نحن وفلسطين والزمن الطويل

سامي مروان مبيّض

في سنة 1936 دعا الوجهاء والصناعيّون توفيق قبّاني (والد نزار قبّاني)، وشمس الدين المالكيّ (والد عدنان المالكيّ) إلى إقامة لجنة وطنيّة لدعم الثورة في فلسطين، المحتلّة يومها من الإنكليز. تولّى القبّاني والمالكيّ ثلاث مهمّات :

1- مقاطعة البضائع
2- جمع تبرّعات لأهالي فلسطين.
3- تنظيم تدفّق المجاهدين السوريّين إلى فلسطين.

دخل عليهم عجوز يحمل سلاحاً قديماً، ولكنّه محافظ عليه بشكل لا بأس به، يريد الذهاب إلى فلسطين. اعتذروا منه، وقالوا له: إنّ سنّ التطوّع محدّد من قبل اللجنة الفلسطينيّة العليا، وهو قد تجاوزه بكثير. حزن الرجل، وخرج مسكور الخاطر، ثمّ التفت إليهما وقال: “يا شباب، يمكن أنا كبرت بس بارودتي بعدها شباب. بتقبلوها منّي كرمال فلسطين وأهلها؟”

شمعت القصة من أحد الحاضرين من شباب الكتلة الوطنيّة آنذاك.

“قبلنا منه البارودة، وسجّلنا اسمه في دفتر المتبرّعين، ثمّ علمنا أنّه ذهب بنفسه إلى فلسطين واستشهد. رجل شهم خرج من منطقة قبر عاتكة، ودفن بقبر في عسقلان.”

نعم إنّها عسقلان العظيمة، وليست أشكلون، وبئر السبع وليست بير شيفا. تغيّر الكثير من يومها، فوق فلسطين وتحتها ومن حولها، وبقيت فلسطين محتلّة، أمّا أسماء مدنها فسوف تبقى، وروحها ستبقى، ودعم سورية لها ولأهلها سيبقى أيضاً.

عاجزون نحن أمام إصرار ذلك الشهيد السوريّ وإقدامه، فنحن ليس لدينا بندقيّة نتبرّع بها، وكلّ ما يمكننا فعله هو الدعاء لأهلنا وأشقّائنا في فلسطين، الله لا يهمل دعوة القلب الصادق أبداً، أو القلب المجروح…

شاهد أيضاً

الرحمة لأموات المسلمين”

الروائية راوية المصري…. في عالم يسوده العقل والمنطق، ظهرت مؤخرًا نظرية جديدة تقول إن الرحمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *