لبنان والمتحوّر الهنديّ: أوقفوا الرحلات العراقيّة

تالا غمراوي

“خبرٌ يدعو إلى القلق”، بهذه الكلمات علّق مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض، عبر تويتر، على خبر احتجاز وزارة الصحة العراقية 21 شخصاً يُشتبه في إصابتهم بالسلالة الهندية لكورونا بعد اختلاطهم بأقارب عائدين من الهند.

وقال أبيض: “يقصد الكثير من العراقيين الهند بداعي السياحة الطبية، فتزيد خطورة انتقال متحوّر الكورونا الهندي إلى العراقيين لدى عودتهم، ثم قد تنتقل العدوى إلى لبنان، إذ بيننا وبين العراق عدد من الرحلات الجوّيّة يوميّاً”.

بين من يطمئن ومن يحذّر، لماذا لا يوقف لبنان الرحلات العراقية التي تصل يومياً إلى المطار، وقد تنقل إلينا المتحوّر الهندي؟ وهل تستطيع المختبرات اللبنانية كشف أنواع السلالات المنتشرة؟ وهل تحمي وتقي التوصيات التي اتّخذتها لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا، بمنع دخول المسافرين القادمين من الهند والبرازيل إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي والمعابر البرية والبحرية، ما لم يمضِ على وجودهم خارجهما في بلد ثالث مدة 14 يوماً على الأقلّ؟

دبيبو: اللقاحات كافية
رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو لجنة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الدكتور غسان دبيبو، طمأن عبر “أساس” إلى أن “لا مؤشّرات علمية تفيد بأنّ الطفرات في السلالة الهندية جعلت الفيروس أقوى من السابق على مستوى إصابة الشخص بأعراض أشدّ من تلك التي تسبّبها السلالات السابقة”. لكن يدعو إلى “ضبط المعابر الحدودية ومتابعة الرحلات التي تصل إلى مطار رفيق الحريري، وتحديداً من العراق، لمنع وصول هذا المتحوّر إلينا”.

بين من يطمئن ومن يحذّر، لماذا لا يوقف لبنان الرحلات العراقية التي تصل يومياً إلى المطار، وقد تنقل إلينا المتحوّر الهندي؟ وهل تستطيع المختبرات اللبنانية كشف أنواع السلالات المنتشرة؟

ولفت دبيبو إلى أنّ “عدد الإصابات والوفيات ارتفع بشكل كبير ومخيف في الهند. وربّما تكون أكثر من تلك التي توثّق يوميّاً. لكن لم يُحَدَّد بعد مدى ارتباط الأمر بهذه السلالة، ومدى مسؤولية هذه الأخيرة عن انتشار الوباء بشكل كبير هناك، وهل السبب هو العادات الاجتماعية المتّبعة في الهند”. وتابع: “الهند خرجت من حجر صحيّ صارم إلى فتح سريع للبلد، ولم يلتزم السكان بالإجراءات الوقائية، فالتجمّعات البشرية كفيلة وحدها بانتقال العدوى بشكل كبير. وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات، وبالتالي الوفيات”.

وأكّد دبيبو أن “لا مؤشرات إلى مدى خطورة هذه السلالة، بل على العكس ثمة إشارات إلى أنّ هذه السلالة غير مختلفة عن باقي السلالات، خصوصاً أنّها رُصدت منذ مدّة في دول عدّة، منها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا. وهي لم تؤدِ إلى تفشي الوباء، بل بقيت الحالات هناك معدودة لأشهر عدة، ولم تطغَ هذه النسخة في تلك الدول”.

وختم: “لا مخاوف حالية من أن يكون هذا المتحوّر قادراً على تخطي المناعة التي توفرها اللقاحات. وليس من متحوّر شكّل، حتى الساعة، تحدّياً كافياً كي تقوم الشركات بتغيير لقاحها بشكل كامل، وخصوصاً لقاحيْ فايزر وموديرنا. ولم تطلب منظمة الصحة العالمية إنتاج لقاحات جديدة”.

البزري: الخطر موجود 

من ناحيته، رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري حذّر من خطر وصول المتحوّر الهندي وانتشاره في لبنان. وقد رُصد في 17 دولة، على الأقلّ. وكشف عن توصيات أصدرتها اللجنة لوزارة الصحة تقضي بحجر الواصلين من الهند “من أيّ جنسية كانوا، وأن تتأكّد أنهم غير مصابين بفيروس كورونا. وتواصلنا مع اللجنة الوطنية لتحديد نوعية الـpcr المُستعملَة للتأكد من جودتها وقدرتها على اكتشاف هذا المتحوّر، الذي اكتسب خصائص تدمج بين متحوّر جنوب إفريقيا والمتحوّرات الأخرى، فامتلك قدرةً على الانتقال والانتشار”.

وأوضح البزري أنّ “نشوء المتحوّر يحتاج إلى حرية انتقال من إنسان إلى آخر، ولذلك كلما ضيّقنا الخناق على الفيروس منعنا تحوّره وانتشاره”، لافتاً إلى أنّ “الهنود لم يلتزموا بالإجراءات الوقائية، وهذا سبب وضعهم الكارثي”.

ولاحظ “انتشار المتحوّر الهندي في أكثر من دولة لها علاقات اقتصادية وتجارية مع الهند. ونحن في لبنان معرّضون له من مسافري الهند، أو من دول لديها علاقة بالهند، أو لديها جالية كبيرة هندية”.

لا مؤشرات إلى مدى خطورة هذه السلالة، بل على العكس ثمة إشارات إلى أنّ هذه السلالة غير مختلفة عن باقي السلالات، خصوصاً أنّها رُصدت منذ مدّة في دول عدّة

وانتقد “التفاوت الكبير بين العرض والطلب على اللقاحات. فنحن في لبنان طلبنا 8 إلى 10 ملايين جرعة، لكن لم يصل إلينا منها سوى نصف مليون جرعة”. واعتبر أنّ “التقصير في إمداد اللقاحات سببه العجز عن إنتاج ما يكفي. ولأوّل مرّة في تاريخ البشرية، هناك 7 مليارات ونصف مليار إنسان يحتاجون إلى اللقاح في الوقت عينه والظروف نفسها. وهنا تلعب الأفضلية دوراً مهمّاً، بالنسبة إلى الدول الغنية والدول المنتجة للّقاحات، التي تمنع تصديرها إلى الخارج من أجل حماية بيئتها الداخلية”.

وتحدّث البزري عن فشل المنظمات العالمية و”كلّ أطر التعاون العالمية، بما فيها منظمة الصحة العالمية. حتّى كوفاكس، التي أنشأتها منظمة الصحة العالمية، فشلت في توفير اللقاح لدول العالم الثالث، ولم تفِ بالغرض الذي أُنشئت من أجله”.



وشرح البزري واقع اللقاحات التي وصلت إلى لبنان، معدّداً أسباب التأخّر:

1- “أسترازينيكا”: إذا لم يصل الى لبنان في شهر أيّار، فسنكون أمام ظروف شبيهة بالظروف الحالية، وستتأخّر وتتراجع عملية التلقيح، إذ كنّا نتوقّع وصول كميّات كبيرة منه.

2- “سبوتنيك”: لم تفِ الشركة المصنّعة بالوعد أيضاً. كلّ الذي تحقّق من وعودها هو وصول 50 ألف جرعة، أي ما يعادل 5% من الكمية الموعودة.

3- “سينوفارم”: وصل بكميات محدودة، لكن هذا اللقاح محدود الفعالية، كما بات معروفاً.

4- “فايزر”: لا مشكلة بالتسليم، فالشركة أرسلت كافة الدفعات التي تمّ حجزها من هذا اللقاح حتى الآن. 

من جهة أخرى، طمأنت مصادر مطلعة في وزارة الصحة عبر “أساس” إلى أنّ الوزارة تتابع أمر هذا المتحوّر، وستتّخذ الإجراءات اللازمة عندما يستدعي الأمر ذلك، مؤكدةً أن لا رحلات مباشرة إلى الهند، بل هي تمرّ عبر دول عدة، وجميعها اتّخذ إجراءات بهذا الشأن. وهذا يخفّف العبء عن لبنان. إلا أنّ المصدر رفض التعليق حول الرحلات العراقية، مشيراً إلى أن لا علاقة لها بالمتحوّر الهندي.

ولفت دبيبو إلى أنّ “عدد الإصابات والوفيات ارتفع بشكل كبير ومخيف في الهند. وربّما تكون أكثر من تلك التي توثّق يوميّاً. لكن لم يُحَدَّد بعد مدى ارتباط الأمر بهذه السلالة، ومدى مسؤولية هذه الأخيرة عن انتشار الوباء بشكل كبير هناك، وهل السبب هو العادات الاجتماعية المتّبعة في الهند”. وتابع: “الهند خرجت من حجر صحيّ صارم إلى فتح سريع للبلد، ولم يلتزم السكان بالإجراءات الوقائية، فالتجمّعات البشرية كفيلة وحدها بانتقال العدوى بشكل كبير. وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات، وبالتالي الوفيات”.

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …