الأديبة القاضية ثريا الصلح: الأديب لا يمكن أن يكون انانيا… وأصعب خاطرة عندي وصف العرب ؟!

حوار : محمد عمرو


الأديبة القاضية ثريا الصلح إنسانة مرهفة الإحساس، قادرة على نسج الكلمات في سطور من حرير مكنتها ثقافتها من تجاوز الإبداع ، لتجد في خواطرها الصدق والخيال الواسع الصافي .
تضيف على كلماتها مزيدا ومزيدا من البريق البهي ونقطة الضوء التي لا تنطفئ في ظل كل هذه العتمة الموحشة…

ثريا الصلح هي النقاء، الطفولة ، الفن ، الجمال .

هي اللوحة المليئة بالتفاصيل المتداخلة ، احيانا تبدو كوجع واحيانا أخرى كأنها الشمس ببهائها واشراقها .

هي الصوت الرقيق حينما تتكلم ، هي الرأي الصادق عندما تقول ، هي الجدية عندما تتبنى موقفا ، هي الحلم والتأمل.

تقول الأديب الحقيقي لا يمكن أن يكون انانيا وإلا كان مصيره النسيان .

تعترف أن اصعب خاطرة حاولت كتابتها هي وصف العرب .

منبرنا التقى الأديبة القاضية ثريا الصلح وكان لنا معها هذا الحوار:


س : كيف لنا أن نتعرف على الكاتبة والأديبة والقاضي ثريا الصلح كإنسانة بعيدا عن الإلقاب ؟


ج: بعيداً عن كل الألقاب ثريا الصلح إنسانة آثرتْ ان تتعقب الظلمات لتنير شمعات بدل لعن هذه الظلمات.

س: أي لقب أقرب الى ثريا الصلح:أديبة أو قاضية أو استاذة جامعية؟


ج: لقب الأديبة هو الأقرب الى قلبي لأنه شامل، فالأديب إنسان يُعطي وقته وجهده من اجل الإهتمام بقضايا الإنسان من أجل تقدمه وإرتقائه.

س : إلى أي مدرسة أدبية تنتمين ، وبمن تأثر فكرك الأدبي ؟


ج: أدبيا لا أستطيع أن اصنّف كتاباتي لذلك اخترت عنوان الوجدانيات والتأملات لكتابي الأول أنا وأنت وقهوتي. وقد تأثرتُ أسلوباً ومعنىً بالقرآن الذي أقرؤه بإنتظام.

س: كيف يمكن لقاضٍ أن يكتب وجدانيات؟


ج: الأدب والقضاء لا يتناقضان بل يتكاملان، فالقاضي عند نقص القانون يتحرى الحق من روح القانون والأديب عند النقص في المجتمع يتحرى روح المعارف ليقدم حلولاً، كما وأن مهمة القاضي عندما يحكم تكسبه الحكمة لذلك يصبح هو الاجدر لكتابتِها.

س: ما هو الفرق بين الوجدانيات والتأملات؟


ج: جميعها خواطر ولكن الوجدانيات هي بوح القلب اما التأملات فهي محصلة تفكير اجتمع فيه العلم والتحليل.

س : ما هو الباب الذي تفتحه لكِ الخاطرة سريعًا باب الطفولة، باب الحنين، باب الحب، باب النسيان، ، باب المكان، باب الأم، باب الدهشة، باب الذكرى، باب الوجع، باب الأمل؟


ج: كل ما ذكرت هي أبواب تقرعها خاطرتي حسب المناسبات ولعلّ باب الأم هو الباب الأهم الذي من أجله اصدرت أول كتاب لي وأهديته لأمي رحمها الله.

س : الكتابة الأدبية انخراط عنيف في الإنصات لعوالم الداخل المشبعة بالجرح والحلم، تعرية لتضاعيف الذاكرة بِشعلة الكتابة. هل تؤمنين بأن الأدب قادر على تغيير العالم إلى ما هو أنقى وأصفى في ظل السلم والسلام بعيدًا عن الحروب وقتل الأبرياء والشيوخ والنساء والأطفال؟


ج: بكل تأكيد ويكفيني ان تستشهد كدليل بحركة الأدباء في القرن الثامن عشر والتي كانت وراء الثورة الفرنسية وهي ليست ثورة سياسية بحسب وانما ايضاً هي ثورة مفاهيم جديدة.

س : هل الكتابة هي قلعة الأديب الدائمة يحتمي فيها وبها من عواصف الحزن والاغتراب والشجن، أم نافذة يطل منها على أشيائه السرية والحميمة؟


ج: الكتابة الأدبية هي طريق عبور يُسترجع بها الماضي وتُقيّم الحاضر ويُستشرف بها المستقبل. الكتابة تخترف بجسارة كل شيء وأي شيء .

س : الكتابة الأدبية رسالة مفتوحة للعالم، وأنت تكتبين هل تُفكرين في القارئ؟


ج: بكل تأكيد، الأديب الحقيقي لا يمكن ان يكون انانياً اي منفصلاً عن واقعه وإلا كان مصيره النسيان.

س : الكتابة هي فرصة للكائن المبدع لينصت لعزلته وطفولته ومكائده وانتصاراته وخساراته وأحلامه وآلامه، هل أعطتك كتابة الخواطر فعلاً هذه الفرصة الحقيقية للتأمل؟


ج: واكثر من ذلك فأنا لم أُقصِر الخواطر على احوالي وإنّما استخدمتها بحثاً عن حلول لكل الأزمات الاجتماعيّة المحيطة فينا.

س : كيف تتجلّى صورة الرجل في كتاباتِك؟


ج: الرجل في كتاباتي هو الرجل الذي أبحث عنه اي الشريك، لذلك حاولت في خواطري أن أنسج قِوام الشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة.

س : يقول الشاعر لويس أَراغون “لولا الشعر لأُصبنا جميعًا… بالسكتة القلبية.” أَليس العالم بدون شعر خراب وخواء؟


ج: الشعر هو مروحة الروح والجسد بلا روح جيفة والروح بلا شعر ستظل مسجونة بماديات الحياة ما سيقهرها ويسلبها انطلاقتها.

س : قصيدة النثر قصيدة مشاكسة ومشاغبة، سببت في حروب إبداعية جميلة متعددة، بين ما هو مناصر ومعارض ومتفرج، كيف تنظرين لهذه الحروب الإبداعية؟


ج: أنا في صف كل ما يخدم الفكر الجميل البنّاء. لا انفي عبقرية الشعر الكلاسيكي ولكن في وقته كان هذا الشعر في متناول الأفهام والأذهان، وهو لم يعد كذلك حالياً، ولأنّه ينبغي على المرء مسايرة واقعه فمن الأنفع عدم التكلّف في إيصال الفكرة.

س : اللقاءات او الأمسيات الشعرية، هل تخدم متخيل الشاعر، أم مجرد لقاء للأحباء والأصدقاء؟


ج: تختلف الإجابة بحسب الجمهور الحاضر فإمّا أن يكون جمهور متذوّق للشعر والأدب فيحمل الشاعر الى الأعالي وإما أن لا يكون كذلك وفي هذه الحالة لا يُعدم اللقاء من كونه كان فرصة للاجتماع بالأصدقاء والأحبّة.

س : داخل كل شاعر طفل ما، ينصت لسكناته وحركاته، هل طفلك الساكن في أعماقك مشاغب، أم مدلل؟


ج: في الواقع في داخلي إنسان واعٍ وثائر …

س : هل من علاقة محتملة بين الإبداع والجنون؟


ج: قد يكون هناك علاقة بين الإبداع والجنون ولكن عندما يكون هدف الابداع الاصلاح استحالة ان تحصل علاقة بين هذا الابداع والجنون.

س : عملية اختيار عناوين الدواوين والقصائد صعبة، وأحيانًا كثيرة تؤرّق الشاعر، كيف تختارين عناوين قصائدك ؟

ج- افضل ان أتحدث عن خواطري وليس قصائدي، بحسب تجربتي وحدتُ أن اختيار عنوان الخاطرة سهل بعكس اختيار عنوان الكتاب، لأن الكتب من عناوينها تُقرأ.

س : ما هي الخاطرة التي عذبتك كثيرًا قبل ولادتها الأخيرة؟


ج: الخاطرة التي حاولت ان اصف فيها العرب.

س : ما هو إحساسك بعد الانتهاء من كتابة خاطرة؟


ج: إحساس جميل بالنجاح

س : زمان ومكان الكتابة يختلف من مبدع أو شاعر لآخر، منهم من يكتب في الليل، ومنهم في ساعات الصباح الأولى، بعضهم يفضل المقهى، آخرون عزلة في مكاتبهم، كيف هي طقوس الكتابة عندك زمنيًّا ومكانيًّا؟


ج: ليس لديّ طقوس للكتابة، فكرتي حين تريد أن تولد هي التي تحدد المكان والزمان.

س : ما هو أجمل كتاب قرأتيه وأثر في متخيلك، وتجربتك في الحياة والكتابة؟


ج: بالمجمل كتب نزار قباني .

س : هل السّفر يعطيك متسعًا أو رغبة في الكتابة؟


ج: بل على العكس، في السفر أحبّ أن استثمر في الوقت في ملء ذاكرتي بالعناوين والتفاصيل المتعلقة بالمكان لأكتب عنها فيما بعد.

س : نشرت كتابك الأول ( أنا وأنت .. وقهوتي ) في 18 تشرين الأول 2016 ماذا يمكن ان تقولي عن هذا الكتاب؟


ج: هو كتاب وجدانيات وتأملات كما يظهر من عنوانه. فيه خواطري المقفاة في الغزل والروحانيات والتأمل.هو كتاب يختزل تجربة طويلة وفكر.

س : هل من أعمال إبداعية قادمة؟


ج: بكل تأكيد، ما دام القلب حيّاً سيستمر التقدّم.

س : ما هي كلمتك الأخيرة ؟


ج:سأختم بما ابتدأتُ به: أن تضيء شمعة خير من ان تلعن الظلمات.

س : ما عنوان القصيدة التي ستقدمها ثريا الصلح لقراء منبرنا؟


قصيدتي حبيبتي


نعم خنتك مرات عديدة حين شردتُ مع قصيدتي
ألا تعلم أن قصيدتي حبيبتي؟
في وحدتي وفي انسي قرينتي،وفي فرحي وفي حزني شريكتي
بها عرفتُ ربي اكثر فحاورته وناجيته بكل ما يجول في سريرتي
وبها انتصر في نفسي الايمان على الشك فترسخت عقيدتي
وبها تفردتُ بفكر حلقتُ فيه في رحاب هذه الدنيا فأصبح هذا الفكر شريعتي
وبها تصالحتُ مع غيري حين صارحتني نفسي بصدق بكل حقيقةِ
وبها حلمتُ وحققت حلمي فوجدتُ ان قدري هو اعظم من كل اماني المشيئةِ
وبها قلتُ لك احبك الف مرة وعاتبتك برفق ومنطق وطريقةِ الاحرار الفريدةِ
نعم انا لا اشرد سوى فيمن لم تخذلني يوماً.. لا اشرد الاّ في قصيدتي.

المصدر: صفحة اخبار ونشاطات ثقافيةً

شاهد أيضاً

تحذير رباني.. فمن يصغي ومن يستمع؟

 ياسر سعد الدين  يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا …