رمضان في الأمثال الشعبية(٢/١): الفضائل، السحور، والمسحراتي…

زياد سامي عيتاني*


لأن لشهر رمضان مكانة خاصة عند كافة المسلمين كان حضوره في الذاكرة الشعبية أمراً حتمياً ويظهر في أحاديثهم وشعرهم ونثرهم ما يدل على ذلك وسنعرض هنا لبعض الأمثال الشعبية التي ورد فيها ذكر للصوم بصفة عامة أو لشهر رمضان بصفه خاصة لتعكس لنا صورة رمضان في الحياة العامة.
إنطلاقاً من هذه الإعتبارات سوف نقارب موضوع “رمضان فى الأمثال الشعبية” لمعرفة كيف عبرت به عن قيمها وثقافتها، لا سيما وأنها تتنوع هذه الأمثال تنوعاً شديداً، فهى تتحدث عن فضائله وخصائصه، وعن المسحراتي والسحور، وعن الطعام والجوع، وعن الأطفال، وعن سرعة إنقضائه والتحسر عليه ومن هذه الأمثال:


•أمثال عن فضل رمضان، والتحذير من التقصير:
يحضر شهر رمضان في لسانيّات الناس وأقوالهم حثّاً على الصيام، وبياناً لفضله وتذكيراً بأنه عبادة وفيه صحة وعافية.
كذلك، تُحاول بعض الأمثال التنبيه لخطورة أن يكون الانسان موسمياً في العبادة، أو أن يكون حظه من هذا الشهر هو جوع معدته.


ومن هذه الأمثال:


-“رمضان كريم”:

في هذا المثل إشارة واضحة إلى فضل شهر رمضان وإستعداد النفوس فيه للبذل والعطاء والتسامح، فيتسابق فيه الناس لعمل الخير والصدقات أكثر من أي شهر آخر، ففيه وصف لحال الناس كما فيه دعوة للجود والكرم وكثيراً ما يرددها السائلون والمحتاجون في هذا الشهر .
وهذا المثل صار مقولة للتهنئة في رمضان، وأصله لوصف كرم الناس وسماحتهم وطيب نفوسهم في هذا الشهر الفوضيل. ويقال للاعتذار عن العزومة في نهاره.


-“رمضان شهر الخير”:

وهو للتعبير عن كثرة الخير والبركات في هذا الشهر وأن الخير والإحسان يكثر، ويسارع الناس للتبرع والتصدق وإخراج الزكاة فيعم الخير جميع الناس.
-“صحة البدن في الصوم”:
وفي مِثلِ معناه ما قيل في الحديث “صوموا تصحوا”.
-“صوم وصلي رزقك على ربي”: ومثله قولهم “صوم وصلّي رزقك على الله”، ويقال لمن تعذر بمشقة العمل لترك العبادة.
-“اللي ما بصوم ولا بصلي رزقه بِولي”:
هذا المثل للدلالة على فضل الصيام والصلاة والتقرب من الله، فإن ذلك فيه زيادة الرزق والخير والبركة.


-“الصائم بلا صلاه مثل الراعى بلا عصاه”:

كثيراً ما يصوم بعض الناس، ثم يتكاسلون عن الصلاة، وهو أمر يحمل تناقضاً واضحاً. وهذا مايرصده المثل الذي يقوم على التشبيه التمثيلي، فالصائم الذي لايصلي شبيه بالراعي الذي فقد عصاه التي لايستقيم عمله بدونها.
-“ما تعيبوا يا قوم غير عَ الصلاة والصوم”:
وهذا المثل من الأمثال الحاثة على التمسك بالشعائر الدينية كالصلاة والصوم، وكثيراً ما يُقال عند حالات الطُلبة للزواج.
-“كل شيء عادة حتى الصوم والصلاة والعبادة”:
ويقال للتبيين بأن الإنسان إذا إعتاد على عمل شيء معين ولو كان من الأعمال التعبدية فسيصبح عادة يصعب تركها.


-“صوّام الدهر ما إله أجر”:

وهو قريب من الحديث النبوي “لا صام من صام الأبد”.
-“متل رمضان بِطُلّ بالسنة مَرة: وهو يُقال للشخص الذي نادراً ما يُرى بين الناس لانشغاله ونحوه.


-“عبّاد شهره”:
يضرب للذي يصلي فقط في رمضان، أو من يؤمن بالحاجة عند وقتها فقط، ويتصرف على غير سجيته.
-“لا فيك ولا في صيامك”:
يضرب لمن لا يصون صيامه، ولا يراعي حرمة الشهر.

-“صوم الدجاجة والديك”:
هذا المثل مبنيٌ على أسطورة تقول إن جميع الحيوانات كانت ناطقة فى يوم من الأيام فاتفق الديك والدجاجة على الصيام عن كل شىء ماعدا الطعام والشراب والجماع ويضرب لمن يفطر فى السر ويدعى الصيام فى العلن.

-“مثل كلب رمضان”
يقال للشخص الذي يفطر في نهار شهر رمضان. وأحياناً يستخدم لممازحة الأطفال لتشجيعهم على الصيام.

-جُوع كلاب:
يقال لمن لا يعطي الصيام حقه، ويكون نصيبه من الشهر الجوع فقط.

-“صام يوم وقال قديش باقي للعيد”:
ويقال للمتعجل الملول الذي لا طاقة له على الصبر.


•أمثال المسحراتي والسحور:
“المسحراتي” من أهم مشاهد رمضان في ذاكرة الناس، ولا يزال صدى رنين طبلته وصوته حاضراً في الذاكرة.
وكان المسحراتيون ينتظرون شهر رمضان بفارغ الصبر لأنه مصدر دخلهم. والمثل هُنا يشير لذلك بطريقه طريفه:
-“جيت أبيع الحنة كترت الأحزان ورحت أعمل مسحراتي قالوا خلص رمضان”:
يقال هذا المثل للدلالة على سوء الحظ، حيث يفكر الشخص في أمر ما، لكن لسوء الحظ لا يستطيع استكماله بل وتقف أمامه العراقيل.

-“سموك مسحر، خلص رمضان”:
ويُضرب هذا المثل للدلالة على سوء الحظ وصاحب الحظ العاثر
كما أنه يعبر عن ذم القيام بالعمل فى غير موعده، فالمسحراتي لاعمل له إلا فى رمضان فإذا إنقضى هذا الشهر إنتهى عمله.

-“إللى بيتسحر مع الأولاد يصبح فاطر”:
يقال للحث على النظر للأمور بكثير من الجدية وعدم التهاون بعيدا عن ما يتسم به لعب الأطفال.
-“إللي تسحر إتسحر، وإللي ما تسحر طلع عليه الفجر:
من الأمثلة التحفيزية على أداء المهام بسرعة وهمة ونشاط في وقتها حتى لا يفوت الأوان أو يداهمنا الوقت، مثل موعد السحور فمن تسحر يصوم وهو مطمئن ومرتاح، ومن لم يفعل ذلك يداهمه الوقت ولا ينفع معه بعد ذلك الطعام.

-“إللي بتتسحر مع لولاد، بيصحا مفطر”:
لأنه سينشغل بالأطفال وإطعامهم ومشاكلهم ولذا ينصح المثل بعدم تناول السحور معهم.


*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.
-يتبع: الطعام، الأطفال، وسرعة إنقضائه.

شاهد أيضاً

شباب لبنان …شباب العلم

/ابراهيم ديب أسعد شبابٌ إلى العلياءِ شدّوا وأوثقوا وطاروا بأسبابِ العلومِ وحلّقوا وقد ضمّهم لبنانُ …