هل ما زالت الكتابة مفيدة في هذا الفضاء اللبناني؟!

زاهر العريضي

أن نكتب ونعبر، نحلم ونرفع صوتنا، نرفض وننتقد.
هل سقط كل ذلك في مربع اللاعودة؟!
كل ذلك لن يضيف لنا شيئاً، في هذا الفضاء اللبناني المسموم والمشحون والمضطرب.
في مساحات حالكة تنتهش بقذارتها الروح والجسد والانسان والاخلاق والعقل.
كأنّنا لا نعرف شيئاَ عن الحياة. ولا نعرف شيئاً عن التطور. وعن مدارات أخرى تتجلى فيها فضاءات بكثير من الاشكال والافق.
نحن بكل بساطة لا نعرف شيئاً عن المعرفة، ولا نعرف أين نحن وعلى ماذا سنكون.
أين أصبح العالم برمته، وأين أصبح التطور البشري وأي سوبر مستقبل ستخلقه التكنولوجيا.
حتى أننا لا نملك أسئلة للرهان والمستقبل .
نجهل الواقع الذي نحن فيه،والورطة التي نعيشها، الغشاوة المفرطة التي تعيقنا واللعنة التي تلاحقنا. فأيّ مصير نخطو نحوه؟ في فضاء لبنانيّ مأزوم ومذلول، وهويات قاتلة، تسكن في صندوق مسدود الأفق.

لا قصة جديدة نرويها، اإلّا تكراراً للأحداث السابقة، ومغامرات البطولات الوهميّة.
لا لغة نتواصل بها، إلّا لغة الحرب والقتل. ننعي أنفسنا، كمقدمات إجباريّة لموتنا البطيء.
لا يبدأ صباحنا دون السوق السوداء، ولا تحضر قهوتنا ولا تغيب عن مائدتنا، أسعار المأكولات والمحروقات والمولدات والكهرباء والطاقة الشمسيّة…
كيف لنا أن ننتج هويتنا وكينونتنا، ونحن لا ننتج أكلنا وحاجياتنا، وإنّما نتملّك ونتباهى، نستهلك ونتماهى؟! بين لبناننا ولبنانكم، خبزنا وبحركم، حارتنا وخطوط تماسكم، لغتنا ولغتكم، أيّ مهزلة هذه التي نتراشق بها، وأيّ أزمة نقفز عنها، كأنّنا تجمعات بشريّة تتقاتل وتحارب؟! أيّ فضاء افتراضيّ ننغمس في لعبته المدمرة، ننزلق إلى وحوله التافهة، نهدم ما بقي وهو اليسير، كشعب شتّام وهدّام، كشعب مذلول ومفصوم، وشعب أجياله تربح الجوائز العالمية والبطولات الدولية، ومسؤوليه يتبارزون في بازار الطائفية ويكيلون لبعضهم الاتهامات ويتقاذفون كرة النار في مسرحية الكذبة التوافقية والمزايدات الوطنية؟!
نهرب ونكتب عن الانسان الذي لم نعشه، ولم نكتشفه بعد. الإنسان الذي ما زال ناقصاً، لا حقوق ولا حياة ولا امتداد لطاقته المخنوقة.
لا أفق لجسده وخياله وفكره ولا معنى لأحاسيسه وتجاربه ومعاناته وإدراكاته.
هذا الإنسان الذي ربّما سيصبح من التاريخ، أو بالاحرى خارج التاريخ.
في نزوح للخلاص الفردي، ، كالمثل المأثور، ” بعد حماري ما ينبت حشيش”، أي معنى لنجاح فردي في بلد فاشل ومجتمع قاحل؟!

ربما الإعتراف اول الطريق، كخطوة للخروج من عقم الموروثات وجماد الواقع، والانكار المستميت والانفصام العجيب.

كأنّنا أمام نهاية زمن كنا نعرف شيئاً عنه، إلى زمن آخر لا نعرف عنه شيئاً…

شاهد أيضاً

شباب لبنان …شباب العلم

/ابراهيم ديب أسعد شبابٌ إلى العلياءِ شدّوا وأوثقوا وطاروا بأسبابِ العلومِ وحلّقوا وقد ضمّهم لبنانُ …