معركة الرئاسة الفرنسية تبدأ من لبنان (1)…


استهلّ وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان زيارته لبنان بلقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ممتنعاً، أقلّه أمام وسائل الإعلام، عن لقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري “لأنّ لقاء رئيس مكلّف غير جائز بروتوكوليّاً”، كما تقول أوساط فرنسية واسعة الاطّلاع.

منذ آذار الفائت، يطلق رأس الدبلوماسية الفرنسية الموقف تلو الآخر، داعياً إلى الإسراع في تشكيل حكومة تنجز إصلاحات بنيوية، سياسياً ومالياً واقتصادياً، في ترجمة للمبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في أيلول من عام 2020، لتتحوّل هذه المواقف من دعوات إلى تلويح بعقوبات فرنسية وأوروبية.

لودريان، الذي تشير سيرته الذاتية التي سنلقي عليها الضوء في هذا السياق إلى أنّه من الأكثر قرباً للرئيس الفرنسي، يعبّر بأمانة عن موقف الرئيس ماكرون، الذي سيخوض في 2022 معركة رئاسية قاسية، سيكون الملفّ اللبناني أحد عناوينها الرئيسة لِما للبنان من موقع تاريخي وبعدٍ عاطفي لدى الفرنسيين في الداخل من جهة، ولدى فرنسيّي لبنان من حاملي الجنسية المزدوجة الذين سيصوّتون في السفارة الفرنسية. وسيكون نجاح ماكرون أو فشله معياراً رئيساً في خياراتهم، من جهة أخرى.

قبل الخوض في سيرة لودريان، وزير الدفاع السابق لخمسة أعوام، الذي حقّق في ملفّ الدفاع نجاحاً يشهد له من عاصروه في تلك الوزارة، لا بد من التذكير بتدرّج المواقف الفرنسية تجاه لبنان، منذ بداية السنة حتّى اليوم. وهي مواقف تحملها فرنسا، التي تتواصل بشكل وثيق مع مجموعة من الدول المؤثّرة: روسيا، الولايات المتحدة الأميركية، ألمانيا، مصر، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بطبيعة الحال.

لذا تشكّل زيارة لودريان قمّة الاندفاعة الفرنسية بعد خفوت سجّلته الأشهر، التي أعقبت زيارتيْ الرئيس ماكرون في 6 آب الفائت عقب انفجار مرفأ بيروت، ثمّ في 1 أيلول لدى إطلاقه مبادرته من “قصر الصنوبر”، بعد اجتماعه مع أقطاب الأحزاب اللبنانية، وعشيّة المئوية الأولى لـ”لبنان الكبير”، وبعد إلغاء ماكرون لزيارته الثالثة في 22 كانون الأول الفائت بسبب إصابته بفيروس كورونا، وامتناعه عن تحديد موعد جديد لعدم حصول خرق في الملفّ الحكومي اللبناني.

سيناقش لودريان، بحسب الأوساط الفرنسية التي تحدّثت إلى موقعنا، “الانسداد الحكومي والإصلاحات التي تأخّرت، ولن يتجنّب الحديث في عقوبات على شخصيات محدّدة”، كما قالت الأوساط من دون أن تفصح عن تفاصيل إضافية، تاركةً المجال لتصريحات لودريان.

لمحة استعادية لتدرّج مواقف لودريان من لبنان.

منذ آذار الفائت، يطلق لودريان التصريح تلو الآخر في ما يتعلّق بالوضع الحكومي، ومن المهمّ استعراض أبرز مواقف الدبلوماسية الفرنسية منذ بداية السنة الحالية لأنّها تبرز تدرّج الموقف الفرنسي تصاعدياً وصولاً إلى التلويح بعقوبات.

انتخاب بايدن “الإيجابي” فرنسياً

بعد 4 أيام من تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن رئيساً في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في 24 كانون الثاني، اتّصل به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واتّفقا على التعاون في ملفّات المنطقة، ومنها لبنان، بحسب بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية. وتوطّدت العلاقة الأميركية الفرنسية على عكس الفتور، الذي مرّت به طوال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وضع حلفاءه الأوروبيّين جانباً، متفرّداً بالقرارات، ومنها سياسة “الضغوط القصوى”.

في 1 شباط، نفخ إيمانويل ماكرون مجدّداً الروح في المبادرة الفرنسية التي أطلقها من “قصر الصنوبر”، إذ اتّصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون معيداً تفعيل خطّ الاتصال المباشر مع المسؤولين اللبنانيّين إثر انقطاع أعقب مؤتمره الصحافي في أيلول من عام 2020، والذي حمّل فيه المسؤولين اللبنانيين تبعة الانهيار الحاصل في لبنان، ولم يستثنِ في نقده “حزب الله”.

شاهد أيضاً

تحدث خلال ترأسه قداساً لكاريتاس في زغرتا

سويف: “نعيش خيبات أمل على مستوى الوطن ولبنان، والشعب اللبناني خائف من الغد والضياع، وشبابنا …