المفتي قبلان: شكراً لإيران وكل من يساعد لبنان*

 

*فضل الله : نثمّن مبادرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية*

*تحرير – أحمد موسى*

*توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بالشكر لإيران وكل من يساعد لبنان في محنته وازماته، كما ثمن العلامة السيد علي فضل الله المبادرة الطيبة للجمهورية الإسلامية ومساعدة اللبنانيين في معاناتهم وحياتهم.*

*قبلان*
وخلال خطبة الجمعة، ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وقال :” أن ما زلنا نعيش اليوم كما الأمس مشهدية للصراع بين الحق والباطل، فهذا الصراع السياسي تحول بفعل الخارج والداخل إلى كارثة على هذا البلد المنهوب والمحاصر والمصادر من قبل منظومة سياسية ومالية واقتصادية أسقطت الدولة، وشلت مؤسساتها، وجوعت شعبها، وأفقدته الثقة بكل هذه التركيبة وهذا النظام. ولكن على الرغم من كل هذا الواقع المرير الذي يحيط بالبلد ويعيشه المواطن نأمل مع تشكيل حكومة “معا للإنقاذ” أن يكون الاسم على مسمى، لا أن يبقى شعارا بلا مضمون، مثله كمثل كل الشعارات التي تعودنا على سماعها، ودأبت المنظومة على إطلاقها”.
*قعر جهنم*
وطالب المفتي قبلان الحكومة “ومن قعر جهنم الذي نحن فيه، بوضع خطة إنقاذية حقيقية واستثنائية، وبخاصة في ما يتعلق بالأمور الحياتية والمعيشية، بعيدا عن المحاصصات والمناكفات السياسية والانكباب بمهنية عالية وبانحياز مطلق لخدمة الناس وتأمين مستلزمات الاستقرار الاجتماعي، لأن الأوضاع لم تعد تطاق، وما وصلنا إليه لا يوصف، وبخاصة في موضوع الكهرباء والدواء والمحروقات، وكل أساسيات الحياة الكريمة، لاسيما هبوط سعر صرف الليرة الذي بات يؤشر إلى الانهيار الكبير في ظل هذه اللعبة الشيطانية من قبل مافيا التجار والمتلاعبين بالدولار”.
*عقد خطرة*
وأشار المفتي قبلان إلى أن “المشكلة كبيرة ومعقدة، والبلد على المفترق الخطير، ما يستدعي استنفار كل الطاقات ووقف كل المشاحنات السياسية، لأن مشكلة البلد بدأت بالسياسة، وتمر فيها، والحلول تبدأ بالسياسة، الاقتصاد بالسياسة، والمال بالسياسة، وهذا ما يؤكّده صعود الدولار وهبوطه، والدليل أنه عندما تم تكليف الرئيس ميقاتي وتشكيل الحكومة هبط الدولار من 22 ألفا إلى 14 ألفا! فهل صعود الدولار اقتصادي! وهل هبوطه بهذا الشكل اقتصادي! بل هي حتما لعبة سياسية بوجه اقتصادي ومالي يتشارك فيها الداخل والخارج لأهداف سياسية. وهنا نطالب الحكومة بدعم مواز مع زمن رفع الدعم عن المحروقات وغيرها، وإلا فإن ذلك سيرفع من وتيرة صدمة رفع الأسعار وسيدفع شركات استيراد النفط إلى تكنيس الدولار من الناس، وهو أمر سيزيد من قوة الدولار من جديد وضعف الليرة وبالتالي الوقوع مجددا بالمحظور. لأن لبنان بلد مدولر وهو مستورد وسط اقتصاد منهار، ولذلك الخشية من لعبة أوهام تنهب دولارات الناس من جديد. فالحل ليس بالثقة السياسية فقط، بل بالانعاش الاقتصادي وحماية الأساسيات واستثمار الدولار بالإنتاج وليس بالاستهلاك”.
*خارطة طريق*
كما شدد “على ضرورة التوافق على خريطة طريق وطنية وسياسية واقتصادية ومالية، تخرجنا من جهنم وتؤسس للانطلاق نحو نواة دولة بكل معنى الكلمة، دولة فيها الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، دولة فيها مساءلة، فيها محاسبة، فيها عقاب، فيها ثواب، فيها كفاءة، فيها الرجل المناسب في المكان المناسب، ودولة المزرعة والحصة والطائفة والمذهب، يجب أن نلغيها من حساباتنا ومن عقولنا ومن ذهنياتنا، ندعو إلى دولة مواطن، دولة لها سيادتها وسياستها واقتصادها وإنتاجها ومواردها المجيرة كلها في خدمة الناس، وليس في خدمة سياسة هذا الفريق أو ذاك، نريد دولة انتاج لا استهلاك، دولة تعطي المواطن حقّه، ليس دولة تسرقه وتشحد عليه بانتظار من يتصدق عليها بشروطه وإملاءاته، مع احترامنا وتقديرنا لكل من يقف معنا وإلى جانبنا في هذه المحنة الأليمة والشديدة، ويقدم التسهيلات من مصر إلى الأردن إلى العراق، إلى سوريا التي يجب أن نجد حلا للمشاكل التي تعيق عودة العلاقات المميزة بين الدولتين الشقيقتين في أسرع وقت ممكن، لما لهذه العودة من فوائد عديدة لكلا الشعبين. وهنا يجب ألا ننسى ما تقدمه طهران مع شكرنا العميق لما تبذله رغم كل الصعوبات لإيصال المحروقات إلى الشعب اللبناني المنكوب”.
*شكرأ إيران*
ووجه المفتي قبلان “الشكر إلى كل طرف ساهم ويساهم بمد يد المساعدة إلى لبنان واللبنانيين، بعيدا عن أي بازار سياسي، كما ننوه بالخيار المقاوم الذي بادر بكسر الحصار النفطي، رغم كل التهويل الدولي والإقليمي، والذي أكد مجددا أنه شكل ويشكل ضمانة لبنان، وأنه مشروع الدولة الواحدة، وأنه الشراكة الوطنية لحظة تسابق ذئاب العالم لنهش أوصال لبنان، لبنان بلد التعايش والمحبة والاعتدال وتلاقي الأديان؛ والمسلم والمسيحي شريكان بالضرورة في بناء هذا البلد وحمايته وحفظه، والمطلوب شراكة الجميع وتحمل المسؤولية من قبل الجميع، لإنقاذ هذا البلد لأن البديل عن لبنان هو الجحيم”.
*فضل الله*
بدوره العلامة السيد علي فضل الله قال خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين،
وقال فضل الله، لبنان الذي دخل اليوم في مرحلة جديدة بعد ولادة الحكومة والتي ينتظر منها اللبنانيون أن تفتح لهم أبواب الأمل بمستقبل وطنهم وبقدرتهم على استمرار العيش فيه، وأن تخرجهم مما يعانون منه على الصعيد المعيشي والحياتي وما يواجههم من تحديات على الصعيد الأمني.
*الحكومة*
ونحن ندرك كما يدرك الجميع أن حكومة تأتي في هذه الظروف الصعبة وعمرها محدود قد لا يتجاوز الثمانية أشهر، لن يكون باستطاعتها انتشال الوطن من كل ما يعاني منه ولكنها بالطبع تستطيع أن تضع حداً للانهيار الذي وصل إليه، وأن تبدأ الخطى للسير في طريق الإصلاح وسد منافذ الفساد والهدر ومعالجة ما يمكن معالجته ضمن أولويات تأخذ بالاعتبار أولويات المواطن لا هذه الجهة أو تلك أو هذا الموقع أو ذاك وأن تقلل الكلام وتكثر العمل.
ونحن في هذا المجال نثمن الجهود التي بذلت وأدت إلى تأليف هذه الحكومة، لكننا نتساءل مع كل اللبنانيين عن السبب في هذا التأخير وهل كان ينبغي على اللبنانيين انتظار إشارات الخارج من أجل تسريع هذا الاستحقاق وإزالة كل العقبات التي كانت تعترضه… وكم كنا نقول إنه لا ينبغي أن تمنع هذه العقبات الإسراع في التأليف، ونؤكد أنه كفى إهداراً للوقت فهذا البلد لا يبنى بالغلبة والقهر بل بالتفاهم والتعاون والتوازن.
ومن هنا فإننا ندعو الحكومة إلى أن تكون بمستوى آمال اللبنانيين وطموحاتهم، وأن تبادر إلى معالجة الملفات الملحة التي تضغط على الواقع المعيشي والحياتي للبنانيين والتي ليست خافية على أحد، وأن تجمد في هذه المرحلة كل الملفات التي قد تكون محل تجاذب بين الطوائف والمواقع السياسية كما ينبغي أن تعالج كل القضايا بروح موضوعية بعيداً مما يوتر العلاقة بين أطرافها أو يؤزم الواقع السياسيّ في البلد.
إننا نرى أن الحكومة قادرة على القيام بمسؤولياتها وأن تنال ثقة المواطنين إن لم تكرر أخطاء الماضي وخرجت من حساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية، وعملت كفريق متجانس متعاون لحساب هذا الوطن ولحساب إنسانه، ونحن نعتقد أن أجواء التوافق الإقليمي والدولي التي أمنت ولادة هذه الحكومة تشكل عنصراً مساعداً لها.
ونحن في الوقت الذي ندعو الحكومة إلى القيام بالدور المطلوب منها فإننا ندعو القوى السياسية التي لم تشارك إلى أن تكون داعمة لها وأن تعطيها الفرصة للقيام بواجبها ودورها، ومن حقها بعد ذلك أن تحاسبها إن فشلت أو قصرت، كما ندعو القوى التي تمثلت إلى أن لا تحول الحكومة إلى موقع للتجاذبات والصراعات وتصفية الحسابات والمماحكات والمناكفات أو أن تكون أداة لها تسخرها في حساباتها الانتخابية أو الرئاسية أو أن تستخدم لحساب هذه الطائفة أو تلك أو هذا الفريق أو ذاك.
إن على القوى السياسيّة أن تثبت من خلال هذه الحكومة أنها أمينة على مصالح اللبنانيين كل اللبنانيين وإنها لن تعود إلى التجارب المرة التي عانى منها هذا البلد ولا يزال يعاني من تداعياتها، وستكون هذه الحكومة مناسبة لها لتصلح ما أفسدته بسببها أو لتعوض عن تقصيرها لعلها بذلك تستعيد ثقة اللبنانيين بها وتنال تأييدهم وأصواتهم.
*البيان الوزاري*
ونبقى على صعيد البيان الوزاري الذي يعمل على إقراره لنقول إننا مع كل اللبنانيين لا نريد من هذه الحكومة بياناً وزاريا فضفاضاً أو غير واقعي أو صدى لبرامج جاهزة يراد أن تنفذ من خلاله بل نريد بياناً وزارياً واقعياً يعبر عن آمال اللبنانيين وتطلعاتهم وتعطى على أساسه ثقتهم والذي على أساسه سيحاسبونها.
في هذا الوقت يترقب اللبنانيون الأسلوب الذي ستتصرف على أساسه الحكومة في المبلغ الذي وصل إليها من صندوق النقد الدولي، وكيف ستتعامل معه هل سيضيع كما ضاعت المليارات الكثيرة سابقاً في متاهات سياسة الفساد والهدر؟ أم سيخضع لسلم أولويات ليعالج أهم المشكلات التي يعاني منها البلد.
ونحن هنا نطالب أن يكون من أبرز هذه الأولويات إعادة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف، والتي إن أعطيت لهم ستساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وفي التخفيف من وقع الأزمة الاقتصادية عليهم ومساعدة الطبقات الأكثر فقراً بعيداً من الاستنسابية والمصالح الخاصة.
وأخيراً إننا نأمل أن تستطيع هذه الحكومة أن تعيد الحرارة والدماء إلى شرايين العلاقة بين لبنان ومحيطه العربي والإسلامي وفق الآلية التي تعيد التوازن إلى هذه العلاقة من موقع رعاية مصالح الجميع، ولتتسع دائرة المبادرات التي تساعد لبنان على الخروج من أزماته في وقت أحوج ما نكون إليها.
وهنا لا بدّ من أن نثمن عالياً المبادرات التي تخفف من معاناة اللبنانيين ولا سيما المبادرة الطيبة التي قدمت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تمثلت في السفن التي أرسلتها لمساعدة اللبنانيين، وتلك التي جاءت من العراق الشقيق، أو التي تعمل على صعيد استجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا والغاز من مصر، وأن تكون القاعدة التي تحكم اللبنانيين هي الشكر لكل من يقف إلى جانب هذا البلد في أزماته وأن لا تخضع لأي حسابات طائفية أو مذهبية أو سياسية ما دام الذي يقدمها لا يخضعها لهذه الحسابات.

شاهد أيضاً

الشيخ الرشيدي:”متمسكون بخيار المقاومة والبندقية، سبيلًا وحيدًا لاستكمال تحرير الأرض والمقدسات”

أكَّد نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ خضر الرشيدي: “أننا، كوننا لبنانيين، لا …