الناشط الإصلاحي الدكتور سامي الريشوني: إنتفاضة 17 ت1 هي مشروع بناء وإنماء الوطن

إبنُ بلدة “مشغرة”جارة القمر البقاعية،

رئيس جمعية خريجي الجامعات الأميركية في لبنان، النائب السابق لنقيب أطباء لبنان لدورتين، الناشط الإصلاحي الدكتور سامي ريشوني، صاحب

 الأيادي البيضاء في العمل الإنساني والثقافي والإجتماعي، وله خبرة ورؤية خاصة في العمل والإداء السياسي..

إستضافنا في منزله وخصَ “موقع ومجلة كواليس” بحوار شيق وبنّاء وموضوعي يعكس صورة الوضع الأليم الذي يعيشه لبنان وشعبه، خاصة بعد حادثة إنفجار المرفأ في بيروت وتداعياته على الصعيد الإقتصادي والسياسي والدولي، من تشكيل الحكومة.. وهجرة الشباب.. وفيروس كورونا المستجد.

صريحًا شفافًا صادقًا صاغيًا مبتسمًا، جلسنا على شرفة منزله وكان هذا الحوار المثمر!..

🔷نود التعرف على الدكتور سامي ولماذا إخترت الحقل الطبي؟

  • نشأَتُ في عائِلَةٍ محدودةَ القُدرَة المادية…

ترعرعت في منزلٍ تعلمتُ به الإخلاص والنزاهة والشجاعة والتَطَلُع لخدمةِ الوطن وإنتشاله من الجهلِ والمرض…

آمَنَتْ بأنَ الفقر علاجَهُ الجهادُ والنضالُ والتمسك بالكرامةِ الفاعلة…

إخترتُ الحقل الطبي بتشجيعٍ من المرحوم والدي قبل وفاته ومن بعده المرحومة والدتي…

آمَنتُ بأن الطب إختصاص يتصدى للمرض..

آمَنْتُ بالخدمةِ الإنسانية فتطوعَتُ في مختلفِ الحقول إيمانآ مني بأنَ المتطوع الوفي لابُدَ أن يُقاوم بصمودٍ الجهل والفَقْرَ والمرض، وبلادنا تتخبطُ في هذا المُثلثْ…

شاركتُ وما زلت كعضو وكقيادي في الأعمال التطوعية والنقابية والوطنية…

لأنني بذلك أرضي ضميري وهو خدمة شعبي ووطني لبنان…

🔷كيف ترى لبنان بعد إنفجار المرفأ على الصعيد السياسي والإقتصادي والإجتماعي؟

_ قبل إنفجار مرفأ بيروت كان لبنان ومنذ القدم يلعب دور الجسر الذي يربط ما بين الشرق والغرب، لا سيما ثقافيًا وإقتصاديًا وتجاريًا، حيث أطلق على هذه الدولة مفتاح الدنيا كلها…

أما بعد الإنفجار،

لبنان الجريح… لبنان الحزين…إنها النكبة، إنها المصيبة…

إن هذه الكلمات لم تعد تعني شيئآ…

إن هذه الكلمات لا تُساهم في إنقاذ وطني،…

ولا تبرد غليل أم ثكلى تفتش عن إبنها تحت الأنقاض وعلى أبواب المستشفيات…

هذه الكلمات لا تبلسم جراح أب أضناه الوجع…

إن الكارثة التي حلت ببيروت يجب ألا تكون سببًا لطمس الحقيقة، فلبنان ليس على شفير الإنهيار فقط بل وصل الى قمة الإنهيار.

أستاذ عيسى،

إن ما يفيدنا وما بهمنا اليوم هو أمرٌ واحد…

إن ما ينقذ لبنان الوطن هو أمرٌ واحد…

إسمه “منظومة الفساد” وذلك يتطلب وبشكل عاجل جدًا محاسبة كل الفاسدين والمختلسين والسارقين، الذين لا لون ولا مذهب ولا طائفة لهم إلا طائفة الفساد…

المطلوب اليوم وقبل الغد هو  التغيير!!

لا نريد المارونية السياسية ولا الشيعية السياسية ولا السنية السياسية ولا الدرزية السياسية.

بدأت الطغمة الطائفية السياسية بإطلاق هذه الشعارات وما زالت خوفآ على مصالحها وسيطرتها…

هذه الطغمة لا تريد أن تعترف أن إنتفاضة ١٧ تشرين الأول، البعيدة كل البعد عن الطائفية والتحزُب والتزّمت والتعصب، بأنها مشروع وحدة وطنية، مشروع بناء وإنماء الوطن إقتصاديًا وإجتماعيًا وسياسيًا..

هذه الطُغمة لا تريد أن تتحمل مسؤولية إنهيار البلد وذلك لسرقتها وإختلاسها مال لبنان وخيراته…

ونتيجة لهذا الفساد المستشري فإن لبنان قبل إنفجار المرفأ هو لبنان ذاته بعد هذه المصيبة، سيبقى في الحضيض بفضل المنظومة الفاسدة وعلى أمل إسقاطها في الساحات…

🔷ماذا تتوقع أن تكون شكل الحكومة القادمة؟

_ لغاية الآن وبخصوص تشكيل الحكومة، الصورة قاتمة غير جلية، إلا أن الأزمة الداخلية أي المنظومة الفاسدة أو الطاقم السياسي الفاسد ما زال يتعاطى مع الأمور كأنه لم يحصل شيئًا من تدمير للدولة وسرقات وإختلاسات وفساد، هذا الطاقم يقوم بالمشاورات والإتصالات لتشكيل الحكومة غير آبهًا بغضب ورفض الشارع له…

هذا الطاقم ومنذ البداية يحاول جاهدًا إقناع الحريري القبول بتشكيل فريق العمل المناسب لهم للإستمرار في نهب وتدمير الوطن…

ولكن إعلان الحريري عدم ترشحه لتشكيل الحكومة بإيعاز من المملكة العربية السعودية، هذا يعني فشل المبادرة الفرنسية لحل الأزمة في لبنان…

وإن المسؤولين يبدون غير آبهين بتشكيل حكومة، وكأن كل ما جرى من ويلات لا يعنيهم..

الأميركيون لا يريدون حكومة برئاسة الحريري أو سواه، وهذا يعطي نفحة حياة للسلطة في لبنان، إما الموقف السعودي فهو نسخة طبق الأصل من الموقف الأميركي…

بينما إيران تنتظر نتائج الإنتخابات الأميركية لترى كيف ستكون طبيعة التفاوض مع الرئيس الجديد أو الممدد له…

ولكن برأيي ومع تأخير تشكيل الحكومة أتخوف من مشاكل أمنية، لن تصل إلى حرب أهلية…

بعض المصادر حاليًا تؤكد حضور الرئيس ماكرون إلى لبنان في مئوية لبنان الكبير…

وسوف يستمر في مساعيه والمثابرة على محاولاته لإيجاد مخارج لتأليف الحكومة وبكل تأكيد بالتفاهم مع الأميركيين، الذين سيكون لديهم الوقت الكافي بعد الإنتخابات الرئاسية.

🔷 هل تثق بتحقيق القضاء اللبناني في إنفجار المرفأ أو تأييد تحقيق الدولي؟

_ ما بعد النكبة، نفتح صفحة التحقيقات، وبإختصار شديد، التحقيقات التي قام بها فرع المعلومات في الأمن الداخلي وبالتعاون مع فرقة ألـ FBI التي وصلت مؤخرًا إلى لبنان تم التوصل إلى 3 نتائج: 

1- إستبعاد إعتداء إسرائيلي سواء أكان ذلك بحرآ أو جوآ .

2- إستبعاد وجود مخزنًا للأسلحة تابعًا لحزب الله في المرفأ.

3- الإستنتاج بأن الإنفجار هو وليد حرارة عالية، وتفاعل هذه الحرارة مع مواد كيميائية.

حاليآ التحقيق يجري من قبل المحقق العدلي فادي صوان مع:

– الموقوفين الذين تم توقيفهم مؤخرًا بأمر النيابة العامة التمييزية.

– عدد من القضاة والعسكريين والموظفين السابقين.

– وزراء الوصاية.

شخصيآ لا أتوقع أن ينتهي الملف في أقل من سنة في المجلس العدلي ليتم فيما بعد صدور القرار الظني، ويليه توجيه الإتهامات…

🔷كطبيب وناشط إصلاحي ماذا تقول للشباب الذين خسروا أهلهم وأصدقائهم وأحلامهم وينويون الهجرة نهائيًا عن لبنان؟

  • وسط الأزمة التي يعيشها لبنان على مختلف الصُعد، لا يسعني إلا أن أوجه نداء من القلب، من إنسان أحب وطنه ولا يتمنى له إلا الخير والتقدم والرقي، إلى شباب لبنان بمختلف مذاهبهم وطوائفهم أن يتضامنوا ويتكاتفوا ويقفوا صفًا واحدًا ويدًا واحدة لإنقاذ ولإنماء الوطن وعدم التخلي عنه. 

وأناشدكم أن نتماسك ونتساعد جميعًا لمنع هجرة الأدمغة الشبابية لأنهم حاضر لبنان ومستقبله…

هجرة الأدمغة الشبابية يسبب نقصًا في الكوادر الفعالة التي تنهض بهذا الوطن…

ويلٌ لوطن يتخلى عنه شبابه…

المطلوب من شباب لبنان أن يصمدوا ويواجهوا منظومة الفساد حتى تحرير الوطن منهم…

🔷فيروس كورونا هل له نهاية على المدى القريب؟ أم نحن قادمون على الأسوء؟!

  • بخصوص كورونا، أتمنى على الجميع غسل اليدين بالماء والصابون وإستعمال الكمامات وتجنب الأماكن المكتظة، وممارسة الرياضة لتنشيط الدورة الدموية، وتناول فيتامين (C) والزنك(Zinc) وذلك لتقوية المناعة.

عند الإصابة، على المصاب والمخالطين له إلتزام الحجر الصحي… ولا بد من ضرورة التعايش مع الإجراءات.

  • أما الإقفال في لبنان، وبرأيي الشخصي إجراء غير مرغوب فيه يؤثر سلبًا على الوضع الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي والنفسي…

وحتى لا نقع بالمحظور وحتى لا نعود لنقاش موضوع الإقفال مرة ثانية، من واجب الدولة أن تكون قد أعدت عدتها لمرحلة ما بعد الإقفال وعلينا أن نتعود بأن كورونا موجود معنا حاليًا  لمدة سنة أو ربما أكثر بقليل، علينا أن نتعايش مع كورونا وأن يكون لدينا نظم وعادات وتقاليد طبيعية جديدة، مختلفة عما تعودنا عليه بالماضي.

لبنان يعتبر حتى هذه اللحظة من أفضل دول العالم حيث أن عدد الوفيات نسبة للمصابين هو 0,9%…

بإتباع الإرشادات الوقائية والحجر الصحي نحجم إنتشار الفيروس…

🔷كرئيس جمعية خريجي الجامعات الأميركية في لبنان، ما الدور الذي تقوم به في ظل الأزمات التي تعصف في لبنان خاصة في بيروت بعد كارثة المرفأ وفِي المناطق المحرومة والمهمشة من قبل المسؤولين في الدولة؟!

  • تأسست جمعية خريجي الجامعات الأميركية (AAAL) في 3 تموز 1996.

الأعضاء هم من المهندسين والأطباء والصيادلة ومختلف الإختصاصات خريجي جامعات الولايات المتحدة الأميركية.

أهم أهداف الجمعية:

▪ توطيد الصلات بين الخريجين والجامعات والمؤسسات العلمية الأميركية بهدف تبادل الخبرات وعقد الندوات والمؤتمرات.

▪ مد الجسور العلمية ما بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان.

▪ دمج خبرات الخريجين المقيمين والمغتربين لتصب في مصلحة الوطن لبنان.

▪ منذ 1996 لغاية 2019 قمنا باكثر من 60-70 ندوة ومؤتمر ومحاضرة .

▪ أثناء معارك نهر البارد وعبرا وأخيرًا إنفجار مرفأ بيروت وضعنا جميع إمكانياتنا بتصرف الجيش اللبناني وجميع المؤسسات الإنسانية والإجتماعية.

ونحن نعتبر أنفسنا جنودًا في الخطوط الأمامية للدفاع عن لبنان.

🔷 هل توافق لو عُرض عليك تبوء منصب سيادي في ما لو شُكلت حكومة جديدة تخدم بها الناس كونك طبيبًا وناشطًا إصلاحيًا ولديك خبرة أكثر من 45 سنة في العمل الإنساني والإجتماعي والسياسي؟

  • إذا عُرض عليّ تبوء منصبًا (وزير أو نائب) طبعًا لا أعارض لأن ذلك هو بالنسبة لي الإستمرار في الخدمة العامة في مختلف الحقول الإنقاذية ومنها طبعآ النضال الوطني ..

🔷هل لديك كلمة لبيروت تبلسم بها جراحاتها؟

  • إن كارثة بيروت يجب أن لا تكون ذريعة لدفنها…

بيروت ستنتفض من تحت الأنقاض…

بيروت ستبقى عاصمة العواصم …

بيروت ستبقى ديوان تحف ومتاحف…

بيروت ستبقى عاصمة المحبة والمقاومة والصمود ..

بيروت ستبقى عاصمة الثقافة …

بيروت ستبقى في قلب كل مواطن محب وصادق إلى أبد الآبدين…

🔷كلمة أخيرة لموقع مجلة “كواليس”؟

  • “مجلة كواليس” من المجلات التي تكلل بالمعرفة والمنهجية في الحوار وحسن إبتداع أساليب قوة التعبير والقادرة على نقل الحقائق …

تحية خاصة الى المدير العام لمجلة وموقع كواليس السيدة فاطمة فقيه..

وتحية من القلب لك أستاذ عيسى ريشوني على هذا الحوار الذي ترك في نفسي وفِي قلبي أثرًا رائعًا…

حوار مدير مكتب مجلة كواليس – باريس

عيسى ريشوني

شاهد أيضاً

شباب لبنان …شباب العلم

/ابراهيم ديب أسعد شبابٌ إلى العلياءِ شدّوا وأوثقوا وطاروا بأسبابِ العلومِ وحلّقوا وقد ضمّهم لبنانُ …