حوار في الثقافة والسياسة إعداد وحوار الإعلامي د. وسام حمادة

في زمن العولمة والإعلام المرتهن وترسيخاً لمفاهيم الثقافة والمعرفة الراقية والتي تعيش غربتها القاتلة تعيد مجلة كواليس وموقعها الإلكتروني نشر لقاءات ثقافية وسياسية كان قد أعدّها وقدّمها لفضائية الإتحاد الإعلامي، د. وسام حمادة عبر برنامج 24 / 24

 

ولقاء العدد مع: المخرجة والممثلة اللبنانية “حنان الحاج علي”

 

  عنوان الحلقة: “المسرح طريق آخر للحرية”

 

أغنية بعنوان:  “من قال أني تركت المدينة”

 

كلمات الشاعر: “علي وهبي”

 

ألحان وغناء:  ” د. وسام حمادة”

 

  

الأغنية: 

 

من قال أني تركت المدينة

شراع زورق أحمق أو سفينة

من قال تخاذلت عن حب المساكينَ

وتركت ذاكرة للنسيان سجينة

جرحاً عند خاصرة الميادين

فوق صهوة الرياحين

راية منكسرة حزينة

لا لا لا لا

سأعود وأمسح عن خد أمي الدمعة

لا لا لا لا

لِأَلقى في دفئها السكينة

وأضيء في عينيها ألف ألف ألف شمعة

أعيد في ذاكرتها تلك الأحلام الدفينة

من قال…

 

 

-أُرحب بضيفتي الممثلة والمخرجة والباحثة السيدة حنان الحاج علي، أهلاً وسهلاً بكِ ضيفة عزيزة في برنامج 24/24.

 

الضيف: شكراً لك.

 

– تقول ضيفتي: كنت أبحث عن وسيلة أستطيع من خلالها التعبير عن الغضب والأسى وأحياناً عن الفرح، وكان أن تعرّفت عن طريق الصدفة إلى المسرح، وعند لحظة اللقاء والتعارف بات العالم خشبة مسرح لا تتسع لأحلامها وطموحها الإنساني.

هي الممثلة اللبنانية المشاكسة التي تجدها في كل المعارك الاجتماعية والثقافية، بدأت حكايتها للمرة الأولى مع فرقة الحكواتي في مسرحية من حكايات 1936 ومازالت الحكاية مستمرة عبر أعمال شكّلت إضافة جميلة لعالم الإبداع، قدّمت للسينما والتلفزيون والمسرح الكثير من الأعمال ذات البُعد الإنساني، إنها بطلة مسرحها بامتياز، تعمل على نزع الأقنعة، تقاوم الظلم والتسلط، والمسرح طريقها إلى الحرية.

السيدة حنان الحاج علي أهلاً وسهلاً بكِ في هذا اللقاء الذي يُسعده حضور شخصية مثل حضرتكِ، لم تُقدّم الفن فقط للفن، والذي لا يعرف ما تُقدمه السيدة حنان وزوجها المخرج الأستاذ روجيه عساف من مجهود جبّار باتجاه ثقافة فنية حقيقية عبر الكثير من العطاءات التي سنتكلم عنها، يكون لديه نقص في معرفته لهذه الشخصية.

واليوم سنُحاول قدر الإمكان تسليط الضوء على هذا المجهود وهذه العطاءات.

ولكن سأبدأ بقليل من الأسئلة للتعريف عن ذاكرة إنسانية كانت لحنان الحاج علي قبل أن تكون الفنانة والمخرجة والباحثة والمُدرّبة.

حضرتكِ من بيت جنوبي، عشتِ مرحلة قاسية جداً وهي الحرب اللبنانية الداخلية، والدكِ كان مسؤولاً لمخفر درك، وفي ذاك الوقت كان صعباً على الفتاة أن تأخذ هذا الخيار باتجاه الفن والتمثيل، وكلنا نعرف أنه لزمن قريب جداً كانوا ينظرون إلى الفن على أنه عملٌ غير مُربح، وبالنسبة للفتاة مكان غير حَسَن خاصة في المناطق المحافظة.

 


كيف استطعتِ أن تتجاوزي هذا المناخ؟ ومن الذي دعم حنان الحاج علي؟

 

الضيف: أولاً لفتني في تقديمك كلمة الفنانة المشاكسة، وفي الحقيقة حين أبحث في مسيرتي من وقت إلى آخر، والتي قضيتها في مجال الفن والمقاومة الثقافية أشعر أن لديَّ ميلاً قوياً نحو النقد وتحدي الذات ونحو المغامرة والمشاكسة، مشاكسة المألوف والمُسَلّمات التي يجب أن ننام عليها ونطمئن لها مهما كانت خطورتها أو مهما كانت نتائجها، ويبدو أن هذه الملكات التي لديّ هي نتيجة مؤهلات أو مُحصلة شخصيات كانت محيطة بي مذ كنت صغيرة، فالأشياء تتراكم أولاً في اللاوعي ثم تظهر سلوكياً وعملياً، وفي طبيعة الحال كما ذكرت حضرتك أنني من بيت جنوبي، وأنا لا أنسى صورة جدتي فاطمة التي بمنديلها الأبيض وبسماحة خلقها وبإصرارها على اجتراح الجمال بالحياة نقلت لي حب الفن لأنها علمتني ارتجال الشعر والغناء والدبكة في الوقت الذي كانت فيه امرأة محافظة ومتدينة ولكنها كانت جامعة بين الدين والدنيا في شخصية رائعة، فكانت نجمة الأفراح والأتراح، أي أن العزاء الذي لا تذهب إليه كان يفشل والفرح الذي لا تُشارك به كان أيضاً يفشل، وكانت قد اصطفتني من بين أحفادها لمرافقتها أينما تذهب.

 

– واضح أنه كان لديها رؤية ثاقبة.

 

الضيف: شكراً، فالصلة الحقيقية الأولى في جذوري وإن لم أتربى أو أسكن في الجنوب ولكن كأنني كنت كل هذا الوقت متجذرة فيه عبر هذه الشخصية التي في العام 1920 حيث كان عمرها أربعة عشرة سنة استطاعت أن تتزوج الرجل الذي تحب بالرغم من أنها كانت مخطوبة لإبن بيك، واكتشفت من خلالها أن عقد القران عند المسلمين هو عقد ما بين رجل وامرأة بوجود شاهدين، أي أنه كأي عقد زواج مدني يتم بوجود شاهدين، وقصة وجود رجل الدين في الزواج ليست ضرورة.

 

– ولكن هذا التصريح يُشعل ثورة.

 

الضيف: هذه الحقيقة، لأنه حين عقدت هذا الزواج بينها وبين الرجل الذي اصطفته لقلبها وربها كان هناك شاهدان وكان حلالاً، وأتى الخاطب ليأخذها، وآن ذاك لم يكن هناك عقد قران قبل الزفاف، وأتت القوافل من قرية إلى قرية مع إبن البيك، وحين حضر الشيخ ليكتب لها كتابها، أول مرة سألها فلم تُجب كما جرت العادة بل قامت النسوة بالرد بأنها ذهبت إلى العين لتملأ الجرة، سألها مرة ثانية وثالثة وكان عليها هنا أن تُجيب لكنها لم تُحرك ساكناً، فساد صمت رهيب بين الناس فأتى أخوها وقال لها أعطِ توكيلاً للشيخ وإلا، هنا وقف رجل وقال في السماء ليس هناك إلهين والمرأة لا تتزوج رجلين، فبدأت الهمهمة إلى أن تحولت إلى نوع من الضجيج.

 

– وكأنه عمل درامي مسرحي بامتياز.

 

الضيف: عندها قال الشيخ له أخبرني القصة، فأخبره وطبعاً كان رجل دين متنور، وما أندرهم بشكل عام، حينها قال لهم أنه لا يجوز فهذه المرأة محصنة ومتزوجة من فلان حتى وإن لم يتم ذلك عملياً، وإذا أردتم تزويجها لابن البيك يجب أن تُطلقوها، وحدثت قصة طويلة عريضة كادت أن تُقتل لو لم يقوموا بتهريبها من بيت إلى بيت، إلى أن انتهت المفاوضات واستطاعت أن تتزوج الرجل الذي اختارته وكان عمرها أربعة عشرة سنة من العام 1920.

 

– إسمحي لي أن أوجه تحية لروح هذه الجدة الثائرة والجميلة جداً.

 

الضيف: فعلاً هي تستحق كل التقدير حتى إن لم تكن جدتي.

وانطلاقا من هذه القصة التي تحمل الكثير من المُسَلّمات التي تراكمت في رأسي والتي دعتني للتفكير بأمور درجنا على التسليم بها والقول أن الأمور هكذا يجب أن تكون وليس لها وجه آخر أو وجهة نظر أخرى.

وكل هذا في الوقت الذي كانت جدتي شخصية محترمة جداً وكل القرية تحلف بحياتها وكذلك في بيروت، لأن عائلتي من الناس الذين سكنوا في بيروت أيضاً، فمن هنا بدأت المُساءلة لأنني لا أريد أن أقول أنه تمرد، فطوال عمري لم أتمرد على مجتمعي بل كنت أُدرك أن كل هذا الغنى الذي أتمتع به اكتسبته من هذا الوسط، لأن الغنى لا يكون بطلاق هذا الوسط والتعلّق بوسط آخر.

 

– الغنى يحتاج إلى عملية تراكم.

 

الضيف: يجب أن يكون هناك تراكمٌ ومهارة لدى المرء في كيفية عجن هذا التراكم، وعليه أن يتمكن من خلق شخصية جديدة من ضمنه، شخصية فيها كل ألق التراث وتوهج التطور بأسلوب شيق ومحترم، يُسائِل وينتقد ولكن بذات الوقت يحافظ ويُنمي كل ما هو جميل،.

لذلك حين كبرت واخترت المسرح في حين كنت أُتابع دراستي وأقوم بتحضير الدكتوراه في العلوم الطبيعية لأن والدي كان يريد أن أصبح طبيبة، وبسبب الحرب اكتشفت شيئاً اسمه المسرح واخترته وأنا أعلم أنه في وسطنا تُعتبر الممثلة امرأة سيئة السمعة إن لم أقل ساقطة، أدركت حجم التحدي الذي ينتظرني، ولكن في ذات الوقت قررت أن أربح عائلتي وفني ومسرحي وأن أربح حب الناس وأريد أن أخط طريقاً جديداً يسلط الضوء على صورة الممثلة بشكل مختلف.

 

– والأمر الأهم أنك ربحتِ شخصيتكِ وذاتكِ في كل هذه المحصلة.

سنُتابع هذه الأرباح عبر هذا التقرير المتواضع الذي يُسلط الضوء على المشاكسة حنان الحاج علي.

 

التقرير:

 

أعطني مسرحاً أعطيك شعباً عظيماً، هي الممثلة والباحثة حنان الحاج علي، ولدت الحاج علي في قرية النبطية جنوبي لبنان، بدأت مسيرتها التعليمية في دراسة العلوم الطبيعية وذلك بناء على رغبة والدها، ولكن شغفها بالعمل المسرحي دفعها إلى دراسة المسرح سراً والعمل في فرقة الحكواتي التي كانت تضم فنانين وموسيقيين اشتهروا في ما بعد، ومن ثم عملت مع مخرجين آخرين مثل يعقوب الشدراوي بالإضافة إلى مشاركتها في بطولة فيلم عائد إلى حيفا عن قصة لغسان كنفاني، ولأن العمل المسرحي كان هدفها قررت في العام 1986 السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لتنال شهادة دراسات عليا في المسرح والتواصل عام 1987، شاركت الحاج علي في أداء مسرحية باللغة الفرنسية إذ قدمت مسرحية “pavanatte” لجون جوني وذلك على أكبر مسارح فرنسا.

وزّعت الفنانة حنان الحاج علي نشاطها بين المسرح من حكايات الستة وثلاثين جبران والقاعدة ليعقوب الشدراوي وجنينة الصنايع ولها فيلم باب الشمس ليسري نصرالله.

رسمت حنان الحاج علي مسارها الفني في مشاركتها بعدد من المجالس والجمعيات الفنية، ومارست نشاطها المسرحي في تعليمها لطلاب معهد العلوم التطبيقية في الجامعة اللبنانية.

للحاج علي إصدارات عديدة أبرزها الحاج علي، دراسة حالة، الجمعية التعاونية الثقافية لشباب المسرح والسينما جمعية شمس.

– استكمالاً لهذه الذاكرة سننتقل من مرحلة الجدة والتي من الواضح أنها تفوقت عليكِ في المشاكسة لواقع وتفاصيل فُرضت على المجتمعات حتى هذا الوقت، سأنتقل إلى المرحلة التي كانت تُعتبر أصعب وهي دخولكِ عالم المسرح، ورغم دعم الوالدة والجدة إلا أن الوالد لم يكن يدري بهذا الأمر إلى أن قدمتِ الحكواتي على مسرح الجامعة الأمريكية بعد مرور سنتين على دراستكِ فيها، ودُعيَ الوالد على أساس أنه سيحضر أمسية شعرية، وإذ يتفاجأ بأن ابنته على خشبة المسرح، كم كان حجم المخاطرة في أن تتخذي هذا القرار بدعوة الوالد وهماً عبر أصدقائه؟ وكيف كانت ردة الفعل؟

 

الضيف: لقد تآمرت على والدي ولكن كما يقولون (كذبة بيضاء) ولا أدري لماذا، ولكن كنت واثقة تمام الثقة أن نوع المسرح الذي نقوم به هو نوع جديد ومهم، أي أنه بأهمية أي بحث قد تقوم به أو أي إعادة لتشكيل هذا التاريخ، فنحن لدينا تاريخ كاذب تربينا عليه في بلدنا، وأن لبنان سويسرا الشرق وإذ بسويسرا الشرق تحترق، كانت صدمة كبيرة لنا حيث كان لا يزال عمري ستة عشرة سنة.

 

– هي صدمة الحرب اللبنانية.

 

الضيف: فمن الذي كذب عليّ، يعني نظام الدولة والنظام التربوي والسياسي والاجتماعي كله تآمر علينا نحن كجيل صاعد.

 

– ومازال.

 

الضيف: ومازال، فبدأت رحلتي في عالم الأسئلة وبدأ يتشكل وعيي، وبالصدفة حين كنا نجتمع في الملاجئ اجتمعت مع مارسيل خليفة وزياد الرحباني حيث كنا بذات الجامعة واكتشفت أنني موهوبة بالمسرح، هكذا قيل لي حينها وقررت أن أعمل في المسرح.

 

– في ذاك الوقت قمتم بعمل مشترك لفترة مع مارسيل وزياد وأحمد قعبور؟

 

الضيف: أخي عصام كان موسيقياً ويدرس الفلسفة في الجامعة اللبنانية بكلية التربية، وأنا كنت أرافقه وهو أيضاً فتح لي الأبواب على مسألة السينما والمسرح الذي لم أكن أعرفه، إضافة إلى أنه في البيت الوالد والوالدة لم يتركا أية مسرحية إلا وشاهداها، وهنا الانفصام الذي كنا نعيشه، وأبي كما ذكرت بحكم عمله كرجل أمن كان يأتيه الكثير من الدعوات.

 

– بحكم عمله المُتنقل في كل المناطق وهذه طبيعة العسكر.

 

الضيف: صحيح، فلم يتركوا حفلة أو مسرحية، ولكن هذا شيء وأن يختار الولد الفن شيئ آخر، فكنت واثقة أن هذا النوع من المسرح الذي نعيد فيه تشكيل التاريخ الحقيقي من أفواه الناس وحكاياتها هو أمر مهم جداً، ووالدي الذي في، الأصل، أنا أشبهه كثيراً وقد أثّر بي بشكل كبير في تشكُلي الثقافي، وأتذكر أنني قضيت طفولتي في أحضان أبي أقرأ وهو يُتابعني ولقد أتقنت اللغة العربية وأحببتها بفضله وخاصة عبر مجلة العربي التي كنا نقرأ فيها الكثير من المقالات ونفتح دواوين لا تنتهي.

 

– جميل، مع أن العسكر عادة لا يُعيرون وقتهم لهكذا أمور.

 

الضيف: لقد كانت اللغة العربية غرامه وكان يُجيدها كثيراً، فنقل لي هذا الحب وجعلني أشرب الثقافة منه، حيث كانت جلساتنا عامرة بذكر كل المفكرين والشعراء العرب، كما حفظت شعر أبو العلاء المعري والمتنبي بيتاً بيتاً على يديه.

 

– لذلك أجدتِ إلقاء الشعر.

 

الضيف: نعم ولقد ساعدني صوتي الجهوري وإلقائي المميز. كما كنا نقرأ القرآن معاً ونقرأه قراءة بديلة، أي أننا نتبحّر في معاني ومرادفات الصور الشعرية والفنية في القرآن، ودائماً كنا نفتح لسان العرب.

 

كان يجب أن لا يلومكِ لأنكِ ذهبتِ في هذا الاتجاه وهو المشارك في زرع هذه البذرة الفنية والثقافية.

 

الضيف: ولكن بذات الوقت في مجتمعنا ليس هناك أي حافز بهذا الاتجاه، حتى أنني لم أكن أعرف أن هناك جامعة لتعليم المسرح، رفاقي هم من لفتوني إلى هذه المسألة حين سألوني لماذا لا تقومين بدراسة المسرح، قلت لهم أدرس!! فأجابوني نعم، فسألتهم هل هناك جامعة تُدرس المسرح، فكان الرد نعم، حينها كنت أعي أنه في وسطنا وداخل هذه الطبقة المتوسطة التي انبثقت من بيئة فلاحية تنظر إلى صورة الفنانة على أنها صورة غير حميدة، فكان لا بد لي أن أختار طريقة أستطيع عبرها أن أُقنع الوالد بأن هذا الطريق الذي اخترته صحيح ولا غُبار عليه، وفي البداية كان الأمر صعباً عليّ لذلك درست سنتين في السر، وقدّمت على كلية الفنون وأحرزت المرتبة الثانية وبدأت في الدراسة، والذي كان يساعدني انتقال المعهد من وسط البلد إلى مبنى التربية، فكنت أتنقل من صفوف العلوم الطبيعية إلى صفوف التمثيل لأواصل الدرس في الجامعتين بذات الوقت، كما أنني كنت مضطرة أن أكون الأولى في معهد العلوم الطبيعية كي لا يشك والدي بشيء أو يعتبرني مُقصرة، إلى أن دخلت في فرقة الحكواتي وأتى موعد العرض الأول، هنا شعرت أنني لا أستطيع أن أُكمل في السر، ويجب أن يعلم والدي بما أقوم به وكان لدي إحساس كبير وقوي أنه بمجرد أن يرى نوع العمل الذي نقوم به، وبحكم الوصف الذي وصفته لك، لا بد أن يُثمّن هذا العمل.

 

في ذاك الوقت كانت رجله مكسورة فتآمرت مع رفاقه أن ندعيه للحضور إلى المسرح على أساس أن الشاعر الكبير الجواهري سيحضر إلى الجامعة الأميركية وكان هذا الحديث متزامناً مع قدوم الجواهري إلى بيروت، وحين أبلغوه اهتم كثيراً للأمر وقال لهم كيف سأذهب وأنا في هذه الحالة، فقالوا له نحن نتولى الأمر ونأخذ لك إذناً ونوصلك إلى “West hole” فأتوا وجلسوا في الصف الأول وبدأ صوت الموسيقى، فظن أنها طريقة جديدة في التقديم، وما هي إلا لحظات وظهرت الإضاءة الملونة فقال ربما كانت هذه أيضاً إحدى أشكال الحداثة، فُتحت الستارة على وقع موسيقى (يا ورد مين يشتريك) -لمرسيل خليفة وكانت هذه الأغاني أعمالاً خاصة لفرقة الحكواتي- وإذ بدأ الممثلون بالصعود إلى خشبة المسرح من عدة اتجاهات منهم من سلك الممرات بين الجمهور ومنهم من أتى من خلف المسرح، وأنا كنت أراقب والدي من وراء الستارة وأرى وجهه يتغير في كل لحظة، لأنه شعر أن هناك أمراً غير صحيح، ولا أنسى هذه اللحظة التي شعرت فيها أنني عائمة على بحر من الزئبق، وحين بدأ المشهد الأول دخلت من اليمين إلى اليسار ثم إلى خلف الكواليس وقلت أرجوك يا بطرس ما هو المشهد الثاني، فقال لي مثلاً مشهد الحاج محمد، دخلت وقمت بدوري ثم ذهبت إلى جهة اليمين ومن خلف الستارة سألت رفيق عن المشهد الذي يليه، فضاع مني التركيز وخاصة أنني أول مرة أصعد إلى المسرح، ومن ثم تابعت عملي، وكلما تسنّت لي الفرصة كنت أراقبه من خلف الستارة وإذا بوجهه مع الوقت قد تلون وبدأ ينسجم مع المسرحية وبدأ يستعيد ألوانه الطبيعية كقوس قزح، ولكن قبل أن نستميله وحين شعر أنه مخدوع بحيث أنه ليس هناك أمسية للجواهري ولا شيء من هذا القبيل، حاول أن يقوم ثأراً لكرامته، لكن رجله المكسورة كانت عائقاً ورفاقه كانوا قد اختفوا من حوله وبقي وحيداً لا يستطيع القيام بمفرده، والذي ساعد أيضاً وخفف من حدة الموقف وجود جدتي وأمي وخالاتي وقد كانوا جالسين في الخلف كي لا يراهم والدي، وفي نصف المسرحية قامت جدتي التي كانت فرحة وخاصة أنها أول مرة تشاهد مسرحاً، وأتت على مهل من آخر المسرح واقتربت ووضعت يدها على خشبة المسرح فتوقف الجميع وبدأت جدتي بالزغاريد للمخرج وللكاتب وللممثلين واشتعلت الصالة، وعادت إلى مكانها في الخلف دون أن تنظر إلى والدي، وما كادت المسرحية تنتهي إلا وأبي كان يُصفق بحرارة، وهكذا حصل وانقلب أبي من خلال عرض واحد من ألدّ أعداء العمل إلى أكبر داعم، وأصبح يرافقني بسيارته من مكان إلى آخر لجمع الأهازيج والحكايا، وكان سبباً في غنى كل الأعمال المسرحية التي قمنا بها في فرقة الحكواتي، لا بل كان أحد الأعمدة التي سندتني وعرّفتني على الأوجه المخفية من تراثي.

 

– إنها ذاكرة جميلة ومُشجعة، وأتأمل أن يحظى هذا الجيل الشاب أيضاً بهكذا فرصة لتحقيق جزء من أحلامه.

نحن نعلم أنه في هذه الحقبة التي كنتِ تتكلمين عنها كان هناك محرك أساسيٌ في البلد اسمه الجامعة اللبنانية، وقد كنتِ واحداً من هذه العناصر المناضلة في صفوف الجامعة اللبنانية علماً وحركة نضالية من أجل تحسين العلاقة مع المجتمع، واليوم ما زلتِ على صلة عبر العلاقات مع الشباب، وسنتكلم عن هذه العلاقة الخاصة بين عملكِ أنت والأستاذ روجيه والإيمان بأن هناك طاقات شبابية ممكن أن يُعول عليها، هل ترين اليوم أن هذه الجامعة مازالت خزاناً للنضال أم أنها أصبحت جزءاً من هذا المشهد السريالي الذي يتمتع به هذا البلد والذي من الصعب أن نجمع صورته المبعثرة ليكتمل مشهد الوطن؟

 

الضيف: الذي حصل في بلدنا أمرٌ محزنٌ، لأنه مثلاً في أواخر الخمسينات وصولاً إلى بداية السبعينات كنا سنُصدق أنه لدينا مشروع دولة، وكان قد بدأ العمل على إقامة المؤسسات والحديث عن سلسلة ثقافية وأصبح هناك مشاريع حقيقية لامركزية، المشروع الأخضر، الجامعة اللبنانية، توليد الطاقة من الليطاني، مؤسسات تربوية، مركز البحوث والإنماء، وحقيقة أنا من الناس الذين كان لهم حظ ضمن هذه الموجة لبناء الدولة المدنية الحديثة الصحيحة التي لا يوجد فيها وسائط ولا رشاوى فكل واحد بإمكانياته، واستطعت أن أتدرج وأستفيد وأصل إلى مواقع متقدمة في مجال العلم والثقافة، لأنني أستحق ولدي مؤهلات، وهناك الكثير من الناس كانت لهم هذه الفرصة، لماذا، لأن حينها كنا نحاول أن نبني شيئاً حقيقياً، وأنا أتذكر حين حصلت على منحة الدكتوراه، وسافرت إلى أميركا لأجل تحصيلها، كنت أجد نفسي أينما تكلمت بالعلم أو بالنقاش أو من حيث العلامات متمكّنة، مثلاً هناك مُدرّج عليه ألف طالب من كل الجنسيات، وحين أتكلم كان الجميع يستمع إليّ، ومن ثم يأتي مجموعة من الطلاب ويسألونني من أي جامعة أنتِ متخرجة، وهل يمكننا أن ندرس معكِ، كنت أحتار وأقول أنني أتيت من بلد صغير جداً، وفي الأصل هم لا يعرفون لبنان الذي كان حينها في ذروة المعارك، وكانوا يعتقدون لبنان هو ليبيا، كنت أعتز بنفسي أنني متخرجة من الجامعة اللبنانية، حتى في أيام الحرب وفي السنوات الثلاث الأولى كانت مازالت الجامعة اللبنانية مؤسسة عريقة بعلمها وبطلابها وبأساتذتها وبمستواها وبالدور الذي لعبته على المستوى الأكاديمي كما قلت كانت معادلة صعبة، مثلها مثل النقابات وغيرها، وكلنا في بداية الحرب كنا نظن أنها ثورة نحو التغيير ونحو إيجاد دولة حقيقية بحيث كل مواطن يساوي غيره بمواطنته وبحقوقه وبواجباته بعيداً عن الطائفية والمحاصصة وإلى آخره، وحين تحولت هذه الأحداث من حلم ثوري تغييري حقيقي إلى مجموعة من التناحرات والتمزقات التي تقودها ميليشيات وأحزاب وطوائف، شُقّت النقابات وشُقّ كل شيء ممكن أن يؤدي إلى استدامة هذا المشروع ومن أهمها الجامعة اللبنانية، فأصبح كل فرع من فروع الجامعة اللبنانية تابعاً إلى حزب، وباتت الأحزاب هي التي تُعين المدراء والعمداء وتُفرّغ الأساتذة، يعني إذا ملفك غير مدعوم ( وأنا أتكلم بشكل عام ) من قِبَل طرف لا تتفرغ وغير ممكن أن تتفرغ، فمثلاً روجيه عساف الذي كان مؤسساً في الجامعة اللبنانية وكان من أول الأساتذة الذين درّسوا فيها، يتقاضى راتبه على الساعة ولم يتم تفريغه وإعطاءه حقه لأنه لم يذهب ويطرق باب فلان أو فلان.

 

– لأنه لا يحمل بطاقة سوى هويته وشهاداته.

 

الضيف: صحيح، فهذه الاستقلالية والحرية ثمنها غالي، وكل يوم يمر ندفع ثمنها أكثر وأكثر.

وللإجابة على سؤالك، لقد لحق بالجامعة اللبنانية من أذى ما لحق بكل المؤسسات وبكل بنية الدولة.

 

– مع الأسف لقد تحول جزء من حياة الجامعة إلى حياة حزبية ضيقة كما تفضلتِ كل مكان له حزبه.

 

الضيف: طبعاً هناك بؤر مقاومة في الجامعة، وأنا لا أقول أن كل الناس تعمل بذات الاتجاه، هناك أساتذة يقاومون، وأقسام تحاول أن تُقاوم، ولكن المناخ العام ضُرب بشكل جوهري.

 

 

– حضرتكِ كنتِ من المتفوقين بالدراسة في الجامعة، وهذا الأمر معروف لدى القاصي والداني، ذهبتِ إلى أميركا بعد حصولكِ على منحة لمتابعة الدراسات العليا، وإذ بالمجتمع اللبناني يتفاجأ برفضكِ للعلم لأسباب وطنية، ما هي هذه الأسباب الوطنية التي جعلتكِ في ذاك الوقت تتخلين عن المنحة وعن المتابعة؟ وهل أنتِ نادمة على هذا القرار؟ وهل هذا القرار أحدث تغييراً في حياتكِ؟

 

الضيف: أحياناً حين أفكر بالوضع الحالي لعائلتي، أقول لو أنني قبلت أن أُساوم بثلاثة سنوات من حياتي، كان من الممكن أن يكون مصير عائلتي أفضل، أقلها على المستوى المادي كنت غير مضطرة للعمل وقتاً طويلاً وأن أفني حياتي لتأمين العيش الكريم لي ولعائلتي دون منّة من أحد، ولكن في الوقت ذاته أقول لو لم أفعل هكذا كان من الممكن أن لا أخوض في كل هذه المجالات وأن لا أغتني بهذا الكمّ من التجارب، وأن لا ألتقي بروجيه عساف وأُكوّن هذه الأسرة الجميلة، فكل شيء فيه ربح وخسارة، ولكن إذا أردت أن تقوم بحسابات تقليدية كان من الممكن أن أقبل وأتابع دراستي وأنال شهادة الدكتوراه، وكنت قد ألغيت المنحة عدة مرات ولكن والدي كان يعود ويُحييها وهي رميم، حتى بات يطلب مني أن أُكمل دراستي وأحصل على الدكتوراه في أي مجال كان، المهم أن أُتقن مجالاً معيناً، وبعد ذلك لم يعد يكترث لأنه يعلم أنني حين حصلت على المرتبة الأولى بالعلوم الطبيعية، والمرتبة الأولى بالمسرح، اجتمع العميدان ليحلوا معضلة أي منحة يجب أن أحصل عليها، لأن كل كلية تريد أن ترسلني باختصاص، وفي النهاية اتفقوا على أن يرسلوني لأتابع العلوم التربوية فيما يخص المسرح، يعني كيفية إعداد المسرح تربوياً ومنهجياً وإلى آخره، إلى أن اقتلعني والدي بطريقته لكي أذهب وأكمل دراستي، لأنني كنت في الأساس ناشطة مع فرقة الحكواتي وقد وجدت أن هذه الوسيلة للتعبير الفظيعة التي اسمها المنصة المسرحية والتي عليها يمكنك أن تطرح أموراً عديدة وتُعبّر عنها كما يمكنك أن تعيد تشكيل التاريخ والذاكرة والواقع، ويُقال أن الذي يُصيبه فيروس المسرح لا يمكنه أن يتخلص منه طوال عمره وحياته.

 

– بشكل عام الخلاص من أي فيروس إبداعي صعب جداً.

 

الضيف: يا حبذا لو يُصيب كل العالم، وبذات الوقت كنت أجول على المخيمات وأُشارك في حملات التلقيح والإغاثة والتموين، وفي اجتياح العام 1982 أنا كنت من القلة القليلة الذين لم يتركوا بيروت برفقة أخي، فكان لدي قضية مؤمنة بها وملتصقة فيها من أعماقي وبكل جوارحي.

 

– هل خفّ هذا الالتصاق في ظل هذا المشهد السوداوي الذي يعيشه العالم العربي؟ خاصة طبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلي مع هذا الحنين في العلاقة مع فلسطين لشخص مثلكِ، وطبعاً حين نقول عن حضرتكِ مباشرة نذهب إلى الأستاذ روجيه، لأنكم في هذه المسألة لا أحد يعلم من يُزايد على من في الوطنية، هل استطاعوا أن ينتصروا في مكان ما؟

 

الضيف: لا أعتقد بل على العكس لأنه أصبح هناك كذا فلسطين في هذا العالم، أي أن مشكلة فلسطين تتعمم على كل الشعوب، وأصبح هناك عولمة القضية الفلسطينية، كما كانوا يقولون لبننه وعرقنه وغيره، فقضية الشعب وقضية الحق والحرية والعدالة وقضية سلب إنسانية الناس وسلب أرضهم وحياتهم أصبحت مُعممة على أكثر من مكان وبلد، وها نحن نجد أنفسنا نعيش في عالم نجترح فيه فعل المقاومة في كل وقت وليس لدينا خيار آخر.

 

– هل مازال مسرحك قريب من فعل المقاومة؟

 

الضيف: لا أقوم بعمل مسرحي إلا وفيه النفس المقاوم، فأنا أقول لهم حين يسألونني لماذا لا أعمل تلفزيون مثلاً.

 

– صحيح، لماذا لا تقومين بعمل سينمائي أو تلفزيوني وأنتِ قد أبدعتِ؟

 

الضيف: أنا أقوم بأعمال سينمائية، ودائماً هناك مجالٌ في السينما التي يسمونها “سينما المؤلف” لأنه بإمكانك أنت كممثل أن تضع لمستك ويكون لك دور في النص وفي الرؤيا، وكذلك في المسرح، أما الآلة الإنتاجية التلفزيونية لا تزال تحكمها شروط أنا أعتبر نفسي خارجها، وهذا خيار.

 

– أحد هذه الشروط مسألة الإنتاج.

 

الضيف: هناك آلة كبيرة تعمل، وعلى أساسها يكون هناك إنتاجات كبيرة، أنا لا أقول أنه لا يُعجبني أي من المسلسلات، فمثلاً هناك مسلسل تلفزيوني أحببته كثيراً اسمه “دهشة” وهو اقتباس قام به يحي الفخراني عن مسرحية لشكسبير الذي هو الملك لير، وهناك أعمالٌ تلفتني وأتمنى لو كنت فيها ولكنها أعمالاً نادرة جداً، فهذه الآلة التلفزيونية اخترت أن أكون خارجها، لأنها لا تتفق مع كل المسار الذي مشيت فيه، وأقول لهم دائماً أنا أُمثل الجسم المضاد بعكس الآخرين، فأنا أعتبر أن همي في مكان آخر، همي في تغيير مجتمعي وكم يملك الإبداع أن يُعبّر عن أسئلتنا وطموحاتنا، همي هذه الأجيال الشابة الصاعدة أن يكون لها مكان.

 

– أريد أن أستفيد بما تبقى من الوقت بموضوع الأجيال الشابة، وأنا أعلم أنكم تعملون بنشاط كبير غير مسبوق، وسأدّعي وأقول أن الذي تقومون به من المفترض أن يكون على مستوى الدولة وعليها القيام به، أي أن تستفيد منكم وأن تكون الدولة هي الراعي الحقيقي لهذا النشاط، ومع ذلك أنتِ مُصرّة أن تعملوا ستة أشهر تقريباً في السنة ليلاً نهاراً لإنتاج شهر إبداعي يسلط الضوء على فنانين مبدعين من كل العالم وعلى طاقات شبابية قد تكون في بلادها غير معروفة، ماذا تخبرينا عن هذا الربيع الثقافي الجميل الذي لا علاقة له بالربيع العربي؟

 

الضيف: حين يكون لديك تراكم من التجارب على مدى سنوات من العمل، وحين تكون مُدرّساً لأنه أنا أيضاً أُدرّس مسرح في الجامعة اليسوعية وعلمت في الجامعة اللبنانية، وروجيه أيضاً على احتكاك معهم، فحين تشعر أن شرارة الإبداع لا يمكن أن تشتعل دون هذا الاحتكاك المضيء وتناقل الخبرات لا يمكن أن يكون إلا بهذه الطريقة، لابد من أن تولد لديك منصات ( أنا لا أسميها مهرجانات بل منصات) تقدم فيها أهم ما تُصادفه في طريقك من طاقات سواء على المستوى العالمي من بلدان غير معروفة وعادة لا نلتفت إليها مثل الصين والهند وكازاخستان وأوزباكستان وإلى آخره.

 

– حتى الدول الأفريقية.

 

الضيف: صحيح من الدول الأفريقية هناك مالي مثلاً، وتُعرّف الناس التي لا تستطيع أن تسافر خارج البلد، وليس لديها إمكانيات السفر ولكنها في حالة شغف لتتعرف على هذا النوع من الطاقات الفنية والثقافية.

وفي ذات الوقت تُقدّم على ذات المنصة شباباً تعرفت عليهم في أول حياتهم الإبداعية والآن أصبحوا أرقاماً صعبة وأشخاص مطلوبين في العالم.

– جميل جداً.

 

الضيف: ومن العالم العربي كله، فمثلاً هذه السنة لدينا فنانون من سوريا ومن تونس ومن لبنان، وبدورنا نُسلط الضوء على أفضل هذه المواهب، فهناك كنان العظمي وباسل رجوب وطارق يمني وهناك فرقة كهرباء، دائماً نسلط الضوء على أشخاص يحق لهم وبكل جدارة أن يكونوا إلى جانب هذه القامات الكبيرة، وكذلك الأمر نقوم بعمل شيء اسمه الخط الأحمر نقدم فيه فنانين قضوا عمرهم في الدفاع عن حرية التعبير سواء كان في مسار حياتهم أو من خلال نصوصهم أو موسيقاهم وألحانهم أو مسرحياتهم، وأنا مؤخراً أتعامل كثيراً مع مخرج سوري وآخر تونسي، وقمت بالتمثيل وبالعمل معهم، وهذا يُشعرك بالتجدد لأنه ليس هناك مثل هذا الاحتكاك.

 

– إلى متى هذه المنصة باقية في العمل؟

 

الضيف: بدأنا بها في الثامن والعشرين من شهر نيسان وستستمر إلى السادس والعشرين من شهر أيار، وفيها التجهيز والموسيقى والمسرح والرقص وفيها السينما، ونجول فيها أيضاً في عدة مناطق، في كل مرة نختار منطقة ونأخذ بعض هذه الطاقات إليها، وهذه السنة اخترنا الجنوب وستكون هناك عروض في النبطية وعروض على مسرح اسطنبولي في صور، لأن الناس التي تُقيم في هذه المناطق خلقها الله أيضاً.

 

– كنت أريد أن أسألكِ لماذا دائماً هناك مركزية للعمل الثقافي وكأن تلك المناطق لا تستحق هذا الاهتمام أو أنها لا تحتاج لهذه الثقافة الفنية؟

 

الضيف: نحن نسعى لكسر المركزية، لذلك أنا أعمل كثيراً ونشيطة جداً في عدة اتجاهات، فأنا الآن عضو مؤسس في شمس، وعضو مؤسس في المورد الثقافي التي هي مؤسسة ثقافية نشيطة جداً وعابرة للدول العربية، وعضو مؤسس في جمعية العمل للأمل، وعضو مؤسس في جمعية سورية اسمها اتجاهات، فبكل هؤلاء أصبح لدي إطلاع ليس فقط على الطاقات الشبابية في لبنان، واليوم لدي في رأسي شبكة من الطاقات الإبداعية الفنية المتميزة بكل المجالات الفنية في كل العالم العربي، لأنه في عملنا لا نعمل فن وثقافة فقط بل أيضاً نُدرّب على كيفية إدارة المشاريع الثقافية وكيفية عمل بحوث في السياسات الثقافية، وكذلك الأمر نُعطي منحاً إنتاجية للشباب حتى عمر الخمسة وثلاثين سنة في كافة المجالات الإبداعية، ونواكبهم ونساعدهم لينطلقوا، والآن من الأشخاص المبرمجين لهذه السنة هم من الذين أخذوا من العام 2004 مثل تانيا خوري والتي قدّمت عرضاً اسمه “حدائق تحكي” وهي تعيش بين لندن وبيروت، وهذا العرض المبرمج في مهرجان الربيع والحائز على ثلاثة جوائز عالمية من أهم الجوائز التي تُعطى في مجال الفن والإبداع في العالم.

 

– إلى المزيد من هذا التألق في مشاريعكِ الثقافية الخيّرة إذا صح التعبير، لأن أكثر ما تحتاجه المنطقة اليوم وأكثر ما يحتاجه المواطن العربي بشكل عام والإنسانية على مستوى العالم كله هي حركة إبداعية حقيقية باتجاه أنسنة هذا الإنسان وإبعاده عن مراكز القرار الغرائزي الذي أصبح مُشبعاً بالدم ومُشبعاً بالمشهدية السوداء.

أنا أشكر هذا الحضور الجميل على أمل أن نقدم لقاءات أخرى نستكمل بها هذا الحوار لأنه ما شاء الله عليكِ في الذاكرة الكثير الكثير، واليوم أحببت أن أقوم بعمل بانوراما سريعة عن السيدة حنان والتي آمل أن تكون قد وصلت إلى السادة المتابعين وأنا متأكد أنها ستعجبهم.

أهلاً وسهلاً بكِ مرة ثانية في هذا البرنامج.

 

الضيف: شكراً دكتور، وأنا أدعيك كموسيقي وقد لفتني كثيراً أسلوبك ولا أستطيع أن لا أقول ذلك، أول مرة أرى مقدم برامج لديه هذا الكمّ من الشغف في المشهد الفني الواسع ويقدم برنامجه بهذه الطريقة المميزة، وبالنسبة لي أنا أول مرة أكون مع أحد في هذا الأسلوب الحضاري.

– هذه شهادة أعتز بها.

 

الضيف: وأنا أقدم دعوتي لك ولكل من يحب أن يتصل بي من خلالك ليشاهد ثلاثة حفلات موسيقية مميزه جداً لباسل رجوب سوريانا، ولياسين بو العراس وطارق يمني ولباسي كوكوياتي من مالي.

وأدعي حضرتك أن تكون من ضيوفنا وأي أحد يجب أن يكون من ضيوفنا أهلاً وسهلاً به.

 

– شكراً جزيلاً لكِ ولهذه الدعوة، وتحياتي لكل الفنانين الذين في ضيافة حضرتكِ على خشبة مسرح شمس.

 

الضيف: كل الشكر لكم.

– أشكر ضيفتي الممثلة والمخرجة والمدربة والباحثة السيدة حنان الحاج علي.

       

     لمتابعة الحلقة مع  المخرجة والممثلة اللبنانية “حنان الحاج علي”

 


رابط صفحة اليوتيوب لبرامج ” د. وسام حمادة ” 

 

https://www.youtube.com/channel/UC0AuXJduId6PcXIkK9x1phw/videos

 

متابعة وإشراف: سهام طه 

إعداد وتقديم: د. وسام حمادة 

 

 

شاهد أيضاً

*تيار الفكر الشعبي* في لبنان يشارك في لقاء حواري.

احيا “الائتلاف اللبناني الفلسطيني لحملة حق العمل للاجئين الفلسطينيين في البقاع ” مناسبة عيد العمال …