الشيعي تخوف من المستقلين.. السني ضياع في الانتظار.. الدرزي تأرجح بين مدٍّ وجزر والمسيحي غارق في الوهم

 

البطاقة التمويلية بيعةٍ حكوميةٍ انتخابيةٍ بتوقيعٍ وشهادةِ السفراء الممولين

أحمد موسى

لم يُخاطب السياسيون العقول، لأنهم لو فعلوا لما كانوا اليوم يحكمون، فقد عبر أكثر من 65% عن رفضهم أو اعتراضهم على أداء القوى السياسية الحالية، ورفض معظمهم الإجابة عن خياراتهم الانتخابية إذ إن الأولويات لديهم هي: ارتفاع الأسعار والبطالة وحال الفقر والعوز والصحة والهجرة وتأمين التدفئة في هذه الأيام العصيبة، وسط انشغال السياسيين والمرشحين معاً “البحث” عن موطئ قدم في معركة استحقاق انتخابي “الكل خائف من نتائجه”، إذ ليس ببعيد ما أفرزته نتائج الإنتخابات النيابية في العراق، أقله كقراءة لما يحدث في المحيط والإقليم، كل ذلك، ومحركات الماكينات الإنتخابية السياسية والحزبية على قدم وساق، رغم بعض المحاولات في “تطيير” الإستحقاق إذا ما وجدوا أنهم “خاسرون”، فكل قضايا البلاد مجمّدة وحدها آلام الناس تتحرّك، ولا منَ يسأل، وبطاقة تمويلية أشبه بيعةٍ حكوميةٍ انتخابيةٍ بتوقيعٍ وشهادةِ السفراء الممولين

 

استغراب وغضب

ففي بلد الأزمات التي لا تنتهي، والمعانات التي تحوّلت يومية، هذا هو حال قرى البقاع الغربي وراشيا وقاطنيها، الذي وبفعل تراخي نوابه، وغياب الحكومات المتعاقبة، وتخلي الدولة عنه، واستغلال النواب والمرشحون معاً لمعاناه أبنائه في أكثر من مكان، يستشيط أبناء المنطقة غضباً على هذا الواقع الذي يرزحون تحته على مر سنواتٍ خلت ولا يزالون، ووسط ترقب تعيشه دائرة البقاع الثانية، “استغربت” أوساط سياسية وشعبية في هذه الدائرة، التي تضم البقاع الغربي وراشيا، طرح أسماء من خارج المنطقة لتمثل الشريحة الشيعية، والتي رست على قبلان قبلان، كمرشح أوحد دون منافس حقيقي له، أقلّه حتى اللحظة (…)، في الإنتخابات المقررة في ربيع 2022، (15أيّار القادم)، فقد برز مؤخراً طرح أسماء أقله في الصالونات الضيقة، لا تزال في “مخاض الولادة”، ولادتها رهن بجس نبض الشارع والناخبين القابعين تحت الرهبة، لكنها جدية من موقع تغييري، تغيير قاعدة “الإستنواب” على حساب كثيرين ممن يملكون المقدرة والعلم والبرامج التغييرية التي سادت في نمطية النواب الحاليون.
ويقدر عدد ناخبي دائرة البقاع الثانية قرابة الـ16 ألف ناخباً شيعياً، يتموضعون في غالبيتها العظمى في قرى: مشغرة، لبّايَا، سحمر، زلايا، يحمر، قليا، ميدون وعين التينة، ومع أن الاوساط تنظر بعين “المفاجأة” للأسماء المطرحة، وآخرها قبلان قبلان ابن بلدة ميس الجبل قضاء مرجعيون الجنوبية، سعياً منه لخلافة رئيس الهيئة التنفيذية في حركة امل النائب محمد نصر الله، ابن بلدة السكسكية قضاء صيدا، هذا السعي كان يجهد لركبه والفوز به منذ تسمية النائب نصرالله لهذا المقعد.

علاء الشمالي والتفتيش عن الملحقات

عقبات دونها ترشيحات

وقبلان الذي تربطه علاقات متينة مع رجال أعمال كبار ومتقدمة جدّاً مع رجال اعمال عديدين في البقاع الغربي وعلى رأسهم رجل الاعمال موسى شرف الذي كرّس نفسه وعلاقاته وما يملك خدمةً و”استقتالاً” في تأمين “الفوز” لقبلان، هذا القتال، جعل من “شرف” دينمو المعركة السياسية والانتخابية على حدٍّ سواء، وبالتالي عليه “تكسير” الحواجز والعقبات التي تعترض طريق تأمين الحاصل والفوز لـ”كرسي” النيابة، لا بل حصول قبلان على أعلى “سكور” في اللائحة التي ينتمي إليها، بأيّ شكلٍ وبأيّ ثمن (…).
ويؤكد عارفون لـ”كواليس” ان “المسألة لم تعد تسير في المرحلة الراهنة، ودونها عقبات جمة لاعتبارات متعددة، اذ ان المنطقة تضم الكثير في صفوف أبنائها من الكفايات والمتعلمين والمغتربين وأصحاب خبرات جمة، بإمكانهم ان يمثلوا أبناء منطقتهم”، وعليه، فإن شرف وفريق عمله الذي يملك باعاً في تقديم الخدمات على مختلف الصعد منذ سنوات، “يستخدمها اليوم في عملية تذليل العقبات والعثرات التي تواجه عملية ترشح قبلان عن هذه الدائرة” وفق مصادر لـ”كواليس”.
عملية الإستنواب التي وضعت أوزارها فقط في هذه الدائرة عدا باقي الدوائر، يبدو دونها عقبات، اهمها بروز مرشحين جدد من أبناء المنطقة، لهم باع طويل “تحضيراً” لهذا اليوم الموعود، فالمغتربون لطالما كانت لهم كلمة الفصل في جعبة الناخبين انتظاراً واستفادةً، فكيف وإذا كان المرشح جامع بين العلم والمال والبرنامج، وفوق كل هذا أنه إبن المنطقة وليس طارئاً عليها، إذ يبدوا أن تجربة بلدة لبّايَا (…) ستتكرر هذه المرة، أقله بمرشح جدّي وآخر قد تكون مناورة حظ انطلاقاً من المناورة في التجربة البلدية التي أوصلته إليها، متوقع (العارفون) ان تشهد المنطقة انتخابات “حامية الوطيس”، واعدون بمفاجئة ترشيحاً واقتراعاً.

 


قماش

تنافس شرس وانقسام واستغلال

عدوى الصراع و”التنافس الشرس” انسحب على المقعد الدرزي في الدائرة نفسها، إذ أن تحركاتٍ بالجملة والجماعة بدأت تبرز علانيةً، وإشاعة جو “الإستنواب” على المقعد الدرزي، ويتجاوز عدد الناخبين في هذه الدائرة الـ13ألف ناخباً، وتضم حوالي 13 بلدة، ومعروف أن النائب الحالي وائل أبو فاعور هو من بلدة الخلواة ـ قضاء حاصبيا، ولأجل ذلك، يعتبرون أن راشيا التي من رحمها وُلِدَ الإستقلال، ليست بقاصرة عن أن تكون ولاّدةً للنواب والوزراء، ففيها قامات من العلم والشخصيات الناجحة في الأعمال والمال والاغتراب، ما يكفي لأن تكون مقدامةً في رفد الوطن سياسياً وفي نجاحات السياسة العامة للوطن وأهله.
فكرة الإستنواب أرخت “ثقلاً مزعجاً” للرياشنة عامةً والناخبين تحديداً، وبدأ الحديث في الصالونات المكشوفة بعد أن أخذت تحضيراً طويلاً في الصالونات الضيقة، ووفق عارفين في الشأن السياسي والانتخابي معاً، بدأ التحرك من أجل اختيار شخصية لها وزن على مستوى راشيا، فدخلت ما يسمى “قوى الثورة” وما ينضوى تحت عباءتها من مسميات وتسميات، فبرز تنافس بين “الشيخ” سهيل القضماني، وبين “رجل الأعمال” الناشط السياسي نادي قماش، وقعت قوى الثورة بين خيارين أحلاهما مر، بين السير بـ”القضماني” الآتي من خلفية دينية، الأمر الذي جعل قوى الثورة تتريث في الإختيار، وبين الخيار الثاني “قماش” الذي لم يدم ترشيحه سوى لأيام، الأمر الذي وجدت في ترشحه “انقساماً للثورة وناخبيها” وفق عارفين لـ”كواليس”، لتجد هذه القوى نفسها أمام ضياعٍ في الإختيار، مع أن قماش أبدى تعاطفاً ودعماً للقضماني. لكن قماش الذي فنّد مشاركته في الانتخابات النيابية ببيان جاء فيه: “بعدما تم تداول اسمي في اكثر من وسيلة اعلامية وموقع إلكتروني ضمن لائحة المرشحين للإنتخابات النيابية في دائرة البقاع الغربي – راشيا، وحسماً للتحليلات والتأَويلات، أعلن أنني لست مرشحاً لهذه الإنتخابات، وأن قراري هذا شخصي ومحسوم، الا أنني أرغب في الوقت عينه التأكيد على نقطتين:
أولاً ـ في ما يخص العملية السياسية في لبنان، فقد تم تركيبها وهندستها بشكل يقتل حس المبادرة والقدرة على التغيير عند المشاركين فيها ويقلص امكانية افضل السياسيين وحملة النوايا الطيبة عن فعل اي امر جيد لوطنهم، ولذلك فإنني ارى ان لا طائل من المشاركة في ما هو باطل شكلاً و مضموناً، وما يحتاجه لبنان هو تغيير في شكل العملية السياسية لا المشاركة فيها.
ثانياً ـ في ما يخص مهمتي الوطنية والاجتماعية، فهي واجب يساوي وجودي، واستمد القوة لمواصلته واستمراره من مبادئي وقناعاتي لا من خلفيات إنتخابية أو مصالح ضيقة”.

 

صراع الساحات واقتناص الفُرص

الصراع داخل قوى الثورة على المقعد الدرزي (راشيا) في دائرة البقاع الثانية شتّت المعترضين في مكان ليبرز إيجاباً في مكانٍ آخر إذا ما استخدم في المكان الصحيح تغييراً حقيقياً في مصلحة المواطن الذي يبحث عن أداة تغيير حقيقية قوامها فاعلون وأصحاب عقول المخاطبة، هذا “التصارع” يقول عارفون لـ”كواليس”، و”إن تدنى الناخبون بين 25 و35 في المئة في غير صالح النائب الحالي أبوفاعور”، إلا أن ذلك “لا يشي بارتياحٍ في صالح المرشح الخصم” طارق الداوود، فالمعترضون على الآداء السياسي “لا يجدون في الداوود حالةً تغييرية، بل هو استمرار لنهجٍ سلطوي شرط أن يثبت العكس”، ليضيف العارفون في الشأن السياسي، “صحيح أن هناك التماس من المعترضين و”الزعلانين” من الواقع الحالي يصبون في صالح الداوود وقد يتعدون الـ20 في المئة”، لكن جمع رؤساء بلديات راشيا مع الداوود لا يعني تسليمه مفاتيح بلداتهم الانتخابية، ولا الدفع للمرافق الحيوية (مستشفى راشيا الحكومي) بالتظاهر والتهديد بالإقفال استغلالاً لمشكلة الكهرباء وهي مشكلة عامة بحجم وطن، لا تعوّض للنائب أبوفاعور الفارق، ولا اللجوء إلى الناخب السني لا يُبدّد الزعل.
إن المواربة والالتفاف لا يعوضان لأي فريق على آخر، وبالتالي، يصبح من السهل اصطياد الفريسة من صيادٍ يراقب طريدته ليصطادها حيثما وكيفما سمحت له الفرصة، وهنا تكمن عملية القنص والانقضاض التي تعمل عليها قوى الثورة في الزمان والمكان المناسبين.

ضياع بين الانتظارين و”الكمامات”

أما على صعيد المقعد السني، فالثابت الوحيد وفق عارفون على الساحة السنية لـ”كواليس”، فإن “ضياعاً يخيم على مضمون المفاتيح الإنتخابية وقرارات الأزرق، فبعد انتظار عودة الريري الأولى التي لن تبصر نورها في أيامها العشر، فإن الانتظار الثاني لن يكون في شباط، بل مرهون بتقدم الألياف الضوئية على خطوط السعودية ـ الإمارات ـ باريس، وعليه، فإن وعداً إماراتياً أفرج عن الإقامة الجبرية ـ الحريرية مقابل التخلي القسري عن المزاولة السياسية، وبالتالي فإن بين “الإنتظارين” تفتيش عن ثابتة “البديل” أصبح مطروحاً بجدية، والتطلع إلى فرز عامل اغترابيي ـ فيصل رحال ـ ممهور ببصمة عشائرية ـ خالد العسكر ـ حي بدأت تطرح بجدية أسماءهما إلى حين صدور “قرار ما” من بين الخلوات، وعليه فإن الطامحين أصبحوا كثر، إذ يبرز إسم المغترب والمتمول علي فارس من بلدة كامد اللوز، فضلاً عن بشير واكد، أما النائب الحالي محمد القرعاوي فلا يزال رقماً، من دون أن ننسى توجه المجتمع المدني الذي يعوّل على قراءاته السابقة والتي لم اسعفه أصلاً، محاولاً الإستعاضة بسد الفراغ كبديلٍ وعليه فإن علاء الشمالي لا يزال في طور التفتيش عن الملحقات، لكن ما لا يعوّض على سدّ حاجات الناس ومعاناتهم المعيشية والحياتية لا يكون “بالكمامات وربطة الخبز” كما يفعل حسن مراد، الذي أشيع ذلك جهارةً في أوساط أبناء البقاع الغربي وراشيا، الأمر الذي تركت حالة انتقادٍ من كثيرين.

خيالات وفبركات

وسط هذا الكمّ من الإغراقات في الساحة السياسية التنافسة وشراستها على كرسي هنا ومقعدٍ هناك، فإن الشارع المسيحي ببعديه الماروني والروم، ليس بأفضل حال، فوقع التنافس على أشدّه، بين من “يجهد تركيب اللوائح والتحالفات وفق مصالحه” كما يُحاول النائب إيلي الفرزلي “صوغها” وبين من ينتظر قرار سيّد المختارة تزكيته وفق تحالفاته العريضة، فإن انتظار النائب السابق أنطوان سعد وإن لم يبرز حتى الساعة لا تعليقاً ولا كلاماً، فإن صمته الممهور بقراءة وليد جنبلاط التحالفية الناجي الأبرز من “شطط” الآخرين (…)، أما على مستوى المقعد الماروني، فالمؤكد أن النائب الحالي هنري شديد لن يترشح، وبالتالي حُصر التنافس بين مرشحين، السوري القومي طوني سلوان وبين العميد المتقاعد طوني منصور المحسوب على الوطني الحر وخلفه رئيس الجمهورية، وبالتالي لهذا احتدام المعركة قد لا تدوم طويلاً في ظل غياب مرشح ماروني بارز على جبهة المجتمع المدني.

شاهد أيضاً

عون التقى محفوظ في اليرزة

استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة رئيس عام الرهبنة اللبنانية …