قرار محكمة لاهاي إلى الجنائية الدولية لتبرئة إسرائيل من جرائمها وحمايتها ديبلوماسيا وإفلات نتنياهو من العقاب

• أحمد موسى

كواليس|| محكمة العدل الدولية تصدر قرارها بقبول الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي بتهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة وتطالب الكيان المحتل باتخاذ التدابير اللازمة لمنع التحريض المباشر على الإبادة ، لم يلحظ القرار الأولي للمحكمة ما طلبته جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل بتهمة “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة لجهة اتخاذ إجراءات عاجلة تتضمن “وقفا للعمليات العسكرية” في القطاع ، وعليه فإن العدو الإسرائيلي مستمر لليوم الثالث عشر بعد المئة بجرائم الإبادة والمجازر التي بدأها قبل نحو أربعة أشهر بحق الفلسطينيين في غزة من دون أي رادع قانوني ودولي.

لكن المحكمة التي قبلت دعوة جنوب أفريقيا و”رفضت” الطلب الإسرائيلي بردها ، اكتفت بإصدار قرار حول ما سمته “تدابير عاجلة” قبل النظر في صلب القضية ، ووفقا لصلاحيتها فرضت المحكمة تدابير مؤقتة ، وعلى حكومة إسرائيل وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في غزة أن تقوم باتخاذ جميع الإجراءات في صلاحياتها من أجل منع جميع الأفعال المنصوص عليها وفق المادة الثالثة والتي تتسبب بضرر بدني أو نفسي على أعضاء المجموعة والتسبب بظروف تؤثر على الحياة والآثار المادية بشكل كامل أو جزئي ، لذلك ، على إسرائيل “أن تتخذ جميع الإجراءات” من أجل مغبة التأجيج وارتكاب الإبادة الجماعية ضد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة ، على إسرائيل “أن تقوم فوراً باتخاذ إجراءات منع التدمير وضمان وصول لاحتياجاتها الإنسانية والمساعدات الملحة للتعامل مع الوضع الإنساني الملح الذي واجه الفلسطينيين في قطاع غزة”.

جواندونغ

وأكدت رئيسة محكمة العدل الدولية القاضية جواندونغ “أن المحكمة على اطلاع كبير بالمأساة الحاصلة في قطاع غزة” وتدين القتل المستمر هناك ، ورأت أن ادعاءات جنوب أفريقيا قد تكون واقعية بشكل كبير مستندة في ذلك على عدد من التقارير والتصريحات الأممية بشأن “الانتهاكات الإسرائيلية” في قطاع غزة وعلى تصريحات عدد من المسؤولين الإسرائيليين بينها تصريح يوآف غالانت وصف فيها أهالي غزة ب”الحيوانات البشرية”.

إسرائيل

إسرائيل وصفت قرار المحكمة الدولية “بعرض النفاق” فعاجلتها الخارجية الفلسطينية بدعوة جميع الدول إلى “ضمان” تنفيذ الإجراءات التي وصفتها ب”المؤقتة” بعد تصويت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة المحكمة الدولية المؤلفة من 17 قاضياً لصالح اتخاذ “إجراءات عاجلة” تلبية لما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء توجيه الأمر “بوقف الحرب على غزة”.

ردود

أثار حكم المحكمة ردود أفعال واسعة النطاق وأول تعليق لرئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث قال: “إسرائيل ملتزمة بمواصلة الدفاع عن نفسها وأن المحاولة الدنيئة لحرمانها من هذا الحق الأساسي هو تمييز صارخ ضد الدولة اليهودية وتهمة الإبادة الجماعية الموجهة لإسرائيل ، وقد تم رفضها بحق ، ليست فقط خاطئة إنما أيضاً متوحشة” وعلى الأشخاص الطيبين في كل مكان أن يرفضوا ذلك ، الخارجية الإسرائيلية التي تجهد لممارسة الضغوط وتحريف الحقيقة والتشويش على قرار المحكمة الدولية لتهم المحكمة بتجاهلها حقيقة أن “إرهابيي ح-م-ا-س” بحسب قول المتحدث باسم خارجية اسرائيل اخترقوا إسرائيل وقتلوا مواطنين إسرائيليين وأعدموهم وذبحوهم واغتصبوهم واختطفوهم لمجرد أنهم إسرائيليون في محاولة “لارتكاب إبادة جماعية” ، وتابع ، تواصل إسرائيل العمل على “الإفراج عن جميع المختطفين والقضاء على ح-م-ا-س المنظمة الإرهابية العنصرية المعادية للسامية التي تسخر كل ما لديها للقضاء على دولة إسرائيل وقتل اليهود” ، توصيف جار به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قائلاً: “إن الولايات المتحدة تعتقد بأن قضية جنوب أفريقيا المرفوعة على إسرائيل “تشتت العالم عن الجهود المهمة من أجل السلام والأمن”” ، سريعاً ردت وزارة خارجية جنوب أفريقيا إن اليوم “يمثل انتصارا حاسماً لسيادة القانون الدولي ومنعطفاً مهماً في السعي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني” ، ليعلق وزير العدل بجنوب أفريقيا نعتقد بأن الرئيس الراحل نيلسون مانديلا “سيبتسم في قبره” ، لتذكر وزارة خارجية فلسطين “لا يوجد دولة فوق القانون” ، وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن قضاة المحكمة قيموا الوقائع وحكموا “لصالح الإنسانية والقانون الدولي” ، وأكد قيادي في ح-م-ا-س أن قرار محكمة العدل الدولية هو تطور مهم يسهم في “عزل إسرائيل” وفضح جرائمها في غزة ، أما الناطق باسم حركة فتح فقال إن هذا القرار “أعاد الإعتبار لمكانة القانون الدولي وقيم العدالة الدولية والإنسانية ووضع إسرائيل في قفص الاتهام” ، واعتبرت وزارة الخارجية اللبنانية أن القرار الصادر عن المحكمة نتطلع إلى صدور “حكم عادل وعاجل يعكس احترام القيم وحقوق الإنسان لا سيما القانون الدولي الإنساني”.

غوتريش

الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريش قال المتحدث باسمه إن الأمين العام “سيحيل القرار بالتدابير المؤقتة التي طالبت بها محكمة العدل الدولية إلى مجلس الأمن الدولي فوراً” ، مشيراً إلى أن قرارات المحكمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للمحكمة “ملزمة” وعلى جميع الأطراف “الامتثال” الواجب لأمر المحكمة وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة ، مؤكداً أن الأمين العام للأمم المتحدة “أمر المحكمة بتحويل القرار إلى مجلس الأمن الدولي” ، وأعلنت رئاسة مجلس الأمن الدولي “انعقاد المجلس بشكل طارئ يوم الأربعاء المقبل”.

عرقلة

ولكن ، هل ستعرقل أمريكا تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية بحق إسرائيل في الدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل الذي يقضي “بوقف الإبادة الجماعية” بحق الشعب الفلسطيني والذي لم يصل القرار إلى مستوى “وقف إطلاق النار” مما يعني اتخاذ “تدابير مؤقتة” وعلى الأطراف الالتزام بها ، لكن المشكلة في تنفيذه ، كيف يمكن إكراه أو “إجبار” إسرائيل على التنفيذ الذي يبدو عبر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار تحت “الفصل السابع” بالإلزام بالتنفيذ ، لكن هذا الأمر طبعاً متعذر بسبب استعمال أي من الدول الدائمة العضوية خمس “حق النقض” مما يعطل اتخاذ هذا القرار والطلب من إسرائيل اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة والعودة الى المحكمة للإفادة ب”إنفاذ” هذه الاجراءات حتى تعرف المحكمة ماذا فعلت إسرائيل حيال تنفيذ القرار ، والاحتمال الأكبر هو ان تستعمل الولايات المتحدة الأمريكية “حليفة” إسرائيل حق “الفيتو” ، وبالتالي “عرقلة تنفيذه” ، اذا ، هذا القرار لم يصل الى مستوى الطلب وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية في غزة ، حالياً “مسار المحكمة طويل” لاتخاذ قرار بأساس القضية ويحتاج لأشهر ولربما سنوات طويلة ، لكن آخرون رأوا في إقرار المحكمة “التدابير المؤقتة” واصفين قرار المحكمة ب”الخطوة الأولى على درب العدالة الطويلة” ، حيث بدا للكثيرين أنه ما من إمكانية عملية “إلتزام إسرائيل بأمر المحكمة” ، فما حدث إن المحكمة استجابت لكل الطلبات التي تم تقديمها من قبل الفريق القانوني ، الطلبات التمهيدية ، وحكمت فيها خلال مدة قياسية ، وإن يكن مختلفاً بالنسبة إلى الفريق القانوني لجنوب إفريقيا الذي وجد في القرار “انتصار لهم وهزيمة لنظرائهم المدافعين عن إسرائيل” ، ومع أن المحكمة لا تملك وسائل إنفاذ أوامرها الملزمة بطبيعتها فإن تطبيقها يضع الجميع أمام اختبار سياسي وأخلاقي.

المجموعة العربية

وكانت المجموعة العربية في الأمم المتحدة عقدت اجتماعاً في مقر المنظمة في نيويورك لتنسيق تحركها بشأن تنفيذ حكم المحكمة والتدابير المؤقتة الطارئة المتعلقة بغزة ، وأكدت البعثة الجزائرية العضو العربي في مجلس الأمن أن التحرك يهدف إلى “تفعيل الأحكام الصادرة عن المحكمة” ، من جهته أشار مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور إلى أن التحرك يتم بالتنسيق مع جنوب إفريقيا ويتضمن “عقد جلسة مفتوحة لمجلس الأمن وتقديم نص يتبناه المجلس لدعم تنفيذ الأحكام المؤقتة الصادرة عن المحكمة” ، وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور “إن وقف إطلاق النار ضروري لتطبيق قرار المحكمة” ، وشددت أن دولا ستواصل دعم إسرائيل بأي شكل بعد قرار المحكمة.

حماية اسرائيل ديبلوماسيا

فصل جديد من فصول المواجهة بين تطبيق القانون الدولي بحق اسرائيل وبين مكامن الدفاع والحماية من واشنطن وحلفاؤها حماية لإسرائيل ، صفقة أسلحة من العيار الثقيل ، ووفقاً لمعلومات موثوقة كشفت وصول مقاتلات أمريكية إلى تل أبيب خلال الأيام القليلة المقبلة ضمن صفقات تم إبرامها بجدية هذا الأسبوع بعد أن أرسلت تل أبيب وفداً أمنيا رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات مع مسؤولين في الجيش الأمريكي والصناعات العسكرية الأمريكية ، هذه الاجتماعات هدفها أيضا إعطاء أولوية لإسرائيل في إمدادها بالسلاح بعض تطور الحرب في غزة والغرض منها أيضا الدفع نحو صفقات شراء فورية لمواصلة القتال في غزة وتفادي نقص الذخيرة والأسلحة ، مع الحديث عن تدحرج الأوضاع الأمنية في الشمال ، الوفد الإسرائيلي الذي يرأسه مدير عام وزارة الدفاع جاهداً لإقناع واشنطن بضرورة التسريع بعملية إرسال الأسلحة لمواصلة الحرب في قطاع غزة إلى جانب حرب محتملة وشيكة في لبنان ، وأمام هذه المعطيات وزارة الدفاع الأمريكية اكتفت بالقول إنها لم تطلع على تقارير إعلامية إسرائيلية بشأن وصول شحنة مساعدات عسكرية أمريكية جديدة لإسرائيل ، وقال جون كيربي “التأييد الأميركي لإسرائيل هو ليس 100%” ، وهذا يدلل التأكيد على “تأمين الحماية لإسرائيل في المحافل الدولية ، في مجلس الأمن وفي الأمم المتحدة وحتى في المحكمة الدولية الذي “لا يرى بأن هذه المحكمة محقة” وأن أكد أن “كل ما يجري داخل غزة لا تتحمل إسرائيل المسؤولية” ، وبالتالي تعطيها “الحماية الدبلوماسية” إذا أرادت ذلك ، وعندما يسأل كيربي إذا كانت الولايات المتحدة ستتأثر من دعمها إسرائيل بالنسبة للاتهامات بكتابة جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ولا يعطي الموضوع أهمية كبيرة ويقول على العكس تماماً بأن “إسرائيل تدافع عن نفسها” وأن ح-م-ا-س هي التي “ترتكب إبادة ضد الإسرائيليين والأمريكيين عسكرياً” ، أن الولايات المتحدة الأمريكية “ستستمر بتقديم الدعم لإسرائيل بنفس الوتيرة” خصوصاً في ظل حديث عن “صفقة عسكرية” أمريكية-إسرائيلية جديدة تتضمن طلائع من مقاتلات حربية وطائرات أباتشي وذخائر ثقيلة وسط أصوات في داخل الكونجرس من حزب الرئيس الأميركي بايدن يطالبون بالفعل بأن يكون هناك “مراجعة ومراقبة لكل الأسلحة التي تعطى لإسرائيل” وهل يتم استخدامها بالفعل ضد المدنيين كما رأينا مؤخراً ، لكن هذه الأصوات تبقى نشاز ، فالماضي الأمريكي لم يتغير منذ اليوم الأول وبايدن “يرفض أي إدانة لإسرائيل” بل ويرفض ويشكك بأن إسرائيل على الإطلاق ارتكبت أي جرائم حرب أو حتى جرائم ضد المدنيين ، لكن حتى الآن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل وهذا الموقف لن يتغير إلا إذا حدث شيء مفاجئ جدا يمكن أن يقلب الأحداث لكن على الأقل بايدن متمسك بموقفه وأن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها والولايات المتحدة تزودها بكل الأسلحة التي تحتاجها لحماية نفسها وفقاً لما يقوله البيت الأبيض ، ليذهب وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس فاعتبر “أن من يريد البحث عن العدالة لن يجدها في لاهاي حيث مقر محكمة العدل الدولية بل سيجدها في أنفاق ح-م-ا-س بغزة حيث يحتجز المختطفون” على حد تعبيره فيما دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد وزراء الحكومة وأعضاء الائتلاف إلى “ضبط النفس والحذر في تصريحاتهم حتى لا تتسبب في مزيد من الضرر الدولي والتشويه لإسرائيل” في أعقاب قرار محكمة العدل الدولية ، أما المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية فرأى إن تل أبيب “ستدرس قرار محكمة العدل الدولية” ، آسفا بشدة ما قامت به جنوب أفريقيا ووصفه ب”الافتراء”.

هي الحرب الديبلوماسية والمجابهة القضائية الدولية والحماية الدولية وحق النقض والفيتو حاضرون طالما إسرائيل هي الهدف ، وبالتالي تمدد الصراع من خلال تطور الاستهداف ودخول أسلحة ذات نوعية ومدايات على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة مروراً بما يجري في العراق وسوريا حيث القواعد العسكرية الأميركية والإسرائيلية وصولاً إلى البحر الأحمر ، عوامل تدخل في صلب وصميم الإنتخابات الرئاسية الأميركية وكيفية صرفها انسحابا من سوريا والعراق وتقويضا لليد الإسرائيلية في غزة واعطاء دفع للوساطات العربية بشأن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة والمباحثات السرية الديبلوماسية والاستخباراتية في فرنسا والتي جمعت قادة الأجهزة الأمنية الاستخباراتية المصرية والأميركية والإسرائيلية والفرنسية.

شاهد أيضاً

السِت أم كلثوم في أغنية «ظلمنا الحُب» قالت :

  «أنا وأنت ..نسينا حتى نتعاتب ونتصالح ، وعز عليك تسيب العِند وتسامح ، وعز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *