رمز الانفنتي ∞ أو الأوروبوروس:

الدكتور : إياد يونس

رمز الانفنتي أو الاوروبوروس هو رمز قديم يصور الثعبان أو التنين وهو يأكل ذيله و يعتبر رمز اللانهاية ∞ أحد أهم الرموز التي تعبر عن المفهوم الفلسفي للانهاية والمستخدمة بكثرة في علوم الرياضيات سواء التطبيقية منها أو المجردة على حدٍ سواء كتعبير عن سعي التوابع والمتتاليات كسعي الإنسان الى المطلق وهو ما يمثل عالم المثل الإلهي

 

 

ويشكل هذا الرمز منحنى دائري مكتمل فالدائرة لها دلالات فلسفية عميقة تعبر عن اللانهاية والكمال والروح و الخلود وهذه الدائرة تتشكل من الثعبان احد اهم رموز التجدد والدورات الزمنية التي تغير جلدها وتجدده كانها تخلق من جديد ونجد فكرة الاوروبوروس في الإله بعل في الثقافة السورية وخاصة عند الكنعانيين حيث اعتبر بالإضافة لخواصه كإله للمطر والبرق و العواصف فقد ارتبط أيضاً بالشمس وتبين من النصوص الميثولوجية في الساحل الكنعاني صراعاً بين بعل وموت وقيام بعل بقتل حية موت الملتوية المسماة لوتان و استخدام هذا الرمز من قبل الكنعانيين هو تخليدا لمعركة بعل ولوتان واتصال فم الأفعى بزيلها كدائرة دلالة على الشمس التي تمثل بعل والافعى دلالة على الإله موت وبإتحاد المتناقضان الموت والحياة نعبر عن دورة الحياة الكاملة والصراع الأزلي الذي تتناوب فيه الإنتصارات فعندما ترجح كفة الموت يعم الجفاف والقحط وعندما ينتصر بعل يحمل معه الخضرة والخيرات فالثعبان الذي يأكل ذيله في هذا الرمز يمثل دورة الحياة والموت التي يحافظ عليها الكون اي انه نوع من إعادة إحياء الموتى التي تصل بهم إلى الخلود بالتالي الوصول لحالة من الكمال والمثالية الموجودة في عالم المُثل لذلك فإن رمز اللانهاية ∞ انفينتي مشتق من الرمز الأصلي الثعبان أو الحية الملتوية .

وفي الحضارة المصرية أول تمثيل معروف لأوروبوروس كان على أحد الأضرحة الحجرية التي تحيط تابوت توت عنخ آمون فكان أول ظهور معروف لعنصر الأوروبوروس في الكتاب المبهم للعالم الآخر عند قدماء المصريين وهو نص جنائزي مصري قديم من المقبرة 62 مقبرة توت عنخ آمون التي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد و يتعلق النص بتصرفات الإله رع واتحاده بأوزوريس في العالم السفلي و تم تصوير الأوروبوروس مرتين في النصوص الجنائزية الأخرى التي تبين إنه يحمي رع في رحلته إلى العالم السفلي و يمثل الشكل الإلهي بأكمله بداية الزمن و نهايته.

و نجد جذور هذا المفهوم الفلسفي في الفلسفة اليونانية حيث يظهر معنا أن الفيلسوف اليوناني ﺃﻧﺎﻛﺴﻴﻤﺎﻧﺪﺭ هو اقدم من استخدم مفهوم اللانهاية كمفهوم ووظفها في سياق فلسفي حيث ﻓﻬﻢ ﺃﻥ بداية الوجود نتجت عن ﻛﺘﻠﺔ ﻻﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ غير خاضعة للزمان ولا للمكان ازلية ومنها كان كل شيء نراه وبذلك كانت تلك المادة الازلية مقدمة لفكرة الهيولى الكلية و هذه الكلمة في اليونانية مكونة من شقيين “oura” وتعني الذيل و الثانية “boros” وتعني الأكل ومثل الاوروبوروس الخلود (الأبدية) في الهندوسية حيث ان الثعبان الكبير (انانتا شيشا) يتم تصويره بسبع رؤوس ويصوره آخرون بالف رأس، حيث يمثل الخلود ولانهائية نفسه دورة لا تنتهي من التطور داخل الابدية (الخلود) الحكمة فالثعبان كان دائما رمزا كبيرا للحكمة في جميع الامم على مر التاريخ ومبجلة عند الاديان والفلسفات العالمية……..

يتبع في مقال قادم علاقة الاوروبوروس بالرقم المقدس ٣٦٩ الذي اكتشفه العالم نقولا تسلا

شاهد أيضاً

شباب لبنان …شباب العلم

/ابراهيم ديب أسعد شبابٌ إلى العلياءِ شدّوا وأوثقوا وطاروا بأسبابِ العلومِ وحلّقوا وقد ضمّهم لبنانُ …