تزوير الحقائق

أباطيل يرادبها حقائق
( يرجى القراءة كاملة وبتمعن مع المعذرة للاطالة )

حسين السيد عباس ابو الحسن

كثر الحديث حديثاً كما سابقاً عن هوية لبنان والحياد والتجييش الطائفي والتصالح مع العدو الاسرائيلي وعناوين أخرى متعددة مما ساهم في تعميق الهوة بين اللبنانيين وأدى إلى مزيد من التحصن خلف المذهبية ورموزها فزاد الطين بلة المشاكل أكثر مما هي عليه….

ونقول:

1 — ان لبنان بكيانه وجغرافيته اصطنع في عام 1920 م ضمن تسوية أدارتها الدوائر الفرنسية والبريطانية والصهيونية وبإتفاق مع بطاركة متعاقبين وسياسيين مجهولي الأصل في أن تعترف هذه الدوائر الخبيثة بمسيحية الكيان اللبناني مقابل يهودية فلسطين . وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن القفز فوقها… ان لبنان لم يكن في يوم من الايام حديثاً وقديماً الا جزءاً من محيطه العربي جغرافياً وتاريخياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً منذ التاريخ القديم وحتى يومنا الحاضر. وأن تسمية لبنان بأنه حلقة تواصل ما بين الغرب والشرق هي مؤامرة خبيثة لطمس معالم هوية لبنان العربية . علماً بأن معظم مسيحيي لبنان وكثير من المسلمين قدموا من سوريا أي أنهم متجذرين في ما يسمى بلاد الشام التي تشمل سوريا ولبنان والعراق وفلسطين والأردن والأراضي المغتصبة في تركيا وهي (الاسكندرون وانطاكيا وكيليكيا وأضنة وديار بكر).. واذا كان بطاركة الجيل القديم والسياسيين القدامى ( 1920 – 1948 ) ومعاونيهم قد أداروا ظهورهم لأصلهم العربي واستبدلوه بالعداء والعدوانية، فإن هذا الأمر لا يسري على غالبية المسيحيين وهم بالأصل عروبيون ووطنيون لا غبار على أصالتهم.

2 — ان الأديان التي أوحى بها الله تعالى على أنبيائه ورسله استهدفت مسألتين: علاقة المخلوق بالخالق وهي التي تحددها العبادات المتعددة. وعلاقة المخلوق مع المخلوق والتي تحددها المعاملات المتعددة في شتى الميادين. وتتحدد عقيدة الأديان في أنها هي دائماً نصيرة للمظلومين والمشردين والمغلوب على أمرهم ولا يمكن أن تكون نصيرة للظالمين والفاسدين والمغتصبين. فكيف لمن يمثل ديناً سماوياً راقياً أن يكون ظهيراً للمغتصب الظالم ومعادياً للمظلوم المشرد؟؟!!!! إن اسرائيل لا شك أبداً في أنها كيان بني على الظلم في اغتصاب الأرص وتشريد الشعب الفلسطيني ولم يزل يعتنق فكرة “بلادك يا اسرائيل من الفرات الى النيل” حسب بروتوكولات حكماء صهيون . . فهل أن إعانة الظالم المغتصب يتماشى مع العقائد الدينية السمحة أم أنه خروج واضح وفاضح على معالم الدين ومفاهيمه وأخلاقه؟؟ فلا شك أبداً في أن من يقف مع الظالم المغتصب هو عدو للدين ولله ونصير للشيطان اللعين .

3– يطرح كثيراً اليوم وسابقاً مسألة “الحياد” مع ما فيه من الشبهات والأضاليل!!! فكيف يمكن للبنان أن يكون حيادياً مع عدو صهيوني مغتصب لم يزل يهدد لبنان والبلاد العربية يوميا ولم يزل مغتصباً لفلسطين ومشردا لشعبها؟ والتاريخ يشهد أن العدو الاسرائلي قد شن العديد من الحروب والاعتداءات على لبنان وليس من الضرورة تعداد هذه المشاهد !!!… بل كيف تساق الأمور في أن لبنان ذو وجه عربي و”قفا ” غربي في حين أن معظم اقتصادياته ومعاملاته هي مع العالم العربي وليس الغربي؟.. فاذا كانت السياسة هي المعيار كما يدعي المبطلون فعلينا فعلاً أن نقف ضد الاستعمار القديم الحديث وعلى الأخص فرنسا وبريطانيا وحالياً أميركا وليس ضد الأقطار العربية!!!!

نعم: لا يمكن للبنان أن يكون في موقع اختلاف وتضارب المحاور بين الأقطار العربية وانما عليه أن يكون المصلح والأخ الناصح للجميع وأن لا يكون مع هذا الطرف ضد الطرف الآخر وأن يعقلن خطواته بشكل يبقى أخاً وصديقاً للجميع وهذا يتطلب قيادة لبنانية وطنية حكيمة وليس قيادة حاقدة طائفية مشبوهة!!! ومع هذا فلا يسمح بتاتاً أن يكون لبنان في موقع التطبيع مع العدو الغاصب وموقع الاعتراف والقبول بوجود اسرائيل مهما كلف الأمر

..

4 — ان تزوير البوصلة الوطنية في خلق عداوات بديلة للعداء مع اسرائيل هو هدف الدوائر الغربية الصهيونية الخبيثة وذلك من أجل تجييش الجو ضد من يقف في موقع المواجهة مع العدو وبين من يقف في موقع الصداقة والتطبيع معه ..!!

ان تغيير مسار البوصلة يتماشى مع الطرح الأول الذي أشار اليه بطاركة قيام الكيان المغتصب في أن الاعتراف بإسرائيل ويهودية فلسطين يقابله الاعتراف بمسيحية لبنان وهذا يعني انشاء تحالف سري أو علني لا يمكن القبول به وهو مرفوض من مسيحيي لبنان الوطنيين تماماً كما هو مرفوض من مسلميه عموماً ..

5 — أما فيما يخص طرح موضوع السيادة والاستقلال ففيه يقيم العجب العجاب !!! فأي سيادة يتم الحديث عنها في الوقت الذي يدعو فيه البعض إلى الاستعانة بالخارج؟ أليست الاستعانة بالاستعمار القديم الحديث هو انتقاص لمعنى السيادة؟ أليس مفهوم الاستقلال يعني تحرير لبنان من الاستعمار الفرنسي الذي يراد به الاستعانة الآن؟ أليست منظمة الأمم المتحدة هي مطية للصهيونية والماسونية العالمية وبالتالي هي مطية لأمريكا تحديداً “راعية الكيان الاسرائيلي”؟ ولم تكن في يوم من الأيام مع المظلوم والمشرد وانما كانت دائماً مع المغتصب الظالم!! والشاهد على ذلك “مجموعة القرارات الصادرة ضد اسرائيل والتي لم ينفذ منها قرار واحد منذ إنشاء هذا الكيان السرطاني وحتى اليوم بينما يطالب “مشبوهو” الداخل اللبناني بتطبيق البنود الخاصة بلبنان دون الزام العدو الحقيقي بتطبيق البنود التي تخصه وتعنيه!!!!

انها لمفارقة عجيبة أن يتم تصوير الباطل حقاً والحق باطلاً وهذا ما يشير إلى قرب موعد “آخر الزمان الدنيوي”!!! السيادة اللبنانية الحقيقية هي التي تعني الموقع الوطني العربي الصادق ضد أطماع وتهديدات العدو الاسرائيلي ومع الموقف العربي الرافض لهذا العدو… والسيادة اما أن تكون كاملة او لا تكون بتاتاً…

ان موقع لبنان الجغرافي وميزته الاقتصادية والتجارية لا ينافيه ولا يعاديه الا العدو الاسرائيلي الذي يعمل جاهداً ليأخذ دور لبنان اقتصادياً ومالياً وتجارياً. ومن هنا يأتي الاتهام المباشر للعدو الاسرائيلي في تفجير مرفأ بيروت تماماً كما فجر مطار لبنان سابقاً وتماماً كما عمد مراراً في حروبه واعتداءاته الى تدمير البنى التحتية اللبنانية “الجسور والطرق والمصانع ومولدلت الكهرباء وخزانات المياه والمرافيء علاوة على تدمير المدن والقرى على ساكنيها”.

6 — أما ما يخص التجييش المذهبي والطائفي فاننا نقول أن هذا التجييش والاستظهار به لن يكون في خدمة سلامة لبنان وأبنائه ولن يفيد الا أعداء لبنان.. وأن كل البلاء الذي نحن فيه هو نتيجة لما يسمى بميثاقية الطوائف التي لم يستفد منها الا أربابها وسياسيوها وأصحاب وكالات التجارة والاقتصاد وهم لا يشكلون أكثر من 2% من عديد السكان أما الغالبية الساحقة فهم من المستكردين والفقراء والمظلومين والمسحوقين اجتماعياً واقتصادياً. ولذلك فالحل قائم بأن يكون جميع اللبنانيين متساوين في الحقوق والواجبات ولا ميزة لشخص على آخر ولا لطائفة على أخرى، فعندما تنتفي الطائفية والمذهبية يسلم لبنان كل لبنان ويزدهر ويرتقي الى مصاف الدول الغنية والمنيعة….

لبنان ليس لطائفة دون أخرى ولا لبطرك من هنا أو مفتي من هناك وانما هو للجميع وفي سبيل الجميع.

7 – ان الدين أي دين لن يكون ظهيرا للصوص والفاسدين وآكلي حقوق الناس بل يجب أن لا يكون حصناً للفاسد والمفسد واللص… حتى اذا ما انكشفت حقيقة السياسي اللص وأمثاله يتبارى ما يسمى بالقيادات الدينية إلى تحصينه والدفاع عنه تحت ذريعة الدفاع عن حقوق المذهب او الطائفة !!! فهل هذا الذي يجري من تحصين اللص بإسم الدين هو من الدين بشيء..!! لا والله، فالدين أي دين هو براء من اللصوص والمفسدين وناهبي المال العام وسارقي حقوق الناس ومصادري الممتلكات البحرية والنهرية والمشاعات… ومن يحمي مثل هؤلاء من بعض رجال الدين هم ليسوا من الدين بشيء.. بل هم رعاة الشياطين والأبالسة وليس رعاة من يقع عليهم الظلم والغبن والتسلط والاستبداد. فرجل الدين هو من يجب أن يكون داعية للخير والمساواة ونصرة المظلوم وليس العكس . والا فعليه أن ينزع عنه لباس الدين ويتزي بزي الفاسدين.

8 — أما ما يخص مقاومة العدو الاسرائيلي فمن الواجب تجهيز الجيش اللبناني بكل ما يلزم من سلاح وعتاد ليصبح في موقع القدرة الفعلية على خلق توازن الرعب مع العدو . أما في غياب القدرة العسكرية المطلوبة فمن واجب كل لبناني أن يكون جندياً للدفاع عن وطنه أمام التهديدات والاعتداءات الاسرائلية… فسلاح مقاومة العدو ليس حكراً على حزب او طائفة او مذهب وإنما هو سلاح وطني عام وشامل يهدف فقط الى مؤازرة القوى العسكرية الشرعية والتنسيق معه ويجب أم لا يتحول هذا السلا ح لتغليب بعض اللبنانيين على بعضهم او لتوظيفه في صراع داخلي لا سمح الله .. ان سلاح مقاومة العدو هو سلاح مشرع قانونياً ودينياً وانسانياً في حالة الدفاع عن الوطن والمواطنين ضد العدو الاسرائيلي على الأخص وضد كل معتد كائناً من كان غربياً او شرقياً .. أما العلاقة مع الأقطار العربية فتحتمه الأخوة والمودة وأي نزاع قد يحصل يجب أن يعالج بروحية الأخوة العربية وضمن المرجعية العربية على الخصوص .

دعوتنا أخيراً إلى جميع اللبنانيين أن ينبذوا عنهم التعصب المذهبي والطائفي وأن يبنوا وطنهم على مستوى من ميثاقية العدالة والمساواة بين الجميع وأن ينخرطوا في “عزيمة” الوحدة الوطنية الشاملة .. ولا نرى أية أفضلية لمواطن على آخر إلاّ بقدر التزامه بالمواطنية الأخوية وبترفعه عن التعصب لمذهبه او طائفته بما يخدم أهداف ومصالح الأعداء..
ولذلك.. فاننا ندعو جميع اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم الدينية والمناطقية الى الانخراط في مشروع تيار العزيمة الداعي إلى بناء لبنان العربي اللاطائفي واللامذهبي والقائم على تحقيق مطالب العدالة والمساواة للجميع ومحاسبة كل من تسبب بالوضع المنهار اقتصادياً ومالياً واجتماعياً واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة ادارات المصارف المركزية والخاصة على تضييعها لحقوق المودعين وإلى استعادة الأملاك البحرية والنهرية والمشاعات والى استقلالية القضاء وسيادة القانون على الجميع واحقاق الحق وازهاق الباطل…

الدين هو وديعة الله تعالى عند الناس.. فعلينا المحافظة على روحيته وأخلاقياته السامية ومناقبه الرفيعة. وأن نفرق بين جوهرية وروحية الدين وبين بعض من يتزي بزيه وينحرف به لنصرة أعداء الله والدين من “اللصوص والفسدة وأبالسة السياسة وشياطين تدوير زوايا ما يسمى بالخلافات المصطنعة…

وعلى الله نتوكل وبه نستعين وهو المسدد والمعتصم

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة : أنقاض غزة تحتاج 14 عاما لإزالتها

قدرت الأمم المتحدة حجم الركام والأنقاض الذي يتعين إزالته في قطاع غزة بحوالي 37 مليون …