من وحي آلام المسيح

د. علي رفعت مهدي

• 

كم هو عظيم هذا الشعب اللبناني البائس الفقير ( المشحّر المعتّر ) … !!!
كم هو عظيم يحتفي بالجمعة العظيمة واسبوع الآلام في زمن صارت فيه كل جمعاته عظيمة باحزانها واتراحها وازماتها ونواحها وعويلها وبكائها وصراخها ونحيبها !!! واضحت كل اسابيع سبتاته مؤلمة ومفجعة بآلامها ودمائها واوجاعها واسقامها وجراحاتها التي لا تندملُ ولا تُشفى ولا تعرفُ لذلك سبيلا ؟؟!!!
كم هو جبّار هذا الشعب اللبناني الفقير الراجي للخلاص من جحيم الذين قادوه الى مسلخِ نهايته وسقرِ ناره ؛ وقتلِ آماله …!!!
كم هو عنيد هذا الشعبُ الفقير … وهو يرجو القيامة من بين اموات طغاةٍ ظلموه وافسدوا حرثه ونسله ؛ وقطّعوا اوصاله ؛ واحرقوا كيانه ؛ وجزّروا نفوس ابنائه ؛ ودمَّروا بنيانَ حياته ؛ واوقدوا الغلّ المذهبي والطائفي المقيت بين اترابه ؛ وبنوا جُدُرَ الحقدِ والخوفِ والرّعب على تراب اجداده …!!!
كم هو عظيمٌ هذا الشعب الصّابر المحتسب المتألِّم !!! وكم هو بسيطٌ _ كي لا نقول كلمة اخرى _ وهو يصدّقُ ملوكَ طوائفه ؛ وزعماء مذهبياته ؛ وصانعي احقاده ؛ وهو يمجِّدُ اخطاءهم ؛ ويبرِّرُ ترّهاتهم وسخافاتهم منذ مئة عامٍ مرّت … مئة عامٍ من حكمِ طغاةٍ _ يتخذهم بعض هذا الشعب اللبناني قدوةً _ وهم الذين غرسوا على حدود لبنان ” غدّةً سرطانيّةً ” سرقت مهدَ المسيح ؛ ومهدَ جمعته ؛ وسبت آلامه ؛ وصادرت فصح قيامته ؛ المسيح الذي طرد اللصوص من الهيكل يأبى ان يحتفِل ايُّ شعبٍ باسمه … إلاَّ ان يطرد كل لصوص هياكل الاوطان ؛ وفاسدي الاوطان ؛ وناهبي الاوطان ؛ وسارقيها وظالميها ؛ وطغاتها ؛ وخونتها … الذين يبيعون البلاد والعباد بفلسينِ ودرهمين لمن قال الله فيهم من قتلةِ الأنبياء ليلهم ونهارهم : { ” وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ … وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّه أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } …
هؤلاء الذين يتماهى معهم كلّ فاسد ٍ وسارقٍ وكاذبٍ وناهبٍ وغاصبٍ وظالمٍ ومتحكِّمٍ برقابِ هذا الشعب اللبنانيّ الفقير الذي كُتِبَ عليهِ ان يعيش الظلمَ والتعتير في زمنٍ قادتهُ زمرةٌ من حاكميه على مدى مئةِ عام الى جهنّم وبئسَ المصير !!!!

علي النهري 2 نيسان 2021