اللغة العربية ولعنة الرموز التعبيرية (الإيموجي)

بقلم: فاطم حيدر

تحتشد الرموز التعبيرية التي يستخدمها رواد منصات التواصل الإجتماعي، وأصبح باستطاعة أي مستخدم أن يبتكر  ويصمم رموزاً جديدة تعبر عما يختلج في نفسه، فاستعمالها  يختصر الوقت، ويعوض  على الكلمات  ما تخسره من لغة الجسد، ولكن، ما يثير مخاوف الغيورين على اللغة العربية أن تحل لعنة  الإيموجي على الكلمات فتمحوها وتحل محلها أو تؤدي بعضاً من دورها.
لقد كانت اللغة العربية وسيلة التعبير المثلى لدى العربي يستخدمها للتعبير عن مشاعره، وهواجسه.. حتى تسلل إلينا شبح العالم الرقمي برموزه التعبيرية ولغة الانترنت بحروفها وأرقامها، وللأسف،كان العرب أول اللاحقين بالركب دون أن يدركوا مخاطر هذه الاستعمالات الرموزية المتنوعة الأغراض والغايات.
وتتجلى هذه الظاهرة الغريبة  على لغتنا من خلال التفاعل الرمزي لا الحرفي، ولمجرد ان تنشر منشوراً أو صورة أو مقطع فيديو، تنهال عليك هذه الرموز عبر تعليقات  الأصدقاء والمتابعين.
كأن يرسل إليك أحدهم وردة( 🌹) للتعبير عن إعجابه، أو قلباً( ❤️) مظهراً محبته. تنشر خبر وفاة  قريب، فيرسل لك آخر وجهاً حزيناً( 😭) للتعبير عن مدى تعاطفه وأسفه.. وهكذا فإن الرموز التعبيرية باتت تحل محل الكلمة في محادثاتنا ومنشوراتنا في هذا العالم  الرقمي_ بهواتفه ومدنه الذكية_ الذي أصبحت  تصادف فيه أشخاصاً  ذوي مستويات علمية رفيعة فقدوا ملكة التعبير بالحرف لدرجة أنك تسمع أحدهم يسألك: ماذا أكتب لأعزي صديقي الذي فقد والده؟ أو كيف أهنئ غيره بمناسبة زواجه؟!
وإذا كانت اللغة مرآة المجتمع، فإنَّ الأجيال القادمة تواجه أزمة  ثقافية لها امتدادتها الحضارية دون أن تدرك مدى خطورتها القادمة.
وفي الختام، يجب على كل  إنسان عربي  أن يعي حجم الأضرار التي تلحقها وسائل التواصل باللغة العربية، وأن يتلمس الوسيلة الفضلى للحد منها. فاللغة التي نقلت لنا حب عنترة في القرن السادس لن تكون عاجزة عن التعبير عن المشاعر الإنسانية النبيلة في هذا القرن الذي تتزاحم فيه الإبداعات الرقمية، وتتكاثر فيه وسائط  التواصل الإجتماعي بلغاتها الرموزية التى كثيراً ماتشبه لغات العالم القديم ولاسيما اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة التي سبقت  اكتشاف الأبجديات المختلفة.

شاهد أيضاً

قميحة: “انعقاد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني خطوة مهمة في مسيرة التطوير والتحديث”

رأى رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والابحاث – كونفوشيوس، رئيس جمعية “طريق الحوار اللبناني الصيني” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *