المفتي قبلان: حكام أشبه بالتماسيح

فضل الله للمسؤولين: إرفعوا أيديكم

أحمد موسى

اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن الحل بقرار وطني وبشراكة لمحاسبة من نهب البلد وليس باستجلاب طواغيت الأرض تحت ستار القرار 1559، فيما دعا العلامة السيد علي فضل الله المسؤولين إلى ان يرفعوا أيديهم عن القضاء ولا يُقحموا الجيش في أتون الصراع السياسي، المفتي قبلان والسيد فضل الله كانا بتحدثان خلال خطبة الجمعة.

قبلان: الحل ليس باستجلاب طواغيت الأرض تحت ستار القرار 1559

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها: أننا “في بلدنا اليوم نعيش قطيعة كبرى مع الله سبحانه وتعالى، مع القيم الإلهية، مع الأخلاق الإلهية، بفساد سلطة، نهب دولة، حكام بعقليات مالية تجارية أشبه بالتماسيح في بلد منهوب، أسواقه محتكرة، شعبه محاصر بالكارتيلات المالية والنقدية، بكبار المستوردين والتجار المحميين المحظيين، الذين يمارسون عملية قتل علنية في حق شعب هذا البلد وإنسانه. ورغم ذلك، هناك من يصر على أن البلد بخير، مع أن أكثرية شعب هذا البلد يتم تجويعه بفعل طبقات سياسية مالية أكلت الأخضر واليابس، وحولت البلد إلى جيفة”.
لعبة قتل الناس
وتابع المفتي قبلان: “الآن اللعب بالسياسة على قاعدة “راس براس”، و”ما حدا بجوع”، و”ضهر الناس حمال”، وكأن الطبقة السياسية المالية في عالم آخر، فقط لأن الناس تلفظ أنفاسها بصمت”، مؤكدا أن “المطلوب الآن كسر الجمود السياسي ومنع لعبة قتل الناس، المطلوب طبقة سياسية بحجم أزمة الناس وجوعها وضياع أموالها ومستقبل أجيالها، المطلوب صرخة بحجم خيانة من خان، بعيدا عن كواليس الطبخات الدولية ولعبة الأجهزة، وفواتير الشوارع، المطلوب انتفاضة ضمير وصرخة تجمع اللبنانيين على حقيقة أن من حكم طيلة عقود سرق البلد وشارك الطبقة المالية لعبة الإفلاس. المطلوب أن يشعر المسلم والمسيحي أنهما ضحية فساد سياسي مالي أفلس البلد، ونهب الموارد العامة لأهداف خاصة وشخصية. والآن البلد يخسر شعبه وعقوله والقدرات العلمية والمهنية، وهناك من يحمل البلد في حقيبة ويهاجر. نعم، يوجد الآن قسم من العائلات اللبنانية تنزح نحو مخيمات اللاجئين والنازحين، وهناك من يموت جراء ذبحات قلبية ودماغية لأنه لا يتمكن من ثمن دواء”.

واعتبر المفتي قبلان أن “الناس جوعانة تعبانة يائسة، يتم قتلها بألف وألف طريقة، وهناك من يعطل الحل بشكل كيدي ويراوغ ويطعن بالظهر، ويدفع نحو قتل الناس وبؤسها ويأسها وخراب البلد”.
جولات استعراضية
وعلى المستوى الوطني، شدّد المفتي قبلان على أن “الحل في الداخل وليس في الخارج، الحل بتضامن وطني وليس بجولات استعراضية، الحل بتضحية اللبنانيين وتفانيهم لصالح وطنهم، وليس بالتضحية بهم، الحل بقطع يد من نهب وما زال يلعب بالقرار السياسي على طريقة لا حكومة ولا إنقاذ، الحل بحماية القرار السياسي عبر حماية سيادة لبنان وطريقة الحكم فيه، وليس ببيع السيادة وتحويل لبنان إلى بلد انتداب أو مستعمرة وجزر استيطان، الحل بالتقارب بين اللبنانيين، وليس باستجلاب الخارج وتحريضه على تحويل لبنان إلى محمية أميركية، الحل بتضامن إسلامي مسيحي، وليس بالتحريض على فتنة إسلامية مسيحية. على أن من سرق البلد هو المسؤول عن الكارثة الوطنية، وليس من حرر وحمى وما زال يشكل أكبر ضمانات وجود لبنان وشراكته الوطنية السيادية، الحلّ بإقرار البعض أن من حرّر وقاوم طيلة عقود قاوم وحرر ليحمي لبنان وليس المناطق الطائفية، وحرّر ليستعيد الدولة والمؤسسات الحكومية والقرار السياسي والعيش المشترك، وقد حقق ذلك عبر تضحيات لا حد لها، فقط ليحمي لبنان ووحدته الوطنية، الحل بإقرار البعض بأن طهران حينما دعمت المقاومة وساندتها فعلت ذلك لتحمي الوجود المسيحي المسلم، ضمن دولة لبنانية وشراكة إسلامية مسيحية، وليس كيانا إيرانيا، بل مقاومة أصيلة، من جذور لبنان وتراب أرزه وصميم تاريخه الأول؛ مع افتخارنا الكبير بدعم طهران التي قدمت للبنان كل الإمكانات التي ساهمت بالتحرير والنصر واستعادة سيادة لبنان، فيما قدم غيرها الخناجر المسمومة. الحل بالإقرار بأن إسرائيل عدو لبنان وصاحب أكبر تاريخ إجرامي في هذا العالم، الحل بقرار وطني كبير وبشراكة دينية سياسية تنهض لمحاسبة من نهب البلد، وليس باستجلاب طواغيت الأرض تحت ستار القرار 1559 لقتال من قاوم وحرر وما زال يقاوم ويحمي. من هنا يبدأ الحل، وما دونه جريمة بحق البلد والوطن والضمير، لأن من لم يشكر الناس على ما قدمت وضحت لم يشكر الله، وتلك كارثة كبرى دينيا وأخلاقيا وتاريخيا ووطنيا”.
جيش وشعب ومقاومة
أضاف المفتي قبلان: “والمنطق التاريخي والأخلاقي يقول: لا وجود للبنان على خريطة السيادة من دون جيش وشعب ومقاومة”.
ليختم المفتي قبلان: “المطلوب إنقاذ الوطن لا تحريض الجيوش على غزوه، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب: “إنما عمرت البلدان بحب الأوطان” ومن أحب وطنه ضحى من أجله وبذل الغالي والنفيس، ليبقى له وطنا، وليس مستعمرة أو مستوطنة أو مشروع انتداب”.
فضل الله للمسؤولين: ارفعوا أيديكم عن القضاء ولا تقحموا الجيش في أتون الصراع السياسي
العلامة السيد علي فضل الله، قال في خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، “إن هذا البلد الذي تستمر فيه الأزمات على كل صعيد من دون أن تلوح أي بارقة أمل في حلول تنقذ البلد من الانهيار، سواء من الداخل أو الخارج، بعدما أصبح واضحا أن لا حكومة في وقت قريب، ولا مساعدات خارجية تخفف من وطأة هذه الأزمات عليهم. في هذا الوقت تبرز إلى الواجهة العديد من الملفات التي نراها ضرورية لمواجهة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، فبعد ملف التدقيق الجنائي لكشف ما كان يجري من فساد في المؤسسات، يبرز في هذه الأيام ملف الشركات المالية التي قد يكون لها دور في تهريب الأموال إلى الخارج أو حجب الدولار عن السوق المحلي والذي يتسبب في ارتفاعه”.
لإجراء التحقيقات
وتابع: “ونحن في هذا المجال، أكدنا ونؤكد ضرورة أن تشرع الأبواب لإجراء أي تحقيقات على صعيد هذا الملف وأي ملف من ملفات الفساد، وأن لا يتذرع بأي شكليات تمنع من معرفة أين ذهبت أموال اللبنانيين أو من يتلاعب بلقمة عيشهم واقتصادهم، على أن تكون بعيدة كل البعد من الحسابات السياسية، أو أن تكون واحدة من أدوات هذا الصراع السياسي الجاري في البلد، بحيث تفتح لحساب سياسي وتغلق لحساب سياسي أو تخضع للاستثناء”.
قوى متصارعة
واكد فضل الله ان “مصالح اللبنانيين ومقدراتهم وأموالهم لا ينبغي أن تدخل في التراشق السياسي بين القوى المتصارعة، ومن هنا فإننا دعونا وندعو إلى قضاء عادل ونزيه ومستقل وبعيد عن الشبهات يحكم باسم اللبنانيين ولحسابهم لا باسم هذا الفريق السياسي أو ذاك.. ومع الأسف أظهرت الأيام الماضية، ما نخشى منه على الجسم القضائي وهو التطييف والتسييس والانقسام، والذي إن استمر سيهدد مصداقية هذا القضاء ويفقد اللبنانيين أملا جديدا في الإصلاح وإيجاد المخارج للأزمة الاقتصادية المالية والاقتصادية والمعيشية بكل تداعياتها حيث لا أمل ببناء وطن ولا تحقق العدالة فيه بدون قضاء نزيه وعادل يملك الحرية ولا تقيده القيود السياسية والمصالح الفئوية”.
إرفعوا أيديكم
واضاف: “من هنا، فإننا نقول لكل من هم في مواقع المسؤولية، أرأفوا بهذا البلد ولا تزيدوا يأس إنسانه يأسا، ارفعوا أيديكم عن الباقي من مؤسسات الدولة، والتي يلجأ إليها الناس ويحتمون بها، أرفعوا أيديكم عن القضاء واتركوه حرا طليقا، وهو بذلك سيكون ضمانة للناس ولكم.. فإذا كنتم تراهنون الآن أن مواقعكم تحميكم وبيدكم قرار البلد، فلن تحميكم عندما تتبدل الظروف وتتغير المواقع. ومن جهة ثانية، فإننا ندعو إلى عدم إقحام الجيش وإدخاله في أتون الصراع السياسي الدائر في البلد، إذ ينبغي الحفاظ على هذه المؤسسة واستقلاليتها ومصداقيتها، حتى تؤدي دورها وتبقى صمام أمان وعنوانا جامعا للبنان واللبنانيين”.
سلاح التحرير
وقال: “بالانتقال إلى الحديث الجاري الذي يصدر عن مراجع دينية أو سياسية حول سلاح المقاومة، فإننا نعيد التأكيد لما أشرنا إليه سابقا، وهو ضرورة عدم التنكر للدور الكبير الذي قام به هذا السلاح في تحرير الأرض وحماية الوطن من العدوان الصهيوني ومن الإرهاب وما قدمته المقاومة اللبنانية في هذا الطريق من الشهداء والجرحى، وما حققته من التوازن الذي جعل العدو الصهيوني يعد للمئة قبل أن يقدم على أي مغامرة عدوانية على لبنان، وإذا كان هناك أية هواجس أو مخاوف من هذا السلاح ومن دوره، فهذا لا يعالج عبر المنابر أو التصريحات بقدر ما يعالج بالحوار البناء المطلوب، والتواصل الذي لم ينقطع ولا ينبغي أن ينقطع في يوم من الأيام والذي يأخذ بالحسبان هواجس الجميع”.
رفع الدعم
وتابع: “أما على الصعيد الداخلي، فإننا على وقع تصاعد الأزمات المعيشية والحياتية، والتي قد تكون تداعياتها أكبر في قادم الأيام في ظل الحديث عن رفع الدعم عن السلع الأساسية الذي بات أمرا واقعا، فإننا ندعو اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم، والمقيمين فيه والمغتربين، إلى توحيد جهودهم وطاقاتهم وقدراتهم لمواجهة أية تداعيات قد تنتج عن هذا الواقع الصعب، حتى نتجاوز هذه المحنة بأقل قدر من الخسائر والأضرار ونحمي هذا البلد من تداعيات الانهيار بحيث تكون مبادرات الخير عامة وشاملة للجميع”.
تهويد القدس
ليختم السيد فضل الله: “أخيرا، نشعر بالاعتزاز بأهالي القدس الذي يقفون بكل عزيمة وإرادة رغم الظروف الصعبة التي يعانون منها، في مواجهة غطرسة الكيان الصهيوني ويمنعونه من عمله الدؤوب لتهويد هذه المدينة وتهويد المسجد الأقصى مكانيا بعد تهويده زمانيا، وندعو كل الشعوب العربية والإسلامية إلى الوقوف معهم لشد عزيمتهم ولإشعارهم بأنهم لا يقفون وحدهم، بل معهم كل الشعوب العربية والإسلامية وجميع المستضعفين”.

شاهد أيضاً

طرابلس عاصمة للثقافة العربية

  المرتضى من بلدية طرابلس: مرحلة الانقسام والتجاذب رحلت ولن تعود ونستبشر بمرحلة جديدة تجلب …