موت مؤجل قراءة نقدية مغايرة للكاتب اليماني سهيل عثمان سهيل

 

موت مؤجل
قصة قصيرة لصديقي وجدان الشاذلي الحائز على جائزة الربادي للقصة القصيرة 2021/2022:

عنوان جذاب بدأت من حيث لم تنتهِ بالتساؤلات، كأن روايةٍ لُقبت عام 2012 بـ: عندما تكتب الرواية شخصيتها(١) عشت كل أحداث الحروب وقاومت هجوم اليابان، وأقمت سورًا عظيماً، وأسبرت أغوار الحكايات الشعبية، إذ عمرت من المقدمة قصور جمة، منها قصر غمدان، حبى فيها طفلين لا يعرفا للتأجيل موت معلن، وهناك روائح براءة الحياة الزوجية سطرت ملحمة كبرى عنوانها “الحياة السعيدة” المسلوبة قسرًا..

ذروة مصقولة، والقصة مفعمة بالتشويق، تشد القارئ لدرجة أن يقرأ الاستفهام فيجد أقرب الضيوف بمجلسه علامة تعجب، لربما سبقك وأن عاش القصة الواقعية، أعي قصة موته المحتوم كما لم يع الأحداث الغامضة التي اسرته في الآوانة الأخيرة من مضاجعة وسادته، لقد تزوج وأنجب بنفس الليلة، لربما شابٌ قروي لكنه يقطن المدينة، عاش ربع قرن يكافح مرارة المستقبل وحقق ما كات يصبو إليه ومات فعلًا لكنه يقرأ الآن ولا يصدق بعد أنها كتبت بضميره المتكلم إذ خرج منها بوشاح انبعاثه مكابرًة للمجتمع، عرجت به في سماء القصة إلى كل حدثٍ حاصل إلى كل ثانية إلى الوقائع المتكررة لكن قل لي؛ لماذا لم ينصت إليَّ أو إلى القارئ الآخر؟
لا عليك إنه يعيش ذكرى حياته وما أكثرهم، ثم يكرر على نفسه السؤال بطريقة أخرى
– من أنا؟
– إذن كنت ميتًا فماذا أفعل هنا؟

لم يكن بمقدوري أن اقرأ التفاصيل الخاصة بشخصيتي كقارئ، لكنك وجدتني أنا (وجدان السهيلي)
تقتحم اسوار الاحداث، تسيطر على حياة المرء ومماته، ثم لم تبقي شيئًا إلا وجعلته لهذا وذاك القارئ الذي حتمًا عاش اللحظات وهو لا زال ميتًا يقرأ قصة قصيرة عنوانها موتٌ مُعلن (٢) نعم ليس مؤجل البتة!
كأن الحياة في بلدي اليمن الغير سعيد؛ مجرد اسم بلا معنى.. فلماذا التزيف؟
حيث يموت الإنسان قبل أن يضمن حياته تحت الانقاض فكل من فوق الأرض أموات ماعدا الاحياء تحتها، لكنك تتوه القارئ بحقيقة السؤال تلو الآخر، تحثُّهُ على معرفة الأشياء الغير مبهمة إلا على من فارقته سبل العيش وبقيت مقومات الحياة أسرى بأيدي من لم يتقنوا بعد ضغط الزناد.. متشبثون ياصديقي بقبضة كل عادات وتقاليد المكان والزمان والانهيار والصعود تنازلياً لدرجة أن يُنسب إلى السكان؛ ثمن القبر قمارًا شتويًا، والكفن مجرد لون أبيض لا يمكن لمن يرفع علم الوطن بانحناء حداثوي أن يأخذ من كل لون ما يكفي الوجه أو العينان ليسبت ولو لبرهة في امن وسلام!!.

كم أنت مبدع يا صديقي، متمكن في القصة حد الحصول على جائزة فريدة من نوعها، ليست جائزة الرَّبادي فحسب، بل من يقرأ الآن ويسألني ثم أتناسى سؤاله فيذهل باحثًا عن صفحتك، وتلك التي ستحظى على لقطة شاشة وهذا الذي أرسل له رابط ما جعلني اكتب التعليق، حتى من سيقرأ مؤخراً تجده يبحث عنك شخصياً، علّه يجد عنواناً آخر يلتهمه مع قهوة هذا المساء، وما أكثرهم ياصديقي وإني بهم لفخور، إذ هم على القصة القصيرة التي يقصها الشاب اليماني وافدون، وفي الأحداث الواقعة واقفون، ينتظرون هذا المشهد الذي أتقنت حبكته ليشيعوك إلى رفوفهم، هناك ستتخلد صورة تذكارية في مدخل كل مدينة عربية وأجنبية، إياك ياصديقي أن تصدق من يقول أن أمة إقرأ لا تقرأ، أنت كتبت والأمي سيعيش الأحداث، وما أكثرهم المتقنون للحروف الهجائية ولكنهم لا يميلون إلى الروايات والقصص حتى الشعر أصبحت بحوره لا تزخر بما هاجت وماجت أمواج قصتك القصيرة هذه..

قدما قدما يا صديقي وماهذه اللحظات إلى بداية رحلتك المستقبلية، إياك أن تتوقف عندها، لأن الموت لا نؤجله نحن، بل نؤجل أن نحيا للغد وما أحوجنا لنعيش السويعات ونفترس كل ثانية فنبتسم للبؤس وتقبل السعادة بهيئة امرأة.. أم.. أب.. طفل.. صغير.. عجوز ثم مجتمع قروي.. مدني.. ويا لها من حضارة عريقة لا زالت متذجرة وكنوز كثيرة تحتاج منا للنقب عنها في الطبيعة إلى آخره…

2022/2/4م
صديقك #سهيل_عثمان_سهيل
#وجدان_الشاذلي
١- (الشجرة الرفيعة الحمراء) رواية للروائي الكبير قاو مي الصيني حائز على جائزة نوبل للسلام ٢٠١٢
٢-( موت معلن) قصة للروائي الشهير جابرييل ماركيز غاريسا الحائز جائزة نوبل للآداب على روايته؛ (مئة يوم من العزلة)

شاهد أيضاً

سلسلة ثقافة الأدب الشعبي وثيقة إحياء الأصالة عن تراث (ج /٣٣)

الباحث الثقافي وليد الدبس الأدب الشعبي و صفر دائرة الثقاقة السياسية _ تعتبر الثقافة صفر …