يوم للتاريخ

ريم رضا الشعار

هذا اليوم من الأيّام غير المحبّبة لقلبي، حتى منذ ما قبل الحرب..
يومٌ ثقيلٌ مؤلمٌ وظالم..

هو أيضاً من الأيّام الّتي أتمنى فيه لو كنت أمتلك صلاحيّات اللّعب ببرنامَجِ الزّمن، أخلطُ العوالمَ وأفتحُ نوافذ فيما بينها، أسمح بالتّزاور، أشخاصٌ ذاهبون وآخرون آيِبون، حالة من الفوضى المرحة تسود هذا العالم، عودة أحبّةٍ للحياة أو منطقة حبٍّ محايدة.

ماذا لو فعلاً فَتحتُ دور الأيتام كلَّها، وأخرجت الأطفال منها ليلتقوا بأمّهاتهم على حافة الوقت؟!، ماذا لو أنّي أخذت بأيدي الأطفال اللّقطاء (مجهولي النّسب) جملةً ليتعرفوا على الأرحام التي سكنوها؟ هكذا ليومٍ واحدٍ، يستشعرون فيه دفء الحضن، حرارة القبلة، جرعة ملامسةٍ، وصوت النبض،
يُضير من؟!.

لو ليومٍ استطعت أن أنتزع غصّةً من صدر الطّفولة المكلومة، والأمومة الثّكلى.

يوماً واحداً فقط يمنحني فيه الرّبُّ شعاعاً لؤلؤيّاً أجبُرُ فيه القلوب المكسورة، وأُعيد التصاقها.

يوماً واحداً لا غير أَخيطُ جراحاً بلا دمٍ ولا ألمٍ أمسح فيه دموع أسى الأرواح المعذّبة، وأرسمَ إبتسامةً على صفحاتها.

يوماً تتوقف فيه نشرات الأخبار ويصمت فيه الكاذبون عن وعلى الله

يوماً واحداً يُداري الذئب فيه أنيابه حياءً، ويُعيد للمجرمين ضمائرَهم فتأكلَهم.

يوماً فقط؛ تخذل الأسلحة حامليها ويتوقّف الزّناد عن العمل،
يتحوّل الرّصاص لزهورٍ بيضاءَ تتهادى بسقوطها، والبارود إلى عطرٍ يبثّ السّكينة في النّفوس المتعبة، أمحو العواطف البغيضة المقيتة، وأبذر مكانها السّماح والعذوبة، حتى الحناجر لا تقوى على كلمةٍ جارحةٍ.

يوماً واحداً هبيني يا سماء؛
لأجعل العالم يتذوّق حلاوة المحبّة اللّا مشروطة.