أ ي عيد يا أمة الإسلام؟!

بقلم الشيخ مظهر الحموي

ونحن في أوائل أيام عيد الفطر السعيد يعتصر قلب المسلم ألماً وتعتمل في صدره حسرات وتكاد تطل من عينيه دمعات الأسى والغيظ والحرقة لما آلت إليه أوضاع المسلمين ، حيث الهموم والمنغصات التي تتسلل الى جسم هذه الأمة ، والأكلة تتداعى الى قصعتها ، والمآسي في إزدياد ولا من مهتم أو منصت.
أي عيد ومعظم أفراد هذه الأمة وعائلاتها لا ترقى الى الحد الأدنى من خط الفقر ؟ في حين أن بعضنا لا يلتفت الى ما يعانيه إخوانه في مشارق الارض ومغاربها ؟!
وحيثما تنقلت بين أقطار العرب والمسلمين تجد أن هناك من يتربص بأهل السنة سوءاً ويريد بنا شرا ولا يهتم سوى بإيذائنا وتقويض دعائم أمتنا وإستقرارنا وتفكيك وحدتنا وشرذمتنا وتوهين عرانا بديننا وشريعتنا وقد حذرنا النبي ﷺ من هذا فقال : “‏ يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ‏”‏ ‏.‏ فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ ‏”‏ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ‏”‏ ‏.‏ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ قَالَ ‏”‏ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ‏”‏ ‏
فتش عن أي بلد عربي مسلم لتجد كيف يكيد له أعداء هذه الأمة بفنون المصائب والويلات والتهديد … ولكل بلد مشكلاته وهمومه جزاء بما كسبت أيدينا ، وعندما إبتعدنا عن كتاب الله وأوامره وإنساق معظمنا الى أنانيته ومصالحه الذاتية ، وابتغينا إرضاء غير الله { أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ }
أي عيد يحتفل به المسلمون في إبتهاج ويتبادلون التهاني وإخواننا المجاهدون في أكناف بيت المقدس يتعرضون لأبشع أنواع الإنتهاكات والمجازر والرعب والقتل والإذلال  وإقتحام المسجد الأقصى من الصهاينة المجرمين.
لقد مر شهر الصوم على المرابطين داخل الحرم القدسي لا يعرف أحدهم متى يفطر وكيف وأين والبعض منهم لم يكن في إستطاعته أن يعثر على بضع تمرات ، فيما نحن كنا مستغرقين في مآدب السفه وسحور السخف وتعرض هكذا وبكل وقاحة على شاشات التلفاز وضمنتها نشرات الأخبار التي تنقل الينا ما يتعرض له اخواننا المرابطين من إجرام وذل داخل المسجد الأقصى بالإضافة الى مشاهد جنازات الأبطال الشهداء ، وبكاء الأيتام ودمعات الأرامل الحارقة ومناظر البؤس في الأراضي المحتلة ، ثم لننتقل بعد ذلك الى وصلة فنية مع برنامج سخيف لا يسمع فيها معدوه ولا جمهوره بشهر الصوم ولا بمآسي أهلنا في فلسطين.
والنبي ﷺ يقول: مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى.
أي عيد وأمتنا تتناوشها المطامع والأهواء من كل حدب وصوب تتسلل الى عقيدتنا وناشئتنا وتهدد قيمنا وأخلاقنا وتراثنا .
وكيف يتسنى لنا أن نضحك ونبتسم في هذا العيد وملايين المسلمين من الفقراء والمساكين ومن العائلات المستورة التي لا يعلم بظروفها سوى الله وحده سبحانه وتعالى يستصرخون أغنياء هذه الأمة وسراتها ؟
وتطول الحكاية والمأساة ، وتتعدد الصور والمشاهد البائسة وينخلع الفؤاد من إستعراض حجم الأهوال والمؤامرات التي تتعرض لها امتنا ، ويتساءل أحدنا عن المخرج والحل والنجاة، وهي اقرب لنا من حبل الوريد… بالعودة الى الله حقا وصدقا ، والتماس المغفرة على ما فرطنا، والتوبة النصوح مما ارتكبنا ، وسؤاله الرحمة لنا وأن يتقبل منا ويقبلنا..
العيد سيكون خيراً وهناءً إذا ما إنسلخنا من أنانيتنا وبادرنا الى التواصل والتراحم وإفشاء السلام والود، ونصرة المظلوم، وإغاثة الملهوفين ، وإقالة العاجز ، ومساعدة اليتيم ، وإعانة الأرامل الفقيرة ، والتنازل عن كبريائنا من أجل الإهتمام بالفقراء وزيارة منازلهم في الأحياء الداخلية والمناطق الشعبية ليستشعروا معنا أن لهم إخوة أحبوا أن يشاركوهم عيدهم ويوم فطرهم.
كل عام وأنتم والأمة الإسلامية بخير.
*أخوكم الشيخ مظهر الحموي*

 

 

 

شاهد أيضاً

عروس النيل الفنانة لبنى عبد العزيز:

★خرج من بيتي العندليب عبد الحليم حافظ وانا أحمل سيناريو الفيلم. ★زمن جميل بكل الفنون: …