سعاد قاروط العشي مكرّمة في النبطية بيوبيلها الخمسين

مصطفى الحمود

كرّمت جمعية تقدم المرأة في النبطية والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي “الإعلامية الجوهر سعاد قاروط العشي” في مناسبة يوبيلها الذهبي في عالم الإعلام تحت عنوان “خمسون عاماً من الإبداع”، في حضور حشد من الفاعليات الثقافية والإعلامية والتربوية والاجتماعية.

 

بداية كانت كلمة لرئيس فرع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية، الإعلامي كامل جابر فقال: “للمساءِ نسيماتٌ مهفهفاتٌ، وأصيلٌ يَحدي لغفوتِه على النايِ الأُرجواني، وعاشقون بلا ظلالٍ تلاحقُ خطواتِهم نحوَ مكامنِ الهمسِ والأسرارِ، وللمساء كذلك صوتٌ عذبٌ ينطقُ باسمه، مرخياً عليه مسحة الخير، له فعلُ السحر، يغرّد من فاهها “مساءُ الخير”، أيّ جمال وسليسٍ إعلاميٍّ أضفته على حيواتنا هذه الجوهرةُ المتواضعة سعاد قاروط، أو سعاد قاروط العشي، فهوّنت على القابعين أمام صندوق الفرجة المباح في كل بيت، بإطلالتها المسائية أو الإخبارية، القلقَ والذعرَ المظللين في أتون الحرب الأهلية بانتظار الفرج، أو لاحقاً في ارتياح الجمهور إلى الخبر المَتلوِّ بأناقة صوتِها الرقيق، ووجهها السّمْح، مسبوقاً بمساء الخير، أو صباحه؟”.


وأضاف جابر: “ها أنك يا سعاد العشي، في يوبيلك الخمسين الذهبي، بين 1973 و2023 بعد نضال مستديم، ومسلك قويم، في مهنة المصاعب والمتاعب، تتألقين وتنعشين مساءنا الجنوبي، بحضورك الفتان لنحتفي وإياك بهذا العيد الثمين. فأهلاً وسهلاً بك في بيوتك المزينة بصورتك التي لا تغيب، وبصوتك النقي المحايد غير المدنّس بالصراعات والمناطقيات والطائفيات والمذهبيات.. أهلاً بك مكرمة بيننا ليس من اليوم فحسب، بل منذ أمد مديد وبعيد، نتوّجْهُ اليوم بالاستماع إلى حيز من تجربتك الإعلامية، بصوتك الرقراق ووجهك البرّاق، فنزيد فوق حبناً، حبّاً ممزوجاً بالذكريات العطرة، والحديث الهادئ الأنيق.
باسم جمعية تقدم المرأة في النبطية، والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وباسم الحضور الكريم نهنئ أنفسنا أولاً، ونهنئك بالعيد الخمسين لتجربتك المميزة في الإعلام الوطني الشامل كرائدة من رائدات ورواد المهنة الجميلة الشاقة، فكلّ عام وأنت بأفضل خير”…

 

ثمّ تحدثت المربّية الأستاذة غادة مقلّد باسم جمعية تقدّم المرأة فقالت: “عندما يستوقفني المعارف والأصدقاء للإشادة بما تقوم به جمعيّة تقدّم المرأة مع مختلف الجمعيّات، وبالأخصّ المجلس الثقافي للبنان الجنوبي من نشاطات مختلفة وغالبيتها ثقافيّة، أشعر بالفخر وأعتبر أنّه من واجبنا ولا شكر عليه، بل يجب التركيز والتذكير والتعويم في سنواتنا الأخيرة، وبما آلت إليه حال المجتمع من هبوط على جميع الأصعدة. الإعلام مرآة المجتمع ومقياس وعيه وحضارته ومقصلته في آن، ولبنان مدرسة الإعلام الأولى، كان يحلّق في فضاءات المحيط العربي، ويعاني حالياً من هبوط سريع بلا كوابح حتى لنظنّه تآمراً. خمسون عاماً من الابداع، عنوان مسكوب بماء الذهب، وكم نحتاج العودة للخمسين علّ الأمل يراودنا باستذكار الإبداع.. أيامنا الحالية صدمات متتالية، والمجتمع بغالبيته يمشي على درب الجلجلة، ولم يعد أيّ شيء جميل في هذا الوطن سوى لمسات الله في الطبيعة، مع أنها سرقت وشوّهت وفي طريق الاندثار. هذا الوطن الذي كان سبّاقاً بالعلم، بالطبّ، بأسلوب الحياة الراقي، بالفنّ والإعلام، أين هو اليوم؟ أين إعلامنا المشهود؟ ابتداءً بمواقع التواصل حيث تدور حرب البذاءات والسخافات مع القليل من الثقافات، أين الإعلام المرئيّ؟ وكلّ قناة ترتبط بجهة حزبية مموِّلة. والبعض يختصّ بالترفيه، ومعظمه رخيص للأسف! ابتداءً بطلّة الدقيقة لمذيعة الطقس التي تصرّ أن تظهر بلباس شبه عارٍ في عزّ الشتاء، لماذا؟ الهواء المحجوز لساعتين من أجل برنامج رخيص مع ضيوف أكثر رخصاً، والموضوع حول المُواعَدة، لماذا؟ ما هي الرسالة للأولاد والأحفاد؟ الهواء المحجوز لمناقشة المثليّة وأصحابها. المتحوّلون وأسبابهم، الرجال الراقصون بأزياء النساء، ببذلات الرقص، لماذا؟ أيّ إعلام في محيطنا العربي يقدّم مثل هذه البرامج؟ لا أحد، فلماذا؟ إنّه المال، إنّها المادة يا سادة”.

وأضافت مقلّد: “لا الأرزات والثلجات والميّات تشفع أمام هذه الكوارث الإعلامية والأخلاقية، وبما هو جلد للذات، لكن الإعلام ذهبَ بعيداً بلا ضوابط. عندما تقسو الحياة نعود لصندوق الذكريات، وصندوقنا الإعلامي في السبعينيات كان فاخراً زاخراً، فعاصرنا الرصانة بالبرامج السياسيّة والفائدة بالبرامج التربويّة والثقافيّة واحترمنا ولا نزال كلّ من أطلّ علينا في تلك الحقبة. وترانا نتمسّك بجواهرنا في ذلك الصندوق. كان إعلاماً محترماً مع إعلاميين مثقّفين، وإعلاميّات جميلات رائدات، لكن التميز كان ولا يزال مرادفاً لسيّدة جميلة، مثقّفة، بابتسامة مشعّة وصوت دافئ رخيم كأنّه موسيقى، ولغة عربيّة سليمة أنيقة بمخارج حروفها، وإلقاء بالفصحى التي لا يعرفها هذا الجيل. تلك الجوهرة الأيقونة هي السيدة سعاد قاروط، والعشي لاحقاً. لست بصدد سرد بداياتها والبرامج التي قدّمتها في لبنان والعالم العربي، فقد كانت محترمة متمكّنة اينما حلّت وهذا ما يفتقده الإعلاميون اليوم، وطبعاً هذا ليس تعميماً. عندما تقول: تعلّمت أن أكون موضوعيّة فلا أخاصم أحدا بشكل عدائي، أين منها إعلاميّات زماننا؟ كانت وما زالت فراشة الربيع النادرة، المميّزة المحترمة، المثال المشرّف الراقي في رحلة الخمسين عاماً من الإبداع.. شكراً سيدة سعاد، شكراً لأنّك دليل نقاء في زمن العز ومثل علّ الحاليات يحتذين به، لك منّا كل الاحترام والتقدير”.

بعدها تحدث الناقد والأديب جهاد أيوب فتوقّف عند محطات عديدة من حياة المكرّمة مهنيّاً، وأشار إلى “ميزاتها في تقديم نشرات الاخبار ومن ثم البرامج الثقافيّة والسياسيّة والمنوّعات”، موضحاً “أنّ برامج السيدة سعاد هي مواقف ومحطّات وجب أن يستفيد منها كلّ الأجيال المقبلة في الإعلام”. وأضاف أيوب: “إنّ المكرمة سعاد قاروط العشي كانت مثال الإعلاميّة الرزينة المهذبة الجميلة، صاحبة الأداء المميز. والواثقة، تمتلك ثقافة عالية في الشعر والأدب، وهذا طوّر تجربتها، وميّزها من بين الجميع!”.

وقال: “في لبنان أربعة فصول، والفصل الخامس، هو فصل الإعلام، وصورة هذا الفصل تتبدى بالسيدة سعاد قاروط العشي التي حلّقت في أكثر من محطّة إذاعية وتلفزيون، ابتداءً من الإذاعة اللبنانيّة، ثم تلفزيون لبنان، والعديد من القنوات، ولم تتبدّل جوهرتنا الإعلاميّة بتبدّل المواقع، بل حافظت على المستوى عينه من الرصانة والتهذيب والإلقاء الرائع…. نعم حينما اختارتها مجلّة الشبكة في الثمانينيات كملكة جمال الإلقاء من بين مذيعات لبنان والعالم العربي كانت على حق… سعاد في تكريمك كلّ الإعلام مكرم، ونحن نكبر بك”.

وكانت كلمة للمكرمة سعاد قاروط العشي، فقالت: “فخرٌ لي أن أكرّم اليوم في وسطكم، وسط أبناء الجنوب، أهل الجنوب البطل، الجنوب الحبيب، وكلّ حبة تراب فيه تساوي كنوز الدنيا. حبي للجنوب لم يكن منذ تزوجت من الجنوب، بل منذ زمن بعيد، من على مقاعد الدراسة، فصديقاتي كنّ جنوبيّات. والجنوبيّ هو الإنسان المتحضّر، الكبير بقامته وعقله وعاطفته وإنسانيّته. أتحدّث إليكم من كلّ قلبي وفكري وعقلي وعاطفتي، لم أحضّر كلمة مسبقة، لكن أحبكم جميعاً، وأحبّ كلّ من ينتمي إلى الجنوب، البويجي قبل الوزير والرئيس. ويكفيني أنّ زوجي أحمد العشي الجنوبيّ الأصيل، زوجي وشريكي، حبّي وأب أولادي، أستاذي ومن درّبني وأمسك بيدي وأحبّني وأخلص إليّ، وبادلني وبادلته وأكثر. أحبّكم جميعاً وأشكركم من كلّ قلبي أنّكم جئتم لتكرموني. واسمحو لي أن اقدّم تحيةً إلى سلام عادل صباح، ابنة هذه العائلة المبدعة التي كانت لها اليد في ما قدّمته في تاريخ هذا الجنوب البطل. كلّ ذرة من عقلي وقلبي وجسدي تشكركم جميعاً”.

 


بعدها منحت رئيسة الجمعيّة المربّية الأستاذة زهرة صادق ومعها عضوات الهيئة الإدارية والعامة درع جمعية تقدم المرأة إلى “الإعلامية الجوهرة سعاد قاروط العشي، في مناسبة يوبيلها الخمسين، خمسون عاماً من الإبداع”.

شاهد أيضاً

وليد جنبلاط واستقبال كبير في عاصمة الأم الحنون للموارنة

بقلم ناجي أمهز المقدمة وأتحدث هنا عن زعيمي هما الشهيد رشيد كرامي ووليد جنبلاط رشيد …