«نيويورك تايمز»: تعرف إلى المرأة التي تعرقل الانتقال السلس للسلطة في أمريكا

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحقيقًا لمراسليها في البيت الأبيض، تناول العقبات التي يمكن أن تمنع الانتقال السلس للسلطة إلى فريق جو بايدن الرئاسي، وأبرزها ضرورة اعتراف مرشحة ترامب، إميلي مورفي، مديرة إدارة الخدمات العامة، بالرئيس المنتخب جوزيف روبينيت بايدن رسميًّا لبدء نقل السلطة إليه.

الطريق إلى البيت الأبيض ليس مفروشًا بالورود

وفي البداية، ذكر معدو التقرير، الذين غطُّوا السياسة الخارجية للرئيس ترامب وحصل اثنان منهم على جائزة بوليتزر في الصحافة، أن المسؤولين الانتقاليين للرئيس المنتخب جوزيف آر بايدن جونيور دعوا واحدةً من كبار الموظفين الذين عيَّنتهم إدارة ترامب يوم الاثنين إلى إنهاء ما وصفوه بأنه عرقلة غير مبررة للأموال التي ينص القانون الفيدرالي على ضرورة تدفقها إلى الفائز في الانتخابات الرئاسية.

وقال المسؤولون، الذين تحدثوا إلى الصحفيين على خلفية ما جرى مساء الاثنين، إنه من غير المسبوق تقريبًا لإميلي دبليو مورفي، مديرة إدارة الخدمات العامة، أن ترفض إصدار خطاب «التأكيد»، الذي يسمح لفريق بايدن الانتقالي ببدء نقل السلطة.

وبموجب القانون الأمريكي، يجب على السيدة مورفي، رئيسة الوكالة المترامية الأطراف التي تحافظ على عمل الحكومة الفيدرالية، أن تعترف رسميًّا بالسيد بايدن باعتباره الرئيس القادم لبدء انتقاله للسلطة. وقد مرت ثلاثة أيام منذ أن توقعت المؤسسات الإخبارية أنه الفائز في الانتخابات، ولم تقم السيدة مورفي بواجبها بعد.

وقال المسؤولون الانتقاليون إن تقاعسها يمنع فرق بايدن من الانتقال إلى المكاتب الحكومية، بما في ذلك المرافق الآمنة حيث يمكنهم مناقشة المعلومات السرية. ولا يمكن لفِرق العمل التابعة للرئيس المُنتخب في ظل هذا الوضع الاجتماع مع نظرائهم في الوكالات أو البدء في عمليات فحص الخلفية الخاصة بكبار المرشحين لمجلس الوزراء وهو الأمر الذين يتطلب وصولًا سريًا للغاية.

وأشار مسؤول في البيت الأبيض، كما فعل عديد من حلفاء ترامب، إلى أن الانتقال للسلطة بعد الانتخابات الرئاسية عام 2000 تأخر بسبب المعركة القضائية التي جرت بين حملتي نائب الرئيس آل جور وجورج دبليو بوش، حاكم ولاية تكساس آنذاك، على مدى عدة أسابيع.

وقال المسؤول سيكون من الغريب أن يرسل الرئيس ترامب نوعًا من الإشارة للسماح ببدء الانتقال في الوقت الذي لا يزال فيه منخرطًا في معارك قضائية. لكن مساعدي بايدن قالوا إن الخلاف في عام 2000 تتضمن ولاية واحدة فقط بحوالي 500 بطاقة اقتراع كانت تفصل بين الفائز والخاسر، وهو عدد أقل بكثير مما عليه الحال في المنافسة الحالية.

وفي كل سباق رئاسي آخر على مدار الستين عامًا الماضية، تحدد الفائز في غضون 24 ساعة، كما قالوا – حتى مع استمرار الطعون القانونية وعمليات إعادة الفرز لأسابيع. وقالوا إنهم يدرسون «جميع الخيارات»، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات القانونية المحتملة، لدفع السيدة إميلي مورفي للسماح بالبدء في انتقال السلطة.

من هي السيدة إميلي مورفي؟

يقول محرور التقرير إن السيدة إميلي مورفي، التي وصفت نفسها بأنها «متوترة قليلًا» في جلسة مجلس الشيوخ للتصديق على تعيينها والتي عُقدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، وقالت أيضًا إنها «لم تشغل هذا المنصب لتحتل العناوين الرئيسة أو تحقق الشهرة لنفسها»، اختارت حتى الآن الوقوف إلى جانب البيت الأبيض والسيد ترامب، ما يعني وقوفها حائلًا بين فريق السيد بايدن والانتقال السلس للسلطة.

«الجارديان»: بايدن فاز بالرئاسة.. ما الخيارات القانونية أمام ترامب الآن؟

ويرفض الرئيس ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات وتعترض حملته الانتخابية على النتائج في ولايات عدة. وأحجم معظم الجمهوريين عن الاعتراف ببايدن، ناهيك عن المُعينين في إدارة ترامب مثل السيدة مورفي. وبذلك، فإن نقل السلطة الذي يجب أن يتم أصبح عالقًا في مأزق. يشير التقرير إلى أن متحدثة باسم البيت الأبيض لم ترد على الفور على سؤال حول ما إذا كان السيد ترامب على استعداد للسماح للسيدة إميلي مورفي بالبدء في الانتقال من دون تنازل من جانب الرئيس، في ظل شروعه في خوض معاركه في المحكمة.

إرث ترامب ما زال قائمًا

قال ليزلي داش، الذي كان من المقرر أن يقود عملية الانتقال في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لو قُدِّر لهيلاري كلينتون الفوز بالرئاسة في عام 2016، إنه على الرغم من العمل المتقدم الذي قام به فريق بايدن خلال الحملة، لا شيء يمكن أن يحل محل الوصول المباشر إلى الوكالات، وهذا مستحيل من دون موافقة السيدة إميلي مورفي.

وأضاف السيد داش: «أعتقد أن هذا (إرث) ترامب، وهو الآن يرسل إشارة واضحة إلى كل من لا يزال قائمًا في الإدارة بأنه لا يزال يتعين عليك الوقوف إلى جانبي في مظالمي وشكواي التي رفعتها». ويعد توقف المرحلة الانتقالية جزءًا من رفض شامل للاعتراف بنتائج الانتخابات من جانب إدارة ترامب.

وفي هذا الصدد، أشار مسؤولون في مكتب شؤون الموظفين الرئاسيين في البيت الأبيض إلى أنهم سيفصلون المعينين السياسيين الذين يبحثون عن وظائف جديدة خارج الإدارة خلال هذا الوقت، بحسب ما ذكره شخصان مطلعان على المناقشات الداخلية. وفي مكالمة مع موظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يوم الاثنين الماضي، وصف المسؤولون الانتخابات بأنها ما زالت جارية، وفقًا لتسجيل حصل عليه موقع أكسيوس الإخباري. وفي رسالة يوم الأحد الماضي من المركز غير الحزبي للانتقال الرئاسي، حذَّر المخضرمون في الإدارات السابقة، من أنه «في الوقت الذي ستكون هناك نزاعات قانونية تتطلب الفصل، فإن النتيجة واضحة بما فيه الكفاية إلى حد أن عملية الانتقال يجب أن تبدأ الآن».

ويعمل مساعدو السيد بايدن منذ شهور على تطوير خطط انتقالية دقيقة لمساعدة الرئيس المنتخب على الوفاء بوعوده الانتخابية بسرعة. وفي هذا الشأن، تعد فرق المراجعة المُشكَّلة من أشخاص على دراية بكل وكالة فيدرالية بالغة الأهمية. وتتمتع السيدة مورفي بالسلطة القانونية «لبدء انتقال السلطة»، والإفراج عن 6.3 مليون دولار من الأموال الفيدرالية المخصصة في الميزانية لتحقيق هذا المسعى، وإتاحة قاعات المكتب (اللازمة للاجتماعات) وتمكين أعضاء الفريق الفائز من زيارة مكاتب الوكالة وطلب المعلومات.

ويشير محررو التقرير إلى أن كل هذه الإجراءات غالبًا ما يُنظر إليها باعتبارها إشارة البداية الرسمية. وفي ظل الظروف العادية، عادةً ما يكون قرار السيدة مورفي مدفوعًا بخطاب التنازل الذي يصل من جانب الخاسر في الانتخابات، وهو وإن لم يكن أمرًا قانونيًّا، لكنه يشير إلى أن كلا الجانبين يقبلان النتيجة. وفي عام 2016، اتخذ القائم بأعمال إدارة الخدمات العامة في عهد الرئيس باراك أوباما القرار في صباح يوم التاسع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أي بعد الانتخابات مباشرةً. ولكن لا يوجد نص محدد يحدد متى يجب على السيدة مورفي التصرف.

فريق بايدن يلتزم الحكمة والتأني

قالت باميلا دي بنينجتون، المتحدثة باسم إدارة الخدمات العامة، في بيان يوم الاثنين الماضي، «لم يتم تأكيد (فوز بايدن) بعد». وأضافت «ستواصل إدارة الخدمات العامة ومديرها الالتزام والوفاء بجميع المتطلبات بموجب القانون وسنلتزم بالسوابق الماضية التي أرستها إدارة كلينتون في عام 2000». وفي بيان سابق، قالت السيدة باميلا إن: «مدير إدارة الخدمات العامة لا يعلن الفائز في الانتخابات الرئاسية»، وأضافت إن: «مدير إدارة الخدمات العامة يتحقق من المرشح الناجح الظاهر بمجرد أن يتضح الفائز بناءً على العملية المنصوص عليها في الدستور».

وقال مساعدو بايدن إنهم يتوقعون أن تتصرف السيدة إميلي مورفي في غضون أيام قليلة، لكنهم مستعدون لاحتمالية أن يؤدي الضغط السياسي من الرئيس وحلفائه الجمهوريين إلى منع ذلك. وفي بيان نُشر على تويتر يوم الأحد الماضي، حثت جين بساكي، المسؤول الانتقالي، السيدة مورفي برفق على إصدار الإعلان.

من جانبها، كتبت السيدة بساكي: «الآن بعد أن انتهت الانتخابات على نحو مستقل لصالح جو بايدن، نتطلع إلى أن تقوم مديرة إدارة الخدمات العامة بالتأكيد بصورة سريعة على أن جو بايدن وكامالا هاريس هما الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب». وتابعت: «يعتمد الأمن القومي والمصالح الاقتصادية لأمريكا على إشارة الحكومة الفيدرالية بوضوح وبسرعة إلى أن حكومة الولايات المتحدة ستحترم إرادة الشعب الأمريكي وتنخرط في انتقال سلس وسلمي للسلطة».

وكان المسؤولون الانتقاليون لبايدن أكثر تركيزًا ليلة الاثنين الماضي، قائلين إن إدارة ترامب تراجعت فعليًّا عن الوعود التي قطعتها على مدار الأشهر الستة الماضية لضمان نقل مناسب للسلطة إذا فاز بايدن. وقال المسؤولون إنهم وقَّعوا ثلاث مذكرات اتفاق منفصلة -بما في ذلك مذكرة وقَّعها مارك ميدوز، رئيس موظفي البيت الأبيض- حددت إمكانية الوصول (إتاحة الفرصة لاستخدام مكاتب البيت الأبيض) والأموال التي سيحصل عليها فريق بايدن في الأيام التي تلي الانتخابات. وقالوا إنه لم يُسمح لأي من تلك الأمور أن تمضي قدمًا.

أدَّت جائحة فيروس كورونا المُستجد إلى أن مسألة المكاتب باتت أقل أهمية لفريق بايدن الانتقالي، الذي كان يلتقي في الغالب عن بُعد خلال الأشهر العديدة الماضية وسيواصل القيام بذلك، وفقًا لما ذكره مسؤول انتقالي. وهناك عدد قليل من الموظفين في المكاتب التي وفرتها الحكومة قبل الانتخابات. ولكن بمجرد أن تشير السيدة إميلي مورفي إلى أن عملية الانتقال يمكن أن تبدأ، ستُفتح أبواب هذه المكاتب وتُزوَّد بأنظمة الكمبيوتر التي تمنح الإدارة الجديدة إمكانية الوصول إلى الأنظمة والمعلومات السرية، بالإضافة إلى توفير موقع آمن لإجراء محادثات سرية.

وإذا لم يحدث ذلك في الأيام المقبلة، فإن لدى إدارة بايدن خيارات أخرى. إذ يمتلك المسؤولون الانتقاليون مساحة مكتبية خاصة يمكنهم الاستمرار في استخدامها، وسيواصل بايدن وفريقه العمل عن بُعد. وعندما التقى الرئيس المنتخب بمجلسه الاستشاري الخاص بالجائحة يوم الاثنين الماضي، كان في ولاية ديلاوير وكان أعضاء مجلس الإدارة مشاركين في الاجتماع عبر شاشة كبيرة، ويتصلون من منازلهم أو مكاتبهم.

«الإندبندنت»: لماذا لن يستطيع ترامب التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية؟

لكن المشكلة الأكبر، بحسب التقرير، ستكون في كيفية الوصول إلى الوكالات والمعلومات التي يحتاجونها لبدء تنفيذ أجندة السيد بايدن. لكن الأشخاص المطلعين على انتقال السيد بايدن قالوا إن هناك حلًا جزئيًّا: كان عديد من الأشخاص الذين لا يزالون يعملون في الوكالات الفيدرالية قريبين من مستشاري بايدن وربما يكون لديهم استعداد للعمل معهم لتوفير المعلومات غير السرية التي يحتاجونها.

لكن هذا لن يحل مشكلة الوصول إلى المعلومات السرية، مما قد يؤثر في قدرة فريق الأمن القومي التابع للسيد بايدن على الاستعداد لحالات الطوارئ التي ربما يتعين عليه مواجهتها بمجرد تولي المنصب. وقال المسؤولون الانتقاليون إن أحد القيود المحددة في الوقت الحالي هو أن السيد بايدن لا يستطيع الوصول إلى منشأة آمنة في وزارة الخارجية والتي تُستخدَم عادةً لتوجيه المكالمات الواردة من القادة الأجانب الراغبين في تهنئة الرئيس المنتخب حديثًا. ويُجرِي السيد بايدن هذه المكالمات، لكن لم يُسمح له باستخدام وزارة الخارجية كما جرت العادة بعد الانتخابات السابقة.

ترامب يواصل هجومه والتاريخ لا يكذب

أشار التقرير إلى أن السيد ترامب وحلفاءه انتقدوا الديمقراطيين ووسائل الإعلام الإخبارية لتصويرهم السيد بايدن باعتباره الفائز قبل الانتهاء من الطعون القانونية وعمليات إعادة الفرز. لكن من الناحية التاريخية، لم ينتظر إعلان قرار التأكيد الذي يصدره مدير إدارة الخدمات العامة نتائج مثل هذه الطعون.

وفي عام 2004، انتهت عمليات إعادة الفرز في نيو هامبشاير وأوهايو بعد أن اتخذت إدارة الخدمات العامة القرار. وحُسِمت عدة ولايات بأقل من نقطة مئوية واحدة. وفي عام 2016، رُفِعت دعاوى لإجراء خمس عمليات إعادة فرز الأصوات بعد إعلان إدارة الخدمات العامة القرار، وأُجرِيت ثلاث عمليات إعادة فرز للأصوات في ولاية ميشيجان ونيفادا وويسكونسن.

السيدة إميلي مورفي.. تاريخ غير مُشرِّف مع الديمقراطيين

يعاود المحررون الحديث عن السيدة إميلي مورفي باعتبارها شخصية لم يكن من المرجح أن تكون في قلب مثل هذا الوضع المتفجر: إنها شخصية بيروقراطية متواضعة بدأت حياتها المهنية بصفتها موظفة جمهورية في الكابيتول هيل (المجلس التشريعي لحكومة الولايات المتحدة) وتعلن حبها لإصلاح المشتريات وإعادة التفاوض على عقود الإيجار. وقال الديمقراطيون الذين عملوا معها إنهم يتذكرونها بصفتها محترفة مجتهدة. لكن فترة عملها في إدارة الخدمات العامة، التي تديرها منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2017، لم تَخْلُ من الجدل.

وفي عام 2018، خلُص أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين إلى أن السيدة إميلي مورفي ضللتهم بشأن قرار وكالتها بإعادة النظر في الخطط الطويلة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الخاصة بنقل مقره العتيق في شارع بنسلفانيا إلى منطقة حضارية أخرى. ووجد الديمقراطيون أن السيد ترامب تدخل لإلغاء الخطة، ربما لأنه كان يخشى أن يقوم مطور تجاري بتحويل مبنى جيه إيدجر هوفر الذي جرى إخلاؤه إلى فندق ينافس فندق ترامب الدولي الخاص به الواقع على بعد مبنى واحد فقط.

ووجد المفتش العام في إدارة الخدمات العامة أن شهادة السيدة إميلي مورفي بشأن هذه المسألة إلى الكونجرس في عام 2018 كانت «غير مكتملة وربما تركت انطباعًا مضللًا بأنها لم تجر مناقشات مع مسؤولي البيت الأبيض في عملية صنع القرار» بينما كانت في الواقع قد أجرت تلك المناقشات، بما في ذلك خلال زيارة لها إلى المكتب البيضاوي في عام 2017.

كما خلُص الديمقراطيون في مجلس النواب إلى أن السيدة إميلي مورفي كانت بطيئة في تزويدهم بالوثائق والمعلومات الأخرى المتعلقة بتأجير إدارة الخدمات العامة لمبنى مكتب البريد التاريخي القديم في واشنطن، موقع فندق السيد ترامب، لصالح منظمة ترامب.

شاهد أيضاً

الكيان المهزوم ووهم النصر المطلق

خميس القطيطي.               https://alwatan.om/article/5972 يبدو أنَّ اليمين الصهيوني المتطرف …