*رسالة مفتوحة الى سماحة السيد حسن نصرالله*: “الترسيم بعهدتكم

د. طلال حمود

19 آذار 2022 , 21:31 م

مع الإطلالة المنتظرة لسماحة السيد حسن نصر الله بعد قليل احببت ان اضع بين ايديكم مرة اخرى نص الرسالة التي كنت وجهتها لسماحته عبر كل وسائل الإعلام والتي حرصنا على ايصالها شخصياً لسماحته. يومها تطاول الكثيرون علينا وقالوا لماذا لا تثق بالدولة وبفخامة الرئيس ورئيس المجلس وورئيس الحكومة وكل الحكام المهتمين والمعنيين وخاصة كل الفاسدين الذين فرّطوا بهذه الثروة؟! ولذلك احببت ان اضعها مرة اخرى بين ايديكم لأننا كنا على حقّ في مناشدتنا لسماحته بأن يتولّى هذا الملف بنفسه وهذا ما وصلنا اليه اليوم؟!

وهذا نص تلك الرسالة:

إستكمالاً للجهود التي قام بها ملتقى حوار وعطاء بلا حدود منذ حوالي السنه ونيّف تقريباً، خاصة بعد اطلاقه الحملة الوطنية لتعديل المرسوم 6433، وتخللها ندوات توعوية بمشاركة اهم الخبراء القانونيين والحقوقيين والطاقويين في لبنان بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية لأجل عدم التهاون أو تقديم تنازلات مجّانيّة للعدو الصهيوني تحقيقاً لأهداف او مصالح أو مآرب شخصية أو آنية؛
وبعد أن لمسنا في الآونة الأخيرة إرباكاً ومماطلة وتراخياً كبيرين في حسم الجدل الدائر حول ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، في ضوء العرض الخطي المفخخ الذي قدّمه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين (الإسرائيلي الهوى والهوية) والذي يقضي ليس باعتماد ”الخط 23” بل وضع خط جديد متعرّج في الخط المذكور هدفه الوحيد خدمة المصالح والمطامع الإسرائيليّة بثرواثنا، ممّا يشكّل تعدّياً فاضحاً ووقحاً على حقوقنا المائية والنفطية والغازية ويستدعي بالتالي رداً لبنانياً حاسماً وقاطعاً برفض “فوري” لهكذا عرض ليس للشعب اللبناني اية مصلحة في قبوله لأنه يقضم قسماً كبيراً من ثرواتنا التي من الأولى ان تستفيد منها الأجيال القادمة خاصة بعد ان اوصلتنا الطبقة السياسية الحاكمة الى هذه الحالة من الإفقار والتجويع والإذلال بسبب الهدر والفساد والسياسات المالية والإقتصادية والنقدية التي بدّدت المال العام وادّت الى نهب وإضاعة كل ودائع اللبنانيين في المصارف اللبنانية.
وبعد التشاور مع عدد من الخبراء القانونيّين والحقوقيين والإعلاميين والمهتمّين بهذا الملف والذين شاركوا معنا سابقاً في كل الجهود الهادفة للضغط لمنع التفريط بثرواتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة، يهمّنا أن نوجّه هذه الرسالة إلى سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بإسمي شخصياً وبإسم ملتقى حوار وعطاء بلا حدود والحملة الوطنية لتعديل المرسوم 6433 وبإسم جميع الشرفاء والمناضلين على هذه الجبهة، وقد تضمنت ما يلي :
سماحة السيد حسن نصرالله حفظكم الله؛
على ضوء الاجتماع الثلاثي الذي عُقد مُؤخراً في بعبدا بين الرؤساء الثلاثة، والذي خُصّص، للرد على اقتراح المندوب الأميركي _ الصهيوني عاموس هوكشتاين بشأن ترسيم الحدود البحرية، ولمّا كانت شكوكنا كبيرة، في أن يعمد الرؤساء الثلاثة للتفريط بثروة لبنان الوطنية من النفط والغاز، وتجاربنا معهم تزيد من قلقنا، خاصةً أنّ هذه الثروة هي ملك للشعب اللبناني وللأجيال القادمة..
ولمّا كان سماحة السيد موضع ثقة هذا الشعب، ومحرّر أرضه من العدو الإسرائيلي، وباني معادلات الردع التي تمنع هذا العدو من الاعتداء على كامل حقوقنا السيادية، وهي تشمل ترابنا وسماءنا وبحرنا، من الطبيعي أن ترنو إليكم قلوب وعيون اللبنانيين، أمام هذا التحدي المصيري، فأنت الذي ما بخلت على لبنان بفلذة كبدك وقدّمت الشهيد هادي حسن نصرالله على مذبح الوطن والإنتماء… بناءً عليه، نتوجه إلى سماحتكم بالنداء الآتي:
١- ضرورة أن تخضع عملية التفاوض بإسم الشعب اللبناني إلى أقصى شفافية ممكنة، لأنّ لا ”أصحاب الدولة” ولا غيرهم يملكون وكالة حصرية بإتخاذ أي قرار لا يراعي حقوق لبنان ومصلحة شعبه وبالتالي على المقاومة أن تبقي عينها ساهرة ومدُققة بكل ما يمكن أن يرافق الملف التفاوضي البالغ الخطورة والدقة والحساسية.
٢- أن تحكم المعايير القانونية عملية التفاوض مع العدو، مستندة الى الإتفاقيات الدولية الناظمة، وهي بوليه نيوكامب وأعالي البحار واتفاقية الهدنة، وبالتالي عدم التفريط بحقوقنا من خلال التمسك بالخط 29 الذي وضعه الجيش اللبناني إستناداً إلى حقائق قانونية دامغة ودقيقة.. توصلاً إلى حل عادل يحفظ حقوق لبنان الوطنية.
٣- أن تكون تجاربكم المتراكمة بمواجهة هذا العدو، وهي بالقتال احياناً وكذلك بالتفاوض غير المباشر احياناً اخرى… نوراً وهادياً للمفاوض اللبناني بوجه هذا العدو الغاشم..
٤-بما أنّ استحقاقاً ميدانياً آخذا بالتبلور، مع دخول شركة هاليبرتون الأميركية بمباشرة أعمال الحفر والتمديد في “حقل كاريش”، والذي يملك لبنان أكثر من ثلثيه، فإنكم كقائد للمقاومة وكحامٍ لآمال الشعب اللبناني الموجوع والجائع والمقهور.. مدعوون يا سماحة السيد لتكونوا، كما وعدتمونا دائماً، في ساح النزال الذي يجبر هذا العدو على التراجع عن مدّ يده إلى ثروة لبنان الوطنية لأن هذا العدو لا يفهم سوى بلغة القوة ونحن نعرف أنكم افضل وأشرف من يمكن ان نُراهن عليه لإرغام هذا العدو لعدم التطاول ومدّ اليد على خيراتنا وثرواتنا وحقوقنا في مياهنا ونفطنا وغازنا.
سماحة السيد نحن نعرف ان السيادة لا تتجزأ، ولا يفُرّط بها، وانما يبذل في سبيلها الدم، على هذا عاهدك الشعب اللبناني، وارتضى قيادتكم المؤتمنة على الحق والمصير وصون الكرامة.
ومن الواضح وحتى إشعارٍ آخر أن الرؤساء الثلاثة قد لا يملكون الحفاظ على ما ضحيت وشعبك من أجله، فلا تختلف السيادة في المياه عن الأرض، والسيادة كالعرض والكرامة، فلا عرض مصاناً جزئياً، ولا نصف او ربع او ثلث كرامة، إما كرامة، أو لا كرامة.
سماحة السيد؛
عندما اعلنتم انكم ضامنون للحقوق، ولثروات ابنائنا واحفادنا شعرنا بالسعادة والأمان، وعلمنا أن حقوقنا مصانة ولا يفرط فيها. ولكن ما يحصل يثير الريبة، ويجعلنا نشعر بأن الرؤساء الثلاثة ربما يساومون ويبيعون ويشترون على حساب حقوق الوطن والشعب، وكل له أسبابه الخاصة به التي لا تتصل مطلقاً بالسيادة والكرامة، ونحن نشعر بأنهم يهدرون الحقوق وهي ليست من حقهم وإنما من حق الأجيال وحق الامة وكرامة الوطن.
سماحة السيد؛
نحنا ما زلنا نتطلع اليكم لتضربوا يدكم على الطاولة، ولتقول لهم جميعاً وللوسيط المشبوه بشكلٍ صريح وبصوتٍ عالٍ، ان لا مساومة على الحقوق، وان لا تنازل عن ثروات ابنائنا واحفادنا، ولا مساومة على الكرامة والسيادة. واننا نريد حقوقنا حتى آخر قطرة ماء، وآخر نقطة غاز.
التاريخ لن يسامح، ولن يغفر، ولا نظن ان مجاهدا يقبل ان يُسجّلْ في تاريخه المشرف انه صمت او تهاون بسيادة او فرط بحقوق وطن .
نداؤنا لكم يشبه نداء تلك المرأة التي صاحت وامعتصماه، ولكم القرار الذي نثق انه سيضع النقاط على الحروف والأمر في نصابه ولن ينسى لكم الشعب اللبناني بكل مكوناته وشرائحه المخلصة هذا الموقف الذي سيضاف الى مواقف المجد التي عوّدتنا عليها طيلة كل تلك السنوات الماضية من مسيرة نضالك المُشرّفة.
د طلال حمود- منسق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ، ومنسق الحملة الوطنية للضغط لتعديل المرسوم 6433 المتعلّق بترسيم “الحدود البحرية” مع العدو الصهيوني.
*د. طلال حمود- ملتقى حوار وعطاء بلا حدود-الحملة الوطنية للضغط لتعديل المرسوم 6433*.

شاهد أيضاً

في ظلال طوفان الأقصى “62”

وقفُ الحرب وانتهاءُ العدوان ضماناتٌ واهيةٌ ونوايا كاذبةٌ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي تدرك المقاومة …