هل تعود الحرب العالمية الباردة من باب “شهادات التلقيح”؟

البروفسور غسان سكاف
الجامعة الأميركية في بيروت

بالرغم من تسارع وتيرة التلقيح عالمياً لمكافحة وباء كورونا يبدو أن الأيام الصعبة والسوداء ما زالت أمامنا وليست وراءنا وستمتد على الأقل حتى سنة ٢٠٢٢. ففي السنوات القليلة القادمة وحتى زوال خطر هذا الوباء فإن شهادات الحصول على التطعيم أو إجراء فحص يثبت الخلو من فيروس كورونا أو توافر مناعة ضده سوف تصبح معالم حياة الناس في العالم.
نعيش اليوم على مشارف حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة الاميركية ودول اوروبا الغربية من جهة وكل من روسيا والصين من جهة ثانية. فإذا أكملت السياسة الخارجية الأميركية الجديدة مسارها في الاتجاه نفسه الذي بدأته بعد أن نجحت في الوصول الى البيت الابيض والكونغرس، فستكون النتيجة الفعلية توتراً عالمياً جديداً قد تصل بالعلاقات الأميركية الروسية الى أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
أمًا الصين فتجد نفسها اليوم في مرمى العقوبات الأميركية على خلفية اتهام اميركا لها بسرقة ملكياتها الفكرية بالإضافة الى سجل الصين في مجال حقوق الإنسان، فيما بدأ الرئيس بايدن بمغازلة الهند لاستقطابها الى المعسكر الغربي في خضم مواجهة عالمية جديدة ما يمكن أن يؤدي بالصين، ولو مرحلياً، الى توطيد علاقاتها بروسيا كما فعلت مع إيران. إذاً سيكون هناك في المرحلة القادمة تداعيات ومتغيرات ناجمة عن المواجهة بين الغرب والشرق.
لقد علمنا التاريخ أن الأوبئة تُسطِر ثقافة جديدة في العالم، وأنه عندما يخيم التوتر على العلاقات بين الشرق المتمثل بالصين وروسيا والغرب المتمثل بالولايات المتحدة الأميركية ودول اوروبا الغربية ، يدخل العالم في حرب باردة جديدة تُستعمل فيها أسلحة جديدة سيدفع ثمن تداعياتها المسافرون بين بلدان العالم المختلفة. وفي خضم هذه التجاذبات بين صراع القوى العالمية وتفشي الوباء ومحاولة السيطرة عليه باللقاحات المختلفة، تساؤلات عديدة تُطرح:

  • هل ستلجأ الولايات المتحدة الأميركية والدول والدول الأوروبية الغربية الى عدم الاعتراف “بشهادة التطعيم المضاد لفيروس كورونا” لدخول أراضيها إذا كان صاحب شهادة التلقيح قد تلقى لقاحاً صينياً أو روسياً ما سيؤدي الى تسييس عمليات التلقيح وخلق توتر عالمي جديد سيترجم لاحقاً في إقصاء الملقحين باللقاحات الروسية والصينية من الدخول إلى الأراضي الأميركية والأوروبية؟
  • وهل سيؤدي اعتماد “جواز سفر صحي” أو “جواز مرور كورونا” الى التمييز بين المواطنين وخرق خصوصيتهم وحقوقهم والحدّ من حرياتهم الفردية وربما أيضاً سيضر بمبدأ سرية المرضى وتعزيز شعور المسافرين بالانقسام؟
    شهادات التلقيح هذه، وحتى لو لم يتم استعمالها في النشاطات المجتمعية اليومية كالعودة الى المسارح والنوادي الليلية وأماكن النشاطات الرياضية الجماهرية، ستكون لا محالة مفروضة على المتنقلين بين البلدان المختلفة خصوصاً عندما يكون هناك تفاوت كبير في نسبة الملقحين والمناعة المجتمعية بين الدول.
    بالفعل إنه مشهد عالمي مفتوح على كل الاحتمالات في مناخ تراجع الثقة وسقوط المسلمات. ولكن، “لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل سياسات محكومة دائماً بالمصلحة” كما قال ونستون تشرشل.

شاهد أيضاً

عون التقى محفوظ في اليرزة

استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة رئيس عام الرهبنة اللبنانية …