العبودية في زمن كورونا 

بقلم الكاتب ابراهيم عيسى

منذ بداية الأكوان الى يومنا هذا و العبودية موجودة لم تختف، العبيد هم أنفسهم لم يتغيروا إنما اختلفوا كما العبودية مع تغير العصور و الأجيال، اختلفت الأشكال و لم تتغير الأوضاع، في القديم كانت العبودية على شكل عبيد و أسياد و أسواط و قتل و استغلال جنسي، في كل مرحلة من التاريخ كانت تتطور و تتغير صورتها النمطية.. قد يكون مارتن لوثر كينغ نجح في تحرير الانسانية من العبودية و لكنه لم ينجح بتغيير الفكر العبودي الكائن و المتمثل منذ بداية الأزمنة في الفكر الرأسمالي الذي ما زال مهيمنا على الانسان في صور مختلفة و متعددة، و اللعبة السياسية الكبرى خير دليل على ذلك، ما زال السياسي يسعى جاهدا للسيطرة على أتباعه فكريا و اقتصاديا و اجتماعيا بالتواطىء مع المنظومة الدينية لتكتمل السيطرة حتى دينيا و ما زال الجمهور التابع للسياسي مأخوذا بأفكاره و وعوده و كلامه المنمق يعيش على بضعة دنانير متساقطة من جيب الزعيم و بعض الفتات عن طاولته، و في عصرنا اليوم هذا نوع من أنواع العبودية لا بل هذه هي العبودية بذاتها التي تسمح لفئة معينة من البشر بالتطور و النجاح و النفوذ و السيطرة المادية و الفكرية على حساب فئة أخرى من البشر خاضعة لهذا الترتيب الاجتماعي، حتى العبودية الفكرية موجودة و متمثلة بالخضوع الديني للمؤمنين أمام رجل الدين الذي يعتبر نفسه الوكيل الحصري للرب و المتكلم باسم المجمع الإلهي الذي يحتاج لهذا النوع من العبودية لتكتمل سيطرته على الشعوب المؤمنة و تكتمل معها الصورة الشاملة لنفوذه مع المنظومة السياسية للوصول الى السلطة القوية التي تدر النفوذ و الأرباح و الهيمنة على شتى أنواعها…. في يومنا هذا الموظف هو العبد الخاضع لكل هذه الصورة و الواقع العبوديّ الذي تكلمنا عنه و لكن بشكل عصري جديد و فكر نيوليبرالي منمّق بالتعابير الإنشائية، الخاضع لكل شروط سيده الرأسمالي صاحب العمل و لا سيما بظل هذه الجائحة التي تجتاح العالم كله التي فرضت على الموظف نمط حياة معين و نمط اقتصادي قاسٍ و حتى نمط فكري و اجتماعي ذو فروض مشددة، انطلاقا من واقعنا المرير الذي نعيشه و الذي يفرض علينا شروطاً قاسية تحتم علينا العيش في ظل ظروفها الصعبة إن كانت اقتصادية او عملية او اجتماعية او فكرية نستطيع القول اليوم أننا كلنا عبيد هذه الجائحة التي سيطرت على المجتمع العالمي كله و قسمته الى فئة مسيطرة مستفيدة و فئة مغلوب عليها و على أمرها، فلننظر الى واقعنا اليوم : فئة استفادت من هذه الجائحة و استخدمتها و استخدمت نفوذها لفرض السيطرة على الفئة المهمشة و بالتالي لدرّ الربح المادي الذي سيزيد من سيطرتها و هذه الفئة تتضمن شركات و تجار الطعام و الأدوية و المواد الاستهلاكية التي تؤمن استمرارية الطبقة العاملة في الحياة و حتى أيضا السياسيين الذي استخدموا هذه الظروف لفرض سيطرتهم الكاملة و الفئة الأخرى التي ليس لديها لا حول و لا قوة… من هنا و انطلاقا من هذه الصورة الشاملة لمفهوم العبودية تقع مسؤولية التحرر من هذا الفكر الغاصب علينا جميعا و ما من وسيلة و سلاح للتحرر من العبودية سوى بالثقافة و المعرفة… في العصور السابقة كانت عملية التحرير من العبودية بواسطة المعول و المنجل و السلاح اليوم عملية تحررنا او بالأحرى سلاح تحررنا هو الكلمة، الكلمة التي تحمل في طياتها المعرفة و الفكر و الثقافة و الحقيقة… ألم يقل المفكرون سابقاً ” إن الحقيقة الوحيدة موجودة في الكتب، و شعوبنا تخاف من الحقيقة”؟

شاهد أيضاً

وليد جنبلاط واستقبال كبير في عاصمة الأم الحنون للموارنة

بقلم ناجي أمهز المقدمة وأتحدث هنا عن زعيمي هما الشهيد رشيد كرامي ووليد جنبلاط رشيد …