُوكَ لاستِرَاحَةٍ ‏ ‏ألظِلُّ ذَاكِرَتُهَا ‏وَهَذِي الزَّهرَةُ ‏وَحِيدَةً _ ‏إلى جَانِبِهَا ‏تَهِبُكَ عِطرَ الشَّمسِ ‏ألوَانَ الأُفُقِ ‏تَنقُلُ لكَ طُقُوسَ زَوَاجِ التٍّرَابِ والمَاءِ ‏تُرَنِّمُ .. تَقُولُ للإنسَانِ ‏أنتَ حُنجُرَةُ الزَّمَانِ ‏أنتَ مَن جَمَعَ الكَونَ على بَيدَرِ الإيامِ ‏رَصَفَ الحِجَارَةَ بَيتًا ‏آوى العَصَافِيرَ ‏في سَقفِ مقصُورةَِ حَبِيبَةٍ ‏عَاشَتْ على طُقُوسِ الأنغامِ ‏وِسَادَتُهَا كُرسِيُّ اعتِرافٍ ‏تَقُصُّ عليها ‏ما قالَتِ الرِّيحُ للأغصَانْ ‏والشَّمسُ للعِطرِ .. للظِّلالْ ‏حَبِيبَةٌ بَنَتْ جُدرَانَ بَيتِها بالكلِمَاتِ ‏تَرَكَتْ للعُشبِ يُعَرِّشُ على عَتَبَةِ الدَّارِ ‏للدُّورِيِّ يُسَطِّرُ أعشَاشَهُ في القَرمِيدِ ‏تُعَاتِبُ دِيمَةً تَمُرُّ كلَّ صَبَاحٍ ” ‏ألا مُدِّي يَديكَِ ‏وأترُكِي للمَاءِ يَصِيرُ لُغَةً ‏كادَتْ تفقدُ زَهوَ الإخضِرَار ” ‏حَبِيبَةُ تَضرَعُ للأفُقِ _ ‏أكتُبْ معي هذي القصيدةَ ‏مُدَّ إليَّ أغصَانَ المَعَانِي ‏وَامطِرْ عليَّ ثِمَارَ الأسئِلةِ ‏وهَذَا الأُفُقُ يَقُولُ _ ‏مِن أينَ تَجِيئينَ مُحَمَّلَةً بالمَجَازِ ؟ ‏من أينَ لكِ هذي الوِلادَاتُ ‏على شَفَا الرَّحِمِ ؟ ‏كيف لكِ تَمسَحِينَ وُجُوهَ الغَيمِ ‏بِشَهوَةِ الهَوَاء ؟ ‏أأنتِ حَقِيقَةً مُنتَظَرَه ‏جِئتِ تُعلِنِينَ الحَربَ على مَن دَمَّرُوا ‏اللٍّغَةَ وارتَضوا المَآتِمَ دُونَ الأعرَاسِ ؟ يا امرَأة ! ‏أرى إليكِ جِئتِ أرضِي ‏حينَ هاجَرَتِ الغُيُومَ أسِرَّتَها ‏وَارتَسَمَتْ شَمسٌ تَتَوَسَّدُ يَدَيكِ ‏وَاتِّكَأتْ أحلامٌ على كَتِفَيكِ ‏رَاحَ قَمَرٌ يَختَبئُ في فضَاءَِ عَينَيكِ ‏حِينَهَا _ ‏تَوَسَّلتُ الى ظِلِّي يُواكِبُ خَطوَكِ ‏يَفتَحُ كتَابَ ضَوئِكِ ‏يَقُولُ للضَّوءِ _ ‏إقرَأْ على مَسَامِعِهَا ‏ما قالتِ الأورَاقُ للأفنَانِ ‏والزَّهرُ لِفَمِ المَاءِ ‏إقرَأْ مَزَامِيرَ النُّجُومِ ‏على بَنَاتِ الأرضِ ‏وَارقُصْ مَعِي على حِبرِ الكَلِمَاتِ يا امرَأة ! ‏هَا أنا طَائِعًا _ ‏أجمَعُ قَطِيعَ الشَّجَرِ ‏أرسُمُ حُبِّي على التِّلالِ ‏على السَّهلِ ‏وَفي مُنحَدَرَاتِ الجَسَدِ ..

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …