السمات المرضية عند النهج التكفيري بحث مقارن

د.السيد محمد الحسيني


النهج التكفيري الذي دعا إليه إبن تيمية ،الإسلام بريء منه، سأخصص في هذه المقالة النمط السلوكي الرئيسي عند تلك المجاميع الوهابية.

أولاً: برز عندهم الغلوّ في حكمهم على الأمور، أي المبالغة في التعامل مع الظواهر وتحميلها أكثر من واقعها مما أدخلهم في عالم الوهم وما يتبعه من عنادٍ ومخاصمة .
من نتائجه:
التعّمق بالرأي والتنازع فيه والزيغ عن الحق والشقاق أي الإدعاء بما ليس فيهم .

ثانياً: الشك وهو حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات والنفيّ.

ثالثاً: الفسق ،هو الخروج عن حدود الله تعالى ونتيجته:الجفاء وتعني القسوة والغلَظة في الطبع

العمى أي عدم الإهتداء والغفلة وهي السهو .

العُتوّ أي التَجَبُر وتجاوز الحدود .

رابعاً: الشبهة ، هي الإلتباس بالأمور ،أبرز مظاهرها عندهم في لبس الحق بالباطل والخلط بينهما لدرجة عدم التمييز ،تأويل العوج أي تبرير الإنحراف وشواهده كثيرة في معاملاتهم .تسويل النفس (القتل وإقامة الحدود والتمثيل بالجثث إلخ…) – الإعجاب بالزينة أي حب الشهوات…

لقد حدّدنا لدى هؤلاء عشرين نمطاً من السلوك المرضي المتصل بإضطراباتٍ في التفكير إنطلاقاً من أُسس وسِمات نفسية مريضة في سلوكها مع السماء .
الخلاصة أن إنحرافهم الفكري قائمُ على الإنحراف النفسي، فالسلوك الإنساني قائم على شطرين هما :
البحث عن الإشباع وممارسة تأجيل الإشباع في الآن ذاته (أي الصبر على الطاعة والصبر على المعصية )
وهذا ما إفتقده هذا المذهب التكفيري المنحرف عصم الله الأمة من آثاره .
ما تعاني منه مجتمعاتنا العربية هو آفة النفاق . فمواقف الحكام العرب والإجماع العربي إستندت الى سِمات الشخصية العِصابية وليست الشخصية السَوِيَّة وتعَّرف بالشخصية النفعية وسِمتُها الإنتهازية والحقد والتحايل والغيرة .ودعائم هذه الشخصية التي يحكمها النفاق على التفصيل التالي :
أولاً: الهوى وهو الميل للشهوة يُنتِجُ عنه :

البغي وهو الخروج عن القانون .

العدوان أي التعدّي .

الشهوة أي الرغبة الشديدة فيما يشتهي من الملذات المادية والمعنوية .

الطغيان وهو تجاوز الحدّ في الظلم .
ثانياً: الهوينا ومعناها الإستخفاف بالأمور وينتج عنها :

الغيرة وهي ثورة النفس لإنصراف أمر ما عنه لغيره .

الأمل وهو الرجاء فيما يُستبعد حصوله. 3 الهيبة وهو تعظيم المَرء لنفسِه والتهيُّب من الإحباط .

المماطلة أي عدم الوفاء بالأمر وتأجيله مرةً بعد أُخرى .
ثالثاً: الحفيظة وهي الغضب أو الحمِيَّة وتعني أيضاً الحذر.. وينتج عنها

الكِبر:وهو التكبُّر.
-الفخر: وهو التباهي بما للرجل وقومه من المحاسن .. – الحمِيَّة: وهي الأَنَفَة..

العصبية:وهي إعانة الرجل قومه على الظلم .
رابعا: الطمع وهو رغبة المرء بأمر وبِشدَّة والحرص عليه .وينتج عنه:

الفرح: وهو الرضى والسرور .

المرح :حيث يختال صاحبه ويتبختر..

اللجاجة: وهي الإلحاح في طلب الشيء. – المكاثرة :وهي المغالبة بكثرة العدد والمال .

والفارق بين الحكام العرب وداعش إنما يستند الى الفارق بين نمطين من الإستجابة المريضة حيال الظواهر فالأولى فيما يتعلّق بأفراد داعش، تتّصل بإضطرابات التفكير مثل العمى والشك والغفلة والشبهة والإلتباس- كما سبق وأوردته في المنشور السابق – والذي يقابلها الإستجابة المتّصلة بإضطرابات الأعماق لدى الحكام العرب وعامة سياسييهم وهي الإستجابة التي تتعامل مع الظواهر بمقدار ما تحقِّقه من إشباعٍ مريضٍ لحاجات الذات مثل اللهو واللَّعِب والأمل والإغترار والتكَّبُر والفخر .

إننا نجد أن الأعمى لا يبصر حقائق الحياة والغافل تحتجزه غفلته من الإستبصار والمُشَّكِك يمنعه الشك من اليقين بالحقائق والمُشتِبِه يزرع الضباب حولها ليصل مع إضطرابات تفكيره الى تكفير كل من حوله .

أما في نمط التعامل النفعي مع حقائق الأوضاع في عالمنا العربي فنجد الحُكام والسياسيين لدينا وحفاظاً على مكتسباتهم الإقتصادية والإجتماعية يضعون المباديء خلف ظهورهم ويلحقون بمن عمِيت بصيرتهم عن الحق وللأسف تحت ما أسموه بالإجماع العربي نسوا قضيتهم الأم وهي فلسطين .
لا بد من الختام في تحليل النمط السلوكي عند المؤمنين والذين وصفهم مجلس التعاون الخليجي مؤخراً بالإرهابيين .
عندما نتناول السلوك من زاويته الفكرية البحتة دون الإرتباط بالظواهر النفسية فللإيمان أربعة أركان :

الرضا بقضاء الله .

التوكل على الله .

تفويض الأمرالى الله .
-التسليم لأمر الله .
أما ما يعنينا هنا أن النفس الإنسانية هي الأساس الرئيسي للسلوك أكان سليماً سوياً أو مريضاً فالإنحراف الفكري يستند الى الإنحراف النفسي الذي تنسحب آثاره على الشخصية من حيث التقويم العبادي لها .
لا بد من تعريف الإيمان أولاً:
الإيمان بنيّ على أربع دعائم :1-الصبر . 2- اليقين .3- العدل . 4- الجهاد .

الصبر :من لا صبر له لا إيمان له .الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد . أركان الصبر أربعة وهي :

الشوق وهو نزوع النفس الى الشيء .

الشفق وهو الخوف والحذر .وفي التنزيل وهم من الساعة مشفقون .

الزهد وهو خلاف الرغبة في الأمورأو أخذ أقلّ الكفاية والرضا باليسير مما يتيقن حِلُّه وترك الزائد على ذلك لله تعالى .

الترقُّب : أي الملاحظة والنظر الى العِقاب وبالتالي تجنُّب الوقوع بالحرام .
فالسلوك البشري كله قائم على دلالة الصبر .بصفته المفهوم المقابل لعملية (التأجيل ) للإشباع.
قيل : الصبر هو صبرٌ على ما تُحِب وصبرٌ على ما تكره .


2-اليقين وهو العلم الذي لا شك معه .وهو دلالة على التوازن الداخلي للشخصية مقابل الشك والتردد .


3- العدل :وهو الإنصاف ويتطلب الحكمة والشجاعة والعفة والإيثار بعكس الهوى تماماً بما يتضمّنه الأخير من بغي وعدوان وشهوة وطغيان .


4- الجهاد وهو كل نشاطٍ يبذله الكائن الواعي جسدياً وعقلياً ويهدف ُ الى غايةٍولو كلَّفَ بذلَ المُهَج والمال والأبناء إلخ…وهو الميزان الذي يسقط أمامه المنافقون وتتّضح حقيقتهم للملأ.
وفي حديثٍ للإمام عليّ عليه السلام :المؤمن هو الكَيِّس الفَطِنْ ،بُشْرُهُ في وجهه وحُزْنُهُ في قلبه …لا حسود ، لا حقود ،لا وثّاب إلخ…
وله أيضاً: لا يَكْمَلُ المؤمن إيمانه حتى يحتوي على 103 خصال :فعل وعمل ونيّة وباطن وظاهر .
وسمات الشخصية الإيمانية على التفصيل التالي :
يتشعب من العقل الحلم ومن الحلم العلم ومن العلم الرشد ومن الرشد العفاف ومن العفاف الصيانة ومن الصيانة الحياد ومن الحياد الرزانة ومن الرزانة المداومة على الخير ومن المداومة على الخير كراهية الشر ومن كراهية الشر طاعة الناصح . ولكل واحدةٍ من هذه العشرة أصناف من أنواع الخير عشرة أنواع .

الحلم يتشعب منه ركوب الجميل وصحبة الأبرار.

العلم يتشعب منه الغنى وإن كان فقيراً والجود وإن كان بخيلاً.

الرشد فيتشعب منه السداد والهدى والبر .

العفاف يتشعب من الرضا .
نحن بالتالي أمام جنود العقل وجنود الجهل .أي السلوك السويّ يقابله السلوك المرضي :
الإيمان …………… الكفر
العدل …………….. الجور
الطمع ………………اليأس
الرحمة ……………. الغضب
العفة ……………… التهتك
الرهبة………………الجرأة
الحلم ……………… السفه
العفو ……………… الحقد
الصبر ……………. الجزع
التفكر ……………..السهو
الخضوع …………. التطاول
الصدق ……………..الكذب
القنوع ………………الحرص
الكتمان ……………..الإفشاء
التواضع …………….التكبر
العلم ………………..الجهل
السعادة ………………الشقاء
التوكل …………….. الحرص
السهولة ……………..الصعوبة
الأمان ……………….الإرهاب
أعزائي إن كانت هذه السمات الشخصية السليمة والتي من واجبنا التقيُّد بها إرهاباً بمفهومهم النفعي المريض
فنعم الإرهاب الذي نمثلِّه .

شاهد أيضاً

الدولة والعقائد ..

  ___كتب /سعيد فارس السعيد الانظمة والقوانين المستمدة من العقائد السماوية في دولة القانون والمؤسسات …