*قراءة إسلامية في نتائج الإنتخابات النيابية*

*بقلم الشيخ مظهر الحموي*

لا شك أن الإستحقاق الإنتخابي النيابي الذي جرى مؤخرا يعتبر الحدث الأبرز الذي شغل الأوساط السياسية والمحافل اللبنانية والعربية وحتى الدولية.
وبعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية فإننا لن نلج كثيرا في تفاصيلها وتأثيراتها ونتائجها بل نؤكد أن هذه الإنتخابات قد إتسمت بالحرارة والتأجيج والمواقف المتشنجة والإتهامات المتبادلة والحرب الإعلامية ومشاركة الرسميين والقوى السياسية وغيرهم في خوض غمار هذه المعركة بشكل أو بآخر .
أيضا لن نحاول هنا تشريح المواقف وتحليل التحالفات أو قراءة الخطاب الإنتخابي المعلن وغير المعلن فقد أفاض في ذلك المحللون السياسيون والمراقبون والمطلعون ، على وجهات نظر مختلفة ورؤى متباينة لم تجمع الى الآن إستنتاجات متشابهة.
وبالرغم من أن الإنتخابات النيابية هي موسم تقليدي يتجدد كل أربع سنوات ، ومفترق وطني يفرز طاقما جديدا قديما للمجلس النيابي مكونا من ١٢٨ نائبا ، إلا أن إستحقاق العام ٢٠٢٢م تميز بلا شك بعدة مؤشرات ليست خافية على أحد ، ومنها :
خلط أوراق التحالفات في العديد من المناطق اللبنانية بشكل لافت .
ازدياد عدد المرشحين لإضعاف العدد المخصص بهذه الدائرة أو تلك.
بروز سلطة المال وقوى الأمر الواقع والتي كان لها الدور الهام في ترجيح الفوز للبعض غالبا.
وفرة عدد اللوائح في معظم المناطق اللبنانية وتشابه البرامج الإنتخابية والأهداف المعلنة.
مفاجآت غير مرتقبة في نتائج العديد من الدوائر بفوز مرشحين مغمورين وخسارة نواب سابقين أو الحلفاء التابعين لهم .
وليس مستبعدا أن يستمر صدى هذا الإستحقاق على الساحة الإعلامية من خلال قراءات متعددة وتحاليل متباينة من خلال منطلقات المحللين الذين قد ينظرون الى هذه الإنتخابات من خلال زوايا خاصة بهم قد تعتمد النظرة الإجتماعية أو الإقتصادية أو السياسية أو الخارجية أو العقائدية أو الحزبية أو معظم هذه النظرات أو كلها مجتمعة.
وها هي النتائج قد صدرت وصفحة الإنتخابات قد طويت متمنين من الجميع عدم إنعكاس هذه النتائج على  الوضع العام بل على الجميع أن يسعى الى التعاون لمصلحة لبنان داعين الى تجاوز الإصطفافات الإنتخابية وتسهيل مهمة المجلس المنتخب في إنماء لبنان وحل العقد والمعضلات التي يعيشها وعلى كافة انواعها.
وفي الحقيقة فإن أحدا لا ينكر الصدمة التي أحدثتها هذه الإنتخابات ، إلا أن مصلحة لبنان فوق الجميع وينبغي أن تكون في سلم الأولويات ، وإفساح المجال للمجلس المنتخب بتبديد هذه التداعيات وتجاوزها ليتفرغ المجلس لحل القضايا اللبنانية المزمنة والطارئة وخاصة المعيشية والإجتماعية والإقتصادية ، وأن يمتنع الجميع عن عرقلة أعماله وإصابته بنكسة إنطلاقا من نكايات لن تؤدي إلا الى الإطاحة بمستقبل وطننا لبنان على مختلف الصعد ، وهذا ما نحذر منه قبل فوات الاوان.
إلا أنه ما يعنينا – نحن أهل السنة – من هذا الحدث اللبناني الهام هو نظرة مختلفة الى هذا الإستحقاق وإفرازاته.
هي نظرة تحاول أن تستشف موقع المسلمين السنة من هذا الحدث تحضيرا ومشاركة ونتيجة وإنعكاسا.
إن محاولتنا القراءة الإسلامية لهذه الإنتخابات ستتناول واقع المسلمين السنة ومستقبلهم إنطلاقا من نتائج الإنتخابات النيابية والمصير الذي آلت إليه .
إن على المسلمين السنة أن يتأملوا جيدا واقعهم وأن ينظروا الى مستقبلهم وأن يتعمقوا في عمق حقيقتهم وأن ينظروا الى أبعد الآفاق وأن يبادروا الى عقد خلوات متأنية ومستفيضة ليعلموا أسباب واقعهم الأليم الذي يعيشونه اليوم ويحللوا ظروفه وعوالمه وأن يسارعوا الى (حلف فضول) بينهم أو مجلس تنسيقي ، ولقد سبق لي أن دعوت في مقالاتي لمثل هذا المجلس منذ أكثر من عشرين سنة ، لتبادل الصفح وتلمس الأعذار بينهم ، كي يستعيد أهل السنة مكانتهم ووجودهم ووحدتهم وسمعتهم ولكي يعيدوا رأب ما تصدع ويوثقوا العلاقة فيما بينهم .
علينا فعلا ان نعيد قراءة كل تفاصيل ممارساتنا وعلاقاتنا  وان نجمع كل طاقاتنا الخيرة وإستعادة دورنا المرجو لكي يبقى أهل السنة ويكونوا ويستمروا ويدافعوا عن تاريخهم ومستقبلهم ويحفظوا حقوقهم وكرامتهم .
نتمنى أن تكون كلمتنا هذه مساهمة خالصة لوجه الله تعالى ولمصلحة أهل السنة في لبنان
والله من وراء القصد ، وهو  الهادي الى سواء السبيل .

اخوكم الشيخ مظهر الحموي

 

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …