احداث فرنسا الأخيرة.. باؤهم تجر وباؤنا لا تجر

 *الدكتور جميل ظاهري

بكل وقاحة صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ان “أعمال العنف التي اعقبت مقتل شاب على يد الشرطة غير مبررة”.. مراهق يبلغ من العمر ١٧ عاما يدعى ناهل يقتل بدم بارد على يد شرطي فرنسي لعدم امتثاله لأوامر شرطة المرور عندما طلبت منه التوقف.
فرنسا تشتعل غضبا ونارا على هذا الإجرام وشوارع مدنها تشهد حرائق واعتقالات واسعة للمحتجين تجاوز ١٥٠ شخصا على لسان المتحدث باسم الشرطة الفرنسية.. وزير الداخلية الفرنسي هو الآخر يشن هجوما على المحتجين والصامتين ويقول “اعتقال ١٥٠ شخصا على على الذين لم يدعوا الى الهدوء”.
ليس ببعيد عنا الموقف الفرنسي المغالي في مجال حقوق الإنسان من تلك الاضطرابات التي شهدتها ايران بعد وفاة الشابة “مهسا اميني” اثر اعتقالها في مركز للشرطة، والتي كانت لباريس دور ضالع فيها حيث اعتقلت طهران اثنان من جواسيسها وهم يشاركون ويدعمون مالياً واعلامياً احدث الشغب التي شهدتها بعض المدن الايرانية.
ثم التحاق فرنسا ماكرون بركب الدول الاوروبية مثل المانيا والدانمارك وإسبانيا وإيطاليا والتشيك وقدمت 16 اقتراحا بفرض عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي على إيران بسبب حملتها العنيفة على الاحتجاجات المتعلقة بـ”حقوق المرأة”- وفق وصفهم.
كما وسمحت السلطات الفرنسية لمجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة بنشر رسوم كاريكاتورية مهينة لسماحة قائد الثورة الاسلامية، ما أدى الى استدعاء طهران للسفير الفرنسي وتقديمه احتجاج شديد اللهجة، فما كان من الخارجية الفرنسية أل أن قالت وبكل وقاحة “إن على إيران النظر إلى أوضاعها الداخلية قبل انتقاد باريس”.
الى جانب ذلك سمحت فرنسا للمعارضين لإيران التظاهر في باريس ، فيما قامت بعض الممثلات الفرنسيات بقص خصلات من شعورهن دعما للنساء في إيران؛ كل ذلك من باب حرص فرنسا على “حقوق الإنسان” الذي تتشدق به سياسياً واعلامياً فيما التنفيذ والواقع على الأرض يجافي ذلك جملة وتفصيلاً.
“إضرام النار في عربات ترامواي بضاحية كلامار جنوب غرب باريس واستمرار التوتر في ضواحي ومدن أخرى.. وحرائق وإتلاف محتويات مقر بلدية مون أون بارويل بضواحي مدينة ليل شمالي فرنسا.. ومحتجون يهاجمون مبنى بلدية ضاحية بيزون شمال غرب باريس ويضرمون النار في مدرسة ابتدائية”، جانب مما تشهده فرنسا حالياً.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد حيث موقف فرنسا من مؤامرة “تظاهرات تشرين” التي شهدها العراق عام 2019 ووقفت وساندت الجماعات الإرهابية والقتلة الذين توغلوا في صفوف المتظاهرين الذين انبروا الى الشوارع ردعاً لمضي رئيس الوزراء العراقي آنذاك عادل عبد المهدي في الاتفاق الذي وقعه مع الصين خلال زيارته لها بقيمة 50 مليار دولار من اجل تطوير العراق.
فما كان من فرنسا إلا أنها باتت تصب الزيت على نار الاضطرابات التي شهدتها المدن العراقية بعد احساسها خسرانها للسوق العراقي الواعد، ومن ثم احتضانها لعشرات العملاء المجرمين الذي تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب العراقي في تلك الأحداث الكثر منهم من ضباط أمن واستخبارات نظام صدام المقبور الذين هربوا الى خارج العراق خوفاً من أن تطالهم يد العدالة.
“إضرام النار في حظيرة سيارات شرطة البلدية في مدينة نويي سور مارن شرق باريس.. وحريق في مركز لشركة انديس للكهرباء في ضاحية نانتير غرب باريس والمطافئ تحذر من خطر الانفجار.. وتواصل احتجاجات واضطرابات في باريس وضواحيها وبعض المدن الفرنسية على هذه الجريمة” والسلطات الفرنسية تواجه الاحتجاجات بقوة السلاح والقمع المفرط فيما تتشدق بحقوق الانسان ضد دولنا عندما نريد أحكام القانون في المجتمع منعاً لتمزيقه وإراقة المزيد من الدماء.
لا أريد أن أذهب بعيداً لاتطرق لدور فرنسا المجرمة والوقحة والاستعمارية في الأحداث الدموية التي شهدتها سوريا طيلة أكثر من عقد مضى وتسليحها للجماعات الارهابية التكفيرية المسلحة بأموال البترودولار الخليجي، حيث الأمر قائم حتى يومنا هذا وهي تحتضن كبار قادة الإرهاب والجماعات الانفصالية الاجرامية إخوانية وغير إخوانية ضامنة لهم الأمن والدعم المالي الإعلامي التسليحي.
لعبت فرنسا دورا مهما في مسار ما أسموه “الربيع العربي”، فوقفت ضدها وبكل قوة عندما كانت في تونس بعد حادثة البوعزيزي الشهيرة، كون باريس تربطها علاقات دبلوماسية وحكومية واستخباراتية بتونس لعقود طويلة..وكذا الأمر حينما أمتدت التظاهرات الاحتجاجية الى مصر وكذا في البحرين والسعودية تلك الأنظمة القمعية التي كانت ولا تزال مورد دعم فرنسا، ضماناً لمصالحها هناك.
ثم دعمت فرنسا الاضطرابات والارهاب في سوريا رسميا وعسكريا لوجستيا واحتضاناً لما يطلقون على أنفسهم “المعارضة السورية” اولئك الذين باعوا وطنهم ووطنيتهم بوعود غربية خاوية وحفنة أموال البترودولار الخليجي، لانهم يخدمونها في العداء لدمشق التي كانت السند المنيع في تحقيق فرنسا لمصالحها في لبنان خاصة في مجال نزع سلاح حزب الله الذي بات ركيزة يهابه الكيان الصهيوني والدول الاوروبية.
*[email protected]*

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *