قطاع الدواجن” وسط أزمة التجاذبات السلطوية والانتخابات النقابية أجلّت

تنافس بين لائحيتين غير مكتملتين واتهامات متبادلة وسوء في التقدير وجهل في النتائج وخرق قانوني للنظام الداخلي

• البقاع ـ أحمد موسى

أزمات ومعاناة لا تنتهي عند حدود معينة تعانيها القطاعات الانتاجية والزراعية اللبنانية على مختلف انواعها، وآخرها “انتخابات جديدة لتقابة الدواجن في البقاع”، مع غياب الخطط الاقتصادية التي تنقذ هذه القطاعات من الانهيار وتبقيها على قيد الحياة، وما زاد الطين بلة، إغراق الاسواق خلال الأعوام الماضية بالعديد من المنتجات الزراعية والصناعات المستوردة، و”التهريب” الناشط دون توقف خاصةً للمواد المدعومة، مما وجّه ضربة الى المنتج المحلي.

قطاع الدواجن
آخر القطاعات التي رفعت صوتها، هو قطاع الدواجن اللبناني الذي يعمل فيه أكثر من 20 الف مواطن يعيلون 20 الف عائلة، فصناعة الدواجن في لبنان هي صناعة واعدة أدت دوراً اساسياً منذ العام 1960، حيث وفرت حاجات المستهلكين كاملة من دون نقصان حتى 24 أيار 2008، يوم أصدرت الحكومة مرسوماً حمل الرقم 1443 خفضت بموجبه الرسوم الجمركية على المستورد من لحوم الدواجن المبردة أو المجلدة من 70% إلى 20%، وفتحت بذلك باب الإستيراد على مصراعيه من دول كلفتها أقل من الكلفة في لبنان.
ان “قطاع الدواجن اللبناني هو قطاع استراتيجي عمره 60 سنة ويوظّف 20 ألف عائلة في لبنان، وهو الأوّل في المنطقة والأكثر كفاءة في الشرق الأوسط، ومصدر البروتين الوحيد، ويؤمن اكتفاء لبنان الذاتي”.


تحدٍّ
إلا أن هذا القطاع، يواجه “تحدٍّ من نوعٍ آخر” على مستوى البقاع، من خلال التحضير “لانتخاب مجلس تنفيذي لنقابة مربي الدواجن في البقاع” وسط تجاذبات وانقسامات عامودية حادة يتصارع عليها لائحتين غير مكتملتين أقله حتى الساعة، وفي حين أن عدد المنتسبين لا يتجاوزون الـ215 منتسباً، يشكلون العدد الإجمالي الذي يحق لهم الإنتخاب ممن سدّدو اشتراكاتهم، تواجه الإنتخابات “تعطيلاً” عمل عليها أحد الأفرقاء المتخاصمين ونجح في تعطيلها وتأجيلها لأربعة أسابيع، مما أعطى فرصة لدى الطرفين في محاولةٍ لشد الأحزمة والتحضير أكثر ليوم الإستحقاق المرتقب بعد شهرٍ من اليوم.
لائحتين غير مكتملتين
يخوض الإنتخابات فريقين مختلفين في السياسة والتوجه والرؤية، عبر لائحتين تضم كل واحدة 12 عضواً منتخباً وسط “استغلال” كل فريق للصعود إلى قمّة الفوز بكامل أعضاء اللائحة من خلال التذرع بـ”الدعم” و”التهريب” و”سوء الإدارة” والأهم “الغياب المطلبي لحقوق المزارعين أمام ما يعانونه ولا من حلول”.


جاءت الانتخابات النقابية، ليتحضر فريقي النزاع على حلبة الصراع في المنازلة المؤجلة أسابيع قابلة للتمديد، بعد بروز المشاحنات بقوة لم يسبق لانتخابات نقابية حدّية في المواقف وبروز الإتهامات والاتهامات المضادة، بين لائحتين لم يستطيعا اكتمالها بأعضائها الـ12، حيث “أن روجيه ابوفيصل الذي يقود لائحة يدعي أنها مكتملة في وجه لائحة مكتملة من 12 عضواً برئاسة إيلي مينا”، حيث ووفق معلومات أن أبوفيصل لم يستطع تأمين كامل الأعضاء، حيث يواجه “عقبة الإلتزام من المرشحين بسبب التشنّج وعدم الإنصياع إلى التوافق التي تجهد اللائحة المنافسة إلى المبتغى والوصول إلى لائحة توافقية”.
أبوفيصل
يرفض روجيه أبوفيصل “التوافق”، ليؤكد بكل شراسة في مقابلة مع “كواليس”: “أرفض التوافق.. ولتكن حرباً.. وخصمي إيلي مينا، فنحن مرتاحون على وضعنا ولا شيء يستطيع أن يقف أمامنا، لائحتنا مكتملة والمفاجأة ستكون في نهاية يوم الإنتخاب”.
يُجاهر أبوفيصل أنه “الأكثر قوّةً ومحاكاتٍ لواقع العمل الإنتخابي والنقابي معاً، أمام فريقٍ ضعيف لا يملك أدنى مقومات تأمين قطاعٍ زراعي مثل قطاع الدواجن”، وعليه فإن ترشحه وقيادته للائحة لن تكون أقل من مكتملة “ستحضى حتماً بالفوز يكامل أعضائها” أمام خصمٍ يجد فيه أنه “ضعيف”.


مينا
يستغرب إيلي مينا الذي يرأس اللائحة المنافسة ـ المكتملة (وفق المحيطين به)، هذه “الإستماتة” والتشنج من قبل أبوفيصل ـ المنافس الخصم، ولا يعتبر “أن الإنتخابات النقابية يحب ان تقوم على الحدّية والاتهامات الغير واقعية”، ويرى في حديثه لـ”كواليس”، “يجب أن تكون تنافس لمصلحة المزارعين ومساعدتهم بدلاً من التقاتل بهم”، من هنا، لا بد من “التكاتف لأجل المزارعين والقطاع برمته منعاً لانهياره بأفكارٍ هدامة يُحاول البعض تمريرها لمآرب شخصانية، وتأمين الإستدامة لهذا القطاع والنهوض به مجدداً والتعويض عن السنوات السابقة وما لحق به من خسائر، أمام ما نحن فيه اليوم ومواجهة الصعاب بكل قوة”.
تأجيل متعمّد
ومهما كانت الدوافع والأسباب التي أدت لهذا التأجيل “بفعل فاعل” و/أو محض صدفة بسبب جائحة كورونا التي جعلت من الوصيات الرسمية سبباً إلى تأجيل جميع الإستحقاقات الإنتخابية النقابة على مستوى الوطن، فلا بد من التذكير أنها تصب في مصلحة “فريقي النزاع” الذي راح يجمع كل السلاح من كل حداب وصوب، تحشيد واتهامات بين الفريقين في قطاعٍ واحد، حيث ذهب أبوفيصل وفرقه إلى “اتهام بعض تجار الأعلاف بإخفاء الدعم وعدم إيصاله غلى مستحقيه من المزارعين بل وتهريبه خارج الحدود حيث سوريا”، اتهام أدخل تجار الأعلاف في “بازار مسرحيته الإنتخابية النقابية” ضنّاً منه أنها “ستعوض على خسارة مقعده النقابي و/أو وصوله في موقع الضعيف”.
عقل
لكن ووفق مصادر نقابيه تتساءل عن قانونية هذه الإنتخابات لو جرت، إذا وجد فيها عضو المجلس التنفيذي لنقابة مربي الدواجن في البقاع فادي عقل في حديثه لـ”كواليس”، “كيف يمكن لنقابة سابقة ترفض تسليم اللوائح الإسمية المسجلة لجميع المنتسبين والمرشحين معاً؟ وكيف يمكن لانتخابات عامة وكاملة من دون الخوض في الإنتخابات النصفية للنقابة وفق ما نص عليه النظام الداخلي للإنتخابات النقابية؟ ولماذا لم يطبق ما اتفق عليه في الإجتماع النقابي الأخير الذي جرى منذ شهر؟ ولماذا قرّر فجأة إقالة وليس استقالة المجلس التنفيذي الحالي لشكلٍ مفاجئ؟.
جملة من الأسئلة وغيرها وضعها عقل أمام المعنيين واوزارة المعنية بالإنتخابات وهي وزارة العمل في حكومة تصريف الأعمال.
المصري
تشكيك عقل لم يرق على ما يبدو للمرشح علي المصري على لائحة أبوفيصل إذ وجد المصري في حديثه مع “كواليس”، أن كل ما يقال من الفريق الأخر “ليس صحيحاً وهو بمصابة ذر الرماد في العيون ومختلق”، مشيراً إلى ان “الإنتخابات مفصلية لخلق نقابة فاعلة ومكونٍ في مواجهة التجار المحتكرين الذين عملوا ولا يزالون على حرمان القطاع الزراعية والمزارعين من حقهم من الدعم مقابل تهريبه وبيعه بأسعار مرتفعة”.
في المحصلة، فإن قطاع الدواجن في لبنان عامةً والبقاع جزء من كل، يعاني من “أزمة بنيوية منذ فترة كما حال باقي القطاعات الاقتصادية والتجارية التي تشهد نفس المعاناة”، وبالتالي فإن الانتخابات النقابية في “حكم التأجيل”، والتنافس والصراع السلطوي الممهور بالإتهامات والاتهامات المتبادلة حتماً تنعكس سلباً على كامل القطاع الزراعي ومنه قطاع الدواجن، الذي سيصيب حتماً منه مقتلاً.
نقابيون وفقاقيع مياه
وفي ظلّ هذا المشهد، بات المواطن هو الضحيّة، هذا المواطن الذي لجأ الى شراء الدجاج بعد أن عجز عن شراء اللحوم الحمراء بسبب غلاء سعرها الفادح، أصبح اليوم يفتش عن خيارات أخرى، لكن لا يبدو هناك انفراجات في الأفق في ظل الغلاء المستجد لأصناف عديدة من الخضار والفاكهة أيضاً، وهذا ما بدا واضحاً أن بعض النقابات و”التجمعات الزراعية” تقف متفرجة بعد أن “عجزت” عن فعل شيء سوى الضهور المتزايد لبعضهم أمام الرأي العام دون حلول مجدية كفقاقية مائية، ولا تجدهم سوى يتهمون وزارتي الزراعة والاقتصاد بالتلكؤ ويتهمونهما بالتواطؤ مع بعض التجار لتوفير الجزء الكبير من الدعم على حساب المزارعين.

شاهد أيضاً

وحدة التدخلات الطارئة تدشن مساهمتها لمشاريع المبادرات المجتمعية بمحافظة إب اليمنية من مادتي الاسمنت والديزل ..

تقرير /حميد الطاهري دشنت اليوم وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة بوزارة المالية بالتنسيق مع السلطة …