حوار مع الكاتب والمحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الاوسط .. الدكتور حسن مرهج..

أجرى الحوار: حسين المير

من الإرهاب الإقتصادي والعسكري الأمريكي في سورية وعودة العلاقات التركية المصرية .
والخلاف الروسي التركي حول اوكرانيا، وأعمال قسد الإنفصالية في المنطقة الشرقية لسورية.
حول مجمل هذه المواضيع والتطورات أجرينا هذا الحوار مع الكاتب والمحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الاوسط .. الدكتور حسن مرهج ..
في بداية الحوار نرحب بالدكتور حسن مرهج في موقع ومجلة كواليس وأهلاً وسهلاً بك دائماً .
ونبدأ الحوار ..

السؤال الأول:
*الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تواصل إرهابها العسكري والإقتصادي في سورية وتعزز قواعدها اللاشرعية في المنطقة الشرقية من سورية .
مادلالات هذا التعنت الأمريكي أمام المجتمع الدولي
وكيف ستتعامل القيادة السورية مع هذه الحالة .؟؟ .

الدكتور حسن مرهج :
بداية لا يمكن النظر إلى الوجود الأمريكي في سوريا من زاوية الإرهاب الأمريكي الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري، فالبعد الاستراتيجي لتواجد هذه القوات، يأخذ منحى مرتبط بجملة من السياسات والتوجهات الإقليمية، خاصة أن الحرب على سوريا وما انتجته من تحالفات واصطفافات على المستوى الإقليمي والدولي، أخذت مساراً جديداً لا يمكن للإدارة الأمريكية التغاضي عنه، أو التعامل معه في إطار التطورات الطفيفة َالتي حكماً ستؤثر على تحالفات واشنطن في المنطقة انطلاقاً من سوريا.
إذا لنتفق على أن التواجد الأمريكي في سوريا يأتي في إطار التنافس مع قوى إقليمية ودولية تراها واشنطن تهديداً للهيبة الأمريكية، وبالتالي فإن واشنطن تحاول هندسة واقع توافقي ان صح التعبير، مع كل هذه القوى سواء روسيا او إيران، وهنا تبرز جزئية غاية في الأهمية تتعلق بدور الأمم المتحدة والقوانين الدولية التي لا تُجيز التدخل في شؤون دولة ذات سيادة خارج إطار مجلس الأمن، لكن واشنطن للأسف خارج هذا التصنيف وتضرب بعرض الحائط كل هذه القوانين الدولية بل وأكثر من ذلك فإن واشنطن تحارب المجتمع الدولي على اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية راعية الأمن والسلام والديمقراطية، لكن ثبت للمجتمع الدولي بأن هذه المصطلحات لم تكن الا وسيلة للاستعمار الجديد واداة للتدخل في شؤون الدول في المنطقة، وعليه ينبغي حقيقة النظر الى هذا الأمر بجدية وتعديل هيكلة الأمم المتحدة وقوانينها بما يضع حدا للممارسات الأمريكية خارج إطار المجتمع الدولي.
في المقابل، أدركت القيادة السورية باكراً حقيقة التوجهات الأمريكية في سوريا، ودمشق ونتيجة سياستها الإستراتيجية بعيدة المدى تمكنت من تأطير جل التوجهات الأمريكية في شمال شرق سوريا تحديداً، فالمعادلات التي انتجتها دمشق وضعت الإدارة الأمريكية أمام معطيات جديدة لا يمكن تجاوزها، اذا فُرضت على هذه الإدارة التعاطي مع دمشق من تحت الطاولة، وكذا التعاطي مع روسيا لتنسيق الأوضاع في سوريا، أما تركيا وقسد فهما اداتين لا قيمة لهما في عمق التوجهات الأمريكية والروسية وضمناً السورية.
في ذات الإطار فإن دمشق أطلقت يد المقاومة الشعبية في الشمال الشرقي من سوريا، وهذه المقاومة منذ ما يقارب السنة بدأت عمليات نوعية استهدفت بموجبها القوات الأميركية وادواتهم في شمال شرق سوريا، وكان هذا الأمر كفيلاً بتغيير الوقائع وسيكون لهذا التطور مساراً لمصلحة سوريا، إذ أن واشنطن لا تحتمل تداعيات مثل هذه العمليات، والامثلة كثيرة في هذا الإطار.

السؤال الثاني:
*سمعنا عن تقارب مصري تركي جديد وزيارة قريبة لوفد تركي إلى القاهرة.. وإحتمالية عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها.
هل ستؤثر عودة العلاقات بين البلدين على الملف السوري وسيكون لمصر دوراً مساعداً في الحل؟؟ .

الدكتور حسن مرهج:
حقيقة الأمر لا يمكن التنبؤ بمثل هذا السيناريو المتعلق بالدور المساعد لمصر في حلحلة الوضع السياسي في سوريا، لأن التقارب التركي المصري او عودة مثل هذا التقارب ينطلق من محددات تراها تركيا ضرورية خاصة بعد الوقائع الجديدة التي فرضتها وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض وطريقة تعاطيه مع تركيا، وبالتالي تحاول تركيا هندسة تحالفات جديدة تكون بمثابة طوق امان لها في وجه السياسات الأمريكية المحتملة تجاه أنقرة.
ولنكن صريحين في هذا الإطار، فالحل السياسي في سوريا وضع على الطاولة الأمريكية والروسية وبتوقيت دمشق فقط، ولا يمكن لا لتركيا او لمصر تحديد مثل هذا المسار، فالدولة السورية فرضت على الجميع وقائع لا يمكن لأحد تخطيها، وتركيا كما قلنا هي أداة وبيدق اطلسي متقدم في المنطقة، وما يتفق عليه روسياً وأمريكياً ستكون أنقرة مجبرة على تنفيذه.
في الحديث عن عودة العلاقات المصرية التركية هناك جزئية لابد من الإضاءة عليها، هذه الجزئية تتعلق بنوعية التحالفات والاصطفافات الجديدة والتي جاءت وستكون بعد قدوم جو بايدن اولاً ومن ثم بعد علاقات التطبيع الجديدة بين بعض الدول وإسرائيل، هذا الواقع الجديد سيؤثر بلا ريب على مختلف ملفات الشرق الأوسط بما في ذلك سوريا واليمن والملف النووي الإيراني، وبالتالي الحديث عن علاقات تركية مصرية يأتي في إطار الاصطفاف الجديد المبني على الواقع الشرق أوسطي الجديد.
حقيقة نعول على عودة الدور المصري القوي والفاعل والمؤثر في جل قضايا المنطقة، وتحديدا سوريا التي تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر، ونأمل حقيقة بأن يكون للدور للمصري بعداً استراتيجياً ضامناً لكل التوجهات العربية في المنطقة عموما.

السؤال الثالث:
*لاحظنا وجود خلاف مستجد بين تركيا وروسيا حول التدخل التركي في اوكرانيا والتي هيِّ خط أحمر عند الروس.
هل ستغير روسيا سياستها تجاه تركيا في سورية بعد هذا الخلاف ونرى تصعيداً في منطقة إدلب؟؟ .

الدكتور حسن مرهج:
العلاقة التركية الروسية لا ينظر إليها من الزاوية السورية حصراً، خاصة أن هذه العلاقة متشعبة وعميقة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، واي جزئية في سياق السياسية التركية إقليمياً ودولياً تنطلق من محددات البحث عن أوراق قوة ضاغطة بوجه روسيا وامريكا، وبالتالي فإن تركيا وتوجهاتها الجديدة في أوكرانيا هي فقط لتحصيل مكاسب سياسية.
في جانب أخر فإن روسيا وبحسب تقارير عديدة فإنها ضاقت ذرعا بالممارسات التركية ونلاحظ بأن السياسية الروسية الجديدة تقوم على مبدأ تأديب تركيا في بعض الملفات، وتدرك في المقابل تركيا ان لا طاقة لها على مواجهة روسيا لا في سوريا ولا في غيرها من المناطق، وتدرك أيضاً أن العلاقات الاقتصادية بين موسكو وانقرة لها أهمية خاصة تحديداً في ظل ما تعانيه تركيا من تدهور اقتصادي وانخفاض في مستوى قيمة الليرة التركية، وعليه فان تركيا تدرك أهمية الدور الروسي في هذا الإطار ولا تجرأ على التمادي اكثر لا في أوكرانيا ولا سوريا.
نعود ونذكر بأن تركيا أداة اطلسية، ومن البديهي في اي توتر روسي أمريكي ان تُطل تركيا برأسها، إذ لم يعد خافياً أن العلاقات الأميركية الروسية تمر بأسوأ أطوارها منذ وضعت الحرب الباردة أوزارها قبل 30 عاماً، والملفات الخلافية بين البيت الأبيض والكرملين متعددة، من وضع المعارض الروسي أليكسي نافالني وما يستتبعه من تنديد أميركي بسجل حقوق الإنسان في روسيا، إلى الاتهامات الأميركية لموسكو بشن هجمات سيبرانية العام الماضي ضد شركات أميركية، بينها من يقدم خدمات للبنتاغون ووكالات حساسة أخرى، إلى مزاعم بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عامي 2016 و2020، إلى أوكرنيا وسوريا. وبالتالي تركيا دائماً ما تبحث عن مقعد بين الكبار لكن وعلى اعتبار انها أداة وبيدق لن تتمكن من تحصيل سوى المزيد من الخيبات والانكسارات، الأمر الذي سينعكس سلباً على الداخل التركي وعلى مستقبل رجب طيب أردوغان السياسي.
فقط أود التنويه إلى أن ملف إدلب بحكم المنتهي وهو بانتظار ساعة الصفر وقلب الطاولة على الجميع، فالحشود العسكرية السورية تدلل صراحة على أن الدولة السورية عازمة على إنهاء هذا الملف بالوقت القريب.

السؤال الرابع :
*في تصريح لرئيس الوزراء العراقي الكاظمي يطالب بعودة سورية إلى مقعدها ودورها في الجامعة العربية
هل سنرى إجماعاً عربياً على عودة سورية إليها وهل سنشهد تغييراً في السياسة العربية تجاه سورية
وما أهمية عودتها إلى الجامعة؟؟ .

الدكتور حسن مرهج:
كثر الحديث مؤخراً عن رغبات إقليمية بعودة سوريا إلى الجامعة العربية وضرورة أن يعود المقعد السوري إلى هذه الجامعة لما له من أهمية إقليمية ودور فاعل ومؤثر، لكن السؤال الاهم أين كانت هذه الجامعة أثناء الحرب على سوريا، وما هو دور هذه الجامعة في كل القضايا العربية، والطامة الكبرى دور الجامعة التآمري على سوريا خلال الحرب عليها.
كل هذه التساؤلات تفترض مقاربة واضحة وصريحة لجهة دور الجامعة.
حقيقة الأمر الإشكالية لا تكمن في التجاذبات والتباين لجهة عمل الجامعة، لأن الإشكالية الأساسية اليوم تكمن في أن القرار العربي بات مرتهنًا للخارج، وهذا الإرتهان الموصوف يكاد يرقى لدرجة العمالة والتأمر على الدول العربية التي تناهض السياسات الأمريكية في المنطقة، وبالتالي فإن ما يريده الأمريكي وكذا الإسرائيلي من الجامعة العربية يتم دون نقاش، ولاحظنا أن ليبيا كيف أصبحت مشرذمة جراء قرار أمريكي وتنفيذ عربي، وكذلك سوريا، لكن المسألة السورية في هذا الإطار تختلف عن ليبيا أو غيرها من الدول العربية التي لم تتخذ موقفا شُجاعا حيال الإملاءات الأمريكية، نتيجة لذلك فإن ما يُمكن تسميته بالتجاذبات والتباين ينبع أصلاً من عدم اتخاذ قرار عربي موحد، فضلاً عن الارتهان العمالة للأمريكي وقراراته، وبذلك فإن الجامعة العربية غدت أداة أمريكية يُراد منها تطبيق القرار الأمريكي.
تخيلوا بأن سوريا العضو المؤسس والفاعل في الجامعة العربية، هي اليوم خارج هذه الجامعة بقرار أمريكي سعودي قطري، وبطبيعة الحال الحديث عن عودة دمشق إلى الجامعة يحتاج إلى خطوات على الجامعة العربية اتباعها للوصول إلى دمشق، هي خطوات سياسية واقتصادية كما ذكرت، لكن ضمن ذلك فإن لدمشق أيضًا شروطها، وهذه الشروط تُمثل ميثاق عمل للجامعة العربية، وبالتالي من المنطقي والمؤكد بأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية يُمثل بُعدا استراتيجيا للأقليم بشكل كامل، ويمثل مصلحة عربية مشتركة، سوريا هي العمود الفقري للعرب وأخر قلاع المقاومة العربية.

السؤال الخامس :
*برأيكم :إلى متى سيبقى الصمت عن أفعال المرتهنين للمحتل الأمريكي من عصابات قسد الإنفصالية والتي تتعمد إطالة تفعيل الحل السياسي في سورية وتتعاون مع الأمريكي في سرقة ونهب ثروات سورية ومقدرات الشعب من قمح ونفط وتحاصر أهالي المنطقة الشرقية؟؟ .

الدكتور حسن مرهج :
قسد تعد جزئية لا قيمة لها في سياق الإستراتيجية الأمريكية في سوريا، وهي آداة فقط لتنفيذ المخططات الأمريكية، لكن هناك جملة من التطورات فرضت على قسد التعاطي بشكل اخر مع واشنطن، فالقيادة السياسية لما يسمى قسد تدرك انها مجرد أداة سيتم التخلي عنها عند أي منعطف استراتيجي يتعلق بالحرب على سوريا، نتيجة لذلك شاهدنا مؤخراً توجهات جديدة لهذه الجماعة لجهة نسج تحالفات وإن كانت غير ظاهرة لكن هناك تحالفات مع دمشق ومع موسكو، إذ لا يمكن لقسد التفرد بمواجهة تركيا ولا يسمح لها اساسا بمواجهة تركيا الاطلسية، وبالتالي فإن قسد وكل ممارساتها وسياساتها في سوريا لا تأتي الا في إطار القول اننا هنا ونحن لاعب مهم في سوريا لكن نحتاج إلى ضمانات.

في نهاية هذا الحوار المميز والمعلومات المهمة والتحليل الرائع الذي قدمه لنا الدكتور حسن مرهج
له منا ومن أسرة موقع ومجلة كواليس جزيل الشكر والتقدير ودائماً نرحب فيه في موقع كواليس ..

حوار : حسين المير

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …