من كتابي تحت الطبع ( ما زلت انا ) …

من صفحة الاعلامي رفيق نصرالله

في الخامس والعشرين من كانون الاول .. في ليلة شتوية تكفل المطر بان يعزف نشيد الولاده .. هناك في غرفة العمليات داخل المستشفى الفرنسي الذي كان يقع في منطقة الخندق الغميق .. ولدت بعد معاناة.. ربما لانني كنت عنيداً او اردت ان لا اخرج إلى الحياة إلاّ باستثناء .. بقيت برحم امي حتى تكفلت يد مضرجة بالدم جذبي إلى  هذه الدنيا …
قيل لي اني بكيت لعشر دقائق وسكت فجأة ربما لاني طفل شتوى حاولت ان احتمي بالمطر …راهبات المستشفى اهدوني ثياباً وقلادة واطلقوا عليّ اسم عيسى لاني ولدت ليلة عيد الميلاد لكن إسم رفيق انتصر كون جدتي كانت تدلل الوالدة وهي صبية قبل بالزواج وتناديها ام رفيق ..ربما كانت جدتي وان كانت ابنة شيخ لها ميول يسارية ارادت ان تعبر عنها باطلاق اسم رفيق على حفيدها الاول..

ما زلت طفلا شتويا يلهو تحت المطر مثل طائر السنونو الربيعي سيكبر في ارض موجعة تحيطها الشبهة تحت سماء لم تتعب ..
والد عامل مناضل وطني ..ساكبر بعد قليل وأرى صورة كبيرة على الحائط سيقول لي الوالد الذي لا يغادر جهاز الراديو (شوب لوزنز ) ان هذا قائد الامة انه جمال عبد الناصر ..
كبرت وكبرت الصورة معي وصار صوت جمال عبد الناصر المحفز لنا .. صار جزءاً من حياتنا اليومية ناكل قبلة الطورة ونصرخ ونلهو وهو على الجدار يتولى النظر لنا ..
كم احتميت بالصورة وهربت اليها من غضب الوالد او الوالدة
كان الوالد يشعر بالاعتزاز والزهو وهو يسمع جمال عبد الناصر الذي صار قائدا لوحدة عربية وان ارتجفت فيما بعد وبردت اطرافها ..
في اخر شارع اسعد الاسعد قبالة الحرش .. سيكبر هذا الطفل الذي راح مع ابناء الحي عام ثمانية وخمسين يرمي بحجارة ( النقيفة ) على دبابة اميركية ترابط عند مستديرة شاتيلا .. كنا نحمل صور عبد الناصر ونصرخ ايزنهاور مالك منا خود
كلابك وارحل عنا …
عند اطراف هذا الحرش سنكبر تحت قبضة الصنوبرات وتكبر احلامنا ونقاتل الوقت …..
من كتابي تحت الطبع ( ما زلت انا ) ….الذي سيصدر قريباً

شاهد أيضاً

شباب لبنان …شباب العلم

/ابراهيم ديب أسعد شبابٌ إلى العلياءِ شدّوا وأوثقوا وطاروا بأسبابِ العلومِ وحلّقوا وقد ضمّهم لبنانُ …