الطائفيّة ما بين التاريخ والتأريخ

طعّان حبشي

الطائفيّة في لبنان ، لهي أخطبوط مُسِّم ، يُطلق مَحاجم أرجُلِه العديدة لتلتصق بعقول اللبنانيين ، فتخدَّرهم بالأنانيّة والعصبيّة وتشوش أفكارهم وتشلّ أعضاءهم ، فتأتي الحقيقة الناطقة بأفعالهم وأعمالهم ومقاصدهم ومراميهم مشوّهة ، معكوسة حينا ً، ومغلوطة أحيانا ً ، وأحيانا ً بنصفها أو بربعها أو بجزء ٍ منها ، وذلك تبعا ً لما هو مُرتجى منها ، من فوائد ومنافع ومصالح ، تخدم فئويّة وعنصريّة الجماعات التي تؤلف المجتمع اللبناني ، اليوم كما في الأمس والغد ، وفي كل مكان ٍ وزمان ، فتحرمُ هذا المجتمع من التقدّم والرقي ّ والإزدهار ، وتمحو مآثر أبنائه ، كما أنها تمعن في تزوير ما سطّروه وما يسطّرونه وما سوف يسطِّرونه ، من نجاح ٍ ومجد ٍ وتألُق ٍ ، في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم .
وللدلالة على ما أسبغته الطائفيّة من سلبياتها ، لغوا ً وغلطا ً ولغطا ً ، على الأحداث والوقائع التاريخيّة ، أعطي المثل التّالي وهو نَزْرٌمن وُفر ٍ :
بينما كنتُ أشرح لإبنتي درسا ً في التاريخ للصفوف المتوسطة ، تحت عنوان لبنان في عهد المماليك ، لفت إنتباهي ذكر معركة ، وقعت العام 1305 في بلدة صوفر بين المماليك من جهة واللبنانيين موارنة ودروز من جهة ثانية ، إنتصر فيها المماليك وقتلوا
من الأهالي عشرة الآف نفر، ومن ثمّ عاثوا في الجبل فسادا ً ودمارا ً وخرابا .
هذه بالطبع واقعة تاريخيّة صحيحة ، كلنا نوافق مؤلفي ّ الكتاب المدرسي عليها ، والذي جاء في مقدمته ، بأنه يحتوي على دراسة علميّة جامعة ، بعيدة عن الأهواء الشخصيّة
تحاول رؤية الأحداث بمنظار وطني صرف .
ولكن أين ذلك المنظارالمعتمد من قبلهم ، إزاء نفس الموضوع وبنفس السياق ، فقد فاتهم وإلتبس عليهم ، وربما تغافلوا ، من أنّ هذه المعركة ، كانت نتيجة لمعركة مشرِّفة وقعت العام 1302 بين الفريقين ذاتهما ، في منطقة جبيل ــ جسر الفيدار، إنتصر فيها اللبنانيون إنتصارا ً ساحقا ً على المماليك وأعوانهم ، وغنِموا منهم أربعة ألآف حصان ، وطبعا ًبمفهوم لغة الحرب ، فإنّ الحصان كان حينها ، يساوي أكثر من دبابة في عصرنا اليوم ، فتصوّروا كم وكم كان ذلك الإنتصارعظيما ً ومجيدا ً بالنسبة الى اللبنانيين ، وخاصة إنّ مَنْ إنتصروا عليه ، كان إمبراطوريّة من أعتى وأقوى ممالك الأرض في تلك العصور الوسطى .
هذه المعركة ذكرها صالح بن يحيى في كتابه ” بيروت ” والبطريرك الدويهي في كتابه
” تاريخ الأزمِنة ” كما ذكرها أيضا ً الأسقف جبرائيل القلاعي ، لكن أتعرفون لماذا لم يُؤتى على ذكرها في كتب التاريخ ، لكي يفتخر ويعتزّ ويتغنّى بها طلابنا وتلامذتنا وشبابنا ؟ السبب بسيط ألا وهو الطائفيّة البغيضة ، فمعركة 1305 كان أحد طرفيّها الموارنة والدروز ( وهذا ما يُعتبر في عُرف الطائفيين وحدة وطنيّة ) أمّا معركة 1302 فقد كان أحد طرفيّها الموارنة فقط ، وهكذا بنظرهم ، فإنّ خسارة مُذِلّة بطائفتين ، لهي أفضل ألف مرّة من إنتصار يرفع الجبين بطائفة واحدة….فيا للعار ويا للعجب !
هذا مُجرد مَثل من التاريخ ، لمأثرة من مآثرنا ، وقد أجهضت عليه الطائفيّة ومحته من ذاكرتنا كما حصل للكثيرغيره ، فكيف لنا ولأجيالنا المقبلة إذن ، أن الطائفيّة ما بين التاريخ والتأريخ

الطائفيّة في لبنان ، لهي أخطبوط مُسِّم ، يُطلق مَحاجم أرجُلِه العديدة لتلتصق بعقول اللبنانيين ، فتخدَّرهم بالأنانيّة والعصبيّة وتشوش أفكارهم وتشلّ أعضاءهم ، فتأتي الحقيقة الناطقة بأفعالهم وأعمالهم ومقاصدهم ومراميهم مشوّهة ، معكوسة حينا ً، ومغلوطة أحيانا ً ، وأحيانا ً بنصفها أو بربعها أو بجزء ٍ منها ، وذلك تبعا ً لما هو مُرتجى منها ، من فوائد ومنافع ومصالح ، تخدم فئويّة وعنصريّة الجماعات التي تؤلف المجتمع اللبناني ، اليوم كما في الأمس والغد ، وفي كل مكان ٍ وزمان ، فتحرمُ هذا المجتمع من التقدّم والرقي ّ والإزدهار ، وتمحو مآثر أبنائه ، كما أنها تمعن في تزوير ما سطّروه وما يسطّرونه وما سوف يسطِّرونه ، من نجاح ٍ ومجد ٍ وتألُق ٍ ، في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم .
وللدلالة على ما أسبغته الطائفيّة من سلبياتها ، لغوا ً وغلطا ً ولغطا ً ، على الأحداث والوقائع التاريخيّة ، أعطي المثل التّالي وهو نَزْرٌمن وُفر ٍ :
بينما كنتُ أشرح لإبنتي درسا ً في التاريخ للصفوف المتوسطة ، تحت عنوان لبنان في عهد المماليك ، لفت إنتباهي ذكر معركة ، وقعت العام 1305 في بلدة صوفر بين المماليك من جهة واللبنانيين موارنة ودروز من جهة ثانية ، إنتصر فيها المماليك وقتلوا
من الأهالي عشرة الآف نفر، ومن ثمّ عاثوا في الجبل فسادا ً ودمارا ً وخرابا .
هذه بالطبع واقعة تاريخيّة صحيحة ، كلنا نوافق مؤلفي ّ الكتاب المدرسي عليها ، والذي جاء في مقدمته ، بأنه يحتوي على دراسة علميّة جامعة ، بعيدة عن الأهواء الشخصيّة
تحاول رؤية الأحداث بمنظار وطني صرف .
ولكن أين ذلك المنظارالمعتمد من قبلهم ، إزاء نفس الموضوع وبنفس السياق ، فقد فاتهم وإلتبس عليهم ، وربما تغافلوا ، من أنّ هذه المعركة ، كانت نتيجة لمعركة مشرِّفة وقعت العام 1302 بين الفريقين ذاتهما ، في منطقة جبيل ــ جسر الفيدار، إنتصر فيها اللبنانيون إنتصارا ً ساحقا ً على المماليك وأعوانهم ، وغنِموا منهم أربعة ألآف حصان ، وطبعا ًبمفهوم لغة الحرب ، فإنّ الحصان كان حينها ، يساوي أكثر من دبابة في عصرنا اليوم ، فتصوّروا كم وكم كان ذلك الإنتصارعظيما ً ومجيدا ً بالنسبة الى اللبنانيين ، وخاصة إنّ مَنْ إنتصروا عليه ، كان إمبراطوريّة من أعتى وأقوى ممالك الأرض في تلك العصور الوسطى .
هذه المعركة ذكرها صالح بن يحيى في كتابه ” بيروت ” والبطريرك الدويهي في كتابه
” تاريخ الأزمِنة ” كما ذكرها أيضا ً الأسقف جبرائيل القلاعي ، لكن أتعرفون لماذا لم يُؤتى على ذكرها في كتب التاريخ ، لكي يفتخر ويعتزّ ويتغنّى بها طلابنا وتلامذتنا وشبابنا ؟ السبب بسيط ألا وهو الطائفيّة البغيضة ، فمعركة 1305 كان أحد طرفيّها الموارنة والدروز ( وهذا ما يُعتبر في عُرف الطائفيين وحدة وطنيّة ) أمّا معركة 1302 فقد كان أحد طرفيّها الموارنة فقط ، وهكذا بنظرهم ، فإنّ خسارة مُذِلّة بطائفتين ، لهي أفضل ألف مرّة من إنتصار يرفع الجبين بطائفة واحدة….فيا للعار ويا للعجب !
هذا مُجرد مَثل من التاريخ ، لمأثرة من مآثرنا ، وقد أجهضت عليه الطائفيّة ومحته من ذاكرتنا كما حصل للكثيرغيره ، فكيف لنا ولأجيالنا المقبلة إذن ، أن نؤرخ للذي سيأتي من بعدنا ، الأحداث التي عايشناها وعاصرناها ، لاسيما كتلك التي هي آياتٌ في المجد والفخر والبطولة والعزّة والكرامة ؟ أيجب علينا أن نستأذن الطائفيّة والطائفيين وكيف ؟
أيجب علينا أن لا نؤرِّخ ، بأنّ حفنة من الشباب الأعزل ، ، كانوا بدءا ً من العام 1975 وراء إفشال كل المخططات والمؤامرات والمحاولات ، المُحاكة من كبريات القوى الدوليّة ، لضرب لبنان خدمة لإسرائيل ، بتوطين الفلسطينيين فيه كبديل ٍعن فلسطين ، لأنهم من طائفة واحدة ؟
أيجب علينا أيضا ً أن لا نؤرِّخ ، بأنّ شبابا ً من الجنوب ، إستحقوا عن جدارة أن يكونوا أبطال لبنان وفرسان العرب ، لأنهم مرَّغوا أنف إسرائيل في وحل الهزيمة ، وكسروا إسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وهو اللقب الذي إكتسبته الدولة الصهيونيّة بدعم ٍ من الغرب ، وبغفلة ٍ من وعي الدول العربيّة ، لما كان يجري من حولها ، على مدى ما يزيد عن نصف قرن من المنازلات والحروب والمعارك ، فقط لأنهم من طائفة واحدة ؟
وكيف لنا أن نرضيكم ، ونؤرِّخ بأنّ رجلا ً حرّك وأدهش وهزّ العالم في حياته ومماته ، ولا ند ٍّ له في دينكم ؟
وبأنّ شابا ً من لبنان ليس من مذهبكم ، قام بغرس علم بلاده ، في مكان لا يجرؤ أو يفكر أحد بالوصول إليه ، إلا قلة من شباب العالم .
قولوا لنا بربكم أيها الطائفيون ، ماذا عسانا نفعل لنؤرِّخ لهؤلاء بطولاتهم وملاحمهم ، وللعديد العديد غيرهم ، من الذين لا نجد لهم أندادا ً في طوائفكم ؟ قولوا لنا كيف نتصرف ؟ أنتناساهم لأنهم من لون ٍ واحد كما فعلتم وتفعلون ؟ !
كلا وألف كلا ، سوف لن ننساهم ، ولسوف نخلدّ ذكراهم كما يستحقون . وأنتم فإن قيّضَ الله لنا نحن اللبنانيين ، فإننا نعدكم وفي القريب العاجل ، بأنكم سوف لن تجدوا مَنْ يأخذ برأيكم ، والى الأبد سوف تصمتون ….. !

للذي سيأتي من بعدنا ، الأحداث التي عايشناها وعاصرناها ، لاسيما كتلك التي هي آياتٌ في المجد والفخر والبطولة والعزّة والكرامة ؟ أيجب علينا أن نستأذن الطائفيّة والطائفيين وكيف ؟
أيجب علينا أن لا نؤرِّخ ، بأنّ حفنة من الشباب الأعزل ، ، كانوا بدءا ً من العام 1975 وراء إفشال كل المخططات والمؤامرات والمحاولات ، المُحاكة من كبريات القوى الدوليّة ، لضرب لبنان خدمة لإسرائيل ، بتوطين الفلسطينيين فيه كبديل ٍعن فلسطين ، لأنهم من طائفة واحدة ؟
أيجب علينا أيضا ً أن لا نؤرِّخ ، بأنّ شبابا ً من الجنوب ، إستحقوا عن جدارة أن يكونوا أبطال لبنان وفرسان العرب ، لأنهم مرَّغوا أنف إسرائيل في وحل الهزيمة ، وكسروا إسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وهو اللقب الذي إكتسبته الدولة الصهيونيّة بدعم ٍ من الغرب ، وبغفلة ٍ من وعي الدول العربيّة ، لما كان يجري من حولها ، على مدى ما يزيد عن نصف قرن من المنازلات والحروب والمعارك ، فقط لأنهم من طائفة واحدة ؟
وكيف لنا أن نرضيكم ، ونؤرِّخ بأنّ رجلا ً حرّك وأدهش وهزّ العالم في حياته ومماته ، ولا ند ٍّ له في دينكم ؟
وبأنّ شابا ً من لبنان ليس من مذهبكم ، قام بغرس علم بلاده ، في مكان لا يجرؤ أو يفكر أحد بالوصول إليه ، إلا قلة من شباب العالم .
قولوا لنا بربكم أيها الطائفيون ، ماذا عسانا نفعل لنؤرِّخ لهؤلاء بطولاتهم وملاحمهم ، وللعديد العديد غيرهم ، من الذين لا نجد لهم أندادا ً في طوائفكم ؟
قولوا لنا كيف نتصرف ؟ أنتناساهم لأنهم من لون ٍ واحد كما فعلتم وتفعلون ؟ !
كلا وألف كلا ، سوف لن ننساهم ، ولسوف نخلدّ ذكراهم كما يستحقون . وأنتم فإن قيّضَ الله لنا نحن اللبنانيين ، فإننا نعدكم وفي القريب العاجل ، بأنكم سوف لن تجدوا مَنْ يأخذ برأيكم ، والى الأبد سوف تصمتون ….. !

                                                               طعّان حبش.

شاهد أيضاً

ابراج اليوم توقعات اسرار الابراج: #يسعد_اوقاتكم_بكل_خير #توقعات_الابراج_ليوم_الثلاثاء_والله_اعلم

  مواليد اليوم الثلاثاء 23 نيسان ابريل من برج الثور. مواليد اليوم من برج الثور …