وزير الدفاع اللبناني السابق في حديث لِمِهر:

 

عمليات اليوم أرست معادلات قوة تخطٌت الردع إلى زرع الخوف عند العدو


أكد وزير الدفاع اللبناني السابق، يعقوب الصراف، أن عمليات المقاومة اليوم، أرست معادلات قوة جديدة تخطٌت الردع الى مفاهيم الخوف عند العدو.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: *مئتا يوم وجيش الاحتلال الصهيوني في غرفة الانعاش لا يستطيع الوقوف والمتابعة لولا الدعم الاميركي والغربي. ويتساءل مراقبون ماذا سيحصل للكيان بعد وقف اطلاق النار سيما بعد التعري الفاضح له ان كان عسكريا او اقتصاديا او أمنيا وحتى مجتمعيا.*
والأهم ان “اتفاق ابراهام”؛ هذا الاتفاق المزعوم يتضمن بند بيع فلسطين والقضية الفلسطينية، لكن من بركات طوفان الأقصى ان أول نقطة دم نزلت بهذه الحرب كسرت هذه الصورة وغيرت المسار وبالتالي نسفت هذا الاتفاق، مؤكدا ان الارض عربية من النهر الى البحر وسترجع الى شعبها الفلسطيني.
حول هذه النقاط أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع وزير الدفاع اللبناني السابق يعقوب الصراف، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

تغرق المنطقة في هذه الايام ومنذ السابع من اكتوبر الماضي، في مواجهة دامية، ساحتها الاساسية الأرض الفلسطينية المحتلة، لكن مداها يصل الى عموم المنطقة، واثارها تمتد الى العالم كله.. ما توصيفكم لهذه المعركة اولا وما موقعها في الصراع التاريخي الدائر على ارض فلسطين ومقدساتها؟
دون أدنى شك ان المعارك القائمة منذ اكتوبر الماضي ليس فقط ساحتها السياسية فلسطين، لكن ضحيتها الاساسية هي شعب فلسطين، هو صراع عمره فوق العشرة عقود بين حلف او تجمع غربي يريد الاستيلاء ليس فقط على موارد المنطقة العربية ولكن على قرارها وحريتها، والأهم انه يريد ان يلغي التجذر العربي بالمقدسات العربية، ارض فلسطين ومقدساتها هي مرجع للشرائع السماوية الثلاثة، ويوجد ترابط ليس فقط سياسي عقائدي ولكن ترابط ايماني، وفعلا تبين انهم يريدون ان يدفعوا المسيحي لنسيان مصدر ايمانه لإلحاقه بالكنائس الغربية ان كانت في روما او بالكنائس المستحدثة جديدا ان كان في أميركا او في الغرب، اصبح هناك هدف لهذه الحرب يمتد الى العالم كله.
ومن يعتقد ان هذه الحرب هي هجوم موضعي محدد على قطاع غزة او على فلسطين هو مضلل، ان الموضوع ابعد بكثير من غزة وابعد بأشواط من فلسطين، وابعد بكثير من المنطقة، هو صراع بين غرب وشرق والمطلوب فيه ادخال روسيا وحتى الصين، والمشكلة ايضا انهم يريدونا ان ننسى إيماننا وعقائدنا.
المقاومة هي الطرف الاول في هذه المواجهة وفي الطرف المقابل تقف منظومة عالمية في مقدمها الولايات المتحدة واوروبا بمعظمها، لدعم كيان الاحتلال وحمايته، كيف تنظرون الى هذه المعادلة، والى اي حد يمكن القول ان محور المقاومة حقق معادلات القوة في هذه المواجهة؟
الطرف الاول في هذه المواجهة هو الشعب الفلسطيني، هي المرأة الفلسطينية التي استطاعت ان تزرع للجيل الخامس ارتباط الشعب الفلسطيني المظلوم المشرد في هذه الارض المقدسة، هو يتخطى بكثير المقاومة الفلسطينية ان كان حماس او الفصائل المنضوية تحت لواء القسام او تحت شعار تحرير فلسطين.
هذه الحرب ليست فقط مع الشعب الفلسطيني بل مع كل احد مرتبط بالديانات السماوية من حيث كان ومن حيث اتى، المقاومة وانا افضل ان لا اتحدث بمحاور للمقاومة، المقاومون ليس لديهم اي صفة او اي مرجع او اي حزب او اي تنظيم سوى الهدف لتحرير فلسطين من هذه الافة، وتحرير المنطقة العربية من السرطان الخارجي الذي هو هذا الكيان الغاصب، والسرطان الداخلي الذي هو بعقولنا نحن بأنه لا يوجد مخرج لهذه المشكلة سوى القبول والتنازل عن حقوق الفلسطينين وعن حقوقنا بمقدساتنا.
انا لا احب تعبير “محور” وبالأخص محور الممانعة انا افضل ان أسميه ائتلاف او اتحاد مقاومات التي تنضوي تحت لواء واحد والذي هو تحرير الشعب الفلسطيني من المظالم والجرائم والابادة وشبه العبودية، وتحرير عقولنا ومقدساتنا من دنس المجتمع الصهيوني والمجتمع الغربي، اما في تحقيق انتصار دون شك ان العمليات القائمة اليوم ارست معادلات قوة جديدة تخطت الردع الى مفاهيم الخوف عند الفريق الثاني، لأول مرة في تاريخ الصراع تنشأت مناطق أمنية داخل ارض فلسطين المحتلة والكيان الاسرائيلي، لأول مرة بتاريخ الصراع الفلسطيني_ الاسرائيلي فكرة الطلب من فريقنا القبول بحل للدولتين وارد، وانا شخصيا أدعو للاستفادة من معادلات القوة الجديدة بالعمل لإنشاء دولة فلسطينية واحدة، اكرر مشكلتنا ليست مع اليهود كطائفة، بل مشكلتنا مع مشروع صهيوني هو مشروع استيطاني والذي يتخطى الطائفة اليهودية، وانا أدعو الى فلسطين قبل 1920التي كانت للمسلم والمسيحي واليهودي والذين كانوا يتشاركون نفس الحقوق والامتيازات ضمن دولة فلسطينية ديمقراطية.

*المقاومة في لبنان ذات تاريخ مشهود في مواجهة الاحتلال، بدءا من التحرير وصولا الى هزيمة جيش الاحتلال عام 2006.. كيف تقيمون اداء هذه المقاومة في المعارك الدائرة الان في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، وهل يمكن رسم خط بياني لاداء حزب الله من نصر تموز الى اليوم؟
من انا لإبداء رأيي او تقييم اداء المقاومة في لبنان؟ هو فعلا بالسؤال عندما قلتم تاريخ مشهود اي انه ليس بحاجة لاحد ان يشهد له، تاريخ المقاومة في لبنان منذ الثمانينات حتى اليوم اعطى وأعطى وحقق انتصار تلو الاخر من عام 2000 الى تحرير الأسرى الى ارساء منظومة ردع، الى ارساء توازن رعب، الى تكريس هزيمة وراء هزيمة للعدو، الى تدريب ومساعدة الحركات العربية التحريرية، وآخرها ما يعرف باسم جبهة مساندة، هي ليست فقط جبهة مساندة، هي ساعدت بعدم سقوط قطاع غزة، لانه فعلا المقاومة اللبنانية ألزمت العدو الاسرائيلي بثلاثة امور:
– اولا: اخلاء المناطق الحدودية الى اعماق غريبة ونحن نتحدث عن 10-15 كم.
– ثانيا: إثبات ان المستوطن لن يدافع عن “اسرائيل” لان ليس لديه هذا الارتباط بالأرض.
– ثالثا: الزام الكيان الاسرائيلي لحجز عدد كبير من الاليات والجنود على الحدود الشمالية، اضافة الى نشر الكيان لمدرعات او لمنظومات دفاعية كان قد استخدمها في الجنوب وفي الضفة لو لم تشترك المقاومة.

*وجهت الجمهورية الاسلامية صفعة مدوية للكيان الاسرائيلي، بعد ان ظلت تدعو الى عدم توسيع الحرب منذ بداية المواجهة في 7 اكتوبر، ما هي القيمة المضافة التي فرضتها القوات المسلحة الايرانية على موازين القوى في المنطقة، وهل يمكن الحديث عن معادلات جديدة بات على الكيان الالتزام بها ؟

ان وقوف الجمهورية الاسلامية الى جانب فلسطين ليس من اليوم، بل هو من خمسين عاما، وخوف الكيان الصهيوني من إيران ليس وليد الامس، لكن العملية التي قام بها الحرس الثوري ارسى من خلالها واقع جديد ، فقد كرس أكثر من مفهوم:
_ كرس ان الحركات التحريرية الاخرى ان كانت في لبنان او في فلسطين او العراق او في اليمن ليسوا عملاء للجمهورية الاسلامية بل شركاء، وهذا يعطي فرق عظيم بالمفهوم الغربي، سيما من كان يعتقد ان هذه الحركات المدعومة من الجمهورية الاسلامية في إيران هي مجرد اداة.
_ المفهوم الثاني الذي أعطته ان لديها القدرات لان تتدخل مباشرة وليس عبر حلفائها، وقد أثبتت ان التقدم التقني والنية في تحرير فلسطين ليس شعار يتداول بالإعلام فقط، بل هو حقيقة، وان مقام فلسطين والقدس لدى الجمهورية الاسلامية في إيران هو مقام وموضع عقائدي والدفاع عنه ينطلق من مبادىء الثورة الاسلامية.
– أثبتت إيران انها لا تخشى لا الغرب واساطيله ولا الجيش الاسرائيلي واسطورته، ولا حتى فكرة قبول ان يتم رد على هذه العملية في الاراضي الإيرانية.
– اليوم دخلت إيران بصراع او بموازين قوى جديدة يجعلها ليست فقط قطب داعم للحركات، ولكن كشريك في تحرير المنطقة من كل هذا التدخل الاجنبي والغربي.
-دون شك هناك معادلات جديدة لن تلزم فقط الكيان الصهيوني ولكنها سوف تلزم حلف الناتو مجتمعا، وسوف يتخطى هذه المعادلة الى روسيا والصين، يوجد شريك في منطقة الشرق الاوسط اذا اقتنع بصوابية القرار يلتزم به، وهذا ما هو نادر بمنطقتنا.
في لبنان هناك من يدعو الى الحياد.. بل هناك من يتهم المقاومة باستفزاز العدو.. ويتجاهلون مطامعه في لبنان! ما تعليقكم على هذه الفرضية التي تستند الى ان لبنان لا علاقة له بما يجري في المنطقة، والى اي حد ترون ان المقاومة وتراكم القوة هو ما يردع العدو وليس الحماية الاميركية الاوروبية؟
ان مفهوم الحياد هو مفهوم جدا واسع، وامثلة الدول المحايدة كثيرة وشروط الحياد لا يتوفر في لبنان، للدفاع عن الحياد له اكثر من وجه، اما اتفاق اقليمي لجميع جيران البلاد التي تريد اعلان حيادها، ان جميع الدول المحاذية لهذا البلد الذي يريد ان يعلن الحياد ان تلتزم بعدم التعرض لهذه الدولة، اما المثل الثاني ان يتبنى الدفاع عن هذه الدولة، دولة كبيرة قوية فاعلة وتقول انا مسؤولة عن الدفاع عن هذه الوحدة الجغرافية المحايدة، والاسلوب الثالث يمكن لهذه الدولة المحايدة ان تدافع عن حرية قرارها بأساليبها الخاصة، لسوء حظنا لا يتوفر في لبنان اي من هذه المقومات، لا الدول المحاذية تستطيع القول بأنه لا يوجد لديها مطامع في لبنان وعلى رأسهم الكيان الصهيوني ، لا يوجد قوى عالمية كبرى تقول ان امن لبنان من امني، ولم يسمح للبنان ببناء مقومات دفاعية تسمح له بالحياد المرجو.
اما الحياد المعنوي وهذا هو الاهم لا يمكن لمؤمن، لا يمكن لانسان، لا يمكن لعاقل ان يرضى بجريمة مقترفة بحق مقدساتنا ويدعي انه على حياد، لا يمكن لانسان ان يرضى بالمجزرة القائمة بالصمت المحيط بهذه المجزرة ويقول انا محايد.
ان تراكم القوة والتنسيق المباشر وغير المباشر هو الذي يردع الغرب لانه أثبتت الاحداث ان “اسرائيل” هي اداة للغرب، وتكرست هذه المعادلة الجديدة انه لسنا على حياد، وبأنه نحن أقوياء بحلفنا وثالثا نحن صائبون بأهدافنا.

*هل استفزكم مشهد ان ينبري جيش عربي للدفاع عن كيان الاحتلال؟ هل وصلنا فعلا الى هذا الدرك من الانحدار ليتحول بعض العرب الى درع حماية لمن يحتل ارضهم ومقدساتهم، وكيف نفهم ان اسرائيل التي تدعي انها ستحمي بعض الانظمة باتت بحاجة الى من يدافع عنها؟
انا لم استغرب رد فعل اي جيش عربي واحد بعد 200 يوم من المجازر دون اي رد فعل من اي بلد عربي، لا استغرب ولا اريد ان اشير الى جيش واحد، برأي تدخل الجيوش العربية لم يقتصر الا على بلد واحد، وتدخلهم كان برهان انهم رهائن مخاوفهم وفرض عليهم التدخل.
اسرائيل لم تدعي ولن تدعي حماية اي نظام، اسرائيل هدفها الاول هو حماية كيانها، وقد اعتدنا على الغرب انه يحمي حتى عدوه الى حين نفاذ حاجته لهذا الحليف او العدو، واليوم الذي تخف فيه مصلحة الغرب عند هذا الحليف او ذاك يتم ابعاده ورميه في أتون النار، وهذا عشناه مع حركات المتطرفين، عشناها مع داعش، مع افغانستان، مع الانظمة السابقة في العراق والسودان ومصر وليبيا، عشناها مع الاكراد. لا يمكن ان يصدق اي نظام ان “اسرائيل “سوف تحميه.

شاهد أيضاً

بوتين سيعلن انتهاء الحرب مع أوكرانيا وثبت أن القرار العالمي عند السيد نصرالله

بقلم ناجي أمهز بعد الخلط الذي أثاره حديث كيسنجر في قمة دافوس 2023 حول روسيا …