بمناسبة يومها العالمي: القهوة أصلها عربي حبشي وإنتشارها جوبه بالتحريم!!!

زياد سامي عيتاني*

 

وقهوة ابنة بُنٍّ في الصباحِ بدتْ تُجْلَى (فناجينُها) في كفِّ ساقيها
فقلتُ ليلٌ بدا صبحاً فقيل أجل هي ابنةُ (البُنِّ) قد زُفَّتْ لحاسيها
****


يصادف الأول من تشرين الأول من كل عام، اليوم العالمي للبن، حيث تبقى القهوة علامة فارقة في تاريخ العديد من سكان الأرض.
والقهوة مشروبٌ من أصل حبشي عربي، نابت من شجرة نفّاذة بأنواعها المختلفة، ومصنوع من بذور محمصة، لتخرج منها النكهات والروائح المتباينة.
فالقهوة هي شراب الحكماء وأهل الفطنة من قديم الزمان، تعزي مرارتها من أضاعوا الوسن وأستعانوا بها صبراً في توالي نكبات الدهر ليشدو وسن الصبر.
يقال إن أصلها عربي فقد بدأت مع الصوفيين في اليمن، لتتجه شمالاً عبر الصحراء إلى مكة المكرمة، ثم إلى القاهرة، ثم تعبر البحر المتوسط إلى القسطنطينية، ومنها تحولت القهوة إلى علامة إيطالية وموضة راقية في باريس ولندن وبوسطن الأميركية.
والقهوة الآن تأتي من بلدان عديدة في هذا العالم، ليصبح المناخ الاستوائي أهم ما يُقدّم لزرعها، ويتطور بالتالي إلى ما يسمى باقتصاد البُن العالمي، وها هو الآن يحفزنا إلى الخوض في تاريخ القهوة…
****
•القهوة لغوياً:
بحسب ما أتى تفسير القهوة في قاموس اللغة العربية، فإنها “الخمر” في تراث العرب قبل الإسلام، كما فُسّرت بأنها الشراب المغلي واللبن المحض، أما بعض القواميس فذهبت لتفسر القهوة بالخِصْب، أما اليوم فاللفظ أخذ منحى اللقاء، بوصفها مقهى ومحفلاً للتلاقي، ليتطور إلى مناخ يومي وضروري، وعند البعض طقس شرب ومزاج لا يمكن الاستغناء عنه.
وطبعاً، كلمة “القهوة” عربية الأصل، وقد وردت في الشعر والأدب العربي منذ القدم، ومنها اشتقت الكلمة الإنجليزية Coffee.
****
•أصل القهوة:
هناك إختلافاً على أصول القهوة، فالبعض يعتقد أن أجداد قبيلة الأورومو في إثيوبيا كانوا هم أول مَن اكتشف حبوب البن، وعرفوا قدرتها السحرية على تنشيط الذهن، بينما يعتقد البعض الآخر أنه لم يتم اكتشاف الأثر المنبه للقهوة قبل القرن السابع عشر.
بكل الأحوال، لا خلاف على أن أقرب دليل موثوق قد ظهر للعالم على معرفة شجرة البن كان  في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وتشير الموسوعة الفرنسية أنها نشأت أولاً في الحبشة، (أي أثيوبيا، ليصبح هذا البلد أصل القهوة وتاريخها، وذهب باحثون آخرون بتوثيق تلك الأشجار بأنها من جنس القهوة وأنها من عائلة عربية، أو كما يطلقون عليها “أرابيكا كوفي” وهي من أقدم الأشجار المزروعة، لتأتي بعدها الأنواع الأخرى من ثمرة قهوة حمراء وأرجوانية وصفراء ليصفها البعض بكرز القهوة، وتبدو الحبّة مغلقة في هيكل شبه جامد وشفاف، حتى حين يتم تنظيفها تظل حبوب البن خضراء محاطة ببشرة فضية ملتصقة بها لتتطابق مع البذرة والتي يمكن طحنها.
****
•إنتشار القهوة جوبها بالتحريم:
بكل الأحوال، لا خلاف على أن أقرب دليل موثوق قد ظهر للعالم على معرفة شجرة البن كان  في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية.
ومن هذه المنطقة انتشرت القهوة لتغزو العالم أجمع، وتصبح تجارة رائجة في أكثر من 70 بلداً في يومنا هذا.
ومن اليمن إنتقلت القهوة إلى مكة، وعارضها رجال الدين معارضة شديدة، وأصدر بعضهم الفتاوى التي تحرمها، وعدوها من جنس المسكرات والمثبطات. وقالوا إنها تسبب العلل في الأبدان والضعف في العقول. وانقسم الناس بسببها إلى قسمين، وكثرت الفتن والمواجهات خصوصاً عندما أيد بعض الفقهاء فريق المحللين للقهوة.
ولعل شهرة القهوة وانتشارها في بقية الأمصار الإسلامية حدث عندما ظهرت القهوة لأول مرة في مصر في مطلع القرن العاشر الهجري، حيث جلبها اليمنيون إلى رواقهم في الجامع الأزهر، وكان طلاب اليمن وما جاورهم في الرواق اليمني يسهرون للدراسة وترديد الأذكار وينشدون المدائح النبوية، ويستعينون على مغالبة النعاس بشرب القهوة. ولقيت القهوة معارضة علماء مصر، وأصدر بعضهم فتاوى تحرمها، ومع هذا بقيت معارضة مصر اخف وطأة من معارضة الحجاز.
وكانت العلاقة المتنوعة بين الحجاز واليمن ومصر قوية ومتشابكة، ونلمح أن مشروب القهوة انتشر في عموم اليمن، لكنه في مكة يصادف عاماً تحرم فيه القهوة، وآخر تحل فيه.
ومن مصر والحجاز انتقلت القهوة إلى القسطنطينية ثم البندقية في القرن السابع عشر الميلادي. ثم إلى سائر أوروبا. وافتتح أول مقهى في انجلترا سنة 1652م. ولقيت القهوة معارضة في انجلترا وألمانيا ولكنها معارضة يسيرة.
*****

شاهد أيضاً

عون التقى محفوظ في اليرزة

استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة رئيس عام الرهبنة اللبنانية …