قوّات سورية الدّيمقراطيّة (قسد) بين التّعاطي الرّوسيّ والأمريكيّ…

لعلّ كثيراً من المحلّلين كانوا يعوّلون على سياسة بايدن بانتهاج سياسة تدعم قوّات سورية الدّيمقراطيّة ، ولكن مع مجيء بايدن وقبل تولّيه الرّئاسة الأمريكيّة فقد تمّ إبلاغ (قسد) بشروط عديدة تمّ تقديمها، ومنها: ضرورة التّواصل مع المجلس الوطنيّ الكرديّ والائتلاف المعارض ، وتخفيف التّوتر مع الأتراك وقطع توريدات النّفط عن الأراضي السّوريّة ، وتسعى الولايات المتّحدة من ذلك لإشراك الجانب الكرديّ في العمليّة السّياسيّة السّوريّة ، وقد أكّدت الخارجيّة الأمريكيّة في نهاية الشّهر الماضي بقاء ( قسد ) شريكاً قويّاً لها ، وقد صرّح المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة فقال:
“إنّ أمريكا تتعاون عن قرب مع شركائها مثل (قسد) والمجتمع المدنيّ في شمال شرق سورية “، وأضاف:
“إنّ قوّات سورية الدّيمقراطيّة كانت لها حصّة الأسد في الحرب ضدّ الإرهاب، وستبقى شريكاً قويّاً لنا “، وتريد (قسد) إيجاد حالة توازن لها في شرق الفرات ، وهي التي عملت على عدم تقديم تنازلات عسكريّة أو أمنيّة أثناء المساعي الرّوسيّة سابقاً لرفع مستوى التّنسيق بينها وبين الجيش العربيّ السّوريّ ، كما سعت لتشديد الحصار على الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش العربيّ السّوريّ في الحسكة ، وإغلاق المداخل والمخارج والتّضييق في إدخال المواد الغذائيّة ، وكان ذلك بالتّزامن مع قطع المياه من الجانب التّركيّ والمجموعات المسلّحة أيضاً .

وطالبت سورية بإنهاء المساعدة الأمريكيّة لقوّات سورية الدّيمقراطيّة ، ووقف المساعدات للجهات الحكوميّة الفاعلة في الحرب، كما طالبت بسحب القوّات الأمريكيّة المنتشرة في سورية ، ووقف التّدخّل في الشّؤون السّوريّة ، ووقف استغلال موارد النّفط والغاز وسرقة الموارد الطّبيعيّة.

ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّ وزارة الخارجيّة الأمريكيّة قد أعلنت بعد تولّي جو بايدن الرّئاسة في الولايات المتّحدة أنّها لم تعد مسؤولة عن حماية النّفط، وأنّ واجبها هو مكافحة تنظيم الدّولة الإسلاميّة ، وهذا يتناقض مع ما أقرّه الرّئيس الأمريكيّ السّابق ترامب .

وذكر المتحدّث باسم وزارة الدّفاع الأمريكيّة جون كيربي للصّحفيين أنّ ” موظّفي وزارة الدّفاع ومقاوليها من الباطن ليسوا مخوّلين بمدّ يد المساعدة إلى شركة خاصة تسعى لاستغلال موارد نفطيّة في سورية ولا إلى موظّفي هذه الشّركة أو وكلائها ” ، وأكّد أنّ ” مهمّة العسكريين المنتشرين في شمال شرق سورية الذين يبلغ عددهم حوالي تسعمئة عسكريّ _ وفق زعمه _ موجودون لدعم المهمّة ضدّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة في سورية ” ، رغم أنّ معظم موارد النّفط تسيطر عليها (قسد)، ولا أستبعد وجود وساطة روسيّة بين (قسد) وسورية تؤدّي لعودة حقول النّفط السّوريّة لحضن الوطن الأمّ سورية، وهو ما يخفي اتّفاقاً أمريكيّاً روسياً بهذا الشّأن. ولعلّ من المعلوم أنّ موسكو نجحت في إعادة الحوار بين الحكومة العربيّة السّوريّة و(قسد). وأنّ وفداً من الإدارة الذّاتية التقى بعدد من المسؤولين السّوريين قبل أيّام تمّ بموجبه الاتّفاق على بنودٍ وتفاهماتٍ محوريّةٍ تؤدّي لاستقرار تلك المنطقة التي تسيطر عليها (قسد)، وبالتّالي ستكون خطوة في اتّجاه إيجاد قواسم مشتركة لاحقاً بين الحكومة العربيّة السّوريّة و(قسد) بما يضمن وحدة الأراضي العربيّة السّوريّة وسيادتها، وهذا ما لم تعارضه الولايات المتّحدة أيضاً.

ومن الجدير بالذّكر وجود مقاومة شعبيّة شرق الفرات ضدّ القوّات الأمريكيّة وقوّات سورية الدّيمقراطيّة ، وهذا ما تبنّاه مؤتمر العشائر العربيّة الأخير ، وهي المقاومة التي تستطيع أن تكون داعمة للجيش العربيّ السّوريّ الذي يسعى لبسط السّيادة السّوريّة على مختلف الأراضي العربيّة السّوريّة، كما يمكنها أن تعمل على تحطيم مختلف القدرات لأدوات الغزو المدعومة أمريكيّاً، وأعتقد أنّ الاستراتيجيّة العسكريّة السّوريّة ستؤدّي إلى بسط سيادتها وعودة الأراضي العربيّة السّوريّة كاملة إلى حضن الوطن الأمّ رغم ما يعتريها من أزمات ومحاولات تقسيميّة ، كما أعتقد أنّ الجولان العربيّ السّوريّ سيكون من ضمن تلك الاستراتيجيّة ، وهذا ليس بعيداً أيضاً.

بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ: نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية

شاهد أيضاً

في أجواء سورة الجمعة

✒️ المرجع الراحل السيِّد محمد حسين فضل الله. 📖 تفسير من وحي القرآن . _________ …